مقابلة أنطونيو سكارميتا في جريدة “إل باييس” الإسبانية (ترجمة)

محمد بيطاري

كاتب من فلسطين

ما هي النّصائح التي باستطاعتكَ أن تُقدّمها لبناءِ شخصيّة روائيّة جيّدة؟ دعهُ يعش، احترم عفويّته، عدم إثقاله بالرّمزيّة والأفكار، دعهُ يتنفّس ويتحدّث بشكلٍ طبيعي، حمايةُ خصوصيّته من همومِ الرّاوي الذي يعتقدُ أنّه يعرفُ كلّ شيءٍ عن الشّخصيّة التي ابتَكرها. الشخصيّة هي ما يتمّ القيامُ بهِ خلال الرّواية وليسَ شخصاً يتمّ صنعهُ لأن تحدث الأشياء لاحقاً.

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

04/08/2020

تصوير: اسماء الغول

محمد بيطاري

كاتب من فلسطين

محمد بيطاري

ومترجم عن وإلى الكتلانية والإسبانية.

لقاء مع الكاتب التشيليّ أنطونيو سكارميتا في مايو/أيّار عام 2011  في مدينة برشلونة، على خلفيّة منحهِ جائزة السّرد الإيبيريّ الأمريكيّ حيث طَرحَ عليهِ الجمهور أكثر من 22 سؤال. نُشِرت المقابلة في جريدة إل باييس/ El País في 27 مايو/أيّار 2011  وانتَقَت لكم مجلّة رمّان من اللقاء ما يلي:
 

لماذا لا يُعرض فيلمك “الصّبر المُحترق” للبيع؟ فيلم أعتبرهُ جيداً للغاية ونُسي تقريباً. وكان عمل روبيرتو كمُمثّل فيه ممتازاً جدّاً.

أعزّائي القرّاء والقارئات في برشلونة المُتحرّكة، لكم منّي عناق دافئ. نبدأ المقابلة حول روايةِ “أيّام قوس قزح” والتي في الأساس قد أهديتها إلى المُمثّل روبيرتو بارادا. روبيرتو لمَعَ عندما مثّل دور نيرودا في هذا الفيلم. وفي الحقيقة فإنّ الكثير من الأشخاص كتبوا لي يسألونني نفس السّؤال وأعتقد أنّه قد حان الوقت ليتمّ وضع العمل في “دي ڤي دي” ويكون بين أيدي الجميع عالميّاً. الخبر الجيّد أنّ المكتبة السّينمائيّة التشيليّة بقي بين يديها نسخة جيّدة في الإمكان الاستعانة بها عند الحاجة.

سنوات المنفى الألمانيّ، ماذا قدّمت لكَ أو كيف أثّرت بكَ وبأعمالك؟  

حول سؤالك تحديداً: المنفى في برلين صَنَعَ في داخلي اشتياقاً للعودةِ إلى بلدي على الرّغم من التّعايش المُتناغِم الذي حظيت به مع النّاس والثقافة الألمانية. المعارضون الأبطال لديكتاتوريّة بينوشيه، وعبقريّة القائمين على الحملة الدّعائيّة “لا للديكتاتور” سهّلوا الانتقال إلى الحريّة ونهاية منفى عشرات الآلاف من التشيليّين.

كيف تبدو لك الوسائل الجديدة للكتابة كـ”تويتر” وغيرها وشبيهاتها؟

تبدو لي جيّدة وتهمّني، إلا أنّني أطلب من الجّميع، من فضلِكم التّفريق بين ما هو “معلومات” وما هو “أدب”.

ما رأيك في أولئك الذين ناضَلوا من أجل الدّيمقراطيّة، ثمّ تَركوا جانباً المطالب الاجتماعيّة؟

سُخرية الحياة، ومخاطر الدّيمقراطيّة. البديل في السُّلطة هو جزء من قواعد اللعبة. المناضلون الذين حقّقوا الديمقراطيّة يستطيعونَ أن يكونوا فخورين بعملهم وأنا بشكلٍ شخصيّ أحمِل لهم احتراماً عميقاً. إنّك تصيبُ في جانبٍ من النّقد الذي تطرحهُ، لكن تستطيعُ الأخذ بعين الاعتبار أنّ يسارَ الوسط قام بقفزاتٍ نوعيّة تجاه دولةٍ تزرعُ الحماية الاجتماعية. وسخرية أخرى أن لا تنسى أنّ الرئيسة باشليت عند انتهاء ولايتها كانت تحظى بنسبةِ إجماعٍ شعبيّ.

ما هي النّصائح التي باستطاعتكَ أن تُقدّمها لبناءِ شخصيّة روائيّة جيّدة؟

دعهُ يعش، احترم عفويّته، عدم إثقاله بالرّمزيّة والأفكار، دعهُ يتنفّس ويتحدّث بشكلٍ طبيعي، حمايةُ خصوصيّته من همومِ الرّاوي الذي يعتقدُ أنّه يعرفُ كلّ شيءٍ عن الشّخصيّة التي ابتَكرها. الشخصيّة هي ما يتمّ القيامُ بهِ خلال الرّواية وليسَ شخصاً يتمّ صنعهُ لأن تحدث الأشياء لاحقاً.

مرحباً، سؤالي بسيط: هل تجد أيّ فرقٍ بين الكتابةِ باليد والكتابة على الكومبيوتر أو الآلة الكاتبة؟ هل تجعل هذه الحقيقة بطريقةٍ أو بأخرى الحدثَ السّرديّ أكثرَ غرابةً أو تداخلاً مع إبداعك؟ شكراً جزيلًا.

لقد نسيتُ بالفعل ما هي الكتابةُ باليد. أتجوّل فقط مع دفترِ ملاحظاتٍ أغمرهُ بكلمات الأغاني التي لن تُغنّى أبداً. لا يتداخلُ الكومبيوتر مع الإبداع مثلما لا تتداخل الأرجل مع المشي.

بنظرتك الثاقبة لما “بين السّطور” هل تعتقد أن الصّبر يحترقُ في تشيلي؟

إنّه لا يحترق، على الرّغم من أنّ طلّاب المدارس الثّانويّة في تشيلي، بأمانةٍ وشجاعةٍ وَضَعوا على جدولِ أعمال السّياسيّين، من خلالِ تواجدهم في الشّوارع، مطالب مُلحّة. يتمثّل الهدفُ الرئيسيّ في التّعليم الذي لا يقودهُ الشّبابُ إلى ألّا يكونوا مُنتجين ومُستهلكين فحسب، بل أيضاً أن يكونوا أكثر اكتمالاً وعدلاً ورعايةً للبشر.

أودّ أن أعرف رأيك حولَ الحركة الاجتماعيّة “15 م” التي تحدث حالياً في إسبانيا؟ وشكراً على ما تكتب، ومرّة أخرى مبروك عليك جائزتك، إنّها هديّة للجميع.

شكرًا ماري، يسرّني أنّ رواية “أيّام قوس قزح” تُعجبك وترين نفسك بها. هذا النّوع من الحركاتِ الاجتماعيّة الذي يُجدّد الدّيمقراطيّة ويقوّها من خلال توعية الفاعلين السّياسيين على بعضِ الأمور المُلحة التي لا تزال قائمة في بعض الأحيان على جداول أعمال الحكّام، إنّها دعوة جديدة لتصوّر حلولٍ أفضل للمشاكل الاجتماعيّة.

مبروك جائزة السّرد “الأيبيريّة الأمريكيّة”. هل تُغيّر الجّوائز حياة الكاتب؟

شكرا لتهنئتك. تجعلُ الجوائز من السّهل على الكِتاب الذي كتبهُ الكاتبُ بشغفٍ مؤمناً بنفسهِ ومُفسّراً لحظات مهمّة في حياتهِ الحميمة وفي حياة المجتمع الذي يعيشُ به، من السّهل ليكونَ الكتاب أكثر وضوحاً. في هذه الحالة، تَسمحُ هذه الجّائزة لعمل “أيّام قوس قزح” أن يكونَ رمزاً في عشرات الدّول الأيبيريّة في وقتٍ واحد. بما أنّ العمل يتعاملُ مع العمل التحرّريّ والسّلميّ لشعبِ التشيلي الذي تمكّن من التّضحية من أجلِ إزاحةِ ديكتاتوريّة شرسة، فإنّني أرغبُ بأن تكون هذه المَلحمة معروفة خارج حدودها، لماذا؟ لأنّه يثبتُ أنّ الكرامة والخيال معاً يمكن أن ينتجوا تغييرات ليبيراليّة في أيّ مجتمع. 

كانت رواية “ساعي بريد نيرودا” من أوائلِ الرّوايات التي قرأتها في حياتي، أحببتها بشدّة، ما رأيك في نقلها إلى السّينما؟

الفيلم الذي أخرجه رودولفو كان عملاً رائعاً، غزى جماهيراً من ثقافاتٍ مُختلفة وحصل على العديد من ترشيحاتِ الأوسكار، هذا العمل سَكَن بقوّةٍ قلوب وذكريات النّاس.

“ساعي بريد نيرودا” هو أحد الكتب التي تبقى بجانب سريري، عادة أقرأ العمل مرّتين خلال كلّ عام. لطالما كان لدي شكّ: هل عبّر بابلو نيرودا عن رأيهِ حولَ هذه الرّواية؟ وماذا عن ماتيلدا أوروتيا؟

كُتب الكتابُ بعد وفاة نيرودا. التقيتُ بأرملتهِ ماتيلدا، أعجَبها العمل كثيراً، وهي التي حصلت على مسرحٍ رائعٍ في كاراكاس حيثُ قدّم المُمثّل خوليو جونغ عملاً مسرحيّاً مُمتازاً. بالمناسبة، يستعدّ خوليو جونغ لإعادةِ إصدار نسخةٍ جديدةٍ من العمل المسرحيّ في تشيلي خلال شهر يوليو/تمّوز من هذا العام.

سيّد سكارميتا، أودّ أن أطرح عليك سؤالين: ما رأيك بحصولِ الكاتب باراغاس يوسا على جائزةِ نوبل، وما رأيك بأدبيّات هذا المُؤلِّف؟ وما هو رأيك في وصول رجل الأعمال سيباستيان بينيرا لرئاسة بلده تشيلي؟ وشكراً جزيلاً.

لقد استحقّ باراغاس يوسا جائزة نوبل. قرأتُ ودرستُ قصصه ورواياته، وأعتبرهُ نجماً لأمريكا اللاتينية. أمّا وصول سيباستيان بينيرا إلى السُّلطة في تشيلي، فهذا جزءٌ من الدّيمقراطيّة التي يكون فيها التّناوب أساسيّاً. بكوني قريباً من يسارِ الوسط وعلى درايةٍ بما يحصل، فإنّ روايتي “أيّام قوس قزح” تتعاملُ مع مسألةِ الاستفتاءِ العام، على الرّغم من أنّ سبياستيان رجل أعمال ولديه اتّصالاته بالعالم وبالأحزاب اليمينيّة، إلا أنّه خلال حملة “لا للديكتاتور” قد صوّت بـ “لا”، أي أنّه كانَ مع نهايةِ الدّيكتاتوريّة.

في هذه الأوقات التي لا يبدو فيها أيّ شيءٍ واضحاً، ما هو دور الكاتب في المُجتمع، سياسيّاً وأخلاقيّاً؟ ما هو الدّور الذي يُمكن أن يلعبهُ كتّاب الشّتات في تفصيل الخيال التشيليّ؟

أفترضُ أنّه في نسبةٍ من الحالات انتهى الشتات، والفنّانون التشيليون الذين يُريدون العيش في تشيلي نَشِطون في البلاد. كلّ كاتبٍ صرّح عن الموقف الذي سيتّخذهُ في حياتهِ وعمله. الجانب المُهمّ هنا ألّا يوجد “يجبُ أن يكون”. أنا مُعجب بحريّة الكاتب الجيّد بغضّ النّظرِ عن عزلتهِ أو علاقاته بالمجتمع الذي يعيشُ فيه. أشعرُ أنّني من النّوعِ الأكثر مشاركة وأتمنّى أن تتعايشَ كُتبي بشكلٍ أخويّ مع القرّاء.

كيف هو سكارميتا في الحقيقة؟ وما هو أفضل ما ألهمك لكتابة “الرّاقصة واللص”؟ وهل أعجبك الفيلم؟ هل تستمتعُ وتسترخي خلال الكتابة؟ شكراً، أنا حقّاً يعجبني ما تكتب.

لقد اتّبعت مساراً أصلياً وتمكّنت من الاتّصال بعددٍ كبيرٍ من القرّاء. أعتبرُ نفسي راوياً عفويّاً ومُمتنّاً للثّقافة العظيمة التي تركها لنا الكتّاب العظماء في كلّ العصور، وأحاولُ استحضارَ أعمالهم وتحديثها في عملي المُتواضع.

الكاتب: محمد بيطاري

هوامش

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع