جواز سفر

MUSTAFA EL HALLAJ, Untitled, 1977

توفيق العيسى

كاتب فلسطيني

عدة أيام مرت لم نسمع خبرا، البعض كان يتحدث لوالدي بترميز شديد، ووالدي يجيب بنفس الطريقة، اما نحن، فظللنا نتناقل القصة بين أقراننا، كيف اكتشفنا ان عمي في لبنان وكيف رأيناه على شاشة التلفاز مصابا، وذهبنا إلى أبعد من ذلك، باختراع قصص بطولية عنه، وكيف قتل اسرائيليين، ودخل إلى فلسطين وأطلق النار على الجيش وعاد إلى جنوب لبنان،

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

10/02/2021

تصوير: اسماء الغول

توفيق العيسى

كاتب فلسطيني

توفيق العيسى

انتصبت المدرّسة ذات النظارات الكبيرة وهي تحمل جوازات سفر لجنسيات متعددة وقالت: الفلسطيني يقف هنا والأردني يقف هنا، وأشارت إلى مكانين متقابلين.

خرجت وأنا أحمل جواز السفر ووقفت إلى حيث أشارت، ومثلي فعل كثيرون من الطلاب، كنا أربعة طلاب نقابل عشرة في الصف الآخر، أما بقية الطلاب الذين ظلوا في مقاعدهم، فكانوا يحاولون كتم ضحكاتهم، وهم يرون مشهدا لا يروه عادة إلا وقت العقاب، زميلتي في المقعد كانت تشير لي خلسة أن أقف جانبها في الصف المقابل، وكانت إشاراتها توحي أنني قمت بعمل خاطئ قد أعاقب عليه، لكنني لم أفهم قصدها.

أتعرف يا أبي، لم أنظر إلى جواز السفر وهو بين يدي لأتأكد منه، لكنني كنت أردد أغنية بيني وبين نفسي علمتني إياها، وكانت بمثابة جواز السفر، “أنا الطفل الفلسطيني بغني للجرح الأخضر، بلادي بتسكن بعيني علم زاهي وعلم أحمر”.

في البيت عندما كنا نردد هذه الأغنية في سهراتنا، كنا نختلف على لون العلم، هل الجملة علم زاهي وعلم أحمر أم علم أخضر؟! في ذلك العمر الذي لم يصل إلى العاشرة، رحنا نفسر معنى اللون في الأغنية، لماذا أخضر؟! أجابت إحدى أخواتي: لأن الأخضر لون الشجر ورمز للزراعة وتعمير الأرض، أما أنا فكانت حجتي: لا، أحمر، لون الحرب، وتبادرت إلى مخيلتي صور تعبيرية لشخص بلحية وشعر طويل يضع بين شفتيه سيجارا وخلفه علم أحمر، كانت هذه الصورة على حائط مكتب الجبهة، توحي بالتمرد وبقصة أبطالها كالخرافة، لكنني لم أكن أعي تماما من هو هذا الشخص ولماذا يضعون صورته؟ لكن ايحاءها كان لأنها على حائط في مكتب للجبهة، وحولها صور لمدن فلسطينية، ولمقاتلين وشهداء، قال لي مسؤول المكتب ويسمى سميح القاسم، هؤلاء استشهدوا وهم يحاربون الصهاينة، وهذا اسمه تشي غيفارا.

صرخت بي المدرسة وهي تنظر في جواز السفر: أنت حمار؟! قلت الأردنيون يقفون هنا، عندها استطاع الطلاب أن يضحكوا دون كتم صوت ضحكاتهم، التي قهقهت عاليا، دون خوف، أما زميلتي فقد نظرت إلي بابتسامة كأنها تقول لي: ألم أحذرك؟! 

أتعرف يا أبي ماذا يخطر ببالي كلما ضاقت بي الدنيا!! ذلك الحلم الذي طالما كنت تتحدث عنه، بل هي كانت أكثر من حلم، لو رتبناها لوجدنا أنها لا تتطابق مع بعضها البعض، -على الأقل حاليا- لكن الحقيقي فيها أو المنطقي، أنك كنت تريد أن تراني شابا، يخوض غمار الحياة، وأنت تراقبه، ترشده إلى ما يفعل، توجهه، تنصحه، وتستمع بنجاحه معه، أحيانا كنت أشعر أنك ترى في حلمك تجارب أشخاص آخرين، أردت أن تمتلك قصة مثلهم، وليست أي قصة.

لقد كان طموحك حينها أن أشارك في دورة عسكرية في الجزائر، كباقي الشبان الذين فجأة يصبحون فدائيين، تروى عنهم القصص، والمغامرات، وتراهم عائدين من معركة في ” الجنوب” فرحين بنصرهم على الموت، يستلقون على كنبة أو فرشة في وسط حجرة وحولهم أناس جاؤوا ليهنئوهم بالسلامة، وهم يروون كيف صارت المعركة وكيف انتهت، ودورهم فيها، يخفضون رؤوسهم قليلا عند ذروة الأحداث، ويقولون بتواضع: نعم لقد أطلقنا النار على الجيش وانسحبنا بعد أن نفدت الذخيرة.

وكنت تريد أن أخوض هذه التجربة إلى جانب تجارب أخرى، أن أنهي دراستي وأعمل في شركة أو مؤسسة ما، بالشكل الطبيعي دون مغامرات!! على عادة كثيرين عملوا وعاشوا حياة طبيعية أمام الناس لكن لها وجوه أخرى لا يعلمها أحد، وحين ينكشف شيئا من هذه الوجوه، تكون مفاجئة للكل وقصة تروى.

أصرت المدرّسة أن أقف في الصف المقابل، بعد أن أشارت لي وقالت قف هناك، نظرت إلى الأرض ومسحت البلاط بطرق قدمي كأنني أشغل نفسي بشيء غير الذي تقوله، الأمر الذي جعلها تعتقد أنني أرفض تنفيذ طلبها، وقالت: قلت لك قف هناك!!! 

رفعت رأسي قليلا وكان جسدي يرتجف وأنا أشاهد يدها تلوح أمامي وفي معصمها اسوارة غليظة، كثيرا ما تحدث عنها الطلاب وعن الألم الذي تسببه لهم حين تصفعهم بيدها فترتطم الإسوارة بوجوههم، خرج صوتي متلعثما وقلت: لكنني فلسطيني يا مس، نظرت إلي وهي تلوح بجواز السفر وقالت: وما هذا؟! جواز سفر أردني مش فلسطيني، أنت في جواز السفر أردني ووالدك أردني، فقلت بذات التلعثم: لكن يا مس أحنا فلسطينية ومن أم الزينات وستي وسيدي عايشين في المخيم بفلسطين، وعمي تصاوب  في جنوب لبنان. فقالت: لكن ابوك معه جواز أردني  وليس فلسطيني ولا تمتلكون وثيقة سفر لبنانية.

شدتني من ذراعي ورمت بي في الصف المقابل، وسط سخرية مكتومة من بعض الطلاب وأخرى معلنة، الطلاب الثلاثة الذين كانوا معي في الصف الأول نظروا الي بطريقة أشعرتني بالشك، تراهم الآن يقولون كذب علينا لم يكن فلسطينيا مثلنا، وتراهم سيتهامسون، حاول أن يكون فلسطينيا مثلنا لكن المعلمة كشفته.

كنت سأقول لها نحن فلسطينيون، وقلل لي أبي عندما تكبر ستذهب في دورة مع الفدائيين في الجزائر، كنت سأحدثها كيف اكتشفنا فجأة أن عمي مصاب في لبنان، حين رأيناه في نشرة الأخبار على نقالة للجرحى، يومها كان الجميع يتحدثون بخوف، والبعض يتكلم بعصبية ويحرك يديه بسرعة، كأن كارثة ستحدث، قالت لنا امي: اجتاحت اسرائيل جنوب لبنان، يومها تغيرت الوجوه، كل من زارنا كان يتحدث بعصبية، وكان الكل يقول أن الدول العربية تركتنا وتآمرت على الفدائيين والمخيمات، عمي الذي اعتاد أن يأتي عصرا لينام قليلا لم يأت في ذلك اليوم، سمعنا والدي يتحدث في الهاتف بصوت عال، ففهمنا أنه يتحدث إلى عمي، لا أعرف كيف فهمتا ذلك، لكن اتضح انه صحيحا، وكان يوصيه ان ينتبه جيدا!!!

لكن والدي لم يقل كلمة عن المحادثة، حتى أن امي لم تسأله لماذا كنت تصرخ!!  في تلك الأيام كنا نستمع إلى أغان وطنية في الشوارع ومن السيارات المارة في الشوارع، في المدرسة تكلمت احدى المعلمات في الاذاعة الصباحية عن فلسطين وعن لبنان، وقالت: نحن الفلسطينيين واللبنانيين لن نموت، فصفقت معلمة وقالت بلهجة لبنانية صفقوا صفقوا وطلبت مني أن أخرج حيث الفرقة المدرسية والإذاعة وألقي قصيدة عن فلسطين، لم اعرف كيف أوصلتني إلى هناك، وكيف امسكت الميكرفون، لكنني غنيت ” أنا الطفل الفلسطيني بغني للجرح الأخضر.. بلادي بتسكن بعيني علم زاهي وعلم أحمر”.  

في المساء تحلقنا جميعا حول التلفاز، كانت نشرة الأخبار طقسا مقدسا، يبطله الحديث أو اللعب، وكان من يتجرأ ويعكر هذا الطقس يعاقب بحبسه في الحمام حتى انتهاء النشرة، حينها صرخت أمي.. عيسى، وركضت نحو التلفاز وهي تشير إلى الصورة وتقول لأبي: هذا عيسى الذي على نقالة الجرحى، انذهلنا جميعا تحسبا لفاجعة ما، وراحت نظراتنا تترقب جوابا حاسما من والدي، الذي استمر في صمته ثم قال: أنت مجنونة، ما الذي سيأخذ عيسى إلى هناك؟! لكن حوابه لم يقنعها ولم يقنعنا نحن أيضا، فأردف قائلا ومحاولا أن يزيل شكوكنا نحوه: عيسى مع الهلال الأحمر الكويتي، عندها تاكدنا ان الذي ظهرت صورته على التلفاز هو عمي، فخرجنا إلى ساحة العمارة نصرخ عمي عيسى تصاوب.. عمي عيسى فلبنان.

لم تمر دقائق حتى توافد سكان العمارة على بيتنا يتاكدون مما سمعوه، لكن والدي وأمي اتفقا فجأة على قصة أخرى، لم يصدقها أو يكذبها أحد من الجيران، قال والدي مشيرا إلى امي: لقد رأت شخصا في نشرة الأخبار يشبه عيسى، فتوهمت أنه هو… فسأل أحد جيراننا: اذن أين عيسى الآن؟؟ فأجاب والدي: في عمله في المستوصف  كالعادة… في صيدلية المستوصف، عندها أدركنا انهما اخترعا قصة جديدة، فقال جار آخر: يعني لو ذهبنا إلى الفحاحيل سنجد عيسى في المستوصف؟؟ فأجاب والدي: نعم اذا لم يكن له عملا في مكتب الجبهة، ستجده في المستوصف. غادر الجيران وهم في حيرة، لكنهم اقروا جميعا بعد أشهر انهم لم يصدقوا قصة والدي، وكانوا على قلق بانتظار خبر جديد.

عدة أيام مرت لم نسمع خبرا، البعض كان يتحدث لوالدي بترميز شديد، ووالدي يجيب بنفس الطريقة، اما نحن، فظللنا نتناقل القصة بين أقراننا، كيف اكتشفنا ان عمي في لبنان وكيف رأيناه على شاشة التلفاز مصابا، وذهبنا إلى أبعد من ذلك، باختراع قصص بطولية عنه، وكيف قتل اسرائيليين، ودخل إلى فلسطين وأطلق النار على الجيش وعاد إلى جنوب لبنان، بعد هذه الحادثة بأيام، ذهبنا إلى مكتب الجبهة، لم نجد سميح القاسم صديقه، ولم نجد أحدا غير شاب كان يجلس على كرسي مكتب، ويجيب لا اعرف، لا يوجد احد، وحين ضغط عليه والدي في الأسئلة، ضحك وقال: يا رفيقي كلهم “راحوا”. 

اللعنة على جواز السفر، سأمزقه، سأحرقه، شعرت بإهانة امام الطلاب، كيف تقول عني المعلمة انني لست فلسطينيا؟! هؤلاء الطلاب الذين بقوا في الصف الاول، لا يعرفون شيئا عن الفدائيين، ولم يذهب احد من أقربائهم إلى جنوب لبنان، عمي أنا من ذهب إلى الجنوب ومعه صديقه سميح، كيف لا اكون فلسطينيا؟! .

حين عدنا إلى مقاعدنا، راحت المدرسة تشرح، وتلوح بيدها، والاسوارة الغليظة تتدلى من معصمها، كأنها تشير لنا بالعقاب، أخرجت ألوان خشبية من حقيبتي، ورحت أخط على الدرج، مع الوقت تشكلت الخطوط بشكل العلم، ورحت ألونها، زميلتي انتبهت فأمسكت اللون الأسود وقالت لي : خطأ الاسود هنا، وشكله مثل المربع وليس مثلثا، هكذا علم الكويت، فقلت لها: لكنني فلسطيني. وشددت منها القلم بغضب.

عندها لمعت في رأسي فكرة ما، ربما ستعيد لي كرامتي المهدورة، الاسوارة، نعم الاسوارة، سأحطمها، وعلى مرأى من الطلاب جميعا، حتى يعود عمي من جنوب لبنان، ويقول لها أنت مخطئة، ابن أخي فلسطيني، وربما سيأخذها إلى مكتب الجبهة ويريها صورة غيفارا على الحائط وخلفه العلم الأحمر، لكن حتى يعود علي أن أحطم اسوارتها.

 تبادر إلى ذهني مشهد سينمائي لممثل يلعب دور ” النشال” كان اسمه وحيد سيف، لكنه كان مضحكا جدا، كان يقترب من امرأة ويتحدث معها بعد ان يصافحها، ويمضي، لتكتشف المرأة بعد ذلك ان اسوارتها سرقت، فتبدأ بالصراخ، اما هو فيكون قد اختفى. ولكن هل سأستطيع ان أقلده؟! تخيلت المشهد، كيف لي أن أصافحها وهي أطول مني؟! وحيد سيف كان بنفس طول المرأة، لكنني تذكرت مشهدا آخرا، وهو يجلس إلى جانب رجل ويسحب من جيبه محفظته بهدوء، وهنا اكتشفت الطريقة المثلى، عندما تكون جالسة أتساوى معها في الطول، عندها سأستطيع سرقة الاسوارة دون أن تنتبه، ولكن أين؟! نعم في باص المدرسة.

انتظرت على باب الحافلة حتى ركب الطلاب جميعا، وصعدت، كي اتحجج بأن المقاعد مشغولة جميعا الا المقعد المجاور لها، لكن خطتي أفشلت، حين أزاح احد الطلاب حقيبته وقال: في مكان فاضي، عندها شعرت ان كرامتي أهدرت للمرة الثانية، وأن الطلاب اكتشفوا خطتي وسيسخرون من فشلي، حينها قررت أن أرد على تطفل هذا الطالب بكل قوة، فقلت بصوت عال: لا لا أريد أن اجلس بجانبه، رائحته كريهة، بشخ على حاله، عندها انطلقت الضحكات، والتعليقات الساخرة، من الطالب، الذي احمر وجهه واغتاظ ثم بكى، فصرخت المعلمة فيي وقالت: اخرس، اجلس بجانب زميلك، وعندما نصل سأقول لأمك كي تعاقبك.

جلست مرغما، وكان الطالب قد تكوم في المقعد والتصق بالشباك، كأنه يبعد عن نفسه التهمة، ظللت في المقعد خلف المعلمة، انظر إلى يدها والاسوارة تتدلى منها وهي تتحدث إلى سائق الحافلة وتلوح بيدها، منتظرا فرصة للانقضاض، وعندما أنزلت يدها إلى جنبها، شعرت ان الفرصة اقتربت باقتراب يدها مني، فتحسست الاسوارة باصبعي، ومشهد وحيد سيف يلوح في مخيلتي، فعالجت الاسوارة كي أفكها فرفعت يدها محدثة السائق، فلامست أصابعي يدها، فانتفضت من مقعدها وهي تصرخ، يا كلب، ماذا تفعل؟! وانهالت علي ضربا بيدها، اما الاسوارة فارتطمت بوجهي اكثر من مرة، حتى شعرت به قد تشقق، اوقفتني امام الطلاب وهي ترفع يدي وتقول: هذا زميلكم حرامي، وغدا سيعاقب امام الطابور وسيحضر ولي أمره، تكومت في المقعد ودموعي تجرح وجهي، اما الطالب الذي افتريت عليه، استعاد ثقته بنفسه، وتمدد جسده على المقعد، فنظرنا إلى بعضنا وابتسم ساخرا، وبكيت بحرقة دون صوت، لقد فشلت خطتي، ولن أستطيع أن أثبت لها أنني فلسطيني، وأن جواز السفر الذي معي محض خطأ، لا ذنب لي فيه، وأن عمي مقاتل في الجنوب وأصيب، حتى لو أقسمت لها أننا شاهدنا صورته في نشرة الأخبار، وأنني أحفظ شكل المقاتلين على حائط مكتب الجبهة، وصورة غيفارا والعلم الاحمر خلفه، كل ذلك لم يكن ليبكيني فقط، بل العقاب المنتظر أيضا، غدا في طابور الصباح، وبعد قليل حين تصل الحافلة إلى المنزل وتعرف أمي بما حصل. 

عندما اقتربنا من المنزل نظرت الي المعلمة وقالت: عندما تصل اذهب ونادي لي أمك، شعرت بقشعريرة تنتشر في جسدي، الذي أصبح باردا رغم حرارة الجو، فقررت أن أنزل من الحافلة وأهرب، أو سأدخل البيت ولن أخبر احدا وأغلق الباب، حتى تمل المعلمة وتذهب.

وما أن وصلنا شارع البيت، حتى رأينا مشهدا لا يصدق، كان السيارات تتزاحم على باب العمارة، وأناس كثيرون على بابها، فسألتني المعلمة هل لديكم عرس؟! فهززت رأسي، حتى استقرت الحافلة على باب العمارة، ونزلت والمدرسة، كان والدي يقف على باب البيت وحوله جيراننا وأصدقاءنا، وهو يقول لهم وعينيه غارقتين في الدمع، الله يسلمكم عقبال كل الفدائية، حينها استشعرت فرحا، فتركت المدرسة وركضت إلى البيت، كان عيسى على كنبة تسند ظهره وسادة، وحوله أناس يسلمون عليه ويسألونه عن الحرب، وهو يطرق رأسه ويقول نعم لقد أطلقنا النار عليهم حتى نفذت الذخيرة، اما المعلمة فرفعت يدها والاسوارة تتدلى من معصمها ووضعت يدها على وجهها.. وزغردت، اما نحن فركضنا في ساحة العمارة نهتف عمي عيسى رجع من جنوب لبنان.. عمي عيسى رجع مع الفدائية، فنظرت إلى المعلمة وقلت مشددا عمي رجع من فلسطين مع الفدائية.

الكاتب: توفيق العيسى

هوامش

موضوعات

...للكاتب/ة

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع