الاسم والتاريخ:
قرية فلسطينية مُهجّرة في قضاء بيسان (حسب التقسيمات الإدارية من فترة الانتداب البريطاني)، وتقع تحديدًا على بُعد 17 كم إلى الشمال من مدينة بيسان، وعلى إرتفاع 200 مترًا عن سطح البحر. كان عدد سكانها وفقًا للإحصاء الانتدابي من العام 1922 حوالي 580 نسمة، في حين أنّه ارتفع في عام النكبة ليصل إلى 940 نسمة، موزعين على 240 بيتًا. أمّا التركيبة الدينية للسكان في قرية سيرين فكانت على النحو التالي: 720 مسلمًا و 220 مسيحيًا.
وتأسّست في القرية مدرسة ابتدائية في فترة الانتداب حتى الصف الرابع الابتدائي. وعمل أهالي القرية في مجال الزراعة (أبرز المحاصيل كان الحبوب والزيتون)، ورعاية المواشي، وبعضهم في الأعمال الحرة.
اسم القرية “سيرين” من اللغة الآرامية، وهي اللغة التي كانت منتشرة في أنحاء مختلفة من فلسطين حتى انتشار اللغة العربية بعد التوسعات الإسلامية. والاسم “سيرين” من “سير” ويعني “القمة” و “الرأس”. لكونها واقعة على مرتفع يُشرف على منطقة الأغوار الشمالية القريبة من مدينة بيسان. في حين أنّ الأدبيات من الفترة الصليبية اسمتها “لوسرين”.
وتنتشر في القرية وفي محيطها آثار عديدة كأُسُس أبنية ومدافن وقطع فخارية تعودُ إلى حِقَبٍ تاريخية مختلفة. ومِنْ أبرز الخرب الواقعة قرب القرية: خربة عين الحيّة، وخربة أم حجير وخربة أدمى.
وكان في القرية حتى النكبة جامع (المسجد العمري تمَّ تجديده في فترة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني)، وكنيسة لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك. ولم يبقَ منهما أثر بعد تهجير سكان القرية وهدمها بالكلية في العام 1948 على يد الجيش الإسرائيلي. أمّا مقابر القرية فعديدة. ثلاثة للمسلمين، منها واحدة حديثة العهد ابتُدأ باستعمالها من نهاية القرن التاسع عشر أو مطلع العشرين. ومقبرة مسيحية مندثرة. وجدير ذكره أنّ في القرية مقامين اسلاميين، وهما: مقام النبي سيرين جنوبي موقع الجامع المهدوم ولم يبقَ منه إلاَّ أساسات. في حين أنّ المقام الثاني كائن في المقبرة الاسلامية. وهناك في القرية آثارٌ لديرٍ وقلعة من الفترة الصليبية.
سقوطها وتدميرها:
تولّت وحدات عسكرية من لواء جولاني في الجيش الإسرائيلي عملياتها الحربية ضد القرى والبلدات العربية الفلسطينية في قضائي طبريا وبيسان. ففي رواية نشرها المؤرخ الإسرائيلي بني موريس يدّعي أنّه نتيجة للقصف الذي تعرّضت له المنطقة وتحديدًا قرى عولم والحدثة ومَعْذَر (وهي قرى واقعة ضمن قضاء طبريا) المجاورة لقرية سيرين، وأيضًا تعرّضها لأعمال التخريب في الأراضي والمحاصيل الزراعية خلال الفترة السابقة لسقوطها، وخشية الأهالي على حياتهم استجابوا لنداء وجهته القيادة العربية بإخلاء القرية والنزوح عنها إلى أماكن أكثر أمنًا. على أنْ يعودوا بعد هدوء الحالة إلى قراهم، ومنها سيرين. وكان ذلك، وفقًا لرواية موريس في السادس من شهر نيسان – أبريل 1948. في حين أنّ الرواية التي يُقدّمها المؤرخ ايلان بابيه تفيد بأنّ أهالي القرية لم ينزحوا عنها جرّاء هذا النداء وإنّما نتيجة لخوفهم مِمّا سمعوه وبلغهم من أخبار عن مجازر وقتل وتدمير اقترفتها أيدي الجنود الإسرائيليين في القرى والبلدات المحيطة، وبوجه خاص ما بلغهم عمّا جرى للأهالي في مدينة بيسان. بمعنى آخر، أنّ الرواية الثانية قد تكون هي الأكثر ترجيحًا، إذ إنّ بيسان هي مركز القضاء كله وهي مدينة كبيرة قياسًا بمحيطها. لذا، فإنّ سقوطها بيد جيش الاحتلال كان دافعًـا لفزع وهروب ونزوح الأهالي في القرى المحيطة.
ولمّا دخلت وحدات من الجيش الإسرائيلي إلى القرية في شهر حزيران – يونيو 1948 وجدت أنّ مائة شخص من مواطنيها قد عادوا إليها. وبعد أنْ قام الجيش بفحص هوياتهم والتدقيق فيها والتفتيش عن سلاح في القرية، تركوها. لكن تقرير مخابرات الجيش أوصى بترحيلهم فورًا ومصادرة ممتلكاتهم والإعلان عن المنطقة عسكرية مغلقة إلى حين زوال الخطر الأمني عن المنطقة.
تهجّر معظم أهالي قرية سيرين إلى مدينة إربد في شرقي الأردن، ووصلت بعض العائلات إلى قرية طرعان غربي طبريا، وأخرى إلى مدينة الناصرة.