تنطلق غداً الأربعاء فعاليات "قلنديا الدولي"، المحفل الفني الملهم للفنون المعاصرة وتستمر حتى ٣١ تشرين الأول، تحت شعار "هذا البحر لي"، ويتناول موضوع "العودة" في السياق الفلسطيني وأبعد، وبجهدٍ تشاركيٍّ بين ١٦ مؤسسة ثقافية في فلسطين والخارج.
متجاوزاً الحدود من فلسطين إلى بيروت وعمان ولندن ينظَّم "قلنديا الدولي" هذا العام، متميزاً باتساع مداه الجغرافي، وخلق شراكات جديدة، بانضمام: دار النمر للفن والثقافة في بيروت، ودارة الفنون-مؤسسة خالد شومان في عمان، واحتمالات مكانية (بارت) في لندن، إذ ستمتد من خلالها فعاليات "قلنديا الدولي" لأول مرة خارج فلسطين، إضافة إلى مشاركة كلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة للمرة الأولى.
ويُطلَق "قلنديا الدولي" بنسخته الثالثة بحفلٍ افتتاحيٍّ في مدينة حيفا، بالتزامن مع غزة وبيروت ولندن وعمان، يسبقه مؤتمر صحافي اليوم في 4 تشرين الأول في مركز خليل السكاكيني الثقافي، تليه جولة في بعض المعارض ولقاءات مع بعض المنظمين والقيمين.
وفي اليوم الأول تفتتح جمعية الثقافة العربية معرض "أهل البحر"، وهو من المبادرات الفنيّة الجماعيّة الأُولى في فلسطين، التي تضع البحر كمادةٍ فنيّةٍ بصريّةٍ، من خلال معرضٍ يجمع الفوتوغرافية بكافة تفرعاتها: تصوير فوتوغرافيّ، وتركيبات بصريّة معتمدة على التصوير، وأعمال فيديو آرت.
على الجزء الجنوبي للساحل الفلسطيني تفتح مجموعة التقاء وشبابيك للفن المعاصر في غزة معرض "هذا البحر لي"، يقول أحد قيمي المعرض شريف سرحان: " في غزة، يحمل البحر معاني متعددة، فهو متنفَّسٌ للناس، لكنه أيضاً يُذكّرهم بالقيود على حريتهم، فلا يستطيع أي فرد أن يتعدى ٦ أميال في البحر، كأنّ الأُفق له حدٌّ لا يمكن تخطيه. يعرض الفنانون المشاركون في هذا المعرض أعمالاً وأفكاراً مختلفة عن معنى البحر بالنسبة إليهم".
في لندن، تقدم مجموعة احتمالات مكانية (بارت) معرض "لحظات للاحتمالات: الهواء والأرض والبحر"، يقول قيما المعرض يارا شريف وناصر غولزاري: "هذا المعرض هو استمرارٌ لمحاولاتنا التراكمية لإعادة قراءة المكان وتشكيله برؤيةٍ وأبعادٍ تتحدى الإحداثيات المفروضة عليها. تحت مظلة "هذا البحر لي" نستخدم الهواء والأرض والبحر (بمفهومها الحرفي والمجازي) كمساحة تجريبية تفاعلية للحوار تشجع على قراءات جديدة للخارطة والمكان".
وتقدم مؤسسة دارة الفنون- مؤسسة خالد شومان في عمان معرض " هذا البحر لي"، حيث كلفت سبعة فنانين فلسطينيين يقيمون في عمّان إنجاز أعمالٍ فنيّةٍ جديدةٍ تحت ثيمة "هذا البحر لي". يتأمّل الفنانون المشاركون في عناصر الثيمة المختلفة بطرق متنوّعة، لتنتج الأعمال من دوافع شخصيّة أو حقائق مخفيّة أو أسئلة متشابكة.
كما تشارك دار النمر للفن والثقافة في بيروت في معرض "بحر من حكايات" الذي سيستكشف أشكال النزوح والعودة المتخيَّلة للمجتمع الفلسطيني في لبنان عبر البحر الأبيض المتوسط. بالنسبة للفلسطينيين في لبنان، تقع فلسطين على الطرف الجنوبي من الشواطئ التي يسكنونها، وليس من قبيل الصدفة أنّ الغالبية العظمى من المخيمات والتجمعات الفلسطينية تكمن في المدن الساحلية، ويقع بعضها مباشرةً على الشاطئ. إنّ البحر الأبيض المتوسط هو الموقع الذي يشهد على رحلات النزوح هذه، وكذلك على الطرق المحتملة للعودة.
وعلى مدار الأسبوعين الأول والثاني تستمر سلسلة افتتاح معارض قلنديا الدولي، ففي مدينة القدس تنظم مؤسسة المعمل للفن المعاصر معرض "على أبواب الجنة الثامن: ما قبل وبعد الأُصول"، وينظم حوش الفن الفلسطيني معرض "استكشاف القدس # ٢: العودة"، كما يفتتح في مدينة رام الله معرض "Tilted" بتنظيم من مجموعة "مشاريع من راسي"، إضافة إلى معرض "(سلسلة فعاليات حرة (من دون قيّم) “ لمركز رواق، وتشارك مؤسسة عبد المحسن القطان في معرض "تمييز الأنماط (مسابقة الفنان الشاب للعام ٢٠١٦)"، وينظم مركز خليل السكاكيني الثقافي معرض "يا حوت لا توكل قمرنا". أما الأكاديمية الدولية للفنون، فتنظم تدخلاً في الفضاء العام بعنوان "مصفوفة الذاكرة" ومعرض "المدن ٥: غزة– إعادة إعمار" بالتعاون مع متحف جامعة بيرزيت، كما تشارك بلدية رام الله في معرض "عودات"، وفي بيت لحم تستعد كلية دار الكلمة لافتتاح معرضها "إنسان/ة من فلسطين: معرض جائزة المصورة كريمة عبود"
كما تشارك المؤسسات المنظمة للمعارض ومؤسسات شريكة أخرى في فعاليات متنوعة تستمر حتى ٣١ تشرين الأول، أهمها سلسلة لقاءات قلنديا، إضافةً إلى ندواتٍ وعروض أفلامٍ وإطلاق كتبٍ وعروضٍ أدائيةٍ وجولاتٍ وغيرها.
يذكر أن قلنديا الدولي هذا العام يُطلق بمشاركة أكثر من ١٠٠ من الفنانين الفلسطينيين والدوليين والقيّمين والكُتاب والباحثين.
«هذا البحر لي»
في محاولةٍ لاقتراح مدخلٍ مغاير، ولنفض الغبار عن الطريقة التي جرى فيها تصوير النكبة وتخيُّل العودة، يتَّخذ قلنديا الدولي "هذا البحر لي" شعاراً له في نسخته الثالثة؛ لأن من شأن البحر، الذي أسقط من خطابنا ومن أجندات الساسة، وغدا جداراً جديداً للحصار، أو مصيدةً مميتةً للهاربين من الموت، أن يأخذ سؤال الحقوق من الممكن السياسي إلى حيز البداهة، وأن يُعيد موقَعة فلسطين والفلسطيني في مكانهما الحقيقي في التاريخ