أين غاب الفلسطينيون؟!

أيهم السهلي

كاتب من فلسطين

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

02/12/2016

تصوير: اسماء الغول

أيهم السهلي

كاتب من فلسطين

أيهم السهلي

أسماء وأعلام فلسطينية غابت، وأخرى حالفها الحظ ونالت نصيبها من التعريف والظهور إلى العلن وهي ممن عايشت التاريخ ما قبل نكبة عام 1948، لكن ثمة حيرة يقع في تفاصيلها من يمحص في الفترة تلك، ما يدفع للسؤال هل هناك تعريف لتلك الفلسطين التي كانت؟ كأن كل شيء يغطيه ضباب كثيف، ينجلي حينا حتى يعود ويتضح مع بعض الغموض.

في البحث المعمق أو المبسط، لا يوجد من الأرشيف الفلسطيني أكثر من بعض فيديوهات وصور فوتوغرافية، يمكن من خلالها بناء تصور ما للحياة الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين ما قبل النكبة.

ولو بحثنا على الصعيد الثقافي مثلا، نجد أن عشرات الصحف انتشرت في فلسطين قديماً، لكن أين أرشيفها؟ كما أن هناك ثورات قامت على البريطانيين واليهود المستجلبين من كل مكان لاستيطان أرضنا الفلسطينية، هذه الأحداث بالتأكيد دونت أحداثها على أورق من قبل أشخاص أجرى بعضهم مقابلات ممن عايشوا تلك المرحلة، أين هي تلك الأوراق؟

يملك بعض اللاجئين وثائق بيوتهم وعقاراتهم في فلسطين، لكنها ليست بحوزة الكثير منهم، وليس لديهم مفتاح البيت الذي بات رمزا للعودة، فأين وثائق العقارات؟

أين كل ما ذكرت؟ 

هذه المباراة بين فلسطين واستراليا، ستخلق سؤالاً سيبدو للوهلة الأولى سهلاً. من لعب المباراة في المنتخب الفلسطيني، هل هم أحياء، جميعهم أم بعضهم، والأهم أين هم الآن، وإلامَ آلت حياتهم؟

لربما سمع العديد عن مباراة كرة القدم التي خاضها المنتخب الفلسطيني أمام المنتخب الأسترالي في مدينة سيدني الأسترالية عام 1939. حتى ذهب بعضهم للادعاء أنها كانت لمنتخب إسرائيلي! ونسأل هنا كيف ذلك ولم تكن “إسرائيل” قد قامت بعد؟!

فلسطينياً، ليس لدينا مواد أرشيفية لتلك المرحلة تثبّت ما حصل فعلا، بيد أن هناك بعض الهواة ممن يبحثون ولا يجدون مشكلة في الخوض في الغبار ونبشه إلى أن تتضح الصورة، كما هم على استعداد كامل لترميم ما مزقته الحروب والهجرات، علّ ما يجدونه من معلومات جديدة تبدو في زاوية منها.

هذه المباراة بين فلسطين واستراليا، ستخلق سؤالاً سيبدو للوهلة الأولى سهلاً. من لعب المباراة في المنتخب الفلسطيني، هل هم أحياء، جميعهم أم بعضهم، والأهم أين هم الآن، وإلامَ آلت حياتهم؟

جلال جرار، أحد اللاعبين في المنتخب الفلسطيني بتلك المباراة، وهو لاجئ فلسطيني يسكن مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة. بالـ “ضرورة” لا يعرف جلال إلا قلة، ولا استثني نفسي، فالصدفة قادتني إليه، عن طريق فيديو أعده المتحف الفلسطيني في بيرزيت يتحدث عنه ضمن أحد مشاريعه الغارقة في البحث عن الحكاية الفلسطينية الأصيلة الخالية من الشوائب.

جلال اليوم رجل تسعيني، ولديه أحفاد وزوجة تقدمت في السن أيضا، انضم لفريق سجن عكا في السابعة عشر من عمره، لقبه “الحية” لقدرته على المناورة والمراوغة خلال لعب كرة القدم، ترأس فريق النادي القومي في عكا في أربعينيات القرن الماضي، قبل النكبة.

قصة أخرى، هي حكاية الفنان الفلسطيني عبد عابدي الذي هُجِر من حيفا مع أهله في النكبة دون والده الذي لم يغادر مدينته. 

عابدي سكن مع أسرته في مخيمات المية ومية والكرنتينا القريبة من ميناء بيروت ومن ثم إلى دمشق.عادوا إلى حيفا بعد نحو ثلاث سنوات من النكبة، وهذه المرة دون لطفية شقيقته الكبرى المتزوجة من سعيد بدوان، والتي ستصبح لاحقاً أم الإعلامي والسياسي الفلسطيني علي بدوان.

عادوا عبر الصليب الأحمر والضغط من بعض المؤسسات الدولية، رجع بعض الفلسطينيين إلى الأرض ضمن ما اصطلح على تسميته تلك الأيام “عمل إنساني” ضمن لم الشمل، هذا اللم أتاح لبضعة آلاف من الفلسطينيين الرجوع لوطنهم.

بعض الشغف بما حدث قديما، قادني إلى موقع عبد عابدي، لأقرأ حكايته، ولكن كيف عرفت بعابدي وأخته لطفية؟ ببساطة نشرت “القدس العربي” مقالًا للكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي بعنوان “مضاعفات قضية لاجئة بقيت في سورية” بتاريخ 27/2/2013، حكى خلاله قصة لطفية وأخيها عبد وبقية العائلة.

أشخاص كثر دونت أسماؤهم في أرشيف النكبة، عرفناهم وعرفنا صورهم بعد انتشار شبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي، وعلى سبيل المثال لا الحصر تلك العجوز التي تضع يدها على فمها بحسرة وخوف وألم، أين كان مآلها، وتلك الطفلة بشعرها الأشعث وكفين تحلقان حول عنقها بحنان، أين باتت؟ هل تزوجت وأنجبت؟ من كانت.. هل ذهبت لمخيم اليرموك وهُجِرت مرة أخرى، كلطفية عابدي؟ 

القصة فعلاً ليست جلال ولا لطفية وشقيقها عبد عابدي، القصة هي أنهم من بين آلاف الفلسطينيين الذين غابوا في الحكايات الفلسطينية المتعددة، ولن أضع نفسي موقع المتوازن، فأنا متطرف جداً، للبحث عن الحكاية الفلسطينية الواحدة لتكون قاعدة ومستنداً دقيقاً للحكايات الفلسطينية المتعددة.

الكاتب: أيهم السهلي

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع