رسائل كان السينمائي: «تشريح السقوط»

سليم البيك

محرر المجلة

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

22/05/2023

تصوير: اسماء الغول

سليم البيك

محرر المجلة

سليم البيك

روائي وناقد فلسطيني، مقيم في باريس. محرّر "رمّان الثقافية". يكتب المقال الثقافي والسينمائي في "القدس العربي". له ٥ كتب، آخرها روايات: «عين الديك» (٢٠٢٢ - نوفل/هاشيت أنطوان، بيروت)، و«سيناريو» (٢٠١٩ - الأهلية، عمّان)، و«تذكرتان إلى صفّورية» (٢٠١٧ - الساقي، بيروت). نال مشروعه «السيرة الذاتيّة في سياق الجمعيّة: بحثٌ في السينما الفلسطينية» في ٢٠٢١ منحةً من مؤسسة "آفاق". مدوّنته: https://saleemalbeik.wordpress.com

تتخذ الأفلام لنفسها، بحسب الموضوع، مكاناً أو زماناً محددين، يحدّان بالتالي من طبيعة التناول وتطوره، منها أفلام المَحاكم التي يحكمها مكان محدّد يحتّم تشابهاً عاماً، في السياق، لهذه الأفلام، فتكون القصة في بدايتها مقدّمة لما سيلها في قاعة المحكمة التي تستحوذ على عموم الفيلم.

التصوير إذن سيكون بمعظمه في قاعة، وبالتالي الاعتماد الأكبر سيكون على السيناريو، لا على حوارات متبادلة ترتفع وتيرتها أو يودي بعضها إلى بعضها الآخر، بل على مرافعات، على مونولوغات تتناقض وتتناحر إلى أن تنقلب الأمور، ولا بد لها أن تنقلب بما لا يمكن للمشاهد أن يتوقعه، وإلا لنالت منه الرتابة ضمن قاعة مغلقة.

«تشريح السقوط» للفرنسية جوستين ترييه، كان في ربعه الأول تمهيداً للجدالات والمرافعات في القاعة. امرأة (ساندرا هولر)، روائية، في مقابلة ببيتها، تطلب إرجاء إتمام المقابلة بسبب موسيقى صاخبة شغّلها زوجها متقصداً، من الأعلى، للتشويش. بعد دقائق يسقط من النافذة ويموت. تبدأ تحقيقات ثم مرافعات باتهام الزوجة بالقتل، ودفعها ببراءتها أمام ابنها وفي القاعة. قد ينتهي الفيلم من دون معرفة الحقيقة رغم خروج القاضية بقرارها. قد لا يكون القرار ذا أهمية بقدر ما تكونه حقيقة ما حصل.

يقول المحامي للمرأة إنّ روايتها لما حصل حقيقةً لا تعني المحكمة، ما حصل لا يعني القاضية ولا المدعي العام، بل الأدلة على ما يمكن أن يكون قد حصل. الأدلة إذن هي الأساس هنا، لا الحقيقة بمعزل عن وجود ما يثبتها أو ينفيها. للمرأة وزوجها المنتحر/المقتول طفل يرتبك في شهادته، يغير منها ثم يتلعثم ثم يفيد بشهادة تغيّر سير المحاكمة. للمُشاهد هنا مكان الطفل، لا أحد يعنى بالحقيقة، بما حصل، بل بما له من أدلة وإن كان جمعها إلى بعضها وتقديمها يفيد بما لا يبدو، من زاوية المُشاهد، حقيقةً.

لا يقدّم الفيلم (Anatomie d’une chute) المنافس على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي، فكرة الحقيقة بكونها مجردة ولا بد أن تنتهي الدلائل إليها في النهاية مهما طالت، بل يقدم حقيقةً موازية لم تحصل بالضرورة، إنّما إعادة تركيب لحقائق صغيرة بعضها كان بالصدفة، بعضٌ آخر أُخرج من سياقه، أوصلت بالجميع إليها، الحقيقة هنا، إذن، تؤلَّف لا يُخبَر بها. وهذا ما يجعل المرأة روائية استعارت فكرة روايتها الأخيرة من زوجها، الكاتب المغمور، لتنجز رواية بتفاصيل وشخصيات خاصة بها، وتحكي عن جريمة لامرأة بحق زوجها. تقول في دفاعها عن نفسها إنّها ليست مضطرة للتفسير للمدعي العام الفرق بين الإطار العام، أي الفكرة للرواية، والرواية المفروشة على ٣٠٠ صفحة. قد يكون الإطار العام حقيقة تفصيلية، والرواية المبنية عليها، المحبوكة، حقيقة نهائية ألّفها صاحبها/صاحبتها، وصارت أخيراً الحقيقة الوحيدة، “الرواية” الوحيدة.
 

https://www.youtube.com/watch?v=VCG2xAx6Prc

الكاتب: سليم البيك

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع