واضح تأثر البرتغالي ميغيل غوميز بالأدب، بل بالحكايات الطويلة، الممتدة. بان ذلك في فيلمه “ألف ليلة وليلة” (٢٠١٥)، باستطالتِه لساعات وفي أجزاء. هنا، في فيلمه المشارك بالمسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، كذلك بقي غوميز بالحكاية، وكذلك أطالها.
من العنوان، “جولة كبرى”، نخمن أن زماناً للقصة سيطول هنا، امتداد زماني ومكاني، فالفيلم يحكي عن رجل بريطاني، في الربع الأول من القرن الماضي، يطوف مدناً جنوب شرقي آسيا، من بانكوك إلى سنغافورة إلى غيرهما، تاركاً خطيبته التي قدمت إليه من لندن، وحيدة، لتبدأ هي في النصف الثاني من الفيلم بتتبّع طريقه ومحاولة إيجاده.
الفيلم المصور بالأبيض والأسود، بدخول، مقتطَع من السرد، لمشاهد ملونة من خارج الحكاية. داخلَ الفيلم بين أزمنة حديثة، راهنة، وأخرى من زمن الحكاية. كما يداخل بين راويَين، تبدأ المرأة تحكي عن خطيبها خلال مَشاهد رحلته، لتتبعها مَشاهد من رحلتها هي بكلام بصوت الرجل عنها.
في الفيلم الهادئ (Grand Tour) حكاية تُروى عن آخر، هي عن رَجلها أو هو عن امرأته. من هنا، من الصوت الخارجي غير المتعلق بالضرورة بالمَشاهد على الشاشة، استهل العنصر الأدبي حضوره، ليستمر على طول الفيلم، بصورة متقشفة، وبالأبيض والأسود، متوسطة في عمومها (اللقطة الأمريكية) لا مقرَّبة ولا مبعَّدة، أي أن لا تفاعل ضرورياً للشخصيات في الصورة القريبة، ولا سياق ضرورياً لجولتها في الصورة البعيدة، وذلك لسبب واحد كان تكفُّل الكلام بنقل الضروري، تعليقات وحوارات، ما جعل الفيلم البسيط والممتع، عملاً سينمائياً بروح أدبية.