قد لا يستوي القول إنّ مهرجان “عمّان السينمائي الدولي – أوّل فيلم” مهرجانٌ سينمائي عربي آخر. الـ” الآخر” هذه نجدها في مهرجانات اتّخذت لنفسها منطق الكرنفالات وفساتينها، لا منطق الأفلام.
هنا، في هذا المهرجان الفتيّ (في دورته الثانية)، التفاتٌ إلى ما لم تدرج عليه معظم المهرجانات الشّكلية في بلداننا العربية: حال السينما كصناعة في البلد والمنطقة، وحالها كثقافة. أما الأولى فكانت في طبيعة المهرجان المسمّى بـ “أوّل فيلم”، وهو سببها الذاتي، وأمّا الثانية فكانت في السياق الذي أتى فيه المهرجان وهو سببها الموضوعي.
في الأولى، في السينما كصناعة، وازى المهرجان، في طبيعته، الحالة الفتية للأفلام الأردنية، حالة البدايات والاكتشافات. لا يكون ذلك في منطق اختيار الأفلام في أقسام المهرجان المختلفة، فحسب، (الأفلام الأولى لصنّاعها أو العاملين فيها) بل في صبّ الاهتمام على التدريب والتنسيق في ما يمكن أن يَسند صانعي الأفلام الأردنيين والفلسطينيين والعرب في مراحلهم المهنية والفنية الأولى. السينما، هنا، إذن، صناعة في أركانها، من الكتابة إلى الإنتاج والتصوير والمونتاج حتى التوزيع.
في الثانية، في السينما كثقافة، أقول إنّها ليست كما يجب، في عموم بلداننا العربية. يعود ذلك في أساسه إلى غياب صالات السينما المستقلة، المعنية بالفيلم كنتاج فني وثقافي، واحتكار الصالات التجارية بأفلامها الاستهلاكية لحالة التلقّي السينمائي التي يمكن للمُشاهد العربي أن يعيشها. هنا تأتي المهرجانات التي ترى الفيلم عملاً فنياً وترى نفسها حدثاً ثقافياً لا تجارياً في هيئة كرنفالات. هنا يكون المهرجان، هذا، مناسبة سنوية لمحبي السينما في عمّان، لإعادة بناء العلاقة مع الأفلام، وتلقيها كأعمال فنية.
يساهم “عمّان السينمائي”، مع غيره من المهرجانات العربية، على اختلاف إمكانياتها، في إعادة الأفلام إلى طبيعتها الضرورية في بلداننا، كصناعة محلّية ونتاج ثقافي.