دم الضحية أو «لو كنت حصاناً»

غسان كنفاني

كاتب من فلسطين

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

23/07/2017

تصوير: اسماء الغول

غسان كنفاني

كاتب من فلسطين

غسان كنفاني

يُعتبر أحد أشهر الكتاب والصحافيين العرب في عصرنا. فقد كانت أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية. ولد في عكا، شمال فلسطين، في التاسع من نيسان عام 1936، وعاش في يافا حتى أيار 1948 حين أجبر على اللجوء مع عائلته في بادئ الأمر إلى لبنان ثم الى سوريا. عاش وعمل في دمشق ثم في الكويت وبعد ذلك في بيروت منذ 1960، وفي تموز 1972 استشهد في بيروت مع ابنة أخته لميس في انفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين. أصدر حتى تاريخ وفاته المبكّر ثمانية عشر كتاباً. وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني. في أعقاب اغتياله تمّت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات. وتُرجمت معظم أعمال غسان الأدبية إلى سبع عشرة لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً، وتمّ إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة.

“لو كنت حصاناً لأطلقت رصاصة في دماغك!”

لماذا حصان؟ لم لا يكون كلباً، أو قطة، أو جرذاً، أو أي شيء آخر إذا كان من الضروري يكون حيواناً ليجوز إطلاق الرصاص في دماغه؟

منذ بدأ يعي معنى الكلمات – لا يذكر متى بالضبط – وهو يسمع هذه الجملة من بين أسنان أبيه. لقد كان غريباً حقاً لأن أباه كان الإنسان الوحيد في العالم الذي سمعه يتمنى لابنه أن يكون حصاناً، حصاناً فقط. أما الشيء الأكثر غرابة فهو أن أباه لم يكن يتمنى لأي إنسان آخر، مهما بلغ خلافه معه وغضبه عليه، أن يكون حصاناً!

حسب، بادئ الأمر، أن أباه يكره الخيل، يكرهها أكثر من أي شيء آخر في العالم كله، وأنه لا يقول لأحد من الناس: “لو كنت حصاناً لقوّستك” إلا حين يبلغ به الغضب كل مداه. وكان يحسب، بادئ الأمر أيضاً، أن أباه لا يكره إنساناً في العالم كله كما يكرهه هو، ولذلك بالذات لا يقول أبوه لأي إنسان عداه: “لو كنت حصاناً لقوّستك.”

ولكن الأيام ما لبثت أن جعلته يستبعد هذا الاعتقاد السخيف كلياً. ذلك أنّه اكتشف أن أباه يحب الخيل، وأنه كان في يوم مضى ذا خبرة واسعة في هذا المجال، وأنه لم يهجر الخيل إلا لما هجر الريف.

في مرة واحدة فقط كان أبوه، على غير العادة، مرحاً بشوشاً. فانتهز هو الفرصة واندفع قائلاً: “لماذا تتمنى أن أكون حصاناً حينما تشتد بك رغبة التخلص مني؟”

فقطب أبوه حاجبيه فجأة، وأجاب بصوت رصين: “أنت لا تفهم هذه الأمور. هنالك حالات يصبح قتل الحصان فيها عملاً ضرورياً ومفيداً”.

“ولكنني لست حصاناً!”

“أعرف… أعرف… لهذا أتمنى أحياناً لو خلقك الله حصاناً”.

قال أبوه ذلك ثمّ دوّر كتفيه العريضين ومضى. ولكنه خطى واعترض طريقه، فوقف. ونظر أبوه إليه بإمعان وقاسه بعينيه الحادتين. وحاول هو عبثاً أن يعرف ما يجول في خاطر أبيه.

– “أتكرهني إلى هذا الحد؟”

– “أنا لا أكرهك”.

– “إذن ماذا؟”

– “أخاف منك”.

وساد صمت قصير خلّى بعده بين أبيه وبين الطريق. وحينما كان الأب يدور حول حنية السلم العريض أحس هو كم يحب والده، ذلك الشيخ المسكين الذي عاش معظم حياته وحيداً متوحداً. لقد شغل صباه بالخيل، ولكنه ما لبث أن هجر كل شيء فجأة.

كانت زوجته قد ماتت بعد أن وضعت له ابناً حمله معه إلى المدينة. باع كل خيوله وكل المروج التي كان يطلق فيها العنان لها – خيوله “سمرة” و”بيضا” و”برق” و”سبع”. لماذا فعل أبوه ذلك؟ ما خطر له يوماً أن يسأله، ولو فعل لما فاز بالجواب. إنه يعرف أباه تماماّ، ويعرف أن الماضي بالنسبة إليه صندوق من الخشب السميك، أغلق بألف قفل، ثمّ القيت المفاتيح في عتمة المحيط.

شغلته القصة مرّة، فقرر أن يكشف عن خباياها في أول فرصة.

وذهب والده إلى الريف ليزور من تبقى هناك من الصحب والأهل، فصعد إلى غرفته التي لم يطرقها إلا قليلاً. ولأول مرة انتبه إلى وجود ذلك العدد الكبير من الصور التي تزين الجدران – صور خيول جميلة حقاً. وأدخل سكيناً في مفصلة الدرج وفتحه، ثمّ سحب دفتراً ذا غلاف جلدي أسود، وغاص في المقعد.

كانت خيبة الأمل كبيرة. ليس ثمة في الكتاب ما يفيد. كله أرقام وأثمان وأسماء أنساب. أثمان خيل اشتريت وبيعت، وأنساب خيل تمتد إلى مئة ومئات من الأعوام. فقط جمل مقطعة مكتوبة في حواشي الدفتر بلا اهتمام، كأنها شرود إنسان حالم.

“20/4/1929 – قالوا لي أن أبيعه أو أن أقتله”.

وقلب الصفحات باهتمام فقد خيل إليه أنه قد أمسك بطرف الخيط، وكان يخاف أن يفقده.

“1/12/1929 – إنه أحسن ما عندي، ولن أفرط به. ما زالوا ينصحوني بأن أقتله أو أن أبيعه”.

“20/3/1930 – هذه خرافات مزعجة. “برق” هو أروع حصان شهدته في حياتي وأهدأ حصان سمعت عنه. لن أقتله”.

وفي الصفحة الأخيرة كانت يد مرتعشة قد خطت الجملة الأخيرة في تلك اليوميات العجيبة:

“28/7/1930 – ألقاها عن ظهره بوحشية على شاطئ النهر ثم حطم جمجمتها بحوافره ومضى يدفعها بقائمتيه الأماميتين حتى أسقطها في النهر. أطلق أبو محمد الرصاص في دماغه”.

قال أبو محمد: “الحصان كان يجب أن يقتل عندما ولد… في نفس اللحظة التي سقط فيها على القش. إن قتل الحصان بعد ذلك يصبح أمراً صعباً للغاية. الحصان حينما يعيش معك سنة وسنتين وثلاث سنين يصبح أخاً وأكثر من أخ. هل يقتل إنسان أخاه؟ أبوك، سامحه الله، لم  يقبل، وقال إنه أجمل حصان رآه. قلنا: “دائماً يكون هذا النوع جميل للغاية، ولكن هذا يجب أن لا يغش”. قال: “ولكنه حصان أصيل!” قلنا: “سوف يجعلك تخسر أكثر من ثمنه”. أبوك، سامحه الله، رجل عنيد. لم يقتل الحصان ولم يبعه ولم يتخلص منه. قلنا له: “يا أبا إبراهيم، على الأقل لا تعتل صهوته”.- ولكنه، سامحه الله، لم يسمع!

“أنت لا تذكر أمك. كانت امرأة جميلة ومحبوبة، وكان أبوك، سهل الله له، يحبها حباً مجنوناً. لم نر في كل هذا المرج من أحب زوجته مثلما أحب أبوك؟ لقد كانت هي، رحمها الله، على شيء كثير من الجمال والفطنة، عاش معها على ما أذكر سنة واحدة وضعتك في أواخرها قبل أن يطوّح بها الحصان على حافة ذلك النهر.

“تسأل لماذا كنّا نريد أن نقتل الحصان؟ هذا سؤال صعب يا بني. هذا سؤال لا يستطيع أن يجيب عليه سوى ذوي الخبرة والمعرفة، ولا يستطيع أن يفهم الجواب سوى ذوي الخبرة والمعرفة. أنا رجل عجوز. لماذا لا تسأل غيري؟

“أبوك لا يكرهك. أبوك يخاف منك. منذ كنت طفلاً لا تقوى بعد على حمل حجر صغير كان أبوك يخاف منك. ولو كنت مكانك لما سألته لماذا”.

لماذا يخاف منه أبوه؟ لماذا أبوه فقط؟ كل رفاقه في المستشفى يعرفونه إنساناً مسالماً وديعاً. لم يقتل في كل عمره بقة واحدة. لماذا لا يخاف منه أي إنسان سوى والده؟ لماذا لم يخف منه أي من المرضى الذين استسلموا لمبضعه وهم في غاية الطمأنينة؟ وجهه لا يحمل أي تعبير يبعث على الخوف، فلماذا يخاف منه والده؟ ولماذا والده من دون كل الناس؟

وذات ليلة طفح الكيل!

كان ينام في غرفته حينما سمع صيحة ألم حادة تنبعث من عرفة والده. فانطلق يصعد الدرج ثم اقتحم الباب ليرى والده يتلوى فوق السرير. ولم يحتج إلى وقت طويل كي يكتشف أن التهاباً حاداً في الزائدة يعذبه، وأنه قد يفجرها بين لحظة وأخرى.

وفيما كان الممرضون يقتادونه فوق الحمالة إلى غرفة العمليات، قال الأب مستفسراً: “من الذي سيجري العملية؟”

وأتاه الجواب من أحدهم: “أحسن جراح في المدينة كلها… ابنك”.

وانتفض الشيخ فوق الحمالة بعنف، وحاول أن يتخلص من الأيدي الممسكة به. ولما فشلت المحاولة بدأ يصيح بكل ما في وسعه:

– “أي طبيب آخر، ولكن ليس ابني… أي جزار آخر، ولكن ليس ابني”.

– “لماذا؟ إن آلافاً من العمليات مرت تحت أصابعه بنجاح!”.

وتشنّج فوق الحمالة. كان الألم والرعب يأخذان معاً بخناقه، وصاح وهو يقاوم الغيبوبة بعنف:

– “سوف يقتلني… سوف يقتلني…”

– “أي هراء سخيف!”

– “هراء أو غير هراء… لا أريد أن يدخل ولدي غرفة العمليات حتى ولو أراد أن يتفرج… لا أريده هنا”.

كان من العبث أن يستمر النقاش، فهو يعرف والده أكثر مما يعرفه أي إنسان آخر. ولذلك فرش ذراعيه مستسلماً وعاد أدراجه إلى غرفة الانتظار.

قال الطبيب الذي أجرى العملية: “صدقني كانت عملية والدك أصعب عملية أجريتها في حياتي. يبدو أن التخدير الموضعي قد أثر عليه فانطلق، طوال العملية، يثرثر!

“حكى والدك أشياء مضحكة لا يفهمها الشيطان نفسه! قال إن أبا محمد – ولست أدري من هو هذا المخلوق – إنسان محايد، لا عاطفة عنده، لذلك يستطيع أن يقتل حصاناً، على حين أن مالك الحصان لا يستطيع أن يفعل ذلك!

“كنت أود أن تسمع كم يجيد والدك الحديث عن صباه. حكى عن أمك وعن جمال أمك. وهنا بكى قليلاً – ربما بتأثير روائح الكحول التي انبعثت في الغرفة – ثم قال  إنه يتحمل مسؤولية موتها مع “برق” بالمناصفة. من هو برق هذا؟

“وحكى والدك أيضاً عن حصان كان عنده منذ ثلاثين سنة. لقد ولد في ليلة عاصفة من أم أصيلة وأب صحراوي جلبه بدوي معه من قلب البادية. كان أجمل حصان في العالم – في نظر أبيك. كان ذا لون أبيض فضي صاف لا تشوبه أية شائبة. قال أبوك إنه لما رأى الحصان، قفز فوق الحاجز – وصف ذلك بدقة متناهية – وحاول أن يوقف الحصان على قوائمه. ولكن ما أن وقف الحصان حتى لاحظ الجميع أن بقعة كبيرة متعرجة من اللون البني الميال إلى الاحمرار تشغل كل جنبه الأيمن. قال أبوك إنه أعجب بهذه البقعة لأول وهلة، ولكن أبا محمد ما لبث أن صاح من وراء الحاجز: “يجب أن يقتل هذا الحصان فوراً” وسأله أبوك حانقاً: “لماذا؟” فأجاب أبو محمد: “ألست ترى بقعة الدم هذه؟ هذه البقعة معناها أن الحصان سوف يكون سبباً في مصرع إنسان عزيز. إنه يحمل دم الضحية معه منذ ولادته، ولذلك يجب أن يقتل قبل أن يشتد عوده!”

“أراد أبوك، كما قال، أن يحطم الأسطورة فلم يقتل الحصان. قال إن الحصان كان سهل الركوب، وكان مطواعاً ذكياّ، وإنه عاش في حظائره فترة طويلة دون أن يؤذي ذبابة”.

“لقد صمت أبوك هنا واستسلم إلى الرقاد. أتريد الحقيقة؟ فرحت بصمته أكثر مما فحت بقصته. هذه الخرافات اجتذبتني حتى كدت أضيع تركيزي، ولذلك عاد العمل إلى نصابه لما صمت!

“هل سمعت عمرك عن مثل هذه الأسطورة؟ هل سمعت عن الحصان الذي يحمل دم ضحيته على عنقه منذ الولادة؟ أبوك حكى عن ذلك بإيمان صوفي، وأنا أعجب… ألم تناقش أبداً في أمر هذه الخزعبلات؟”

كانت الشمس على وشك أن تشرق حينما انطلق عائداً إلى داره. كان حديث زميله الطبيب ما زال يدور في رأسه.

إذن هذه هي القصة. هذه هي قصة الكراهية التي يحملها له أبوه منذ ثلاثين سنة. لذلك بالذات يخاف منه أبوه، ولذلك يتمنى لو كان حصاناً… يطلق رصاصة في دماغه!

هذه هي القصة إذن!

البقعة البنية، الميالة إلى الحمرة، والتي تشغل متعرجة جزءاً كبيراً من جنبه الأيمن وظهره… بقعة، كتلك التي شغلت جنب برق، دم الضحية، كما تقول الخرافة… البقعة التي قال له فتاته يوماً وهي تداعبها: “أكبر شامة رأيتها في حياتي – ولكن لماذا تميل إلى الاحمرار كأنها بقعة دم؟” هذه هي إذن! أبوه المسكين يخاف لأنه يحمل منذ ولادته دم ضحيته على جنبه، كما حمل برق دم أمه سنوات قبل أن يلقيها ويحطم جمجمتها ثم يدفع بها إلى النهر.

هذا إذن ما عذب أباه ثلاثين سنة، وهذا ما جعله يتمنى لو كان ابنه حصاناً كي يكون له حق إطلاق رصاصة في دماغه!

أسطورة سخيفة تقضي على حياة الناس. سخف عاش فيه أبوه ثلاثين عاماً. سد من الرعب قام بين الأب وابنه. لماذا؟ لأن أبا محمد لا يعرف التفسير الطبي البسيط الذي يكمن وراء هذا اللغز المحيّر… بقعة بنية ميالة إلى الاحمرار… لأن أباه…

وقف فجأة في منتصف الطريق وفكر:

“أبي، أبي حاول أن يقضي على هذه الأسطورة. أراد أن يتحدى الخرافة. فماذا كانت النتيجة؟ يبدو أن أبا محمد هو الذي انتصر. لقد خسر والدي المعركة وكان الثمن باهظاً.

“بقعة بنية تميل إلى الاحمرار. نحن نعرف تفسيرها، ولكننا لا نعرف لماذا هي هنا وليست هناك… أليس من الممكن أن تكون علامة؟ علامة من نوع ما؟ لقد قال أبو محمد إن أمي كانت تجيد ركوب الخيل وتجيد معاملتها. لماذا قتلها برق إذن؟ لماذا أصر على تحطيم جمجمتها ثم دفعها إلى النهر بلا سبب؟ لماذا هذا الإصرار على قتلها؟

“أبو محمد كسب المعركة، وأبي المسكين خسرها وخسر شبابه معها. ولكنه، أبي المسكين، يخوض معركة أخرى الآن – معركة معي. من منا سيكسبها؟”

سار قليلاً، ثمّ عاد فوقف. كان خاطر مرهق قد انفجر في رأسه!

“سلمت الجراحة لذلك الطبيب الثرثار لفضولي بملء إرادتي… لمجرد أن هذيان المريض قد آلمني. أيكون قد قتله باهماله وانصرافه إلى الاستماع؟ إذا كان قد فعل، فالقاتل أنا. كان بوسعي أن أجري العملية على أكمل وجه، ورغم أنف العجوز المسكين. ما الذي ارتكبته أيها الغبي؟”

وقف هنيهة، ثم استدار وأخذ يركض عائداً إلى المستشفى. كانت الشمس قد بدأت تشرق، وكان يقرع بلاط الشارع المبلول بقدميه الكبيرتين فيرجع الصدى كأنه خبب حصان.

نُشرت في مجلة «أصوات»، العدد ٢، ١/إبريل/١٩٦٢

ونُشرت في مجموعة «عالم ليس لنا» بعنوان «لو كنت حصاناً»

الكاتب: غسان كنفاني

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع