افتتح “أيام فلسطين السينمائية” دورته التاسعة بفيلم مها حاج «حمى البحر المتوسط»، الفيلم الذي نال جوائز استهّلها بـ “أفضل سيناريو” في تظاهرة “نظرة ما” ضمن مهرجان كان السينمائي بدورته الأخيرة، والذي سيمثل فلسطين في ترشيحات الأوسكار، هو الروائي الثاني لمخرجته، بعد «أمور شخصية» الذي استحق كذلك استقبالاً نقدياً عالياً كما هو حال فيلمها الأخير الذي تابعت فيه رسم خط سينمائي فلسطيني خاص بها. هنا تحكي لنا مها عن صناعة فيلمها الأخير وكتابته وتمويله، وعن شخصياته وقصته.
نبدأ من حيث استهلّ الفيلم مشوارَه، مهرجان كان وجائزة أفضل سيناريو. القصة والشخصيات، هل خطرت لك على دفعة أم دفعات؟ كيف أتت؟
أولاً أتت فكرة القصة، قبل ٥ سنين. نسيت تماماً ما مررت به في حينها. لمَ أتت؟ أو كيف؟ لا أتذكر. لكنها أتت وأحببتها. وصلتني في ذروتها تماماً كما تظهر في الفيلم. ابتسمتُ دون أن أعرف إن كانت ستصير تراجيديا أم كوميديا وما شكل القصة؟ لم أعرف. خطر لي أولاً الشخصية الرئيسية، وليد، لحقتها الشخصية التي ستساعدها في ما تسعى إليه، جلال، لم تكن شخصية جلال مكتملة، لكنها كانت مختلفة تماماً عن وليد. جلال يحب الحياة والخفّة وهو في دائرة إجرام، أما وليد فكان كل ما في حياته ثقيلاً عليه. كان مسلياً لي الكتابة عن كيف ستتفجّر العلاقة بينهما، وكم سيكون ذلك مضحكاً. لم أكن أعرف بدايةً أين ستذهب العلاقة بين الاثنين.
هما مختلفان ظاهرياً لكن إن فكّرنا فيهما وجدناهما متشابهين جداً من دواخلهما.
صحيح. نحن نكتشف لاحقاً كم الهشاشة الحقيقية عند جلال، وإن ظهر بداية كذكوري وغير مبالٍ، نكتشف كم هو قابل للانكسار. ذلك نلاحظه من الأول لدى وليد. وهذه الصداقة بينهما التي بدأت تتوطد مع الوقت، كان لتشابههما أساساً، وإن لم يكن ذلك واضحاً منذ البداية، حتى منذ بدايات كتابتي للسيناريو، لم أكن أظن أنهما سيتشابهان إلى هذه الدرجة.
قبل أن نرجع إلى السيناريو، لنبدأ هذه المقابلة في ما قبل الفيلم، في المشوار للوصول إلى تمويلات للفيلم. أظنه لم يكن سهلاً.
لم يكن سهلاً أبداً.
كيف بدأتِ بالخطوة الأولى لذلك؟
بدأت حين كانت لدي فكرة الفيلم. بالصدفة كنت في مهرجان نوتردام، والتقيت بجولييت وبيار، المنتجَين الفرنسيين للفيلم، عرضت الفكرة عليهما. لم نكن نعرف بعضنا لكن تم اللقاء وأخبرتهما بالفكرة التي لم تكن بعد مكتوبة. بالنسبة لي، تأتي الفكرة إلى رأسي، أحبها وأستحليها، لكني أقول إني ربما الوحيدة التي قد يحبها. عرضت الفكرة على المنتجين ولسمت اهتمامهم، فتحمّست لها وعدت إلى البلاد وكتبتها خلال شهر. المسودة الأولى للسيناريو كتبتها في شهر، لكن الفكرة كانت تتقلب في رأسي لمدة سنة. فلم تأخذ الكتابة وقتاً طويلاً وقد كانت الشخصيات والمشاهد جاهزة في رأسي.
هل من مشاهد منفصلة عن سياقها؟ مشهد أو حوار خطر لك ثم بحثتِ له عن مكان في السيناريو؟ أم أن المشاهد كلها تأتي متلاحقة عندك؟
كلها تأتي متلاحقة من حيث تسلسلها المنطقي وحبكة السيناريو، لكن أتذكر مشهدين كتبتهما مسبقاً، كتبت المشهدين ووضعتهما على جنب دون أن أعرف إن كانا سيدخلنا في القصة. أولهما المشهد الأول، مشهد الحلم. لم أكن أعرف إن كان سيجد مكاناً في الفيلم وأين. لكنه كان مَدخلاً إلى نفسية وليد وعقله المخربط. الثاني هو المشهد الذي يحكي فيه وليد وجلال عن شارع الجبل. كتبت هذا المشهد كذلك لوحده وأردت أن أجد له مكاناً. ومن خلاله تفهم الناحية السياسية في شخصية كل من وليد وجلال. هو يلخص الاثنين.
نرجع إلى التمويلات، أخبرتهم بالفكرة وأُعجبوا بها وبدأتِ بكتابة السيناريو.
نعم، بعد المسودة الأولى من السيناريو، بدأت مع المنتجين، ثم مؤسسة آفاق ومؤسسة الدوحة للأفلام، وبدأنا نبحث عن تمويل من مؤسسة ميتافورا ومن فرنسا وألمانيا وقبرص. منتج يجذب منتجاً، وهكذا تم الأمر. ثم أتانا فيروس كورونا وما لحقه. هنالك من يقول إن في الفيلم الكثير من المنتجين، لكني سمعت “لأ” أكثر مما سمعت “نعم” من المنتجين الذين قدمت لهم المشروع. من CNC و ARTE في فرنسا مثلاً، وكانت الـ “لا” هذه تحبطني لكني في كل مرة كنت أواصل البحث.
هل الصعوبة هذه متعلقة من ناحية لكونه فليماً فلسطينياً يحكي عن فلسطينيين وفيه مقولات فلسطينية سياسية واضحة؟ أو من ناحية ثانية، قالوا “لا” لأنه لم يكن فلسطينياً كفاية أو لم يجدوا فيه ما توقّعوه من فيلم فلسطيني؟
أرجّح السبب الثاني، لأنه ليس فلسطينياً كما يتوقعون. تحديداً لأن هذه الدول الأوروبية التي تريد الاستثمار في فيلم فلسطيني، بالنسبة لهم الفيلم الفلسطيني يأتي بنمط معين وجاهز، هو الحاجز والجندي والاحتلال بكل أوجهه البشعة، والمخيم والقتل وغيره. هذا كله موجود وموجع لكن لا يجب أن يحضر في كل فيلم فلسطيني حتى ينال الفيلم التمويل.
لا يتوجب أن نثير شفقة الناس تجاهنا لكوننا فلسطينيين.
تماماً. الأوروبيون يرفضون الاستثمار في فيلم يحكي عن الاكتئاب وهشاشة الرجال وصداقة الرجال، فهذا موجود في أوروبا. يقولون: لمَ الذهاب إلى فلسطين لسماع هذه القصص! كما أني لا أعطيهم البضاعة المطلوبة والمتوقعة مني كفلسطينية. أظن أن هذا هو السبب الأساسي. من ناحية ثانية لا ألغي السبب الأول، طبعاً يوجد في الفيلم مقولات سياسية معينة: القدس عاصمة فلسطين، الديانة فلسطينية، نسمي الشارع شارع الجبل لأنه كان كذلك قبل الاحتلال ولا يجب أن يتغير اسمه بسبب دولة صار اسمها إسرائيل، وغيرها مما يذكره الفيلم. قد تسبب هذه المقولات الحذر عند ممولين غير راغبين بإثارة غضب جهات ما.
في موضوع التمويلات، هل اقترح أحد عليك تمويلات إسرائيلية؟ أعرف أنك سعيت لتفادي هذه التمويلات، لكن هنالك من يقول إنك، كونك من الداخل الفلسطيني، تدفعين ضرائب وهذا التمويل حق لك.
من الأول رفضت الموضوع. أتذكر ما حصل معي في فيلم «أمور شخصية» بسبب التمويل الإسرائيلي، ولم يكن أمامي وقتها أي حل آخر، فكنت أمام خيارين، إما أن أنجز الفيلم بتمويل إسرائيلي أو أني لا أنجزه. إن لم أنجزه فلن يكون هنالك فيلم ثان وثالث ورابع. كان لا بد من المرور بذلك لإنهاء الفيلم الأول، رغم قناعة ذاتية وقتها بأني لن آخذ منهم تمويلاً في فيلمي الثاني. سمعت كثيراً من يقول إنك إن لم تستطيعي صناعة فيلم دون تمويل إسرائيلي فلا حاجة للفيلم. لا حاجة للاشتغال في الأفلام أساساً. للغرابة، سمعت ذلك من فنانين كذلك. أخذت القرار ودفعت ثمنه غالياً، المهرجانات العربية قاطعت فيلمي، حتى في مدن في الضفة الغربية لم يعرض الفيلم في أي مناسبة.
لكن لاحقاً، مع مرور الوقت، ما يُحكى عن «أمور شخصية» هو ما يمكن قوله عن أفلام مهمة أخرى في السينما الفلسطينية نالت تمويلاً إسرائيلياً كفيلم إيليا سليمان «سجل اختفاء». اليوم بعد مرور سنين، نقول إن الأفضل للسينما الفلسطينية أن يوجد هذا الفيلم وذاك وغيرهما، وإن بتمويل إسرائيلي، طالما لم يكن هنالك مفر، من أن لا يوجد الفيلم أساساً.
أوافقك. كان لا بد لـ «أمور شخصية» أن يمر بما مر به. والفيلم حقق نجاحاً فنياً في مهرجانات وعروض، وكان ذلك رصيدي للذهاب إلى أوروبا للقول إن عندي فيلم أول نال ما ناله من نجاحات وعلى أساسه أطلب تمويلات أوروبية. وفي موضوع الضرائب، نعم قيل لي إن هذا حقك وخذيه، لكني لست في هذا الوارد بالمرة. كان لا بد لإنجاز «أمور شخصية» أن أمر بتمويل إسرائيلي، وكان الفيلم في النهاية ما حررني من هذا التمويل في «حمى البحر المتوسط».
هل من تمويل فلسطيني لفيلمك الأخير؟ من حيث الوثائق والرسميات أقصد.
لا.
كيف استطعت إذن تمثيل فلسطين في المهرجان؟
لم يكن سهلاً، لكني أشكر المنتحين السبعة الذين وقفوا معي وطالبوا بذلك، إضافة إلى أن هويتي الوطنية فلسطينية. للفيلم حكاية ولغة وشخصيات فلسطينية. فأقنعنا القائمين على المهرجان.
نعود إلى الفيلم ذاته، لماذا اخترتِ حيفا مكاناً له؟
أنا أعيش في حيفا منذ أربع سنوات. هي مدينة لطالما أحببتها، ذلك غير جمالياتها من ناحية جغرافية وطبيعية. وفيها شيء حزين جداً. عندما أحكي عن النكبة والاحتلال، هنالك ثلاثة أمكنة في فلسطين تخطر لي وأراها في صوَر، حيفا ويافا وصفورية. كل فلسطين انتكبت طبعاً، لكن بالنسبة لي، الأكثر حضوراً هي هذه الأماكن، حيفا كانت مدينة بكل معنى الكلمة، وبعد النكبة ما الذي تراه منها اليوم؟ حي وادي الصليب ووادي النسناس الذي تحول إلى غيتو للعرب بعد النكبة. حزن ومأساة الفلسطينيين تتمثل في حيفا. وادي الصليب أنهيت الفيلم بصور منه، تكريماً له، لأنه مكان موجع إلى حد البكاء. هنالك ما هو حزين جداً في الفيلم، وأردت أن تكون المدينة حزينة على ذلك، والأنسب للتصوير كان وادي الصليب، وفيه أمكنة آيلة للهدم. فكان لدي رغبة في نوع من التخليد لها. وهي ملائمة لسوداوية وليد كذلك.
وليد وجلال، الفيلم يدخل في نفسيّتيهما ويغوص في حالة الاكتئاب، خاصة عند وليد. ونلاحظ ما يخرجه هذا الاكتئاب من سلوك وكلام. هل أو كيف حضّرتِ لذلك؟
يرجعنا السؤال إلى آخو هو “كيف أكتب؟” لم أحضّر. الحوارات تخرج تلقائياً. عملية الكتابة تأتي من أمكنة لا تدركها، من لاوعي معين ربما، من داخلك ومن خارجك، ومن عوالم أخرى. قد لا يكون ذلك دقيقاً لكنك تشعر به.
وتأتي ربما من ملاحظة وانتباه تجاه نفسك وتجاه الآخرين.
ممكن. كثيراً ما أكون صامتة لساعات طويلة في ضجيج وبين ناس كثر. أستقبل ما أراه وأسمعه، ما قد يخرج بشكل ما لاحقاً دون أن أدركه. لا أتكلم كثيراً في اللقاءات، أصمت أراقب دون تقصّد. السيناريو في النهاية خيال. القصة كلها من نسج خيالي وليست مبنية على قصص معينة. لذلك لم يكن هنالك تحضير أو دراسة عن الاكتئاب أو غيره، عن هذا المكتئب أو ذلك المجرم. هذه الشخصيات تعيش حولنا طوال الوقت، نلاحظها. لا أسماء لها ولا وجوه لكنها حولنا ونأخذ منها دون أن نشعر.
لماذا الاكتئاب لشخصية فلسطينية؟ وهذا موضوع رئيسي في الفيلم. هل هنالك علاقة للسياق الفلسطيني، خارج الحالة الشخصية لوليد. كونه ابن الـ ٤٨ وفي حيفا وفي حالة استعمار، ما علاقة ذلك باكتئابه؟
نحن جيل ما بعد النكبة والتروما، ما مر به أهلنا تشرّبناه نحن. ليس هنالك شخصية فلسطينية سليمة تماماً في نفسيتها. لا أعتقد أن أحدنا خالٍ من أزمة نفسية تسببت بها النكبة. والنكبة هذه لم تنته، نعيشها كل يوم. ٧٤ سنة النكبة في كل يوم منها، ونعيش نتائجها. وليد تحديداً، لأنه يشبهني، في كونه مسيساً ويحمل ثقل القضية على كتفيه وفي قلبه. لا يفتح التلفزيون ليشاهد الأخبار وينزعج لدقيقة ثم يكمل حياته كأنه لم يشاهد شيئاً، بل تبقى معه ومع كل فلسطيني ومعك هذه المشاهد، لو تذهب من بعدها لتسبح أو تطبخ أو تمضي مع أصدقاء. هذا كله يولّد الاكتئاب مع الزمن. فأخذتُ هذا الثقل إلى أقصاه عند وليد. سمحت لنفسي بكتابة الشخصية، في الذهاب بها إلى رد الفعل الأقصى، ما لا أفعله بنفسي ولا أريده لأحد. وليد بالغَ في رد فعله لكن المبالغة هذه لم تأتِ من فراغ، ولا من مشكلة يومية، بل من سنين طويلة. وليد في حيفا، وعندنا في حيفا حرية حركة، لكن في غزة لا يتمتعون بذلك، ولا في المخيمات خارج البلد، وفي الشتات، ولا في الضفة. لكل من هؤلاء ظروفه التي تسببت بها النكبة. وليد يحمل هم هؤلاء جميعاً وليس همه الشخصي كابن مدينة حيفا. واكتئابه ليس لوجعه الفلسطيني فقط. الفيلم إنساني كما هو فلسطيني، فأي مشاهدٍ من العالم يمكن أن يتماهى مع وليد وفي ما أدى إلى اكتئابه. سيفهم وجعه، كرجل لديه كل هذه الهشاشة.
طالما نحن في الشخصيتين الآن، لنحكِ عن جلال كذلك، المكتئب ولكن من جانب آخر. وذلك نراه في حوارات بين الاثنين. هو ليس أقل اكتئاباً ولكن يتعامل معه بشكل مختلف.
جلال يعيش حالة إنكار لاكتئابه ولا يعرف أصلاً أنه مكتئب.
ما الذي رآه كل منهما في الآخر لتُنبى هذه الصداقة بينهما؟
وليد يلف ويدور. لم يكن يحب جلال بداية، وقال إنه زنخ وفصح وثقيل دم. وحاول تجنب هذا الجار الجديد والمزعج وغير الواعي سياسياً. لكنه اكتشفه حين رأى أنه متورط في عالم الإجرام. فحاول التقرب منه لغاية في نفسه. السؤال هو لماذا جلال تقرّب من وليد؟ جلال شخصية طيبة وبسيطة وليست خبيثة، حياته واضحة، مجرم صغير، لديه عشيقة. وليد بالنسبة لجلال هو هذا الجار الكاتب، وهذه قيمة كبيرة عند جلال الذي أحب فكرة أنه يعيش جاراً لكاتب. فكل منهما تقرب من الآخر وأُعجب به بمعزل عن الاكتئاب.
ليس في الفيلم حضور إسرائيلي بصفته دولة احتلال ومؤسسات وغيره. هل تقصدتِ ذلك أم أنّ السياق تطلّب ذلك؟
لم يكن هنالك حاجة لوجودهم، الفيلم ليس عنهم. لم تكن القصة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكله التقليدي في الأفلام الفلسطينية. أردت أن أحكي عنّا نحن. وإن اضطررت، فإني اخترت في مشهد واحد، فيه الطبيبة، وكانت روسية. في معظم الأفلام الإسرائيلية لا وجود للشخصية الفلسطينية، أبداً. هم يستغربون، كُتبت مقالات في ذلك، تستنكر أن لا وجود لهم في الفيلم. لمَ أساساً لا بد أن يكون هنالك وجود لهم في قصة كهذه! اخترت أن لا أحكي عنهم، ببساطة.
يمكن أن يسأل فلسطيني السؤال ذاته: أين جندي الاحتلال العنيف؟ أين ما يدل على الاحتلال؟
للجميع الحق في السؤال، لكن لا بد من مشاهدة الفيلم والاستنتاج من بعدها. الاحتلال موجود لكن ليس في شكل مباشر وفي شخصيات، ولا يتوجب على كل فيلم فلسطيني أن يظهر الاحتلال والصراع الظاهري والمباشر معه. قد أكتب قصة لاحقاً تجري كلّها على حاجز، لا أحد يعرف. لكن لم تكن هنالك حاجة لذلك في هذا الفيلم وقصته، وأنا بطبيعتي أحب اكتشاف عوالم أخرى لا تقل فلسطينية عن أفلام فلسطينية موجودة.
في عرض مهرجان كان السينمائي، وجّهتِ تحيّة إلى روح الشهيدة شيرين أبو عاقلة، قبل العرض. كان يمكن لها أن تؤثر على رأي المحكّمين في الفيلم والجائزة.
كنت مدركة لهذا الاحتمال. لكني شعرت بالراحة أني أهديت الفيلم إلى روح شيرين، وكان لا بد من الاستفادة من هذه المنصة ليعرف العالم كله ما حصل، وهذا واجب علي كإنسانة وكفنانة.
عُرض الفيلم في أكثر من مهرجان ومناسبة، آخرها كان أمس، مفتتحاً مهرجان “أيام فلسطين السينمائية”، هل في هذا العرض ما يميزه عن غيره؟
أنا سعيدة جداً بهذا العرض وافتتاح الفيلم للمهرجان. توجد نكهة خاصة حين تعرض في بيتك. وبغض النظر عن مشاركة فيلمي، هذه الطاقة العالية للقائمين على المهرجان والعاملين فيه، وفي هذه الظروف الراهنة والتوتر في البلد، تزيد من قيمة عمل فريق المهرجان. هو عمل ضمن ظرف احتلال وضمن احتمال أن يُلغى كل ما تم الترتيب له، في أية لحظة. وبخصوص العرض، يبقى أجمل ما يمكن أن يمر به أي فيلم، وهو كذلك التحدي الأكبر له، أن يُعرض بين أهله وناسه.