توسّلَ الفيلم موضوعاً غير عنيف في ظاهره، وإن لم يكن كذلك في نتيجته، لتصوير حالات التطرف والمغالاة مهما كانت دوافعها. ليس الموضوع دينياً هنا في شكله المباشر، لكن المشهد الأخير، الأغنية المرفقة والإشارات إلى المسيح في كلماتها، أحالت المغالاة التي بني الفيلم قصته عليها، إلى ما هو أبعد من التطرف في رفض تناول الطعام وحسب. انتهى الفيلم بلقطة حاكت لوحة “العشاء الأخير” لليوناردو دافنشي، والمسيح جالس إلى طاولة طعام مع أتباعه. في هذا المشهد تحديداً، تقول فتاة بأن ما يحتاجه أحدنا، للقدرة على الامتناع عن الطعام، هو الإيمان.
فيلم النمساوية جيسيكا هوسنر «النادي صفر»، يقارب موضوع المغالاة من خلال مدرسة خاصة بطلاب متفوقين وأبناء عائلات غنية، تؤسس إحدى المعلمات الجديدات حلقة من الطلاب المتخففين من الأكل، ولكلٍّ أسبابه: البيئة، الحيوانات، الرشاقة… يتقدم الفيلم في ما بدا عادياً، بل مقبولاً في تعريفه بأنه “الأكل بوعي”، ليتطور إلى تطرف في رفض الأكل، حتى الوصول إلى مشهد تتناول فيه إحداهن استفراغَها، إلى النهاية المأسوية في ما بدا “جنة” يذهب إليها هؤلاء.
الفيلم (Club Zero) عادي في حبكته، يصيبه الملل في أكثر من موضع، الجيد فيه كان التصوير واستخدام الألوان التي مالت مع تقدم الفيلم إلى الغامق والسواد، بعد ألوان حارّة وفاقعة في الملابس والديكورات. لاحقاً، سيكون الموت مخيماً على الألوان كما النفسيات.
يذهب الفيلم إلى أكثر الحالات تطرفاً في رفض الطعام، خارجاً من الواقعي حين يصل الطلاب إلى مرحلة يمتنعون فيها تماماً عن الأكل. هنا يبدأ الفيلم باتخاذ منحى رمزي يتعدى حواراته المباشرة إلى ما هو خلفها، إلى معنى التطرف عموماً والمآلات المأسوية المودي إليها، وذلك بإيمان تام لدى المتطرفين (في الامتناع عن تناول الطعام مثلاً) في أن إيمانهم وإرادتهم تغير الوقائع، كأن تعتقد فتاة، بإيمان تام، بأنها ستمطر اليوم، فتمطر. ليقول الأب المهموم بحال ابنته التي تناولت استفراغها والتي تحققت نبوءتها لقوة “إيمانها”، أنّ المسألة مصادفة سيئة لا أكثر. كأن التطرف كان في أساسه مصادفات سيئة.