يطرح علاقة الجنس والمقدس في المشاهد الأولى من الفيلم

سورنتينو في جديده: ما بين اغتراب الشخصية وسحر المدينة

المنذر الدمني

كاتب من سوريا

مثيرة دائماً علاقة سارنتيو مع المدينة كيف يصورها بكل تناقضاتها التي تعكس تناقضات علاقة الشخصية بها، كيف يصور القسوة والرغبة والحلم واليأس والحب والجنس والخيبة والألم بصورة جميلة جداً. 

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

28/03/2022

تصوير: اسماء الغول

المنذر الدمني

كاتب من سوريا

المنذر الدمني

يُنتج باولو سورنتينو مخرج Youth وThe great beauty فيلمه الجديد مع نيتفلكس، ليكون تعاونه الأول مع المنصة، متابعةً نتيلفكس بذلك استراتيجيتها باستقطاب مخرجي السينما الكبار للعمل معها، فبعد إنتاج فيلم سكورسيزي The irishman، تنتج فيلم سورنتينو الجديد The hand of god. وقد يكون اختيار هكذا مخرجين للعمل مع نتفلكس تعبيراً عن توسع مساحة المنصات الإلكترونية على حساب صالات العرض خصوصاً بعد أزمة الكورونا وما خلقته من أساليب عرض لم يعد يطلق عليها مسمى “بديلة” بعد الآن، وهذا سيؤدي إلى تغيير أسس التلقي وآلية الصناعة، فماذا أثرت نيتفلكس على حكاية وآلية صناعة سورنتينو؟

التدخل الإلهي

“المستقبل”، هكذا ردت شخصية مارادونا المتخيلة في فيلم سورنتينو “شباب” عندما سُألت عما تفكر به، بدا مارادونا في الفيلم متعب سمين جاء لأخذ إستراحة في إحدى فنادق أوروبا، يقول: “المستقبل” وهو ينظر إلى شبابه، إلى ماضيه، إلى مجده وألوهيته، بينما تقوم مساعدته بتدليك قدمه يسرى. يسمي سورنتينو فيلمه الجديد “يد الله”، لقب مارادونا الذي يعبر عن قيمته الرمزية المقدسة بالإشارة إليه على أنه تدخل إلهي وليس مجرد لاعب عادي، حيث يقدمه سورنتينو بهذه الصورة من اللحظة الأولى ومع افتتاحية الفيلم: (“فعلت ما بوسعي، لا أظن أن مستواي كان سيئاً للغاية” دييغو أرماندو مارادونا، أفضل لاعب كرة قدم في التاريخ).

تتجلى ألوهية مارادونا في الفيلم بشخصية الشاب فابيتو حيث تقتصر أحلامه على قدوم مارادونا، وبشخصية العجوز ألفريدو الذي يهدد بقتل نفسه إن لم يأت مارادونا للعب مع نابولي، كما تتجلى ألوهية مارادونا بشخصية العجوز ألفريدو الذي يهدد بقتل نفسه إن لم يأت مارادونا للعب مع نابولي، لتكون علاقة مارادونا مصيرية مع الشاب فابيتو والعجوز ألفريدو، هو سحر البداية عند فابيتو وسحر النهاية عن ألفريدو، ولكن يراه فابيتو كبطل، يبحث في رمزيته عن ذاته ويفرغ طاقات المراهقة بتشجيعه والإيمان به، أما بالنسبة إلى ألفريدو فقد كان تدخلاً إلهياً رأى في قدومه قدوم مسيح جديد، كل ما يفعله هو من فعل الإله، هو يد الله على الأرض، يقرأ هذا العجوز هدفه مع الأرجنتين في كأس العالم ضد انجلترا، الذي سجله بيده، على أنه فعل سياسي، ثورة، انتقام لشعب الأرجنتين المقموع، هذا اليساري الماركسي الذي يلعب بقدمه اليسرى. كما أنه يعتقد أن مارادونا هو من أنقذ فابيتو من الموت، لأنه كان يلعب في المدينة وأراد فابيتو حضور المباراة فلم يذهب مع والديه يوم وفاتهما.

حضور مارادونا في فيلم حضور واسع محيط بالشخصيات والأحداث، كان حضوراً زمانياً أكثر منه حضوراً مادياً، كان ملمح من ملامح تاريخ المدينة في الثمانينات وهذا ما يدعو للتساؤل عن اسم الفيلم، فالفيلم لم يكن عن حياة مارادونا، فقد اختار سورنتينو أن ندخل إلى الفيلم ونتلقاه من لقب مارادونا بشكل خاص، ومن التدخل الإلهي في المدينة بشكل عام الذي يمكن أن يكون تدخلاً عبثياً فوضوياً أكثر منه تدخلاً سحرياً.

حكاية عن الذاكرة

يحكي الفيلم قصة الشاب المراهق فابيتو في مدينة نابولي خلال ثمانينات القرن الماضي، الفترة التي جاء بها مارادونا للعب مع نادي نابولي، يعيش فابيتو صراع بعد وفاة والديه إثر اختناقهما من تسرب غاز، إلى أن يجد في السينما الملاذ الذي سيخلصه من آلامه، مسافراً إلى روما ليلحق حلمه هارباً من مدينته.

كأغلب أفلام سورنتينو تدور الأحداث حول شخصية محورية (الشاب فابيتو) ولكن ما يختلف في هذا الفيلم هو أسلوب عرض عالم الشخصية وتقاطعها مع عوالم الشخصيات الأخرى، فـ بالمقارنة مع فيلميه الشهيرين “شباب” و”الجمال العظيم” التي تدور أحداثهما أيضاً حول شخصية محورية ولكن بالتوازي مع عرض عوالم الشخصيات الأخرى بطريقة نرى فيها ذواتاً مستقلة خلال سير الحكاية وتتابع الأحداث، وذلك يكمن في تفاصيل بسيطة ولكنها تُعطي تعقيداً مغرياً بالشخصية، سواء كانت شخصية صغيرة، كشخصية المدلكة في فيلم “شباب” التي تشرح لـ فريد بالنجر (الشخصية المحورية) كيف تؤمن بلغة الجسد أكثر من لغة الكلام، وبعدها نراها في نهاية الفيلم بلقطة سريعة ترقص وحدها في غرفتها، فنرى أحلاماً ورغبة وعلاقة معقدة ما بين عمل الفتاة وما تؤمن به وما ترغب به أن تكون.

أو كشخصية جار جيب غامبرديلا (الشخصية المحورية) في فيلم “الجمال العظيم” الذي يبدو لئيماً لا يريد أن يتحدث مع أحد ولكن نراه في النهاية وعندما يتم إلقاء القبض عليه بعد أن ينكشف أنه جاسوس، يبتسم لجيب ويقول له اسم الخياط الذي حاك له بدلته، فنرى تعقيداً وسؤلاً مهماً عن حقيقة الأشخاص الذين يمرون في حياتنا ولا نراهم إلا بشكل سطحي جداً كما رآه جيب. أو سواء كانت شخصية كبيرة كمخرج السينما مايك صديق فريد بالنجر الذي يتحدث عن قوة المشاعر ورغبته بصناعة فيلم جديد قبل أن يرمي نفسه من الشرفة وينتحر، أو شخصية راقصة التعري رامونا التي تعيش قصة حب مع جيب غامبرديلا ولكن بدون ممارسة الجنس وتُنهي هذه العلاقة بانتحارها أيضاً.

أما في فيلم “يد الله” لم يدخل سورنتينو في عوالم الشخصيات بشكل مستقل عن فابيتو، فكانت الشخصيات مجرد عناصر محيطة بالشخصية المحورية، وكيف يراهم فابيتو من عيونه، لتبدو الحكاية حكاية بسيطة، مقتصرة على رصد فترة الصيف التي غيرت حياته كل ما يوجد في عالم الفيلم  مجرد تفاصيل لـ كيف يراها هذا المراهق، وهذا ما جعل الفيلم أقل زخماً من باقي أفلامه. طبعاً لم يُقدم الفيلم بشكل ساذج ولا يمكن أن نقول حتى بأن طريقة تقديم الشخصية وعوالم الشخصيات الأخرى كانت نقطة ضعف، بل أخذت طريقة روي الحكاية شكلاً خاصاً مرتبطاً بالذاكرة، الذاكرة عن العائلة والمدينة ومرحلة المراهقة، الذاكرة عن الحدث الأساسي الذي غير حياة هذا الشاب.

دخول الذاكرة بخلق تفاصيل وشخصيات الفيلم يبدأ بتصوير مارادونا في الفيلم الذي كان حضوره حضور إلهي يحيط بالمدينة، كان هالة مقدسة تسيطر على أحلام الشباب وتعطيهم السحر الذي يحتاجونه في هذه المرحلة العمرية، هالة مقدسة تدخل إلى طقوس العائلة النابولية صانعة مجد جديد للمدينة.

كما دخلت الذاكرة أيضاً بحضور شخصيات العائلة الذي كان بطريقة مبسطة ثنائية البعد، كحضور شخصية الأب الشيوعي الذي يعمل في بنك حكومي، فيبدو بصورة الأب المحب لعائلته ولكنه على علاقة بامرأة أخرى، تسبب هذه العلاقة وجه العائلة البائس، تبدو الأم بصورة المرأة المرحة المحبة للمقالب، وتملك بؤسها الخاص بسبب علاقة زوجها السرية، أما الأخ يبدو الشاب الجميل الذي يحلم أن يصبح ممثلاً، نراه يذهب مع فابتيو إلى تجارب أداء تسحر فابيتو أكثر منه، والأخت المتواجدة في الحمام دائماً، التي تخبر فابتيو عن وجود طفل صغير أرغم الأب على إبقاء علاقته مع المرأة الأخرى، وأخيراً باتريسيا المرأة المثيرة، التي تبدو بصورة جميلة جداً، غير قادرة على الإنجاب، ونراها في بداية الفيلم مع القديس والراهب، هذه القصة التي صدقها فابتيو وحده بين الجميع. وطبعاً هناك أجواء العائلة المجتمعة التي تُظهر العائلة في حالة نوستالجيا ذات ملامح واضحة.

كان حضور الشخصيات وصراعاتها واضحة وسطحية، لأنها كانت مرتبطة بكيفية تلقي هذا الشاب للعالم وللشخصيات المتواجدة حوله، وهذا ما جعل من الحكاية حكاية بسيطة عن شاب عاش مأساة فردية غيرت وعيه وإدراكه تجاه العالم، ولعل بساطة الحكاية هي تأثير نتيلفكس على حكاية وصناعة سورنتينو جاعلة من الفيلم مادة أقرب للمواد التي تعجب جمهورها.

اغتراب الشخصية

يعيش فابيتو اغتراب اجتماعي واضح من بداية الفيلم، حيث لا أصدقاء له، تواصله الوحيد كان مع عائلته، أحلامه مقتصرة على قدوم مارادونا للعب مع نادي المدينة، مسحوراً بجسد خالته الجميلة مفرغاً فورة بلوغه ومراهقته بخيالاته معها. يتجسد اغتراب فابيتو أولاً ببعد حسي كونه لا يملك أصدقاء، يقضي يوم عيد ميلاده مع والده، لا يملك تواصل مع العالم الخارجي إلا مع أهله، فعندما شعر بتهديد لخراب العائلة عبر خيانة أبيه لأمه، أصابه انيهار عصبي هدد وجوده.

ينتقل اغتراب فابيتو إلى بعد أقليمي حيث يشعر باغتراب عن مدينته ولذلك يرغب وبشدة قدوم مارادونا إلى المدينة، حيث تعبر رغبته هذه عن شعوره غير الواعي بحاجة المدينة إلى أسطورة كـ مارادونا لتكسب الحياة في هذه المدينة معنى، باحثاً عن تفصيل حياتي يكسر اغترابه مع المدينة. ولكن وبعد قدوم مارادونا وبدأه بصناعة مجده ومجد المدينة، يموت والد ووالدة فابيتو إثر اختناقهما من تسريب غاز في منزلهما الجديد، ليكون هذا الموت العبثي هو اختناق فابيتو ذاته من هذه المدينة، تكتسب أسئلة المراهقة لديه طابع وجودي مليء بالألم فينتقل اغترابه إلى بعده الميتافيزيقي، فيرفض الواقع الذي يسبب له ألم كبير ويتجه باتجاه السينما المهرب الوحيد من ألم الواقع، حيث وجد فيها المكان الذي يمكن له صناعة ما يريد، مسافراً إلى روما هارباً من المدينة.

الجنس والمقدس والسحر

–        “إن كان عليك الاختيار ما بين مجيء مارادونا إلى نابولي ومضاجعة العمة باتريسيا، أيهما ستختار؟

–         ماردونا.”

يطرح سورنتينو علاقة الجنس والمقدس في المشاهد الأولى من الفيلم، بقدوم القديس جينارو إلى باتريسيا كـ ملاك من السماء، لديه حل لها لعدم إنجابها، تركب معه السيارة ليبدو لنا المشهد كـ مشهد التقاط عاهرة، تصل باتريسيا إلى الكنسية، وترى الراهب الصغير الذي يعطيها نقود، ويضرب القديس على مؤخرتها بحركة تبدو تحرش جنسي واضح، يقول بعدها القديس: “الآن يمكنك الإنجاب”.

لا أحد من العائلة يصدق هذه القصة التي ترويها باتريسيا، ما عدا فابتيو، حيث يشير لوالده بإمكانية أن ما تقوله حقيقي، ويقول لها في نهاية الفيلم بأنه صدقها، طبعاً دافع فابيتو لـ تصديق هذه القصة هي عفويته وسحره بجمال باتريسيا. حساسيته هذه هي المدخل إلى شخصيته التي تعيش اغتراباً على جميع الصعد لذلك يلجأ إلى السحر هرباً من الواقع، سحر مارادونا إله المدينة الجديد، وسحر باتريسيا التي تبدو كأيقونة مقدسة بعدسة سورنتينو، وصولاً لسحره في الفن وخصوصاً في السينما مؤثرة به جملة فليني: “السينما إلهاء عن الواقع، الواقع مقيت”.

بعد موت والديه، وبداية اختناقه، يتحول إلى شخص لا يستطيع البكاء، لم يعد مجد نابولي الذي يصنعه مارادونا يسحره، فيدخل بجدلية معقدة ما بين قسوة الواقع وسحر الخيال، يحاول إيجاد معنى وحياة بدخوله مغامرات مع مهرّب خارج عن القانون، يخوض تجارب ويتجول في المدينة، يشاهد المسرح و مواقع تصوير الأفلام مسحور بجمالية صناعة السحر الذي يفعله الفن.

إلى أن يصل إلى منزل البارونة (العجوز)، تدعوه إلى التطلع إلى المستقبل ونسيانه لوالديه، يرفض فابيتو هذا بشكل قاطع بغضب طفولي وألم كبير، إلى أن تمارس الجنس معه، وتدعه يدعوها “باتريسيا” ليشبع رغبته، تقوله له بعدها “هكذا أتممت مهمتي” يسألها فابيتو “ماهي؟” تجاوبه “مساعدتك للتطلع إلى المستقبل”، بعد ممارسته للجنس تبدأ شخصية فابيتو بالنضج يبكي للمرة الأولى، ويظهر هذا التحول في الشخصية مع المقطوعة الموسيقية الجميلة الهادئة التي تبدأ بعد انتهاء مشهده مع البارونة. وكأنه استطاع أن يدخل إلى عالم جديد بوابته كانت فرج البارونة، يسحره الجنس كما سحرته السينما ولذلك بعد أن يفقد عذريته،يسرح بخياله تجاه ما يريد فعله، ويدرك أن لا مكان له في هذه المدينة.

الهروب من المدينة والعودة إليها

تصل شخصية فابيتو إلى ذروتها في مشهد فريد من نوعه مع مخرج السينما كابوانو الذي انتفض واقفاً في صالة عرض محتجاً على رداءة الأداء في المسرحية المعروضة، خارجاً من الصالة غاضباً، يتبعه فابيتو مسحوراً بغضبه ويعرّفه بنفسه كـ معجب، يرد المخرج “بأنه يكره المعجبين، يجب أن يكون هناك صراع فبدون صراع لا يوجد إلا الجنس والجنس وحده لا قيمة له”، ويبدأوا بـ حوارية جميلة جداً تمثل صراع جيلين من الهزيمة، مفهومين مختلفين عن الحرية والألم متجولين في شوارع المدينة دخولاً إلى كهف وصولاً للبحر مع شروق الشمس، يبدو المخرج غاضب حر يفعل ما يريد، والشاب خائف مقيد يريد من المخرج أن يدله على الطريق إلى السينما، السينما التي يجب أن يُكلل صانعها بألم كبيرة وقصة تُروى (حسب ما يقوله المخرج)، يسأله المخرج بغضب شديد عن القصة التي يريد أن يرويها، يجيبه الشاب: “لم يسمحوا لي برؤيتهما” ويقصد والديه بعد وفاتهما، تتحول علاقة الشخصيتين عند وصولهما إلى البحر بشكل عكسي، ليبدو العجوز رجل مقيد بالمدينة يترجى الشاب أن لا يخرج منها، ألا يذهب إلى روما “الهروب العظيم” (كما يسميه)، والشاب قاسي يريد الخروج من هذه المدينة التي ضاقت به، يتعرى المخرج ويذهب ليسبح في البحر مع بزوغ الفجر، ليكون هذا التعري رمزية لتعري المخرج تماماً أمام الشاب برجائه الأخير بألا يخرج من المدينة.

أهمية هذه المشهد تتجسد بالصراع داخله، حيث جاء بعد ممارسة فابيتو للجنس، فالجنس وحده لا قيمة له، يكتمل نضج الشخصية في هذا المشهد، وتقدم على فعلها الأصيل الأول، (الخروج). وهنا لا بد أن نذكر فيلم “الجمال العظيم” الذي يتحدث عن جمال روما العظيم عبر حكاية الكاتب جيب غامبرديلا الذي جاء إلى روما في بداية حياته وأصبح يملك المدينة رمزياً عندما أصبح بالستين من العمر باحثاً عن الجمال العظيم لكي يعود للكتابة، فتبدو حكاية فيلم الجمال العظيم مكملة لحكاية فيلم يد الله.

مثيرة دائماً علاقة سارنتيو مع المدينة كيف يصورها بكل تناقضاتها التي تعكس تناقضات علاقة الشخصية بها، كيف يصور القسوة والرغبة والحلم واليأس والحب والجنس والخيبة والألم بصورة جميلة جداً. ينتهي الفيلم في اليوم الذي يفوز نابولي بالدوري الإيطالي بعد غياب طويل، في يوم احتفال المدينة، اليوم الذي قرر فابيتو فيه الخروج، نرى أخوه الذي كان يرغب بأن يصبح ممثلاً يتجاهل المستقبل ويصر أن يعيش ويستمتع، وأخته الذي كان في الحمام طيلة مشاهد الفيلم، تخرج أخيراً لتواجه هذا العالم بمفردها، أحرار  هم الآن بعد وفاة أهلهم، حرية ملعونة بالألم.

يحكي سورنتينو حكايته الشخصية من خلال الشاب فابيتو، حتى أنه صور الفيلم في حيه القديم، عاد سورنتينو إلى نابولي بعد أن أصبح مخرجاً مهماً ليحكي حكايته شاباً وهو يخرج من المدينة باحثاً عن هذا الحلم، وهذه كانت ثنائية سورنتينو المثيرة للاهتمام على صعيد الصناعة وروي الحكاية، فقد طرح ثنائيات الفيلم وتناقضاته بطريقة انفعالية على صعيد الحكاية ولكنها جميلة وهادئة على صعيد الصورة، لتمثل ذاكرة عجوز عن مراهقته ومجاوباً ذاته بفيلم سينمائي عن سؤال لماذا هربت من مدينتي، حيث حكايتي الأولى؟

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع