ليس لاسم فلسطين ملامح مكتملة، هي ليست تلك الخارطة المعلّقة على صدور أهلها وجدران بيوتهم. هي تلك ومنفاها معها، الشقّة الأخرى، على الطرف الآخر من العالم، كل ما هو خارجها، بدءاً من أقرب المخيمات إليها.
منفى فلسطين هو القميص مقلوباً، هو ليل الآخرين في نهارنا أو نهارهم في ليلنا، هو الوجه منه حتميّ البعد، هو الآخر المكمِّل.
كل العالم فلسطين: وطناً وشتاتاً.
ليست “رمان” مجلة من فلسطين بالمعنى المحدود المحدَّد لفلسطين، جغرافيتها المعرّفة بزمنين: ٤٨ و ٦٧. المجلة من فلسطين مادامت الأخيرة هي العالم: المنفى والمنفيّ عنها. هي لذلك فلسطينية. وتقلُّب الفلسطينيين بين الاسم والصفة منح لمعنى الانتماء عندهم فضاءً بحجم الكون. هذا الكوكب مقسوم عندنا إلى وطن ومنفى، وكلاهما، بتقابلهما، يكملان الاسم ويمنحان الصفة.
تكون “رمّان” بذلك مجلة فلسطينية بانتمائها إلى ليلٍ نهاره على أرض فلسطين وفي سمائها. تكون كذلك بانتمائها إلى منفى فلسطين، إلى الشق الآخر من هذا الاسم، الشق المشتَّت في العالم. هي مجلة منفى، دياسبورا، شتات، وهذه صفتها الفلسطينية، أو حصتها من اسم فلسطين.
تكون “رمّان” بذلك فلسطينية تامة، لكونها مجلة منفى، مجلة الدياسبورا الفلسطيني الذي احتوى الجغرافيا الفلسطينية التقليدية بالإنترنت. هي كذلك بموضوعاتها التي تطلّ بها على الوطن من السماء، كبووينغ 707 يطيّرها وديع حدّاد كطائرة ورقية (أو -للدقة- كدْرون) فوق سفوح الجليل، تمر عليها كحلم، كغيمة أخرى في سماء بدت، لحظة اقتحامها، كغيرها، صحراء من هواء وزرقة وبرودة.
“رمان” مجلة الدياسبورا الفلسطيني بموضوعاتها وهويّتها المشتتة خارجها وداخلها. فكما يتعدى اسمُ فلسطين حدودها التقليدية إلى كل العالم، يتعدى الدياسبورا الفلسطيني حدود العالم إليها. من هنا وهناك تأتي “رمّان”.
تدخل المجلة اليوم عامها الخامس، ستطلّ به على فلسطين كلها، وطناً ومنفى، أرضاً وسماء، وتكمل سرحانها، بين الغيوم متماهية معها، في فضاء الإنترنت. تطل عليها كمن يسلّم من بعيد، كمن يرسل قُبلة في الهواء، ينفخ عليها، يطيّرها كأنّها ستصل.
تصل، لأنه اعتقد ذلك، لأنّه فعل ذلك.
“رمّان” تصل، ستصل أكثر. ستَصفق يوماً العالمَ على بعضه، وتصير هناك.
سنمرّ يوماً الثقبَ الأسود… إليها.