في الطرف الآخر
كساعةٍ رمليّةٍ تسقطُ الموسيقى على الموسيقى.
حزينةٌ أنا في ليلِ أنيابِ الذئابِ.
تسقطُ الموسيقى على الموسيقى كسقوطِ صوتي على أصواتي.
كماء على حجَر
على تلكَ التي تعودُ باحثةً عمّا كانت تبحثُ في القديمِ
يُرخى الليلُ سدولَهُ كماءٍ على حجَرٍ
كهواءٍ على طائرٍ
كجسدينِ يهبطانِ على بعضهما في الحُبّ.
غنائيّة الحجر الباكي
ضاحكًا يموتُ الموتُ ولكنّ الحياةَ
باكيةً تموتُ ولكنّ الموتَ ولكنّ الحياةَ
ولكنّ العدَمَ العدمَ العدمْ
قصيدة
تختارُ موضعَ الجُرحِ
حيثُ نقولُ صمتَنا.
هَا أنتَ تجعلُ حياتي
هذا الطّقْسَ الذي في غايةِ النّقاءِ.
تجليّات
في اللّيلِ، قُرْبَكَ،
تصيرُ الكلماتٌ أدلّةً، مفاتيحَ.
والشّوقُ إلى الموتِ مَلِكًا يصيرُ.
فَلْيَكُنْ جسدُكَ أبدًا
مهبطَ التجلّياتِ؛ المهبطَ المعشوق.
في ذكراك السنويّة
خُذْ وجهيَ، أخرسَ يتوسّلُ.
خُذْ هذا الحُبّ الذي أسألُ.
خُذْ بَعْضِيَ الذي هُوَ أنت.
عاشقان
زهرةً
ليستْ بعيدةً عنِ اللّيلِ
ينفتحُ
جسدي الأخرسُ
على النّدى وإلحاحهِ الهَشّ.
عرفان
جعلتَ صمتَ اللّيلكِ يرفرفُ
في مأساةِ الرّيحِ التي في قلبي.
وجعلتَ حياتي حكايةَ أطفالٍ
حيثُ الموتُ والخيباتُ
ذرائعُ للطقوسِ المعشوقةِ.
لقاء
شخصٌ يذهبُ في الصمتِ ويهجرني.
ليستْ وحيدةً هِيَ العزلةُ الآنَ.
كاللّيلِ تحكي.
وتُعلِنُ نَفْسَكَ كالعطَشِ.
أغنية
للزّمنِ خوفُهُ
وللخوفِ زمنُهُ
خوفٌ
يطوفُ دمي
يقطفُ ثمرتي الأحسنَ
ويدكّ جداريَ الرّحيمَ
لا شيءَ إلّا الخرابُ
خرابُ أخربةٍ
وخوفٌ
حوفٌ كثيرٌ
وخوفُ.
أصل
لا بُدّ أن ننقذَ الرّيح
فالعصافيرُ تحرقُ الرّيح
في شَعرِ امرأةٍ وحيدةٍ
تعودُ من الطبيعةِ
وتحيكُ التّباريح
لا بُدّ أن ننقذَ الرّيح
صوتك
كامنًا في كتابتي
وفي قصيدتي تُغنّي.
يا أسيرَ صوتِكَ العذبِ
المحفورِ في ذاكرتي.
يا الطّائرَ المُنكبّ على طيرانهِ.
يا الهواءَ الموشومَ بالغيابِ.
ويا السّاعةَ التي تدقّ معَ نبضي
كي لا أستيقظُ.
عدَم
تموتُ في جرحيَ الريحُ.
وإلى دمي يتوسّلُ اللّيلُ.
أن أُسمّيك
ليستْ قصيدةَ غيابكَ،
بَلْ رسمةٌ، صدعٌ في الجدارِ،
شيءٌ في الرّيحِ، وطعمٌ مُرُّ.
لافتات
كلُّ شيءٍ يطارحُ الصّمتَ الغرام.
وعدوني بصمتٍ كالنّارِ— بيتٍ مِن الصّمتِ.
فجأةً، المعبدُ سيرك والضوءُ طبل.
أليخاندرا بيسارنيك (Alejandra Pizarnik): شاعرة أرجنتينة، ولدت في التاسع والعشرين من شهر أبريل لسنة 1936، وماتت منتحرةً، بجرعة زائدة من سيكوباربيتال الصوديوم، في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر لسنة 1972. صدر لها: البلد الأغرب (1955)، والبراءة الأخيرة (1956)، والمغامرات الضائعة (1958)، وشجرة ديانا (1962)، وأعمال وليالٍ (1965)، واستخلاص حجر الجنون (1968)، وجحيم موسيقيّ (1971)، والكونتيسّة الدمويّة (1971).
ترجمها تحسين الخطيب عن الإنكليزية.
ملحوظة: يُلفظ اسم (Pizarnik)، في الإسبانية المنطوقة في الأرجنتين: “بيسارنيك“؛ وليس “بيثارنيك”، كما هي الحال في الإسبانيّة القاعدية.