تعتمد الأفلام السّيريّة على قصص شخصياتها، حياة الشخصية هي الأساس الذي ينبني عليه الفيلم. يكون بذلك، الفيلم، مبنياً على مادة غنية كافتراض أولي، وإلا ما الغاية منه؟
هنا، في الفيلم المشارك بالمسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي، “ماريا” (MARIA)، تحضر المادة المطلوبة وهي حياة واحدة من أبرز مغنيات الأوبرا في القرن العشرين، ماريا كالاس، الأمريكية ذات الأصل اليوناني. لكن المخرج التشيلي بابلو لاران اختار أن يصور “سيرة ذاتية” من الأسبوع الأخير من حياة كالاس. يوماً بيوم، في فيلم طويل نسبياً، ساعتان، فقلّت الأحداث وتكررت الأحاديث حد الملل.
للمخرج تجربة في الفيلم السّيري، تناولت أفلامه الأميرة ديانا وجاكلين كندي وبابلو نيرودا، وآخرها الديكتاتور التشيلي أوغستو بينوشيه، بعضها وبعض غيرها من أفلامه أفضل من جديده الذي أدّت البطولة فيه، أنجلينا جولي، اللامعة، والمقلة في أدوارها في السنوات الأخيرة.
في لاران أكثر من سبب ليتوقع أحدنا فيلماً ممتازاً عن نجمة نخبوية ككالاس، لكن حصر السيرة في الأسبوع الأخير اضطرّه الدخول أكثر إلى نفسية السوبرانو الاستثنائية، مروراً بعلاقتها المرتبكة مع خادميها من جهة، وكل من الطبيب والصحافي من جهة أخرى. أسبوع واحد من حياتها أوقع الفيلم في تكرار الحوارات وتحديد الأحداث، ولم يكن ذلك خدمةً لدخول أوسع أو أعمق في سيكولوجيا امرأة تتحضّر للموت، أو تشعر به يقترب.
الأسبوع هذا كان في باريس، وكانت المدينة في شكلها السياحي، كما كانت كالاس باريسية تماماً، لا نرى فيها هويتها اليونانية. كانت الشخصية أقرب إلى أنجلينا جولي، لسطوة حضور النجمة، أكثر من كونها إلى ماريا كالاس.
محزن أن يَخرج أحدهم بفيلم أقل في مستواه من، لا فيلم واحد سابق، بل من عدة أفلام كان تسارع خروجها، ربما، سبباً في هذا المستوى الذي رأيناه أمس في المهرجان الإيطالي.