التقطعات هي في فصول الفيلم الأقرب إلى متتالية قصصية إنما من دون التتالي، ومن دون القصص. أما الانحدار فهو في جودة ما يمكن تسميتها بالقصص، من أفضلها أول الفيلم، نزولاً حتى أردئها في نهايته.
بدأ فيلم الروماني كريستي بويو، بمقابلة لطبيبة نفسية مع مريضة لها، بحوار ممتع وذكي. ينتهي الفصل لندخل في آخر لا علاقة له بالأول سوى في أن المعالِجة ذاتها تتكلم مع أمها وأبيها تليفونياً، بحضور أخيها في المطبخ ثم زوجها، في تزاحم أحداث نسمع عنها في المكالمات، حيث تحاول المرأة حل كل المشاكل وتدبيرها، محاطة بأخ وزوج، كل منهما يزيد الآخر حمقاً. يتوالى فصلان من بعدها مع جرعات إضافية من الميوعة في الحوارات، في مسار انحداري يبدأ من الفصل الأول من الفيلم، الثالث يكون حوار بين الزوج وزميله في المستشفى، والأخير يكون عملية تحقيق في جريمة.
مع الانحدار في سوية الفيلم وتفكّكه، يبدأ الحضور، وهو في معظمه نقّاد وصحافيون، في الخروج من الصالة، وحين يخرج هؤلاء يكون الفيلم قد استنفد كامل قدراتهم، الواسعة لخبرات أتت بهم إلى هنا، على التحمّل أو منح فرصة إضافية للبقاء، لأن رأياً لا بد أن يعطوه في شأنه، بالنهاية. البداية الجيدة، والحاملة على التفاؤل، زادت من كارثية نهاياته، أو تطوراته إذ لا رابط بين فصل وآخر، وكان ذلك أخيراً بفصول متهاوية.
هذه تجربة يمكن للمهرجان الإسباني هذا أن يمنحها فرصة، من ضمن ما يمنح، بعض الأفلام يكون رافعة لهذا المنح ويبرّره، بل يكون أمثلة على الحث عليه، وبعضها يكون تجارب ومغامرات سينمائية تبدأ من أعلى نقطة فيها وتبدأ بالانحدار مع دقائقها الأولى.