في الثامن عشر من آب/أغسطس 2018، قبل يوم واحد من اليوم العالمي للتصوير الفوتوغرافي، قام المصور الصحفي والفنان أسامة السلوادي، بتوقيع كتابه “رام الله: الصورة والحكاية” الذي قام بنشره برعاية بلدية رام الله، وذلك بعد عشر سنوات من إصدار كتاب مماثل عن مدينة القدس.
أسامة السلوادي، إعلامي ومصور صحفي مثابر ومثقف، عمل مع وكالة الصحافة الفرنسية لمدة أربع سنوات، أصيب بعيار ناري خلال تغطيته للأحداث اليومية في مواجهة الاحتلال.
في السابع من تشرين الأول عام 2006، أصيب السلوادي برصاصة طائشة في مدينة البيرة أورثته شللاً نصفياً في الأطراف السفلى، لكنه استمر في النضال الفوتوغرافي على كرسي متحرك، وكان له دور في توثيق عدد من اللقطات الهامة التي عرفت عربياً وعالمياً.
كتاب “رام الله: الصورة والحكاية“، كتاب فوتوغرافي يوثق لمرحلة مهمة من حياة مدينة رام الله، وهو الكتاب الحادي عشر للمصور الفنان، وقد قال السلوادي عن نتاجه من الكتب أنها أحد عشر كوكبا، تيمناً بالكواكب التي رآها يوسف النبي عليه السلام في منامه تسجد له مع أمه وأبيه، يتضمن الكتاب مجموعة الصور التقطها السلوادي خلال مشواره المهني في رحلته مع الكاميرا من الانتفاضة الأولى والثانية مروراً بالاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية عام 2002، ثم يستعرض الحياة اليومية والثقافية، والأكلات الشعبية والطبيعة.
ويعتبر الكتاب، وفق ما أعلن عنه، جزءاً من مشروع بلدية رام الله الثقافي، تحدث عنه السلوادي، وشكر كل من عمل معه ليصبح الكتاب بين أيدي الناس، فذكر في صفحته على الفيسبوك كلاً من شادي درويش ومرام طوطح وأحمد أبو لبن.
من الجدير بالذكر أن السلوادي، قد ساهم في إرسال الثقافة والصورة الفلسطينية إلى العالم، وشارك في العديد من المعارض المحلية الفلسطينية ثم العربية في الأردن ومصر والإمارات ثم عالمياً في إيطاليا والولايات المتحدة وفرنسا، ونشر في مجلتي تايم ونيوزويك، ثم نشرت له مجلة ناشيونال جيوغرافيك-النسخة العربية، صور فتاة فلسطينية اسمها رناد حتاوي، بالثوب الفلسطيني التقليدي قبل عشر سنوات، ثم أصبحت حتاوي جزءاً من مشروع آخر للسلوداي لتوثيق الزي الفلسطيني الشعبي بعنوان “ملكات الحرير”.
ثلاثة وعشرون عاماً، والسلوادي يحمل الكاميرا، حتى عندما أصيب، واضطر إلى الجلوس، كان جلوساً للمحترفين، أصبح أقرب للأرض، فأنجز ”بوح الحجارة“ عام 2014 و ”الحصار“ عام 2008 و ”وملكات الحرير“ عام 2012 و ”ها نحن“ عام 2005 و ”المرأة الفلسطينية: عطاء وإبداع“ عام 1999 و ”الختيار“ عام 2014 و ”القدس“ عام 2010 و ”أرض الورد“ ثم ”زينة الكنعانيات“. وقد أعلن السلوادي أنه سينتصر من خلال الصورة، وهو بذلك يعتبر أنه يخوض معركة شخصية ويقول إنه ”لا يقبل فيها إلا: النصر أو النصر“.
ومع أن السلوادي ما زال مشروعاً متكاملاً بعدد من المراحل؛ في شخص إنسان، يبحث عن استدامة التمويل والعمل المؤسسي الذي يتيح تحقيق طموحه، ويعتبر أنه ما زال مقاتلاً بالصورة، إلا أنه كان عراباً لإطلاق مشاريع التراث بحفظه وتوثيقه، وكان بانتقاله من التصوير الإخباري إلى التصوير الفني التوثيقي رافداً هاماً للحركة الفنية الفلسطينية، وبذلك استحق عدداً من التكريمات والجوائز، بدءاً من تقدير وزارة الثقافة الفلسطينية عام 1996 لتغطيته أحداث انتفاضة النفق مروراً بالتكريم من قبل مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام الوثائقية، ثم الميدالية الذهبية للاستحقاق والتميز من الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2012، وانتهاءً بالتكريم من قبل اتحاد كتاب وأدباء فلسطين واللجنة الوطنية للتربية للثقافة والعلوم، ومنح لقب “عين فلسطين”.
في خطته التالية أعلن السلوادي في صفحته على “الفيسبوك” أنه غير متعجل لإصدار أي كتاب جديد لاحق.. قد يصدر طبعة ثالثة من كتاب “ملكات الحرير” أما مشروعه الآخر فهو الغوص في أرشيفه الخاص لإصدار كتاب يحوي أجمل أعماله منذ بدأ رحلة التصوير، وأشار إلى أن خطته تتضمن إصدار هذا الكتاب عام 2020، أما بخصوص بحثه في تاريخ الطعام والزراعة والطقوس والميثولوجيا، فقد اعتبر نفسه دارساً للموضوع، وأنه يريد أن يتعلم ويبحث حتى لو استغرق هذا المشروع عشر سنوات من أجل أن يتم كما يجب، وكما تستحق قصة الحضارة الفلسطينية الشامية.
يريد أسامة السلوادي من خلال مشروعه القادم أن يكتب حكاية فلسطين من جديد بطريقة بسيطة وسهلة مرفقة بسرد بصري، وقد أكد أنه في رحلته سيوغل في التاريخ إلى العصر النطوفي (9500 قبل الميلاد) ويسير عائداً في هذا الطريق حتى يصل لما نحن عليه اليوم، موضحا أن هذا المشروع مرحلة جديدة في حياته المهنية لا يشبه كل ما سبق.