ترجمة مختارة من كتاب Cytomegalovirus: A Hospitalization Diary للكاتب الفرنسي هيرفي غيبير
١٧ سبتمبر
الرؤية في عيني اليمنى معدومة: صعوبة في القراءة. أستمع إلى الموسيقى: لكنني لم أصب بالصمم حتى الآن.
١٨ سبتمبر
كان يقال لي: “عيناك جميلتان” أو “شفتاك جميلتان”؛ الآن، يقول لي الممرضون، “عروقك جميلة”. الطبيبة، امرأة شابة ذات لكنة أجنبية التي قامت بأخذ الأشعة في منطقة البطن، تقول لمساعدتها، التي تنحني على كتفها أمام الشاشة: “انظري إلى هذا الجمال!” فتقول لي فيما بعد: “لديك تكوين داخلي استثنائي ونادر جداً. سنقوم أيضاً بالتقاط صور لأنفسنا”.
١٩ سبتمبر
في وجبة العشاء: كانت هناك ملعقة واحدة فقط لكل من الحساء والجبن، أسأل، من باب المبدأ، هل يتوقعون مني أن أنظفها بلساني؟ معاملة خاصة.
اليوم، قمت بالاطلاع على الغرفة التي سأموت فيها. لم تعجبني حتى الآن.
كتاب يوميات الحرب لبابل: إذا فقدت عيني، سيكون أحد آخر الكتب التي قمت بفتحتها. يجب أن تكون هذه اليوميات أيضاً يوميات حرب.
المستشفيات مثل الجحيم.
٢٠ سبتمبر
هذا الخطر في تدمير شخص ما، في التسبب بفقدان شخص يحتاج حقاً إلى وظيفته (إذا لم يكونوا بحاجة إلى الوظيفة فلن يقوموا بها، أو قد يقومون بها فقط بدافع الشعور بالواجب)، ليس حتى بدافع الانتقام، ولكن ببساطة أخلاقياً الجميع مطالب بأداء وظيفته بشكل جيد. الكاتب أيضاً يمكن تدميره، إذا بدأ فجأة بالكتابة عن أي شيء أو عن أمور غير مقبولة.
عليك أن تجعلهم يحترمونك على الفور: إنه مرهق، اختبار الإرادة يستمر يوماً أو حتى عدة أيام وليالٍ. يريدونك أن تخسر، ويعتمدون على إرهاقك. ثم، وفقًا لوضعك، إما أن يحترموك أو يسحقوك.
٢١ سبتمبر
يمكن أن يكون الوريد المنفجر جذاباً للغاية: تيار نفاث ينبثق في كل مكان، أحمر غامق “عمل دموي”، باقة من الدم. بمجرد التفكير في ذلك، يبدأ دمي بالغليان في الأنابيب البلاستيكية. لا، ليس وريداً منفجراً، بل ارتجاع دموي.
٢٢ سبتمبر
في استراحة الممرضين، يتنافس الممرضون في سرد قصص مرضاهم، لأن كل واحد منهم بالطبع لديه قصة أكثر جرأة من الأخرى.
غرفة المستشفى شرنقة خبيثة، شيئاً فشيئاً، تجعل الفضاء الخارجي الحقيقي مخيفاً، حتى الممر.
٢٣ سبتمبر
يوم الإثنين أفضل من يوم الأحد، في المستشفى وفي كل مكان آخر.
جعل العذاب النفسي (الوضع الذي أجد نفسي فيه، على سبيل المثال) موضوعاً للدراسة، حتى لو كان للدراسة فقط، أو لعمل كامل، يجعل العذاب أكثر تحملًا إلى حد ما.
٢٤ سبتمبر
لم أكتب شيئاً في هذا المساء. مصدوم للغاية. سأحاول غداً.
٢٥ سبتمبر
الوظيفة الوحيدة للثوب الجراحي الشفاف هي الإذلال.
لقدم تم تعذيبي بلا سبب: لم يحاولوا حتى في إخراج الحقيقة مني.
٢٦ سبتمبر
إضراب كلي في المستشفى.
بشكل غريب، في لحظة المعاناة الشديدة التي يمارسها الطبيب على المريض، يتولد شعور الحب والاحترام، والذي أعتقد أنه متبادل. المعاناة تصبح مقدسة بطريقة ما. الطبيب الذي تسبب في المعاناة والمريض الذي عانى أصبحا أصدقاء بطريقة ما، شركاء ولكن بحذر.
٢٧ سبتمبر
جاء الطبيب النفسي ليتفقدني مساء أمس، لم يكن مسروراً جداً لأنني لم أعد لمراجعته منذ فترة في مكتبه، على الرغم من أنه قريب من شقتي. كتب في ملفي: “اليوم، المريض هادئ، حديث يبعث الأمل.” في المرة الأخيرة، كان الحديث “منطقياً”.
٢٨ سبتمبر
تيري، صديقي المقرب، يقوم بزيارتي مرة واحدة فقط في الأسبوع، تحديداً بعد الظهيرة في يوم السبت. لديه عمله، وأطفاله، والطريق الطويل المؤدي إلى المستشفى. لا شيء يجلب لي السعادة بقدر هذه الزيارة ومع ذلك تملأني بالحزن في كل مرة لدرجة أنني أترقبها بقدر ما أخشاها: بيننا، شبابنا – الذي ضاع – وإيروسيتنا – التي ضاعت أيضاً – التي تجمعنا. ما تبقى هو الحب العظيم، الأعظم من أي وقت.
٢٩ سبتمبر
كل ما تسمعه هو: “وجبة هنيئة!” “يوم سعيد!” “عطلة نهاية أسبوع سعيدة!” “ليلة سعيدة!” “إجازة سعيدة!” لكن لا تسمع أبداً “موت سعيد!”.
٣٠ سبتمبر
لم يتبق أي شيء هنا: لا ملعقة، لا سكر، لا وعاء، لا وسادة، لا تدفئة. لا مناشف، لا مناديل، إنها مثل روسيا، أو فيلا ميديتشي.
١ أكتوبر
كانت المعنويات تتحسن ببطء، مثل حلزون في أسفل الجبل. أتت الاخصائية الاجتماعية لتخبرني أنني لن أخرج من المستشفى يوم الخميس، بل الثلاثاء القادم.
٢ أكتوبر
آخر الأمنيات: الحرق في أقرب وقت ممكن. لا مراسم دينية، لا تجمع للأصدقاء والعائلة في لحظة الحرق، لا موسيقى. ثم رمي الرماد في أقرب سلة قمامة.
٣ أكتوبر
قليلاً من مشاعر الحب تجاه الممرض المسؤول عن جهاز الترمومتر. الموضوع ممتع. إنه رجل مبهج
٤ أكتوبر
لم أحضر كاميرتي.
٥ أكتوبر
ضباب. بغض النظر عن وجود لافتة ضوئية فوق مدخل مواقف السيارات، لا يمكنك رؤية أي شيء. لقد أشرقت الشمس وهي تسطع على النافذة. لكن اللية، يقول الممرضون، سيكون الجو باردًا نوعاً ما.
٦ أكتوبر
أنا محبط من التقصير في حق القراءة لدرجة أني أدفع نفسي بشدة، أجبر نفسي، ألتهم الكتب.
٧ أكتوبر
هذا الصباح في قسم الأشعة تعثرت وأنا أحاول النهوض من الكرسي ثم سقطت على ركبتي. رجل كبير بالسن، بدا قليلاً مثل الغجري، قال لي أن أكثر من تناول الطعام.
٨ أكتوبر
أغادر المستشفى. الرعاية الصحية ستكون في المنزل. رعب مطلق: “إعادة” (اختصار الممرضون ل “إعادة الدخول إلى المستشفى”).
هل أكتب في الظلام؟
هل أكتب حتى النهاية؟
هل أنهي الأمر حتى لا ينتهي بي المطاف بالخوف من الموت؟