مكتبتي ومدني وفقدي

Jackson Pollock, No.17

عبدالله البياري

كاتب وباحث من فلسطين

أرى أن العلاقة مع الكتاب لا تنتهي مع آخر صفحاته، بل إنها من هناك تبدأ. صحيح أن ثمة رحلة ما في ما يقترحه صديقي، لكن رحلتي أنا لم تنته مع الكتاب لأسمح له أن يبدأ رحلته تلك. 

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

06/12/2019

تصوير: اسماء الغول

عبدالله البياري

كاتب وباحث من فلسطين

عبدالله البياري

لا أتذكر بالضبط متى بدأت علاقتي مع الكتب والمكتبة تأخذ شكلها الحالي الذي بات يتسلل إلى مسام هويتي كسرطان نهم، وأستقبله أنا بمازوخية لها لذتها؛ فأنا طيلة الوقت محاط بالكتب. ولدت لعائلة لطالما كان الكتاب جزءًا أساسيًا من فضائها العام والخاص، برغم تنقلها بين البلدان وتحولات الطبقة الوسطى العربية التي طرأت عليها. فلم تكن الكتب ولا المكتبة أمورًا مستغربةً حولي أينما كنت (ولا أعني كتب الدين الطقوسيّة، بنفسها الوهابي المقيت الذي تسلل إلى بيوتنا مع السبعينات، بعد كامب ديفيد برعاية سعودية). 

لكنني أتذكر مكتبة المدرسة في سنين عمري الأولى، أتذكر موقعها في قبو إحدى أبنية المدرسة الإثنتي عشر، كانت مكتبة كبيرة، وكان أمين المكتبة رجلًا فارع الطول، نحيف البدن، لا يملك إلا بدلته البنية القديمة، أو أنه لا يحضر في ذاكرتي إلا بها. أتذكر نظاراته السميكة وشعره الأجعد، وعينيه السوداوتين الواسعتين بسبب نظاراته، لا ترتفعان عن الكتاب بين يديه إلا نادرًا. لم أنسَهما يومًا لأنني كنت أراقبهما جيدًا حين كنت أسرق الكتب من المكتبة، أتذكر كيف كنت أدس الكتاب بين ملابسي الداخلية وبنطالي، وأغطيه بقميصي ومن ثم عليه معطفي -والمعطف كان أداة سرقة لا علاقة لها بالطقس-  وأسير متجهًا إلى الدرج المرتفع إلى المخرج، كم كان طويلًا، ومشرقًا ذاك الدرج، كدرج يصعد إلى الجنة!

كنت أحس نظراته تتفحصني وأنا أهرول للخروج بحجة أن جرس الاستراحة قد دقّ، وحان وقت العودة لغرفة الصف، التي -يالكذبي- في أبعد مبنى من مباني المدرسة. لكن ما إن ألقي نظرة خاطفة مطأطئ الظهر عليه؛ لأجده مكانه، وعيناه منغرستان في كتابه، وكأنه لم يتحرك من على كرسيه الجلدي قصير الظهر منذ عقود، لأفرح بغنيمتي وأتربص لسرقة جديدة، ليس غدًا بالطبع!

يقول الكاتب الأرجنتيني رودريغو فريسان: “سرقة الكتب في واقع الأمر أدب بقدر ما هي رياضة. فنحن حينما نكتب أو نقرأ، فإننا نجلس، أو نستلقي، بدون أدنى حركة تقريبًا. في حين أننا عندما نسرق الكتب، تتحرك عضلات عقولنا وفقًا لأتم أشكال التناغم والتوافق اتساقًا مع عضلات أبداننا. ونحن حينما نسرق الكتب، نفكر ونفعل، وبمعنى من المعاني، نقرأ ونكتب. وأنت إذ تسرق كتاباً تكون شخصاً وشخصية في الآن نفسه”. سرقة الكتاب عندي تساوت من حيث المبدأ مع سرقة الخبز، لكنني لم أسرق خبزًا يومًا برغم غواية الخبز وإيروتيكيته في نظري، وذلك أمرٌ آخر، لكن كلاهما مفعمان بنفسٍ روبن هودي (ما)..

لا أستطيع تجاهل ذلك الصوت داخلي الذي يقول بوجاهة راسخة أنني أمنطق ما لا يُمنطق، وأقبل ما لا يجب أن يُقبل، لكن كل تلك الوجاهة والأخلاقية كانت تتساقط بسهولة ويسر أمام نشوة النجاح في سرقة كتاب، وإعلانه غنيمتي وكأنني خارج للتو من معركة من القرون القديمة، استدعيت لها كل التبريرات الممكنة، لأخرج من غزوتي تلك منتصرًا، بل حتى أنني استدعيت نماذج لكتابٍ وروائيين لا يخفون داءهم؛ كواسيني الأعرج الذي سرق من مسجد قريته نسخة من «ألف ليلة وليلة» ظنها قرآنًا، أو جو أورتن ذاك السارق الراقي الذي كان يسرق الكتب من المكتبات العامة، فيبدل أغلفتها وصفحات فهارسها، ثم يعيدها إلى المكتبة وقد تغيرت إلى الأبد، حتى أنني استحضرت المعري وحديثه عن كُتبنا التي سنستلمها يوم القيامة، ماذا إن ضاعت وتغيرت وفقدت أصحابها؟! ألن يكون الأمر حينها مسليًا!

الآن لدي مكتبتي الخاصة، والتي يفوق عدد الكتب فيها عن الـ 4000 كتاب، توزعت على كل غرف بيتي من مرسمي إلى غرفة المعيشة، والمطبخ وكذلك الحمامات، وطبعًا غرفة الضيوف. ليس هذا فحسب، فكل مدينة عشت فيها لي فيها مكتبة  لم أسترد كامل مقتنياتي منها بعد، والأهم كان لي في تلك المدن ضحية سرقة أو اثنتين أوثلاث، من باريس إلى عمان إلى بيروت والقاهرة وبرلين، حتى دمشق.

أتأمل مكتبتي الآن وأتيه بين ما سرقته من كتب وما اشتريته وما أُهدي إلي، وما ضل طريقه يومًا إلي. ومصادفاتي مع الكتب لا تُصدق، أو عادة لا يصدقها أحد من معارفي. أتذكر المجموعة الكاملة لشيكسبير، طبعة أوكسفورد لعام 1910 التي اشتريتها من سوق الأزبكية للكتب المستعملة في القاهرة، بأقل من خمسة دولارات حينها، منذ ما يزيد عن عشر سنوات. أتذكر ما قرأته على صفحتها الأولى تحت توقيع الكاتب المصري لويس عوض عام 1950؛ حيث كتب جملة “منهكٌ أنا من القراءة فيه”، تحت اسم صاحبة الكتاب الذي خُطّ بالقلم الرصاص بأحرف إنكليزية متشابكة، ما يشي بثقافة لغوية رفيعة: ثريا عبدالله! 

لما قرأت تلك الجملة وأنا في سوق الأزبكية، خفت أن يتنبه بائع الكتب إلى ما وجدته، فيرفع عليّ سعر الكتاب، وهو عادة ما يحدث إذا تبين للبائع أن الكتاب مهم في نظر المشتري. ظننت للحظة أنني نجوت منه، وفعلًا اشترتيه بنفس السعر، وما أن أنهيت الصفقة (هي صفقة بنظري) حتى نظر إلي ليقول:

“عارف إنه عليه توقيع لويس عوض، بس مش مهم عندي لأنه النسخة بتاعتي عمرها 130 سنة، بس اللي انت اشتريتها دي يدوب 80 سنة! لكن ده ما يمنعش أقول لك على مفاجأة صغيرة في الكتاب ده… افتح على الصفحة الأخيرة من هاملت!)

قلبت أوراق الكتاب الهشة الناعمة، وصولًا للموقع الذي دلني عليه، هناك وجدت ورقة كتبت عليها رسالة بالقلم الرصاص  من معلمة اللغة الانكليزية، فريدة أحمد، في إحدى مدارس القاهرة تخاطب “مدرس أول الوزارة للغة الإنكليزية”، الاستاذ حبيب، لتخبره أنّها في إجازة وضع، وتعتذر منه بدماثة، ولكنها أيضًا تشير أن عصرًا جديدًا من الحرية قد بدأ، وأننا -كمصريين- لم نعد بحاجة إلى أن نتعلم شكيسبير كما يريد لنا الإنكليز أن نتعلمه، وأن علينا أن نقرؤه كما نقرر نحن كشعوب مستعمرة تخلصت من الاستعمار وأذنابه، وامتلكت حق تقرير المصير. 

لحظتها نقلت بصري إلى كعب الورقة المصفرة، لأفهم الحكاية فعلًا؛ الرسالة التي كتبت بلغة بالغة الرهافة والرقة والقوة والثورة، كتبت بعد تولي جمال عبد الناصر رئاسة مصر، الرسالة مؤرخة في 12 أكتوبر/تشرين أول 1954.

تأملت تلك الورقة بروح ملؤها التقدير والحب، وسرعان ما رفعت نظري إلى بائع الكتب، لأجده باسمًا ناظرًا إلى دخان سيجارته الذي يرتفع عاليًا إلى السماء، ودون أن يوجه إلي حديثه تحولت الابتسامة إلى قهقهة عالية، وأدار ظهره إلي ودخل “كشك” كتبه الضيق، وكأنه الشرير في أي فيلم هوليوودي عن السوبر هيرو!

من هنا بدأت علاقتي بالرجل؛ عم صبري ليس مجرد بائع كتب مستعملة، بملابسه التي لم يغيرها منذ أن بدأت علاقتنا في الـ2007. عم صبري بوجهه المشقق، وعينيه الزرقاوين، وشعره الأبيض الكث الأجعد، وفمه الخالي تقريبًا من الأسنان، ورائحة نفسه الكريهة، (لم أتخلص بعد من الطبيب في داخلي!)، كان شخصية مميزة، فالرجل ارتحل في أوروبا كلها، ويتقن قراءة وكتابة ثلاث لغات؛ بجانب العربية. أهداني يومًا الأعمال الكاملة لنيتشه بالانكليزية (1882)، وقال لي تلك هي الطبعة الأولى لنيتشه بالإنكليزية، وإنه اشتراها من ديبلوماسي أوروبي، يظن أنه ألماني، وإنه ألقى بالكتاب إليه لأنه يرى أن نيتشه “عنصري ونازي”، ولا يجب أن يُترجم!

ضحك عم صبري، مؤكدًا أنني لن أعرف نيتشه فعلًا ما لم أقرؤه بالألمانية؛ “لما تتعلم ألماني هأبقى أفكر أدّيك النسخة بتاعتي، بس مش هأوقع لك عليها!!”، وذيّل عبارته بإحدى ضحكاته التي لم أفهمها يومًا!

خرجت من القاهرة بعد الإنقلاب في 2013، ولم أستطع الوصول لعم صبري من بعدها إلى الآن، فالرجل لم يؤمن يومًا بالهواتف النقالة ولا الإنترنت، أتذكره يقول لي عن الهاتف المتنقل: “أنا عايش لوحدي ومتهني؛ ليه أخلي الناس كلها تعيش في جيبي!”، حتى حين عدت في 2018، ذهبت إلى الأزبكية ولم أجده، لا هو ولا السوق.

ثمة قاهرة مُنحت إلي في 2011 ، وهي نفسها التي انتزعت مني؛ ومنّا جميعًا في 2013، لذا واحساسي بالألم يمتد إلى مكتباتي التي كانت في كل مدينة فقدت، هل المكتبة إيذان بفقد المدينة؟ 

تقول ريبيكا نوث في كتابها Libricide («إبادة الكتب»، 2003) إن بناء المكتبات صاحب حركة التمدن والمدنية. بينما يفتتح الباحث والمترجم المغربي محمد آيت حنا كتابه «مكتباتهم» (2018): “الفلاحون لا يضعون الكتب في المكتبات”. أتساءل وأنا في ظل مكتبتي والعم صبري:

هل يعقل أنني فقدت مدني كلها، حين بدأت هوس بناء مكتباتي في كل مدينة منها؟ هل كانت مصادفة أن لي في كل مدينة فقدتها مكتبة؟ أم بصيغة مختلفة؛ أقول إنني في كل مكتبة لي مدينة فقدتها؟

يقفز إلى (وليس في) ذهني مارشال بيرمان وكتابه الفذّ المستفز All That Solid Melts Into Air («كل ما هو صلب يتحول إلى أثير»، 1982)، حين يحيل إلى ماركس ونيتشه: “امتشقوا معاولكم، تنكبوا فؤوسكم ومطارقكم، وبادروا إلى التحطيم، حطموا المدن المجللة بالوقار بلا رحمة! تعالوا هيا! أشعلوا النار برفوف المكتبات!”، وبداخلي أعلم الرابط بين المدينة والمكتبة، لكنني لا أقوى على المزيد من الفقدان؛ فأنا ابن المدينة مهما هاجمتها!

يقول أحد الأصدقاء إن المكتبة هي شكل أناني من الوجود، وإنها انعكاس وتكثيف لأنانا المتورمة في عصر القلق الحديث. وإنه قد تخلص من هذه الأنا وبدأ رحلته المتصوفة في التخلص من الكتب ليستعيد أناه بأن يترك الكتاب الذي ينتهي من قراءته على كرسي في شارعٍ ما أو في حديقة عامة، واضعًا بين صفحاته مبلغًا صغيرًا من المال، ورسالة يطلب فيها من صاحب الكتاب الجديد أن يذهب لشرب القهوة وأن يعطي الكتاب فرصة لكي يقرأه، وبعد أن يقرأه يطلب منه أن يترك الكتاب ليكمل رحلته لقارئ آخر وآخر وهكذا. هذا النفس المتصوف النبوي والمفرط في شاعرية لا علاقة لها بالواقع لا يشبع فيّ  أي شكل للعلاقة مع الكتاب ومحتواه، فأنا أرى أن قراءة أي كتاب لا تتحقق من المرة الأولى ولا الثانية، هذا إن تحققت، ولعل ما يوازي نظرية موت الكاتب أهمية، هي نظرية التلقي والتأويل.

أرى أن العلاقة مع الكتاب لا تنتهي مع آخر صفحاته، بل إنها من هناك تبدأ. صحيح أن ثمة رحلة ما في ما يقترحه صديقي، لكن رحلتي أنا لم تنته مع الكتاب لأسمح له أن يبدأ رحلته تلك. 

لكل كتاب قصة وتاريخ، أتذكر أنني وجدت في أحد محال الكتب المستعملة في القاهرة (حي المعادي)، الذي مررت به صدفةً، كتابًا مرجعيًا بالانكليزية عن الصراع العربي الإسرائيلي، وبين طيّاته صورة شخصيّة، من تلك الصور المستخدمة للمعاملات الحكومية، لسيدة تبدو في الثلاثينات من عمرها، كُتب عليها: “لست مستعدة لمزيد من الفقدان، تأملني كما لن تفقدني يومًا”، ولم أستطع منع نفسي من تخيل فكرة أن من أهدت إليه هذه الصورة قد “فقدها” في كتابه هذا، إلى أن وصلتني. وإذ تقول فيفيان فورستر: “أنا أعرف فقط ما تراه عيون الرجال. إننا لا نعرف ما هي رؤية النساء. لذلك ما تراه عيون الرجال هو عالم أعرج، أبتر، محروم من رؤية النساء. إن رؤية النساء هي ما لا ترونه”.

وجدتني مع هذا الرجل الذي أهدته تلك السيدة صورتها، وتأملت بأنه لن يفقدها، أنا فقدتها، لكنه هو لم يرها بالأساس. ساقني استدعاء تلك المقولة السابقة إلى ما يفعله البعض من استخدام الثقافة والكتاب مدخلًا للعلاقات الغرامية مع النساء واصطيادهن، وكيف أن المرأة في هذا الحقل أيضًا منفعلة وليست فاعلًا، أو هكذا هو العالم كما يراه هؤلاء الذكور.

 لكن ليست تلك هي المصيبة الوحيدة! 

أنا هنا لم أنجُ من ذكوريتي، ولعلني عندما قررت أن أقتني هذا الكتاب، وأن أحتفظ بتلك الصورة فيه اخترت (بوعي أو بدونه) تحيزي الذكوري الذي تعامل مع (تلك) المرأة لا باعتبارها ذاتًا لها حق اكمال طريقها بعد أن فقدها (ثانية) صاحب الصورة، بل هي موضوعة لي الحق في دمجها مع فلسطين التي فقدتها، واستدعائهما معًا!

مكتبتي هي شكل حواري مفتوح على أناي ومدني كما هو مفتوح على العالم، بكل ما فقدته مني وفيّ!

لا أعلم لكنها خاطرة جائتني وأنا أتأمل مكتبتي في عمّان، وعن المسافة التي تجمعي وإياها بعمان. أنا لم أحب عمّان يومًا، ولا أتفهمها (هل فهمنا يومًا مدننا؟!). عمّان مدينة لم تتبع يومًا صيرورة المدن الأخرى، وأنا كالكثيرين والكثيرات غيري مررنا بها، وفيها استقر “المرور”. بيتي في عمان كما يصفه المقربون هو “مكتبة كبيرة”، يبدو أن “الاستعارات التي نحيا بها”، هي أيضًا التي تعرينا وتفضحنا. “مكتبة كبيرة” هو بيتي، بقدر ما هو كبير بقدر ما تصغر عمّان في عيني، بدأت العلاقة تتضح، أنا محاط باستعارات تفضحني، أولًا مكتبتي وثانيًا بيتي ووجهه الدائم للمطار.
 

للاستماع إلى المزيد من المقالات، يمكنكم الاشتراك في خدمة «صفحات صوت» إما من خلال الموقع أو تطبيق آبل بودكاست.
 

هوامش

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع