تنقّل المخرج الفرنسي أوليفييه أسّاياس بين مهرجانَي كان وفينيسيا مرّات قبل أن يُدرج أول فيلم له في مهرجان برلين السينمائي. فبعد ٥ أفلام في كان، تخللتها ٣ في فينيسيا، أولها عام ٢٠٠٠ في المهرجان الفرنسي، وآخرها عام ٢٠١٩ في المهرجان الإيطالي، أدخل أساياس فيلمه الأول إلى البرلينالي، كأنه أول تردداته إلى هذا المهرجان بعد محاولات عدة في المهرجانين لم ينل فيها سوى “أفضل إخراج” عن Personal Shopper، و”أفضل سيناريو” عن Something in the Air، والحديث دائماً عن المسابقات الرسمية.
في فيلمه الجديد في البرلينالي، “خارج الزمان” (Hors du temps)، لا يبدو أننا أمام إنجاز جديد يستفيد مما سبقه من مسيرة المخرج السينمائية، لكن ذلك لا يحول دون لذّة ما في مشاهدة هذا الفيلم الحميمي بقدر ما يمكن أن تكون عليها فترة حجر صحي لشقيقين وشريكتيهما، وأحاديثهم المتتالية ويومياتهم الكوفيدية. يصفّ الفيلم إلى جانب غيره لأساياس أو في أسوأ الأحوال خلف بعض أفلامه التي ستمهّد -ربما- لعمل كبير يوماً ينتقل فيه المخرج المجتهد إلى صفوف أولى.
يحكي الفيلم عن الشقيقين، سينمائي وآخر موسيقي، الأول مهووس بالفيروس والآخر يجد الهوس مخاوف تسبب الإعلام بإفراطها. لا قصة تدور هنا، فقط يوميات الأربعة في الريف الفرنسي، هاربين من باريس في واحدة من فترات حجرها. يبنى الفيلم على مشاهدات المخرج، كما يبدو، في فترة الحجر، رتّبها وصنع منها فيلماً من دون أن تصنع قصة بالضرورة. جاءت المشاهد حميمية وعفوية ومسلية، في تعقيدات الاختلافات بين الشقيقين وبين عموم الشخصيات الأربع. أجملها كانت حين تمشّى مع شريكته في الغابة متمنياً، وقد تأقلم وأحبّ -كالكثيرين- حالة الحجر، أن يعيش معها كل حياته في حالة حجر من دون أن يعيشها العالم كله بالضرورة. سنعرف خلالها أنها المرة الأولى، منذ عاشا معاً قبل سنتين، يمضيان كل هذا الوقت حقاً معاً.
قد لا يغيب اسم المخرج الفرنسي إيريك رومير عن بال أحدنا أثناء مشاهدة أي فيلم ينحصر في الريف الفرنسي ويبنى على حوارات ويوميات، وحسب. الفيلم روميريّ بقدر كبير، إنّما، بخصوصية حالة الحجر التي أضافت، كذلك، حساً دافئاً في العلاقة مع الأخ من ناحية، ومع الشريكة من ناحية أخرى.