الكتاب الصوتي… هل يهدد عرشَ الورقي؟

إيهاب محمود الحضري

صحفي مصري

ويرى البعض في الكتاب الصوتي فرصة للقراءة وتوفير الوقت، حيث بإمكانك سماع كتاب ما وأنت في طريقك للعمل، أو قبل الذهاب للنوم، بدلًا من أن تمسك كتابًا بيديك، ربما تجد معه صعوبة ما، أو تتكاسل عن فعل ذلك، فضلًا عن التوفير المادي الكبير خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الكتاب وتدهور المستوى المعيشي للقراء بشكل عام.

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

11/11/2019

تصوير: اسماء الغول

إيهاب محمود الحضري

صحفي مصري

إيهاب محمود الحضري

في مجلة الهلال، وصحفي سابق بجريدة أخبار الأدب وكاتب بموقع المدن ومراسل لجريدة الحياة اللندنية

لم تكن الحالة القرائية بعيدة عن التطورات التكنولوجية الهائلة التي اقتحمت العالم في السنوات الأخيرة، حيث تغيرت الكثير من الثوابت والنظريات، وما كان بدهيًا بالأمس بات كلاسيكيًا اليوم، وأصبح القارئ لا يتحدث عن نيته لادخار المزيد من المال انتظارًا لمعرض الكتاب، أو من أجل زيارة بعض المكتبات لاقتناء كتبه المفضلة، ولكن تحول الحديث ليصبح على مستوى الكتب الـPDF، حيث بإمكانك أن تمتلك مكتبة إلكترونية كاملة على حاسوبك الخاص، تشغلك بضع جيجات لا تذكر، غير أن الأمر تطور أكثر مؤخرًا، وذلك بالتزامن مع انتشار الكتاب الصوتي، الذي اعتبره كثيرون بمثابة موجة قرائية جديدة، ربما تضرب القراءة الورقية في مقتل، في حين صنفها آخرون على أنها مستوى آخر من القراءة لا تعارض على الإطلاق بينه وبين الكتاب الورقي الكلاسيكي الذي لا يزال يحتفظ ببريقه وخصوصيته.

ويرى البعض في الكتاب الصوتي فرصة للقراءة وتوفير الوقت، حيث بإمكانك سماع كتاب ما وأنت في طريقك للعمل، أو قبل الذهاب للنوم، بدلًا من أن تمسك كتابًا بيديك، ربما تجد معه صعوبة ما، أو تتكاسل عن فعل ذلك، فضلًا عن التوفير المادي الكبير خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الكتاب وتدهور المستوى المعيشي للقراء بشكل عام.

ويتوقع البعض أن يحدث تعارض بين الكتاب الورقي ونظيره الصوتي، خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل تهديدات يتعرض لها الورقي منذ ظهور وانتشار الكتب الإلكترونية والتي أخذت بطبيعة الحال من جماهيرية الورقي وحضوره، غير أن فريقًا آخر يؤكد أن لا تعارض بين الاثنين، وأن كل منهما يسير في طريق غير الأخرى، وفي حين يعبر الكتاب الصوتي عن موجة قرائية سماعية، سيبقى الورقي معبرًا عن المعرفة والمتعة في شكلها الكلاسيكي القديم الذي لن يهزم أمام تغول التكنولوجيا وسطوتها ونجاحاتها الكبيرة.

الناشر شريف جوزيف رزق، مدير دار التنوير بمصر، يؤكد في تصريحات لـ”رمان” أنه لا يوجد أي تعارض بين الكتاب الصوتي والكتاب الورقي، لافتًا إلى أن الكتب الصوتية لا يمكن التعامل معها بنفس الكيفية التي يتم التعامل بها مع الكتب الورقية.

يوضح: “الكتاب الصوتي يعبر عن شريحة قرائية مسموعة، أنت هنا تتعامل مع الكتاب كأغنية أو مقطع موسيقي، وهناك نوعيات كثيرة من الكتب لا يمكن للقارئ أن يتفاعل معها ويستوعبها ويفهم ما ترمي إليه وهو يتعامل معها ككتاب صوتي، حيث إنها ربما تعبّر عن موضة جديدة، وهي موضة تناسب الكتب المسلية وبعض الكتب الأدبية أكثر من الكتب المتخصصة والتي تحمل أيضًا طابعًا أدبيًا عميقًا بعض الشيء.”

ويشير مدير دار التنوير إلى أن الكتاب الصوتي ليس سيئًا، وربما تكون له ميزة إيجابية وهي أنه قد يساعد شريحة معينة من القراء على الدخول إلى عالم القراءة والتواصل مع الكتاب وهو ما يصب بالنهاية في مصلحة الصناعة بوجه عام، ويطور من قدرات القارئ، ويضاعف أعداد القراء الذين سينتبهون لا محالة لأهمية وخصوصية الكتاب الورقي الذي لا يمكن الاستغناء عنه على الأقل في الوقت الراهن، وبالمعطيات الحالية، أما مستقبلًا فلا يمكن لأحد استشراف مستقبل الكتب الورقية نظرًا لخصوصية الموضوع ودقة الطرح.

وترى الناشرة نورا رشاد، المدير التنفيذي للدار المصرية اللبنانية، أن الكتب الصوتية لها ميزة كبيرة وهي أنها توفر على الناشر بمعنى أنها لا تحتل مساحة في المخزن، وبالتالي لا تحتاج للمزيد من الجهد من أجل تعبئتها وتخزينها وشحنها، وهو ما يكلف الناشر أعباء إضافية.

وتضيف رشاد في تصريحات لـ”رمان”: “أفضّل التعامل مع الكتاب الصوتي كنوع آخر من الكتب، كأنه وسيلة جديدة ليتواصل القارئ مع الكتاب، ومع الكاتب أيضًا، لكن المقارنة بينه وبين الكتاب الورقي لا أظن أنها تستوفي شروط المقارنة، لأن النوعين لا يمتلكان المقومات ذاتها، حيث إن الكتاب الورقي يحمل كل مواصفات الكتاب، أما الكتاب الصوتي فيعبر عن رغبة سماعية أكثر، وبالتالي يمكن تضمينه في فئات أخرى بعيدة عن الورقي، وهو ما يسقط هذه المقارنة أرضًا، ويجعلها غير موضوعية، كما أن الكتاب الورقي له باع طويل في السوق ولا يمكن المقارنة بينه وبين نوع جديد لا يزال يتحسس خطواته الأولى في الصناعة.”

ويقول الناشر فايز علام، صاحب دار “سرد للنشر”، إن الكتاب الصوتي له جمهور خاص، يختلف في ذوقه وتكوينه وأهدافه عن جمهور الكتاب الورقي، مؤكدًا أن هذا النوع من الكتب لا يزال في بداياته ولا يملك أحد المزيد من المعلومات حوله وحول طبيعته ومستقبله.

ويتابع فايز في تصريحات لـ”رمان”: “الموضوع حديث جداً. هناك شركات تعاملت معنا في خصوص إنتاج كتب صوتية، لكن النتيجة النهائية لم تصدر بعد، وبالتالي لا توجد لدي أفكار حقيقية تمامًا حوله، بل إنها متخيلة نوعًا ما، وأنا كقارئ لا تزال علاقتي بالكتاب الورقي هي الأصل، لأن الفعل الأساسي هو القراءة، أما عند الحديث حول الكتاب الصوتي، فإننا هنا نتحدث عن شيء آخر تمامًا، عن القراءة كفعل سماعي وليس عن القراءة بمفهومها الورقي الكلاسيكي المتعارف.”

ويوضح الناشر والكاتب أحمد مدحت، مدير النشر بدار “نهضة مصر”، أن الكتاب الصوتي حقق بالفعل قاعدة جماهيرية لا بأس بها، وأنها تخلق لنفسها كل يوم مساحات أكبر من ناحية الانتشار والتأثير ولعب أدوار في المنافسة مع الكتب الأخرى، كالكتاب الإلكتروني، والكتاب الورقي، رغم اختلافات كبيرة بين نوع وآخر.

ويتابع مدحت في تصريحات لـ”رمان”: “قرائيًا، لا يمكن المقارنة بين الكتاب الصوتي والكتاب الورقي، وربما أيضًا تكون المقارنة صعبة وغير محايدة إذا ما كان طرفاها الكتاب الصوتي والكتاب الإلكتروني، لأن من يقارن الإلكتروني بالورقي يقارن بين حالتين مختلفتين من القراءة، لكنهما يصبان في البحيرة ذاتها وهي القراءة، أما الكتب الصوتية فهي تعبر أكثر عن رغبة سماعية، وهنا تبدو المقارنة غير مجدية ولن تصل بنا في النهاية لنتائج كبيرة، ولذلك فإن لكلٍ جمهوره، وجمهور الكتاب الصوتي قد يلعب دورًا في تغيير معادلة القراءة في المستقبل القريب، حيث إن أكثر المنجذبين لهذا النوع الجديد من الكتب هم في الأساس إما شباب لا يزالوا في بدايات طريقهم مع القراءة، ووجدوا في الكتاب الصوتي وسيلة سهلة ومسلية ومغرية أيضًا بالقراءة، ولا ننسى أنها موفرة للغاية، والفريق الثاني هو هؤلاء المفتونون بالتكنولوجيا، الذين وجدوا في الملاذ والمأمن، ولا يتعاملون بغيرها، وهي عندهم أسلوب حياة.

كذلك الشباب من الفئات العمرية الأصغر التي تكبر يومًا بعد يوم في سياق تطورات تكنولوجية هائلة، ستفرض عليهم بعد فترة نمطاً حياتياً يكون الكتاب الصوتي جزءًا منهم، وكما تعودنا نحن على القراءة ممسكين الكتاب بأيدينا، مبتهجين برائحة الورق، سيتربى هؤلاء على الكتاب الصوتي، لتصبح القراءة لديهم، بمرور زمنهم، قراءة سماعية، ويصبح السؤال: سمعت كتاب فلان؟ بعد أن كانت: “قرأت كتاب فلان؟” وهو تطور ربما نشهده في المستقبل، وعلى كل حال فإن له مقدمات تحدث حاليًا، ورغم هذا ستبقى للكتاب الورقي خصوصيته، وتأثيره، ومريدوه، وربما يسير النوعان جنبًا إلى جنب دون أن يتغول أحدهما على حساب الآخر، ودون أن ينتقص أحدهما من جماهيرية وانتشار الآخر.”

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع