تظهر المرأة الفلسطينية في أعمال منصور في هذا المعرض في سياقات عدة، وجميعها مرتبطة ارتباطا عضويا بالأرض، بل هي ذاتها الأرض. فهي حيناً تحتضن القدس، وفي حين آخر تحمل المدينة على رأسها، أو تظهر المدينة في خلفية صورتها. وتبدو في جميع الأعمال قوية راسخة ذات حضور ملفت ولديها عزة نفس ومشاعر فياضة.
يقول زياد عناني مدير غاليري زاوية بأن المعرض يحتفي بفن سليمان منصور وأعماله التي تروي حكاية من الصمود الفلسطيني والتمسك بالهوية والارتباط الوثيق بالأرض، وأنه يوفر فرصة فريدة أمام الجمهور للاطلاع على نسخ من أعمال منصور التي أنتجت منذ سبعينيات القرن الماضي، وخاصة أن الفنان مقل في الإنتاج في هذه الفترة، وكان آخر معرض شخصي له في عام ٢٠١١ في حوش الفن الفلسطيني. وتتوزع أعمال منصور في متاحف ولدى مقتنين في أنحاء مختلفة من العالم. ويضيف بأن المعرض يتيح للزائر أن يشاهد هذه النخبة من الأعمال تحت سقف واحد، وأنها نسخا محدودة طبعت بجودة عالية جدا وتحمل التوقيع الشخصي للفنان وقد تم اختيارها بعناية من مجموعة أعمال منصور وذلك بهدف اطلاع الجمهور وخاصة للمتابعين لفنه، على أعمال أنتجها خلال مسيرته الفنية لا تتوفر حاليا. وأكد عناني أن المعرض يوفر إمكانية اقتناء هذه الأعمال موقعة من الفنان وبجودة عالية جدا.
ولد سليمان منصور عام 1947، في بيرزيت، وهو واحد من أبرز الفنانين الفلسطينيين ويعد أحد مؤسسي الحركة الفنية في فلسطين. اشتهر بأعماله التي تعكس التراث والنضال الفلسطيني عبر السنين. وغالبا ما تتصدر الرموز الفلسطينية لوحاته المرتبطة ارتباطا وثيقا في الأرض وتبرز فيها مواضيع مثل القدس وشجر الزيتون والبرتقال والمرأة الفلسطينية بالزي التقليدي المطرز وغيرها.
يستمر المعرض في غاليري زاوية يوميا من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة السادسة مساء ماعدا يوم الجمعة.
طبعة محدودة
يحتفي هذا المعرض بالفنان سليمان منصور وفنه الذي يروي حكاية من الصمود الفلسطيني والتمسك بالهوية والارتباط الوثيق بالأرض عبر السنين وذلك بإطلاق مجموعة حصرية من الطبعات المحدودة الفريدة الموقعة حصريا من الفنان، والتي تم اختيارها بعناية من مجموعة أعماله التي أنتجت خلال مسيرته الفنية منذ سبعينيات القرن الماضي.
تم اختيار لوحات تركز على مجموعة من المواضيع التي تعتبر محوراً أساسياً في فن منصور، في صلبها القدس، والمرأة والطبيعة الفلسطينية التي تزخر بها أعمال منصور من خلال شجر الزيتون والحصاد وقطف البرتقال والقرية الفلسطينية. يضم المعرض كذلك نسخا من مجموعة من الأعمال التي أنتجت في السنوات الأخيرة والتي تنظر إلى الحاضر بعين الماضي واضعة القضية الفلسطينية في قلب تحولات الحياة الحديثة ومؤكدة على المسافة الكبيرة ما بين زمنين عايشهما الفنان، والتناقضات ما بينهما.
من اللوحات في هذا المعرض ما أنتج في أوائل مسيرة منصور الفنية في السبعينيات مثل جمل المحامل (١٩٧٤) ولوحة توأم غير معروفة تحمل عنوان "القدس" (١٩٧٨) وتظهر فيها امرأة يافعة ترتدي الثوب الفلسطيني وتحمل الحمل ذاته الذي يحمله الرجل العجوز في "جمل المحامل" ولكن برقبة قوية مشدودة ورأس مرفوع. لم تحز هذه اللوحة على الانتباه الذي حصلت عليه لوحة جمل المحامل رغم تشابه الفكرة مع الفرق بأن لوحة "القدس" تُظهر فلسطينية شابة قادرة على احتمال الحمل الثقيل.
تظهر المرأة الفلسطينية في أعمال منصور في هذا المعرض في سياقات عدة، وجميعها مرتبطة ارتباطا عضويا بالأرض، بل هي ذاتها الأرض. فهي حيناً تحتضن القدس، وفي حين آخر تحمل المدينة على رأسها، أو تظهر المدينة في خلفية صورتها. وتبدو في جميع الأعمال قوية راسخة ذات حضور ملفت ولديها عزة نفس ومشاعر فياضة.
يظهر الارتباط بالأرض حرفيا من خلال المشهد الريفي في أعمال منصور وهو مشهد تتصدره المرأة. فتصور احدى اللوحات امرأة تحمل بين يديها طبقا من القش فيه ثمار الرمان، وامرأتين تنقلان البرتقال من الحقل، وامرأة تحتضن شجرة سقطت أوراقها في فصل شتاء حقيقي وربما مجازي، كما تحتضن امرأة أخرى شجرة نصفها زيتون والنصف الثاني برتقال، بينما تقطف امرأة ورجل شجر الزيتون.
ترتدي جميع نساء منصور الثوب الفلسطيني المطرز، باختلاف تصاميمه وأنواع القُطَب، وأحيانا هو مطرز بالكامل وأحيانا أخرى يغلف قليل من التطريز أطراف الثوب. والمتأمل في التطريز على أثواب نساء منصور يجد أن الفنان وضع وقتا وجهدا وبحثا وذائقة شخصية ليخرج تلك الأثواب التي تشبه عرض أزياء للثوب التقليدي عبر أعماله المختلفة.
لا يغيب الهم الوطني عن أعمال منصور، بل هو محور وأساس حتى وان لم يظهر جليا. يشير أحيانا له بالمجاز، من خلال الأرض القاحلة والصحراء مترامية الأطراف وعيون شخوصه. ونجد في لوحة امرأة تحمل علما فلسطينيا على سارية مبالغ في طولها وتمشي بعزم في صحراء قاحلة، بينما تسير جنازة مهيبة يؤمها حشود كبيرة في لوحة "طقوس تحت الاحتلال" (١٩٨٩) حاملة نعش شهيد مغطى بالعلم الفلسطيني وكأنه صليب كبير يذكرنا بقصة صلب المسيح.
يبرز الفنان في بعض الأعمال الحديثة نسبيا مجموعة من التناقضات يركز فيها على سياق غير مبال يحيط بالقضية الفلسطينية يسوده عدم الاكتراث. ومن بين هذه الأعمال نرى امرأة ترتدي ثوبا فلسطينيا وتسير في وسط شوارع مدينة تبدو كمدينة نيويورك ببنايات شاهقة متلاصقة وازدحام مروري.
تزخر لوحات منصور بالرموز الفلسطينية، وكأنه يوشح لوحاته بهذه الرموز على شكل تطريز أو برتقال او زيتون معطيا لها طابعا فلسطينيا، ويجد منصور في البرتقال رمزا فلسطينيا يدخله إلى معظم أعماله.
ولد سليمان منصور عام 1947، في بيرزيت، فلسطين، وهو واحد من أبرز الفنانين الفلسطينيين ويعد أحد مؤسسي الحركة الفنية في فلسطين. وهذا المعرض هو تكريم للفنان سليمان منصور وفنه المكرس لفلسطين.