الشخصية الرئيسية كانت طفلاً أو طفلة. لنقل طفلة، كما أرادتها الشخصية الرئيسية ذاتها، وكذلك الفيلم، أن تكون. لماذا كما أرادتها هي؟ لأن القصة تتمحور حول طفل، وَلد، يريد أن يكون فتاة، ولماذا كما أرادها الفيلم؟ لأن اسم الشخصية كما نقله الفيلم، هو الاسم الأنثوي الذي اختاره الطفل لذاته، لوثيا، كما نقرأ في شارة النهاية. لنقل من الآن إذن إن الشخصية الرئيسية طفلة وليست طفلاً.
من خلال هذه الشخصية، لوثيا، اختار الفيلم أن ينقل موضوعه بأكثر حالاته حساسية، هي كذلك لأنها من وجهة نظر الطفلة التي يبدأ الفيلم بها رافضة اسمها المذكر، لتختار لذاتها اسماً حيادياً، كوكو، ثم تختار أن لا اسم لها، ثم، أخيراً، لترتدي فستاناً وتختار اسم مؤنثاً هو لوثيا. من خلال الطفولة كان نقل هذه الإرباكات بأكثر حالاتها حساسية ورهافة، بكلام الطفلة وردود فعلها وملامح وجهها وحزنها الممتد على طول الفيلم.
يبدأ الفيلم بالعائلة تسافر من باريس إلى الريف الباسكي في إسبانيا. مع العائلة هناك، تمضي الأم وأولادها الثلاثة أسبوعاً، إجازة تتكشّف فيها لوثيا على هويتها الجنسية التي اختارتها لنفسها، من دون تعقيدات الكبار ووعيهم. الموضوع كان هنا مشاعرياً تماماً، بريئاً كما هي رغبة الطفلة في ما تحب أن تلبس وبما تحب أنت تلعب ومع من. المسألة الهوياتية والجنسية هنا كانت بشكلها الأنقى، مبرَّرةً بأحاسيس لا بأفكار، برغبات لا تحتاج إلى تبرير أو شرح. لكنها، الرغبات، تذهب إلى نهايتها في صدقها، كأن تسأل لوثيا عن مدى احتمال أن تموت لتولد مرة أخرى في جسد فتاة.
الفيلم (20,000 Species of Bees)، وهو الأول لمخرجته الباسكية إستيباليز أوريسولا سولاغورين، ومنافس في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، ينقل تعقيدات الهوية الجنسية في أكثر حالاتها براءة وهدوءاً، تماماً كما هو حال لوثيا التي تعرف جيداً أنها روح فتاة في جسد فتى، والتي تقول إن هنالك ٢٠٠٠٠ نوع من النحل وإنها كلّها جيدة. كأنها، الطفلة، أرادت لنفسها حق التنوع ذاته، وأن تكون مقبولة من العائلة، باسمها الذي اختارته، لوثيا.