نُشرت في elcultural في ١٧/١١/٢٠٢٠، وكتبها ألفارو فالفيردي.
في السنوات الأخيرة، كان من الشائع بين الشعراء سؤال يقول: “إلى من ستُقدَّم جائزة سرفانتس؟” الإجابة هذه السنة: “فرانسيسكو برينِس”. لهذا، وليس مفاجأة في أن تمنح هذه الجائزة المعتمدة لشاعر بلنسية البالغ من العمر 88 عامًا. نعم، لقد حان الوقت! هذا الاستحقاق كان منتظرا منذ فترة طويلة، دون الحاجة إلى انتظار انتهاء كل أعماله، التي تم جمعها في عام 1997 تحت عنوان ˮمقال الوداع“. في انتظار ديوان تم الإعلان عنه منذ فترة طويلة، أصدر الشاعر سبعة عناوين فقط: جمرات، مسألة سرد غير الدقيق، كلمات في الظلام، ليس بعد، إصرار في لوزبل، خريف الورود والساحل الأخير.
يجب أن نتذكر أنه ينتمي، لأغراض ديداكتيكية، إلى “مجموعة 50″، التي منحتنا شعراء جيدين، وبعضهم نال هذه الجائزة، مثل أنطونيو غامونيدا أو خوسيه مانويل كاباييرو بونالد.
بعيدًا عن التشابه بين الأجيال، كان برينِس، شاعرًا لسجلات متعددة وغنية ومتنوعة. يقول الشاعر المُتَوَّج: “إنني أحترم بشكل خاص، كشاعر وقارئ، ذلك الشِّعر الذي يمارَس برغبة في المعرفة، والشعر الذي يُحيي شغف الحياة. الأول يجعلنا أكثر وضوحًا، والثاني يجعلنا أكثر حدة”. بهذه “الثنائية المتناقضة” وفقًا لبيلار بالومو(Pilar Palomo)، يُناقَش شعره. شِعر يَنتسِب خورخي مانريكي، غارسيلاسو وكيفيدو ويصل إلى ماتشادو وخوان رامون (معلمه الأول) وسيرنودا.
من خلال “الكشف” (على حد تعبيره الخاص) نحصل، على سبيل المثال، على الشعور بالطبيعة (الذي شرحه جيدًا في مقالته عن جيل ألبرت). هذا الكشف نجده في القصائد الموجودة التي تتحدث عن إلكا Elca أو أوليفا Oliva (مسقط رأس الشاعر)، في منزله الريفي المحاط بالحدائق وأشجار البرتقال، مواجهة لبحر الكلاسيكيات، حيث يصل شاعرنا إلى أقصى درجات الشدة، وهو بقدر ما يقول الحد الأقصى في الشعر. الملاءَمة المثالية للمناظر الطبيعية والفكر يُسِّهل هذا العبور. الشاعر، متكئًا على الشرفة، عند الغسق، تحت النجوم وفي الليل، يتأمل. يفكر أو يعلم أن الوقت يفر بشكل لا يمكن إصلاحه. موقفه -موقف أخلاقي- متجذر في ذلك الفضاء المتوسطي المشترك. رِواقي، حتى اللحظة مُتشكِّك؛ بطريقة ما؛ أبيقوري. “يوناني في المنفى”، مثل بورخيس.
يولَدُ شِعر برينِس، كما شرح هو نفسه، من مزيج من الحدس (أو ˮالقدر التعبيري“) والفكر. النتيجة التي تحققت هيˮالوضوح الأقصى“ يطبق دائمًا معيار ˮثراء الكلمات“ في ˮدقَّتها“. من هذه اللعبة المحسوبة والعفوية، ينشأ شِعر لا نتردد في تصنيفه على أنه أصلي. وكل هذا من أجل برهان: إنه نتيجة الحاجة.
العمل الدؤوب الذي يقوم به فرانسيسكو برينِس يحطَّم أسطورة رامبو: فهو لا يفسد خلال نضجه؛ بل هو تطهُّر وتكثُّف. من ديوان ˮجمرات“ إلى ديوان ˮالساحل الأخير“ كان الطريق طويلاً. لقد أعطى لتأليف “مرثية واسعة النطاق” تم تطويرها من خلال النمو المستمر، مضيفًا الدوائر، (في وقت ما استخدم صورة دوائر متحدة المركز التي شكلها حجر أُلقي في الماء للإشارة إلى عمله الخاص)، ويمضي من خلال التغييرات، الإصرار بعناد وحتمي على نفس الديوان الذي يعيد كل شاعر كتابته مرارًا وتكرارًا. وأعتقد أن عمله يرمز إلى حلم ضوء لا يتوقف أبدًا. إلى التقاليد، الكلاسيكية في الحياة، يضفي صوته نبرة لا لبْس فيها. نفس الشيء كما هو الحال الآن، في النهاية، معترف به. الشخص الذي يحتفل به قراؤه، وليس جمهوره.
لوزبِل*، الملاك
أنا لم أتخلَّ عن العالم. وإن كان الجسد إبليس
أنا أحبُّه.
إنه أجمل ملاك،
مالِك لنفسِه،
لأنه عرف كيف يتخلّى على إلهه.
تمردُّه
لا يزال يمارسُه معي
وانا كذلك.
إنها ليلة الموسيقى
من المرتفعات.
السَّماء ترتجف
ونخترقها.
جسدي مهزوم
حسب العمر الملائم،
يُصبح مرجًا في النهر،
غروب الشمس ناعم جدا. وهو يسير بخطى سريعة. وأنا، مثل سيل أبيض،
ألِجُ شبابه
الأبدي،
أصير جميلا و نجسًا
مثله.
* لوسيفر (Lucifer) كلمة لاتينية تعني “حامل الضوء” مصطلح فلكي روماني يشير إلى “كوكب النهار”. كلمة لوسيفر ترجمة مباشرة للأصل الإغريقي الذي يعني “حامل الفجر”، والعبري هيليل الذي يعني “المضيء” ويحمل نفس المعنى الميثولوجي لسارق النار من أجل البشر، بروميثيوس.
حيث يتوفّى الموت
حيث يتوفّى الموت،
لأن للحياة وجودها فقط.
في هذه النقطة المُظلمة للّاشيء
التي تولَدُ في المخ،
عندما ينتهي الهواء الذي يُداعب الشفاه،
الآن حيث الرماد، مثل السماء الجريحة،
يخترق الضلوع بالصمت والألم،
هناك وداعٌ مع لا أحد، لا يخاطبُ أحدا،
ومنديل مبلَّل بالدموع يُرفرف في اتجاه السَّواد.
أُقبّل جسدك الذي لا يزال دافئًا.
خارج المستشفى، وكأنني مُحتضَنٌ بين ذراعيك،
طفل يرتدي حفاضات يشاهد النور يسقط،
يبتسم، يصرخ، وهذا العالم مسحور
الذي عليه أن يتركه .
أمّي، أعيدي لي قُبلَتي.