من معاداة السامية إلى معاداة اليهودية
شكل ويشكل مفهوم معاداة السامية إشكالية كبيرة من حيث التعريف والتطبيق والمضمون، كما يعود تشكل المفهوم إلى المنطقة الأوروبية، وهو أمر طبيعي وبديهي، لأن المنطقة العربية تتكون من مكونات عرقية متعددة يعود أصل جلها إلى العرق السامي، وبالتالي فإشكاليات المنطقة لا تتعلق بمعاداة السامية، على عكس ما حصل في المنطقة الأوروبية، التي شهدت ممارسات أوروبا الاستعمارية القائمة على العنصرية، بداية من حروبها المسمات “الحروب الصليبية” والموجهة ضد المنطقة العربية، والتي شملت أيضا يهود أوروبا ومسيحيين بيزنطة إضافة إلى المسلمين والمسيحيين واليهود في البلاد العربية. حيث لم تأخذ العنصرية الأوروبية الموجهة ضد الساميين (مسلمين ويهود) طابعا عرقيا واضحا، نظرا لكون المسيح وجميع الأنبياء المذكورين في الكتاب المقدس من أصول سامية، فمن غير اللائق أن يتفوق المستعمر الأوروبي الصليبي عرقيا على أنبيائه، وهو ما فرض طرحا مختلفا قليلا يستند إلى ادعاء التفوق الثقافي والاجتماعي الأوروبي كمخرج من هذه المعضلة، أي تم الترويج إلى تفوق الإنسان الأوروبي على الإنسان السامي ثقافيا ومجتمعيا وليس عرقيا.
لذلك تم اختراع “علم الاستشراق” من قبل المستعمر الأوروبي، على اعتباره فلسفة علمية، بغرض إثبات الانحطاط الثقافي والمجتمعي السامي. إلا أنه بعد الثورة الفرنسية وصعود التيار العلماني شهدت المنطقة الأوروبية ظاهرة عنصرية عرقية تجاه العرق السامي من قبل الأوروبيين غير المتدينين، كما هو الحال مع ايرنست رينان، الذي قسم البشر إلى أعراق متعددة ومتفاوتة، وأظهر عداء تجاه العرق السامي عموما والمسلمين خصوصا، كما في قوله “الإسلام هو تعصب لم تكد تعرف مثيله إسبانيا في زمان فيليلبي الثاني أو إيطاليا في زمان بي الخامس. الإسلام هو الاستخفاف بالعلم، هو إزالة المجتمع المدني. هو بساطة العقل الساميّ الفظيعة التي تقلص دماغ الإنسان وتغلقه دون أية فكرة لطيفة ودون كل إحساس رقيق ثم دون كل بحث عقلاني”. وهو ما يتناقض مع موقفه من العرقية الألمانية تجاه الألزاس واللورين.
لكن في سبعينيات القرن التاسع عشر استخدم الباحث الألماني فيلهم مار مصطلح “معاداة السامية” بشكل موجه ضد اليهود في أوروبا واصفا موجة العداء لهم في أوروبا الوسطى وذلك بقصد ربط يهود أوروبا بمجموعات بشرية من خارج القارة الأوروبية للدلالة أنهم ليسوا من سكان أوروبا الأصليين ليتحول القصد والمعني للمصطلح إلى “معاداة اليهودية”. و مع نهاية الحرب العالمية الثانية تحولت حالة العداء التي فاخر بها الكثير من القوميين الأوروبيين حتى النصف الأول من القرن الماضي، إلى اتهام أخلاقي محق.
من معاداة اليهودية إلى معاداة الصهيونية
بعد النكبة الفلسطينية وتأسيس الكيان الصهيوني، بدأ التحور الأخير بمقاصد مصطلح معاداة السامية ولعل أوائل من عبر عن استيائهم من الصيد في الماء العكر كان الجنرال البريطاني غلوب باشا قائد الجيش الأردني، حيث قال في مذكراته عام ١٩٥٦ “في سياق هذا السرد، أعربت عن انتقادات لأفعال الحكومات المختلفة، ولا سيما تلك التي اتخذتها بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا والدول العربية وإسرائيل … ومع ذلك، فإن نقد الحكومة الإسرائيلية يتطلب تحديداً التفسير: هناك عدد من الناس، اليهود والعلمانيين، على استعداد للإشارة إلى أي نقد للسياسة الإسرائيلية على أنه “معاداة للسامية”، وهو اتهام ينطوي على انقضاء أخلاقي واضح.”
ومنذ ذلك الحين تم استبدال تهمة معاداة السامية بتهمة الهرطقة التي كانت متداولة أوروبيا في مجمل العصر الكنسي، عندما كانت تهمة يتم تقاذفها بين مختلف الخصوم السياسيين والأكاديميين، وهو ذات الدور الذي تلعبه تهمة معاداة السامية اليوم مع بعض التغييرات الشكلية، ولنا بمئات الأمثلة على ذلك، لكن وبغرض الاختصار سوف نكتفي بسرد بعضها فقط وخصوصا الحاصلة في أوروبا.
فعلى المستوى السياسي نجد أن حركة المقاطعة BDS ذات النشاط السلمي والملتزمة بالقرارات الدولية، والمتوافقة مع مواقف السياسة الأوروبية العلنية تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية احتلال الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧، فهي تدعوا إلى مقاطعة إسرائيل اقتصادياً وثقافياً وأكاديميا، وبالأخص مقاطعة البضائع المنتجة في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة، كما تطالب بإنهاء الاحتلال في كل من الضفة الغربية ومرتفعات الجولان والقدس الشرقية، وتريد ضمان المساواة التامة في الحقوق لجميع المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل، وتسعى إلى تطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وذريتهم. كل ذلك لم يمنع البرلمان الألماني من تصنيف الحركة في أيار/مايو ٢٠١٩ كحركة معادية للسامية، قرار قوبل بالعديد من الانتقادات حتى من داخل البرلمان الألماني نفسه، الأمر الذي دفع اللجنة القانونية إلى تقديم دراسة غير ملزمة تنص على عدم قانونية القرار.
كما نجد مثال أخر يطفو على السطح من وحي أزمة كورونا العالمية فيما يتعلق باللقاحات المضادة للفيروس، إذ أكدت منظمة الصحة العالمية أولاً والعديد من المسؤولين الأوروبيين ثانياً على ضرورة توزيع اللقاح بشكل عادل عالميا، ومنهم رئيسة وزراء الدنمارك التي انتقدت سياسات توزيع اللقاح المتبعة إسرائيليا، كونها تستثني الفلسطينيين من اللقاح، وهو ما تلقفه هنريك دال القيادي في حزب التحالف الليبرالي الدنماركي متهما إياها بمعاداة السامية نظراً لانتقاده دولة إسرائيل فقط.
وكذلك تشاركت المحطة الإعلامية الأشهر عالميا ورئيس حزب العمال الحالي كير ستارمر بالحملة ضد رئيس الحزب الأسبق جيريمي كوري المعروف بدفاعه عن بعض الحقوق الفلسطينية وانتقاداته لبعض سياسات الحكومة الاسرائيلية، عندما اتهموه أبان رئاسته حزب العمال البريطاني بمعاداة السامية، ما أدى إلى الإطاحة بكوري. إذ بني اتهام الـ BBC بحسب الحزب في حينه على الخلاف الحاصل داخل حزب العمال بين مؤيدي الصهيونية ومناهضيها.
من كل ذلك نحن أمام تطور جديد يستخدم ذات المصطلح “معاداة السامية” من أجل دلالات جديدة، إذ بدأ كتعبير عن معاداة السامية، ومن ثم أصبح يعبر عن معاداة اليهود، وصولا إلى وضعنا الحالي الذي يعبر فيه عن معاداة الصهيونية، حيث بات اتهام اليهود أنفسهم بمعاداة السامية أمرا واردا وممكنا بسبب رفضهم أو معاداتهم الصهيونية والسياسات الإسرائيلية. وهو ما ينطوي على عشرات الأمثلة في المجال الأكاديمي.
حيث يمكن ملاحظة تهم الهرطقة الجديدة بشكل أوضح في الوسط الأكاديمي ولاسيما داخل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. إذ لم يتوان خصوم البروفيسور نورمان فينكلشتاين، الثابت بمواقفه تجاه القضية الفلسطينية، وعلى رأسهم ألان ديرشوفيتز المحامي الأمريكي المعروف بدفاعه عن حرية التعبير التي لا تتعارض مع مبادئه وأرائه، عندما اتهم الأخير البروفيسور فينكلشتاين بمعاداة السامية، رغم انحداره من عائلة يهودية نجت ؛كلا والديه؛ من معسكرات الاعتقال النازية. كما تجاوز خصوم فينكلشتاين حملت الاتهام والكذب إلى ممارسة التضييق الاقتصادي، الأمر الذي اجبر البروفيسور على ترك جامعة ديبول في شيكاغو عام ٢٠٠٧.
وفي ألمانيا التي يعاني مجمل شعبها من عقدة الذنب نتيجة المحرقة النازية، نجد أكاديمييها أكثر تعرضاً للمكارثية الجديدة، كما حصل مع موشي تسكرمان المتهم بمعاداة السامية بعد إصدار كتابه “اللاسامي في كل مكان”، الساخر من تهمة معاداة السامية نظراً لدورها الكارثي في تقييد حرية التعبير والحق في النقاش وبسبب دورها في التحكم بالعقل العلمي، وذلك رغم يهوديته وجنسيته الإسرائيلية، بالإضافة إلى وصفه كغيره من اليهود الذين يعارضون الصهيونية وينتقدونها، بـ “اليهود الكارهين لأنفسهم” وكأنهم مرضى نفسيين.
إعلان القدس حول معاداة السامية
من كل ذلك وبعد تنامي هذه الظاهرة الكارثية المتعلقة بمعاداة السامية بادر بعض الإعلاميون والأكاديميون من منتقدي وغير منتقدي الصهيونية إلى التصدي لها، نظراً إلى دورها في قمع حرية الرأي والتعبير ودورها في إجهاض الحوارات والنقاشات. وهو ما تمخض مؤخرا في ٢٦ آذار/ مارس ٢٠٢١ عن “إعلان القدس حول معاداة السامية”، الذي حاول جاهدا ايضاح الفرق بين معاداة السامية وانتقاد الصهيونية وإسرائيل، لكن وعلى الرغم من احتفاء مصدري الإعلان والعديد من الأكاديميين العاملين في أوروبا والكيان الصهيوني، إلا أنه لم يخل من التناقضات والنواقص المخلة بهدف الاعلان ذاته.
إذ تضمن إعلان القدس تأكيدا على استناده إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام ١٩٤٨، واتفاقية عام ١٩٦٩ للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، في حين كانت إشارته إلى حقوق الإنسان الفلسطيني، وإلى أشكال التمييز العنصري الممارسة بحقه، خجولة، على اعتبارها مسائل خارجة عن صلب موضوع الدراسة كما هو مذكور! كما ترك الاعلان الباب مفتوحا أمام التفسيرات والتأويلات التي هدف إلى حسمها، ومنها حسم تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست. وكذلك في إصرار الإعلان على ربط اليهود بإسرائيل، من خلال اعتبار انتقاد اسرائيل طريقة غير مباشرة لذم اليهود وهذا ما يمكن ملاحظته في البند الرابع من الإرشادات العامة الذي ينص: “يمكن أن تكون معاداة السامية مباشرة أو غير مباشرة، صريحة أو مشفرة. على سبيل المثال، “عائلة روتشيلد يسيطرون على العالم” عبارة مشفرة حول القوة المزعومة لـ “اليهود” على البنوك والمؤسسات المالية الدولية. وبالمثل، فإن تصوير إسرائيل على أنها الشر المطلق أو المبالغة في تقدير تأثيرها الفعلي يمكن أن يكون طريقة مشفرة لعنصرية ووصم اليهود. في كثير من الحالات، يكون تحديد الكلام المشفر مسألة سياق وحكم، مع مراعاة هذه الإرشادات.”
وأما القسم الثاني من الإرشادات العامة والمعنون بـ “إسرائيل وفلسطين: أمثلة، في ظاهرها، معادية للسامية” يوحي البند السادس الذي يتم ربطه بالبندين الثاني والثالث أن الفلسطينيين متنفذين بشكل من الأشكال ولديهم القدرة على توظيف أو رفض توظيف أشخاص يهود وليسوا الضحية التي ترزح تحت الاحتلال وهنا اقتبس من البند الثالث “أو رفض توظيف أو ترقية أشخاص لأنهم يهود”.
كما يمنع البند الثامن مطالبة اليهود بإدانة إسرائيل والصهيونية علانية، وهنا حدد النص اليهود بالذات، ما يعني إمكانية مطالبة غير اليهود بذلك، وهذه حالة تمييزية غير صحية، فهذه المطالبة وخاصة حين تأتي من قبل الفلسطينيين المتعرضين للتطهير العرقي وسياسات الفصل العنصري هي مطالبة إنسانية محقة لا يمكن استثناء أي إنسان منها، لا بل يعبر استثناء اليهود منها عن انتقاص من إنسانيتهم، وهو أمر غير مقبول من قبلنا حتى لو قبله معدوا الإعلان عن حسن نية.
كما يستعرض البند العاشر بعض نماذج معاداة السامية التي تعبر عن خلل في فهم المفهوم لدى معدي الإعلان ذاته، وأبرزها “إنكار حق اليهود في دولة إسرائيل في الوجود والازدهار، جماعيًا وفرديًا، كيهود، وفقًا لمبدأ المساواة” يمكن أن يستشف منه تأكيده وتبريره وانسجامه مع قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل الذي أكد وكشف وضع الفلسطينيين من غير اليهود كمواطنين درجة ثانية، وهذا يعتبر أحد أشكال العنصرية والتمييز الذي أكدت ديباجة الإعلان المبحوث فيه رفضها جميع أشكاله.
في حين نجد على الطرف الأخر بعض مميزات الإعلان، كما جاء في القسم الثالث من الإرشادات العامة والمعنون “إسرائيل وفلسطين: أمثلة، ظاهريًا، ليست معادية للسامية” حيث يتضمن طرحا متزنا وأكثر انسجاما مع الغاية المعلنة للإعلان، المتمثلة في زيادة الوعي حول معاداة السامية، واعتبار النضال ضد هذه المعاداة جزء مترابط مع النضال ضد جميع أشكال التمييز العنصري والعرقي والثقافي والديني والجنسي. وكأنهم ينطلقون من المسلمة القائلة بعدم منطقية وأخلاقية التصدي لمعاداة السامية من قبل ذات الجنود المسؤولين عن التطهير العرقي والتمييز العنصري وسياسات الأبارتايد.
إذ نجد في القسم الأخير من الإرشادات العامة وبالتحديد في البند الحادي عشر أنه يذكر بحقوق الفلسطينيين المدنية والسياسية والانسانية والوطنية بموجب القانون الدولي. كما لم يغفل البند الثالث عشر عن ذكر السياسات العنصرية لدولة الاحتلال، فاعتبر من المقبول القيام باسقاطات ومقارنات مع أنظمة فصل عنصري أخرى كنظام الفصل العنصري الذي كان قائما في جنوب أفريقيا، أو مقارنتها مع أشكال الاستعمار الاستيطاني الأخرى في أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية.
كما ينصف البند الرابع عشر منظمة BDS دون تسميتها، إذ ينفي عنها تهم معاداة السامية التي تتعرض لها لا سيما في بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، معتبرا جميع التصرفات الصادرة عن الأفراد والشركات والدول المنضوية تحت شعار مقاطعة دولة الاحتلال وسحب الاستثمارات منها، أشكال سلمية شائعة، ولا يصح اعتبارها احتجاجا سياسيا عنيفا، كما لا يصح وسمه بمعاداة السامية.
وفي نهاية الإعلان يطرح معدوه العديد من الأسئلة ويقدمون إجاباتهم عليها، لكن يسهل ملاحظة مدى تناقض إجاباتهم المتلاحقة فيما بينها، مثل ما حدث في سؤال: هل يميز الإعلان بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية؟ وجوابه: نعم، المفهومان مختلفان بشكل كبير. وهي إجابة موفقة لكن لنرى السؤال التالي وإجابته: هل معاداة الصهيونية ليست معاداة للسامية على الإطلاق؟ والجواب: كلا، إذا تجاوز انتقاد الصهيونية واسرائيل الخط الفاصل بينهما. لكن ما هو الخط الفاصل؟؟؟ بكل بساطة لقد عجز الإعلان عن تحديده وهو ما يوضح عجز الإعلان عن التمييز بينهما كما ادعت الإجابة عن السؤال الأول، بل وكما نصت مقدمة الإعلان.
لم يوفق القائمون على “إعلان القدس حول معاداة السامية” في الوصول إلى وثيقة تبين معنى معاداة السامية، كما لم يوفقوا في تميزها عن العداء للصهيونية. إذ اعتبرت الامم المتحدة الصهيونية في العديد من المناسبات أحد أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وبقيت كذلك حتى مارست الولايات المتحدة الأميركية ضغوطا كبيرة لإزالتها مقابل انخراط قبول الاحتلال الإسرائيلي في العملية السلمية، ليكون ذلك إحدى بدايات الخلط المتعمد بين الصهيونية والسامية. لذلك وعلى اعتبار معاداة السامية أحد أشكال التمييز والعنصرية، والصهيونية تمارس التمييز والعنصرية، لا يصح اعتبار معاداة الصهيونية موازية لمعاداة السامية، وبالتالي يجب اعتبار معاداتها أحد أشكال معاداة العنصرية.
لقد حرص القائمون على الإعلان نشره بثلاث لغات هي الإنجليزية والعبرية والألمانية متجاهلين اللغة العربية، وهذا يدل على عدم توجيهه إلى الفلسطينيين، الذين يصادف ربما تحدثهم اللغة العربية.
بكل الأحوال اعتقد أن مفهوم معاداة السامية لا يحتاج إلى الكثير من المؤتمرات والندوات، ربما تكفي العودة إلى أصله، الذي اعتبر المعاداة معاداة لكل “الساميين”، وهذا ما كان جليا بالإبادة والتطهير العرقي الذي مورس في شبه الجزيرة الايبيرية ضد العرب والأمازيغ يهودا كانوا أو مسلمين وحتى بعض المسيحيين منهم. كما ظهرت العرقية والفوقية بشكل واضح في كتابات ايرنست رينان وغيره من المثقفين الأوروبيين.
لذلك أعتقد أن الطريقة الانجع في مواجهة معاداة السامية ينطلق من رفض التصنيف المخل القائم اليوم، كونه مبني على أساس عرقي مرفوض. فعلى الرغم من أن البشرية تمايزت في فترة من الفترات في أشكالها (من الناحية الشكلية) نتيجة اختلاف المناخ والجغرافية، إلا أن هذا الاختلاف الشكلي لم يلغ التطابق البيولوجي بين جميع البشر. لذلك لا بد من رفض تقسيم البشر بين ساميين وغير ساميين، كونهما مبنيان على أساس عنصري عرقي، إما على أساس تفوق العرق السامي، او بالشكل المغاير أي انحطاط العرق السامي.