لعل إحدى أجمل مبادرات مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” لهذا العام هو عرض إنتاجات مشروع “الجيل القادم” السينمائية. هذا المشروع جمع مجموعة من الفتيان والفتيات (إميليا المصو، خالد خلف، نور البرغوثي، إبراهيم عمار، تيما افرنجي، ملك سلمان، وديع فلاحين، غزل ابو رميلة، رغد مسالمة) الذين تلقوا تدريباً في كيفية صناعة الأفلام ثم قاموا بكتابة سيناريو وتمثيل وتصوير وإخراج أفلام خاصة بهم. الأفلام القصيرة “تسلل” و “مين انت” تتطرق لقضايا من عالم منتجيها: التنمّر والمساواة بين الذكور والإناث.
رمّان التقت ستة من المشاركين في حوار لطيف مع مجموعة أولاد وبنات طموحاتهم تكبرهم سنًا وأملهم بخلق التغيير في المجتمع الفلسطيني من خلال الكاميرا يبدو سهل المنال كونهم يتمتعون بقدرة عظيمة على التعبير وتحديد الهدف والثقة بالنفس التي لم تمنعهم من الخروج للشارع وبيع العلكة كجزء من الفيلم تم تصويره بكاميرا خفية ليكون واقعيًا الى أبعد حد.
حدثوني عن الجمهور الذي تودون أن يشاهد أفلامكم.
إيميليا: كنت أود أن يشاهدها الأولاد لأننا نتحدث عن قضايا مهمة لجيلنا، وخاصة التنمر وضرورة توعيتهم لكيفية التعامل مع هذه المشكلة والتخلص منها.
عند كتابة السيناريو هل اخترتم مواضيع من حياتكم الشخصية؟
خالد: طبعاً. قمت مرة بمساعدة ولد يتعرض للتنمر ولكني شخصياً لم أتعرض للتنمر.
تيما: أنا أستخدم لوح التزلج كثيراً ودائماً أسمع ملاحظات بأني بنت وعلي اختيار ألعاب أخرى تناسب البنات.
ملك: كوني مخرجة فيلم “انت مين”، كان يهمني إيصال فكرة الضحية التي تولّد ضحية، الأولاد الذين يعانون من التنمر يمارسونه ضد غيرهم وهكذا تتسع الحلقة بدل أن تتقلص. اقتراحي للفكرة نابع من موقف شخصي ومعرفة.
في فيلم “تسلل” تعالجون قضية مساواة الولد والبنت، لأي درجة أنتم مؤمنون بفكرة المساواة؟
وديع: أكيد مؤمنون بها. من قام بابتكار واختراع الألعاب لم يصنفها على أنها ألعاب للأولاد أو للبنات، اخترع اللعبة وانتهى.
نور: كذلك لا توجد رياضة مصنفة للذكور أو الإناث.
خالد: بما أني قمت بكتابة السيناريو فقد كتبته لأني أرى أن البنات لا يحظين بالمساواة وبالذات في مجال الرياضة والألعاب، وعندما قمنا بتصوير الفيلم واجهنا رجلاً كبيراً في السن أصر على أن كرة القدم ليست للفتيات وأن المرأة مكانها البيت.
إيميليا: يهمني عند صناعة فيلم أن أتحدث عن قضية تمس مجتمعنا، خلال حصة رياضة في المدرسة طلبنا اللعب سويا مع الأولاد لكن المعلمة رفضت، وعندما طلبنا تبريراً رفضت أن تجيب واكتفت بالقول “البنت بنت والولد ولد” أنا مؤمنة أن جيلنا يستطيع تغيير هذه الأفكار “التعبانة” ويتطور.
تيما: قصة “تسلل” ليست حصرًا على الرياضة، ففي الميراث يحصل الرجل على إرث أكبر، مدير العمل عادة رجل وكذلك الرئيس والوزير. يتم التمييز ضد الإناث في كل مجالات حياتنا تقريباً.
وهل ممكن المساواة في مجالات أخرى غير الرياضة والألعاب؟
نور: في كل مجال يمكننا أن نكون متساوين.
هل لديكم الجرأة لمناقشة الجد مثلا في هذا الموضوع؟
وديع: أنا أكيد.
حدثوني أكثر عن الرجل الذي واجهتموه خلال التصوير في الشارع ونعت عملكم بالأفكار الصهيونية الأمريكية والفسق!
إيميليا: يا الله، كان موقفاً مثيراً للعصبية، لكننا احترمنا رأيه كونه رجلاً كبيراً في السن. نحن لسنا جيلاً فاسقاً. نحن جيل يبدع ويقدم أفكاراً هدفها تطوير المجتمع وتغيير الأفكار الرجعية. استغربت من رجل كبير يقول مثل هذا الكلام ويقلل من قيمة تعب وعمل أطفال يريدون النجاح.
نور: ما استفزني في الموضوع هو محاولة إحباطنا بدل تشجيعنا.
ذكرتم أكثر من مرة أنكم تريدون تقديم أفكار جديدة للمجتمع وإحداث تغيير، ألا تعتقدون أنكم ما زلتم صغارًا على خلق التغيير وتعليم المجتمع أموراً جديدة؟
ملك: نحن نتعلم من الكبار وعلى الكبار أيضاً أن يتعلموا منا. لدينا أفكار إبداعية وأصوات يجب أن يسمعوها، وأعتقد أن لدينا أفكار لا يملكها الكبار.
تيما: اسم المشروع “الجيل القادم” والمعنى من وراء الاسم هو أننا لا نجبر أحدًا على التصرف كما نريد نحن بل نريد أن يسمعنا الكبار ويأخذوا رأينا بجدية ويحترموا نظرتنا للحياة لأن الكبار سيموتون وسنكون نحن الكبار في المستقبل!
نور: يجب أن يأخذ الصغار فرصتهم، والتعلم هو علاقة تبادلية وليست من الكبار للصغار فقط.
وديع: برأيي ما دامت الفكرة منطقية وسليمة فهذا هو المهم، لا يهم من يقدم الفكرة وكم عمره.
ما هو أهم ما اكتسبتموه من تجربة صناعة أفلامكم؟
خالد: لم أعد خجولاً وطورت كيفية بناء حديث مع الناس.
نور: تعلمت تقبل الغرباء والتواصل معهم.
وديع: أنا ونور سكان بلد واحد لكننا لم نكن على معرفة… صداقة نور هي أهم شيء اكتسبته.
إيميليا: تقبل اختلاف الآراء ومواجهة المواقف الصعبة والحوار.
ملك: تعرفت على المجال الذي أود أن أتعلمه وأعمل فيه مستقبلاً.
تيما: اكتشفت أني أملك قدرات في الكتابة لم أكن أعرف أني أملكها.
لو اجتمعتم بصناع السينما الفلسطينيين الكبار، ما الذي كنتم تودون مناقشته معهم؟
نور: نود أن نقول لهم أن هناك جيل قادم سيكمل مسيرتهم. ويهمني أن أسألهم عن الدوافع التي جعلتهم يختارون مواضيع أفلامهم.
وديع: أحاول أن أكتسب منهم المعرفة والخبرة… أتعلم منهم وسأقول لهم أنه رغم وضع الفلسطينيين يمكن بالإرادة تحقيق كل هدف.
خالد: الفائدة في لقائهم والتعرف عليهم قبل كل شيء. وسأطلب منهم أن يعودوا لفلسطين ويعطوا من خبرتهم للبلد.
ملك: سأقول لهم إن أفلامهم ممكن أن تصل بأفكارنا وقصتنا للعالم، وإني أحترم عملهم.
تيما: ربما سأسألهم عن تميّز هذا المجال عن غيره أو عن الصعوبات التي واجهوها.