تتكسّر عربة مسرح الدمى بفعل أمطار وعواصف. في هذا المشهد السريع، الانعطافي في سير الأحداث، تتلخص قصة الفيلم الجديد للفرنسي فيليب غاريل، الذي خرج فيه من أفلامه الأخيرة الممكن تسميتها باستعادة معاصرة لـ “الموجة الجديدة” الفرنسية، متوجهاً بجديده إلى دراما عائلية، بمشروع عائلي هو فرقة مسرح دمى متجول (بتمثيل أبنائه الثلاثة)، يموت الأب باكراً مورّثاً هذا الفن إلى أبنائه غير المعنيين، تماماً، بالاستمرار به.
خرج غاريل بهذا الفيلم من علاقات الحب التي عرفناه بها، متعمقاً أكثر في شخصياته المتعددة، بأجيال ثلاثة في البيت ذاته، يفنى اثنان، الأب ثم الجدة، ويتساءل الأبناء عن ضرورة استمرارية الفرقة والمسرح قبل أن يتشتتوا، كلٌّ إلى حياته الخاصة. والفن الموروث يتحطم في ليلة عاصفة، بعد حوار الأختين في إمكانية تخطي النصوص الكلاسيكية لهذه المسرحيات، والدخول أكثر إلى الحديثة منها، في محاولة أخيرة للتجديد، للنجاة.
الأحداث الجانبية تحوم حول العائلة ومشروعها المسرحي، مع انهيارات عائلية من ناحية ومسرحية من أخرى، كأنّ غاريل ينعى فناً كاد أحدنا ينساه أساساً. علاقات تنشأ وأخرى تنقطع، كلّها تحوم حول هذه العائلة التي بدأ الفيلم بها كبيرة وسعيدة، قبل أن تتحول إلى أفراد، لكلٍّ مشروعه المهني وحياته الخاصة.
قد لا ينافس الفيلم (Le grand chariot) بقوة على جوائز المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، وليس بمستوى أفلام غاريل السابقة أو الأخيرة. هو إيحاء بتغيير تراجيدي يطال الفنون المقترنة، بشكل ما، بتغيير في الأجيال. هو نعي هادئ وغير متكلّفٍ لفن ظننّا أنه فنيَ أصلاً.