لمجرد أنه فيلم تحريك (أنيميشن) قد لا يحظى «سوزومي» بجوائز المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، وإن كان ليستحق ما يمكن أن يناله، فيحتار أحدنا من أين يبدأ في وصف الجماليات المتكثفة في هذا الفيلم، بصرياً وسردياً، وهو امتداد مستحَق لما عرفناه من أفلام الياباني هاياو ميازاكي، بل الفيلم يأخذ من أحد أبدع أفلام المعلم الياباني (Howl's Moving Castle) فكرةَ الأبواب المفتوحة والمؤدية إلى عوالم أخرى.
تلتقي سوزومي بغريب في بلدتها، يبحث عن أمكنة مهجورة وفيها أبواب. سنعرف أنه ورث عن عائلته مَهمة إغلاق هذه الأبواب التي تخرج منها ديدان ضخمة كأنها أذرع الجحيم، تحوم فوق المدينة ومتى سقطت تتزلزل الأرض. لا يراها سوى الغريب والفتاة سوزومي التي أقحمت نفسها لتشارك الغريب أولاً، في مهامه، ثم ليتحول هو إلى كرسي وتكون هي، لوحدها مع الكرسي، المسؤولة عن منع حدوث الزلازل، خاصة المدمرة منها ما سيمحو البشرية هناك، كأنها قنبلة هيروشيما وناجازاكي.
يكمل الياباني ماكوتو شينكاي في فيلمه هذا أفلاماً سابقة له، في أسلوبه وفي خيالية القصة الأقرب، أسلوباً وسرداً، إلى أفلام استديو “غيبلي” وتحديداً منها أفلام ميازاكي. وذلك بعد أفلام لشينكاي آخرها Weathering with You (٢٠١٩) و Your Name (٢٠١٦)، وما قبلهما، إلا أن التشابه وما بدو تسلسلاً كان في هذه الثلاثة.
في الفيلم (Suzume) ندرك العلاقة مع الأمكنة المهجورة، التي تتذكر الفتاة وتتخيل فيها ما مر من حيوات وحكايات، كي تتمكن من إغلاق الأبواب. ندرك هنا أن هذه الأمكنة، بيوتاً وبلدات وملاهٍ للأطفال وغيرها، تحزن بهجرانها، ويتحول الحزن بتراكمه إلى غضب يودي أخيراً إلى الزلازل التي تذكر الناس بالأمكنة التي هجرتها، فتدمرها مادامت مهجورة أصلاً.
قد يحزن أحدنا لأخبار تشيع حول اعتزال ميازاكي، وقد يفرح لخبر مفاجئ في أن فيلماً جديداً له سيخرج هذا العام بعنوان «كيف تعيش؟». لكن الفنان الياباني الشاب، يكمل طريقاً سينتظر أحدنا محطّاته، آخرها كان هذا الفيلم الذي استحق أن يكون ختامياً لقراءاتي “العاجلة” لأفلام البرلينالي هذا العام.
https://www.youtube.com/watch?v=6R6q2fAp2n4&t=60s