أعجز عن إكمال الكتابة عن بينا باوش، عظام جسدها بارز جدا، مغري للتأمل أكثر من التحليل والإسقاطات اللغوية، عظام الصدر خاصة، تظهر من وراء قماش الثوب الأبيض الشفيف، حلمتان صغيرتان بكلا الجانبين لوحدهما دون الامتلاء الاعتيادي المرافق للبروز اللحميّ.
أغلق الصفحة بعد الكلمة الثلاث مئة وواحد وأربعين، أقنع نفسي بأن مستوى الركاكة وصل إلى أعلاه، أقتنع، أتوقف فورا عن الكتابة مؤنبة نفسي عن عجزي في الالتزام بالجلوس لساعات طويلة لعمل شيء واحد، دون الخوض في جدالات عن أشياء لا تهم.
أغلقه، أنصرف لفعل الأشياء اليومية الاعتيادية، تؤلمني. تؤلمني لشدة اعتيادية وجودها، بصرياً على الأقل. الاعتدال كارثة -أقول- ثلاث سنوات في جدال مع نفسي ليكون في صحبتي قطة في المنزل، أتخيل وجودها، يعجبني مشهد جلوس قطة على وسادة من المخمل، أسود مزرق.
تنتظرني كلما أعود إلى المنزل، أضع لها صحناً من الحليب البارد، عوضاً عن إغلاق الستائر الشفافة، تدوير التدفئة، وارتداء جوارب الصوف السمكية، العادة المسائية الشتوية. فعلى سبيل التغيير، أضع القطة على جسدي، أستبدل صحن الحليب الفارغ بآخر ممتلئ، أعيد إغلاق الستائر وتدوير التدفئة، بقدمين حافيتين.
ينقطع التخيل مع سماعي لصوت أحدهم يمارس الجنس في الطابق المجاور لمنزلي، أعني الحائط الفاصل للمنزل الصغير جدا الذي لا يزيد عن ثلاثين متراً صعوداً وهبوطاً. أحدهم يدّعي وصل النشوة والآخر يثبت حركة السرير لهزتيّن أو ثلاثة.
أعدل عن فكرة تربية قطة جذرياً، متحججة بمرض الوسواس القهريّ المتعلق بالنظافة، وجارة أمي التي تتحدث عن المساوئ المترتبة من تربية القطط في التسبب بالعقم وتأخر الإنجاب، حسنا، هذا سبب جيد لاقتناء واحدة.