في المهرجانات السينمائية الكبرى تحضر تظاهرة “خارج المسابقة”، وتكون لأفلام لا مكان لها في المسابقة الرسمية، إما برغبة من أصحاب المهرجان أو أصحاب الفيلم. وأفلام هذه الفئة لا تكون صالحة لمسابقات المهرجانات عموماً، تشمل أساساً أفلاماً تجارية بالمعنى الكبير للكلمة، بإنتاجات ضخمة، هوليوودية، تعتمد على النجوم والتأثيرات، وتبعث على كثير من الضجة السمعية والبصرية في الصالة.
من بين أبرز ما عرض في مهرجان فينيسيا السينمائي، ضمن هذه الفئة كان فيلم الأمريكي جون واتس، “ذئاب” (Wolfs). بعبارة واحدة: أهمية الفيلم تنحصر في نجومية بطليه، جورج كلوني وبراد بيت. من دونهما ليس في الفيلم ما يجعله خاصاً.
احتاج المهرجان المكثر من السينما الأمريكية ونجومها، حضور نجوم بحجم هذين، من بعد إضراب نقابة الكتاب والممثلين الأمريكيين العام الماضي وحؤول ذلك دون حضور لنجوم في مهرجانات. ولم تفوّت وسائل إعلام المهرجان الاهتمام الخاص بحضور النجمين. أما الفيلم بوصفه فيلماً، فهذا موضوع آخر.
الفيلم المناسب تماماً للعروض التجارية، وهو لأبّل بْلس، يحكي عن رجلين يقدّمان، كلاً على حدة، الخدمة ذاتها في مشاكل معقدة، كمقتل أحدهم ورغبة آخر في التخلص منه. وكل منهما لا يعمل إلا بمفرده كالذئب، لكن الظرف اضطرهما للعمل معاً.
سيشكل الرجلان ثنائياً في محاربة عصابات مخدرات، أجنبية طبعاً، ألبانية وأخرى تشيكية. ينتهي الفيلم بما يوحي بضرورة جزء ثان منه، ليخلق الفيلمُ ثنائياً مثالياً كأي أبطال سينمائيين أمريكيين، لا يُهزَم أو يموت من موسم وجزء إلى آخر، وقد يكون بداية سلسلة أفلام ناجحة تجارياً وتحديداً منصّاتيا، وكل هذا البُلشِت الأمريكي.
شاهدتُ الفيلم، بكل ضجيجه والصراخ المدوي لمشهده الافتتاحي، في عرض التاسعة صباحاً، بعد استيقاظ في السادسة للحاق بالقارب المتهالك والبطيء، الواصل من جزيرة سان ماركو إلى جزيرة ليدو.
أقول لنفسي إني ما كنت لأشاهد الفيلم في صالة السينما، في أي مساء كان لي فيه وقت زائد عن الحاجة، وكنت مرتاحاً ومتكاسلاً. كنت حتماً سأختار غيره. للساعة خلال المهرجان ثقلها، بين المشاهدة والكتابة والتجوال وغيرها، وإن كان لا بد أن يتندّم أحدنا على شيء في أي تجربة، مهما صغر، هي عندي هنا مشاهدة هذا الفيلم.
ليست هذه الأسطر نقداً لفيلم سيعجب الأغلبية، فيلم نجوم، وهو يبقى لطيفاً وخفيفاً بحسب مزاج أحدنا ووقته وطاقته. هو أولاً خارج المسابقة الرسمية وأنا أحاول التركيز في هذه التعليقات اليومية على أفلام المسابقة، وهو ثانياً أكثر غباء من الرغبة في نقده. هذه الأسطر نقدٌ لفعلتي في منح الفيلم فرصة لتغيير رأي أوّلي لي به، بمشاهدته.