المساحة التي تمنحه إياها، لمهرجان سان سيباستيان، محدوديتُه، تسمح لأنواع من الأفلام بالحضور، في وقت قد لا تجد، الأفلام، أمكنةً لها في مسابقات أخرى لمهرجانات أكبر. التجريب مقبول هنا، التجريب ضمن النوع الروائي، حيث تكون للعبثية مساحة أكثر مما يمكن أن تقبله مسابقات لأفلام تضع حدا ما للعبثيات كي تقبلها هذه التظاهرة أو تلك في هذا المهرجان أو ذاك. هنا، في المهرجان الإسباني، المسؤولية أقل، يكون الانفتاح، بالتالي، أكبر.
هذا الفيلم، “التمرين” (The Practice – La práctica) للأرجنتيني مارتن ريجتمان، يخوض في عبثيات يوميات خائبة لمدرّب يوغا، غوستافو، تتراكم عليه العثرات مع بلادة أو لامبالاة منه تجاهها، تبدأ من هجر زوجته له واحتفاظها بالبيت وتحويلها له مكاناً تتخذه لصفوف اليوغا، فهي كذلك مدربة هذه الرياضة، هو أرجنيتي يعيش في تشيلي، سفرة كان ينتظرها إلى الهند قد ألغيت، يعيش مؤقتاً مشرداً عند أقارب أو في غرف Airbnb. يمر بأكثر من موقف مع طالباته، إحداهن يشعر بتقرّب تجاهها، طالبة سابقة وممرضة حالية باعته دواءً لتمزق في ركبته أثناء إحدى تمارينه، فتتقرب هي من آخر كان طالباً لديه، هذا الأخير سيتبين أنه سارق الهواتف التي يتركها الطلاب جانباً في صفوف غوستافو، تتفاوت المفارقات وتتراكم كل مسببات الخيبة لديه يومياً، من دون انفعال منه، يقابلها بنوع من التعايش واللامبالاة، وفي إصرار منه على عدم تناول المضادات الحيوية ومضادات الاكتئاب التي وُصفت له. علاجه الدائم كان جلسات اليوغا والاختلاء بالطبيعة.
عبثية الحياة كانت بغياب القصة، يوميات تدور حول نفسها، في كتابة وتصوير أقرب للهواية، وضمن ما يمكن أن يفتح، في المهرجان، مجالات لأفلام جميلة ببساطتها وربّما بسذاجتها، ليست عظيمة وقد ينساها أحدها بعد أشهر، لكن وقتاً ممتعاً تسبّبت به خلال مشاهدتها، وهذا يكفيها.