تُنشر بالشراكة مع THE SHORT STORY Project
مقدمة لأولغا سونكين
“بوهيميا” هي واحدة من القصص التي كتبها ميخائيل بولغاكوف في وقتٍ مبكّر من حياته الأدبيّة وقد بناها على قسمَين هما: “كيف تعتاش من الأدب” و “الرّحالة الأبديّون” حيثُ يكوّنان معًا صورة النص القصصيّ “بوهيميا”، صورة ميتا-أدبيّة للحظة من حياة كاتب يشقّ طريقه في الأدب في روسيا في عشرينات القرن العشرين. “بوهيميا” عنوانٌ ينطوي على المفارقة، فالاتحاد السوفييتيّ لم يكن بوهيميًا ولم يكن في مقدوره أن يكون كذلك، بل كان بروليتاريا متحرّرة من القيود، وكلّ نخبة، بما فيها النخبة الأدبيّة كانت عدوّة البروليتاريا. إذًا، أيّ نوع من الأدب كان من الممكن أن ينشأ في مجتمع كهذا؟ وكيف يمكن كسب الرزق منه؟ لقد كان سؤال كسب الرّزق ملحًا وحارقًا في حقل الأدب: كيف يمكن أن يعتاش شخص من شيء لا يحتاج إليه أحد؟ أو لايزال يجهل أنّه بحاجة إليه. ليس الأمر بالهيّن، لكن في حالة بولغاكوف، فإنّ الجواب بسيط جدًا: من خلال الكتابة الرديئة ووفق طلبات المؤسسة الحاكمة. كلّما كانت الكتابة رديئة، كان كسب الرّزق أسهل. تطوّر نقد بولغاكوف للمؤسسة الأدبيّة السوفييتيّة لاحقًا ليتحوّل إلى مسخرة عالية الجودة، ربّما من أجود الأنواع في تاريخ الأدب، وذلك في روايته “المعلّم ومارغريتا”، أمّا هنا، فإنّه يقوم عبر التكثيف وبشكل ساخر ب “إغلاق حساب” مفتوح مع الأدب المُمأسس. هكذا يجب فعل ذلك، وهكذا يعتاش المرء من الأدب.
I – كيفَ تعتاشُ من الأدب؟
لو سألوني ما الذي أستحقّه، سأجيب بصدقٍ كصدق المُثول أمام الله، أنّني أستحقّ الأشغال الشاقّة.
تيفليس ليست السّبب، فأنا لم أفعل شيئًا سيئًا في تيفليس. وإنّما فلاديقوقاز هي السّبب.
كانت تلكَ أيّامي الأخيرة في فلاديقوقاز، وشبح الجوع الرهيب (كليشيه! كليشيه!.. “الشبح الرهيب”… لكن، اللعنة على ذلك! هذه التدوينات لن ترى النور أبدًا! كما اعتدتُ أن أقول- شبح الجوع الرهيب يقرع باب شقّتي المتواضعة، التي حصلتُ عليها بترخيص، وبعد الشّبح مباشرةً قرع الباب المحامي غنزولاييف، رجل يمتلك شخصيّة مشرقة، بشارب صغير ومهذّب، ووجه مُلهم.
وقع بيننا حديث أقتبسه هنا باختصار:
“لمَ أنت مكتئب?” (غنزولاييف)
“عليّ أن أموت من الجوع في فلاديقوقاز مدينتكم الرديئة…”
“لا جدال في ذلك. فلاديقوقاز- مدينة رديئة. تكاد لا توجد مدينة في العالم أشدّ رداءةً منها. لكن ما الداعي لتموت الآن؟”
“لا يوجد شيء آخر أفعله. لقد استنفذت كل الاحتمالات. لا يوجد مال في قسم الفنون ولن يدفعوا الرواتب. لن أتمكّن من كتابة كلمات الافتتاحية للمسرحيات. كان لدي مسلسل منشور في حلقات في جريدة فلاديقوقاز المحلية وتحصّلت منه على 1200 روبلا ووعدٍ بزجّي في قسم خاص، في حال طبعتُ شيئاً مشابهاً آخر”.
“لماذا؟” (قال غنزولاييف منذهلاً. والأمر مفهوم. يريدون زجّي في قسم خاصّ، وهذا يعني أنّني مشبوه”.
“بسبب سخريتي”.
“يا له من هراء. إنّهم لا يفهمون شيئًا عن المسلسلات المنشورة في حلقات هنا. اسمعني…”
إليكم ما فعل غنزولاييف. لقد حرّضني على مشاركته في كتابة مسرحية ثورية من الحياة الثقافيّة الفلاديقوقازيّة المحليّة. إنّني أشهّر هنا بغنزولاييف. فقد جرّني وأنا وافقت لحداثة سني وقلة خبرتي. ما علاقة غنزولايف بكتابة المسرحيات؟ لا علاقة، الأمر واضح. هو نفسه اعترف لي على الفور أنه فعلا يكره الأدب، مما تسبب في تعاطفي معه. أنا أيضًا أكره الأدب، وصدّقوني، أكرهه أكثر بكثير من غنزولاييف. لكن غنزولاييف يعرف عن ظهر قلب الثقافة المحليّة، هذا طبعا إذا أمكن أن نطلق لقب الحياة الثقافيّة على وجبات الإفطار في أكشاك الكباب على خلفية الجبل البغيضة في المجرّة الكونيّة، الخناجر المصنوعة من الفولاذ الرديء، الخيول العجاف، الخانات والموسيقا المثيرة للاشمئزاز التي تخلع الروح.
لذلك، فإنني سوف أؤلّف المسرحيّة وسيضفي غنزولاييف عليها لون هذه الثقافة المحليّة.
“وحدهم الحمقى سيقتنون هذه المسرحية”.
“سنكون نحن الحمقى إذا لم نبع هذه المسرحية”.
كتبنا المسرحيّة في سبعة أيام ونصف اليوم، يعني أننا أمضينا نصف يوم أكثر من خَلق الكَون. على الرغم من هذا، خرجت المسرحيّة أسوأ من الكَون.
شيءٌ واحدٌ يمكنني أن أقوله: إذا أعلنوا يومًا عن مسابقة المسرحيات السخيفة معدومة الموهبة والمتجرئة فإنّها ستنال المرتبة الأولى (على الرغم من ذلك، أذكر الآن عدّة مسرحيّات تمّ تأليفها بين الأعوام 1921-1924، وبدأت أشكّ في الأمر…)، حسنًا، ليس المرتبة الأولى- فلتكن المرتبة الثانية أو الثالثة.
باختصار: بعد كتابة هذه المسرحية وُصمتُ بوصمة لا تمحى، وأملي الوحيد هو أن تتحلّل المسرحية في أعماق الوحدة الفرعية لقسم الفنون المحليّة. أما الفاتورة، فليأخذها الشيطان، يمكنها أن تظلّ هناك. كانت 200،000 روبل. مائة لي. مائة لغنزولاييف.
عُرضت المسرحية ثلاث مرات (وهو رقم قياسي)، ودُعي المؤلفان إلى المنصّة. خرج غنزولاييف وانحنى، واضعًا يده على ترقوته. وخرجتُ أنا متجهّمًا حتّى لا يعرف أحد وجهي في الصورة (تم تصوير المنصّة بالمغنيزيوم). وبفضل هذا التجهّم، انتشرت شائعة في المدينة بأنني ألمعيّ، ولكنّني مجنون في نفس الوقت. كان الأمر مزعجًا، لا سيما أنّه لم تكن هناك حاجة للتجّهم على الإطلاق: تمّ اختطاف المصور الذي التقط لنا الصورة وَنَقله إلى المسرح، وبالتالي لم يظهر شيء في الصّورة باستثناء بندقية وكتابة منقوشة: “تعيش …”، وخطوط مغبشة.
قضيتُ على سبعة آلاف في يومين، وبمساعدة ال 93 المتبقية قررت مغادرة فلاديقوقاز.
لماذا؟ لماذا بالذات إلى تيفليس؟ اقتلوني، حتّى الآن لا أفهم. على الرغم من أنني أذكر أنّهم قالوا إن:
- جميع المتاجر مفتوحة في تيفليس؛
- هناك، يتوفّر النبيذ؛
- الجوّ حار جدًا والفاكهة رخيصة؛
- هناك توجد صحف عديدة، إلخ …، إلخ.
قررت السّفر. وقبل كلّ شيء رزمتُ أغراضي. أخذت ممتلكاتي- بطانية، بعض الأثواب التحتيّة، ومُضرم لهب كيروسينيّ.
في عام 1921، كانت الأمور مغايرة بعض الشيء عما كانت عليه في عام 1924. على وجه الخصوص، كان هناك حظر على السفر على هذا النحو: أن تنهض وتغادر، الشيطان وحده يعرف إلى أين! فالمسؤولون عن السفر المدنيّ ظنّوا على ما يبدو ما يشبه الآتي:
“إذا شرعَ الجميع في السفر، فماذا سيكون الحال؟”
كان من الضروري إذن الحصول على تصريح. تقدمت على الفور بطلبٍ إلى الجهة المسؤولة، وفي البند الذي سئلتُ فيه:
“ولماذا تسافر؟”
أجبتُ بفخر:
“أسافر إلى تيفليس لإنتاج مسرحيتي الثورية”.
ثم خَتم الشاب التّصريح في مظروف، وسلّمنا أنا والمظروف إلى شخص ما معه بندقية وقال:
“إلى القسم الخاص”.
“لماذا؟”، سألت.
لم يُجِبني.
أشعة الشمس الساطعة (وهذا هو الشيء الوحيد الجيد في فلاديقوقاز) انعكست عليّ وأنا أسير على الرصيف، وعن يساري الرجل ذو البندقيّة. قرّر تسليتي بمحادثة وقال:
“سوف نقطع الآن البازار، فلا تفكّر في الفرار. لن يعود ذلك بالخير”.
“لو توسّلت إليّ لأفعلها، ما كنتُ لأفعلها”، أجبت بصراحة تامّة. وقدّمت له سيجارة.
وبينما كنّا ندخّن بأريحيّة، وصلنا إلى القسم الخاص. قطعنا الفناء بسرعة وتذكّرتُ كل الجرائم التي ارتكبتها. تبيّن أنّها ثلاث جرائم.
- في عام 1907، حصلتُ على روبلين وخمسين كوبيلاً لشراء كتاب فيزياء من تأليف كرييفيتش، وقد أهدرتها في السينما.
- في عام 1913 تزوّجت، خلافًا لرغبة أمّي؛
- في عام 1921 كتبتُ ذلك المسلسل الشهير في حلقات.
المسرحية؟ لكن، عفوًا، ربما لم تكن كتابة مسرحية جريمة على الإطلاق؟ بالعكس.
لفتًا لانتباه أولئك الذين لم يكونوا في القسم الخاص: هو عبارة عن غرفة كبيرة مع سجادة على الأرضيّة، طاولة كبيرة جدا، ثمانية هواتف بتصاميم مختلفة موصولة بخيوط خضراء وبرتقاليّة ورماديّة، وخلف الطاولة يجلس رجل صغير بزيّ عسكريّ ووجه لطيف. تيجان سميكة من الكستناء تطلّ عبر النوافذ المفتوحة. عندما رآني، أراد الجالس خلف الطاولة تغيير تعابيره اللطيفة إلى تعابير غير وديّة وغير لطيفة، وقد نجح جزئيًا ،فقط في ذلك.
أخذ صورة من درج المكتب وبدأ يدقّق فيها وفيّ.
“أوه، لا. هذا ليس أنا”، قلتُ باستعجال.
“كان بإمكانك أن تحلق الشارب”، أجاب السيّد بنبرة المتفكّر.
قلت: “نعم، ولكن لو نظرت عن كثب سوف ترى أنّ الرجل الذي في الصورة لديه شعر بصبغة تلميع الأحذية السوداء ويبلغ من العمر حوالي خمسة وأربعين عامًا. أما أنا فأشقر وعمري ثمانية وعشرون عامًا”.
“صبغة؟” سأل الرجل الصغير بتردّد.
“لكن ماذا عن البقعة الصلعاء؟ عدا ذلك، تأمّل الأنف. أتوسل إليك أن تتأمّل الأنف جيدًا”.
نظر الرجل الصغير إلى أنفي وأصابه الإحباط.
” صحيح. لا يشبه”.
ساد صمت، وشعاع الشمس ظهر في المحبرة.
“هل أنت محاسب؟”
“أعوذ بالله”.
صمت. وتيجان الكستناء. سقف منحوت. كائنات كيوبيديّة.
“ولماذا تسافر إلى تيفليس؟ أجب بسرعة، دون تفكير”، قال الرجل الصغير مندفعًا.
“لأعرضَ مسرحيّتي الثوريّة”، أجبته مندفعًا بالمثل.
فتح الرجل الصغير فمه، ارتدّ إلى الخلف، ولمَع في أشعّة الشّمس.
“هل تكتب المسرحيّات؟”
“نعم. مضطَرّ”.
“بلا مزاح. هل كتبتَ مسرحية جيدة؟”
كان هناك شيء في صوته يلمس قلب أيّ شخص، إلاّ قلبي. أكرر، أنا أستحق العمل الشاق. أِشحتُ بصري وقلت:
– نعم جيدة.
نعم. نعم. نعم. هذه هي الجريمة الرابعة والأخطر من بينها جميعًا. لو رغبتُ في البقاء نظيفًا أمام القسم الخاصّ، لتَعَيّن عليّ الإجابة على هذا السؤال كما يلي:
“لا. إنها ليست مسرحيّة جيدة. إنها زبالة. أريدُ فقط أن أسافر إلى تيفليس”.
نظرت إلى أصابع حذائي الممزق وسكتّ. تداركتُ نفسي عندما ناولني الرجل الصغير سيجارة وتصريح السّفر.
قال الرجل الصغير لصاحب البندقيّة:
“رافِق الكاتب إلى الخارج”.
القسم الخاص! انسَي الأمر! هل ترين، لقد اعترفت. أزلتُ عنّي عبء ثلاث سنوات. ما فعلته هنا هو أسوأ في نظري من التخريب، من الثورة المضادة، ومن سوء استغلال المنصب.
لكن انسَي الأمر!!!
II – الرحالة الأبديّون
يقولون إنّه في عام 1924، كان من السهل الوصول من فلاديقوقاز إلى تيفليس: تستأجر سيارة في فلاديقوقاز وتسافر على طول الطريق العسكرية الجورجية، وهي طريق جميلة على نحو استثنائيّ. 210 أميال فقط. ولكن في عام 1921، بدت كلمة “استئجار” في فلاديقوقاز مثل مفردة في لغة أجنبية.
كان من الضروري أن تسافر مع بطانية ومضرم لهب كيروسينيّ إلى محطّة القطار وتمشي هناك على طول الأرصفة، باحثًا في عربات الشّحن التي لا حصر لها. وأنا أمسح العرق، عند رصيف رقم 7 بجانب عربة مفتوحة، رأيت رجلاً يرتدي أحذية ينتعلُ شبشبًا وله لحية تشبه المروحة. غسل غلاية الشاي وكرّر الكلمة “باكو”.
“خذني معك”، طلبتُ.
“لن أفعل ذلك”، أجاب الملتحي.
قلت “أرجوك، لكَي أنتجَ مسرحية ثورية”.
“لن أفعل”.
حمل الرجل الملتحي الغلاية وقفز على لوح خشبي داخل عربة الشحن. جلست على بطانية بجانب القضبان الساخنة وأشعلت سيجارة. حرارة شديدة وخانقة ملأت الفراغ بين عربات الشحن، ورويتُ عطشي من الصنبور الموجود بجانب الطريق. ثم جلست مرة أخرى وشعرت بالحرارة الحارقة التي تبثّها عربة الشحن. أخرج الرجل الملتحي رأسه.
“عمّ تتحدّث المسرحيّة؟” سأل.
“ها هي”.
أبعدتُ البطانية وأخرجت المسرحية.
“هل كتبتها بنفسك؟” – سأل صاحب العربة دون ثقة.
“مع غنزولاييف”.
“لم أسمع به”.
“أنا بحاجة إلى الرحيل”.
“أتوقّع وصول اثنين، إذا لم يأتيا فعندئذ ربما سآخذك.” فقط لا ترسم شيئًا على لوح السرير الخشبيّ. لا تعتقد أنك إذا كتبت مسرحية بإمكانك أن تجرّب هنا أشياء مسلية. الطريق طويلة، ونحن أنفسنا من لجنة التربية السياسيّة.
قلت له: “لن أفعل” وشعرت بنسمة أمل في الحرّ الحارق، “يمكنني أن أنام على الأرضيّة”.
قال الملتحي الجالس على سريره الخشبيّ:
“هل معك زاد؟”
“معي القليل من المال”.
فكّر الملتحي.
“هذا ما سنفعله… سوف تقاسمنا وجباتنا في السّفر. لكن سيتوجب عليك أن تشارك في جريدة محطتنا. ماذا يمكنك أن تكتب في الجريدة؟”
“أي شيء تريدونه-” قلتُ مؤكّدًا واستحوذتُ على حصّتي من الطعام ومضغتُ القشرة الخارجية من الخبز.
“حتى المسلسلات ذات الحلقات؟ سأل، وكان واضحًا من وجهه أنه يظنّني كذابًا”.
“المسلسلات ذات الحلقات- تخصّصي”.
ظهرت ثلاثة وجوه في ظل الأسرّة الخشبيّة إلى جانب قدمين حافيتين. الجميع كان ينظر إلي.
“فيودور! يوجد هنا سرير خشبيّ شاغر. ستيفانوف لن يأتي، ابن العاهرة، قالت القدمان بصوت جهوريّ، سأدخل الرفيق كاتب المسلسلات”.
“حسنا، أدخله”، قال فيودور صاحب اللحية بتشتّت. “ماذا ستكتب؟”
“الرّحالة الأبديّون”.
“كيف ستكون البداية؟” سألت الأسرّة الخشبيّة. “هيّا اصعد إلينا لاحتساء الشّاي”.
ردّ فيدور قائلاً: “الرّحالة الأبديّون-ممتاز”، وخلع نعليه. “لو قلت فوراً إنّك تكتب المسلسلات ذات الحلقات بدلاً من جلوسك مدّة ساعتين على السكة. تعال انضمّ إلينا”.
تحلّ أمسيةٌ رائعة وضخمةٌ مكانَ النّهار الحارّ في فلاديقوقاز. أطراف المساء هي الجبال الزرقاء التي يتسجّى دخان المساء على جوانبها. قاع الكوب أرضٌ منبسطة. وعلى طوله القاع المترجرج، بدأت عجلات القطار تدور. الرّحالة الأبديّون.
وداعًا إلى الأبد، غنزولاييف
وداعًا فلاديقوقاز!