رسالة سان سيباستيان: “الجزيرة الحمراء”… الاستعمار بعيني طفل

سليم البيك

محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي

للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

28/09/2023

تصوير: اسماء الغول

سليم البيك

محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي

سليم البيك

روائي وناقد فلسطيني، مقيم في باريس. محرّر "رمّان الثقافية". يكتب المقال الثقافي والسينمائي في "القدس العربي". له ٥ كتب، آخرها روايات: «عين الديك» (٢٠٢٢ - نوفل/هاشيت أنطوان، بيروت)، و«سيناريو» (٢٠١٩ - الأهلية، عمّان)، و«تذكرتان إلى صفّورية» (٢٠١٧ - الساقي، بيروت). نال مشروعه «السيرة الذاتيّة في سياق الجمعيّة: بحثٌ في السينما الفلسطينية» في ٢٠٢١ منحةً من مؤسسة "آفاق". مدوّنته: https://saleemalbeik.wordpress.com

للمخرج روبان كامبيّو فيلم سابق قدّم اسمه عالياً في السينما الفرنسية، “١٢٠ ضربة في الدقيقة” (120 battements par minute، ٢٠١٧). ليتبعه بآخر قد يحافظ على هذا التقديم، هو المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان سان سيباستيان السينمائي، “الجزيرة الحمراء” (L'Île rouge).

الفيلم ينقل يوميات عائلات فرنسية في قاعدة عسكرية في مدغشقر خلال السبعينيات، الأعوام الأولى لنيل الجزيرة استقلالها من الاستعمار الفرنسي، لكن الأخيرة أبقت على نفوذ وحكومة موالية، مع قواعد عسكرية لها تدرب الجيش المحلي على مواجهة المتمردين الرافضين للوجود الفرنسي، يتجلى هذا الرفض في أكثر من حالة، كهجوم بائعات الهوى على قاعدة عسكرية، لسبب سنعرفه لاحقاً هو أن الجنود الفرنسيين لم يكونوا يدفعون مقابل خدمات النساء الجنسية، كما يتجلى في رفض طلاب المدارس تعلّم الفرنسية.

حالة ما بعد الاستعمار التي تعيشها الجزيرة واضحة في كل تفاصيل اليوميات التي تعيشها أكثر من عائلة فرنسية تتمتع بحياة رفاهية مقابل الفقر المسيطر على أهالي الجزيرة، وذلك كله نشاهده من خلال طفل، ابن أحد العسكريين، الذي يراقب من بعد، من خلف حواجز كأنه يفصل نفسه عن هذا المجتمع الاستعماري، من خلف صندوق يتخذه بيتاً للعب، من خلف زجاج الباب ومن خلف ستائر ومن خلف قناع. يعيش في عالمه، بقراءته لسلسلة روائية عن بطلة خارقة تحارب الأشرار، ليظهر أخيراً أنهم من المقربين، من حولنا.

بذلك ندخل في تجربة ما بعد الاستعمار لجزيرة نالت استقلالها صورياً، قبل أن يتمرد أهلها على سطوة الوجود الفرنسي، بشكله العسكري تحديداً، أما شكله المدني فيتخذ من الأهالي خدماً، في مشاهد يمكن أن تستعيد أفلام العبودية. ندخلها في سياق العلاقات العائلية على مستوى الشخصيات، والسياسية على مستوى الحكومات.

بعيني الولد وعفويته، كان الاستعلاء الاستعماري الذي يعامل به الفرنسيون أهالي الجزيرة واضحاً من دون شروحات. كانت الكاميرا، بمشاهدها المقرّبة والبطيئة في بعضها، تنقل مراقبته لما حوله، محاولاً تخليص أحد ما من الأشرار، بتقليد البطلة التي يقرأ مغامراتها، مرتدياً زيّاً مثلها، صنعته والدته التي تطالها كذلك ذكورية زوجها العسكري المتسلط.

الفيلم قوي سياسياً، وقد أوصل جانبه السياسي بتلقائية الفيلم المعني بيوميات شخصياته في مكان هم دخلاء عليه. هو كذلك قوي فنياً، فألوان الجزيرة لوحدها كافية بضمانة جماليات بصرية خاصة، وهو كذلك سردياً، في تقديم شخصيات عديدة بانت كل واحدة فيها أساسية، كأنّ الفيلم حكاية كلٍّ منها، وهو حكايتها كلها، وهو حكاية تاريخ للفرنسيين في هذه الجزيرة، وربما في مستعمرات إفريقية أخرى نسمع أخبارها هذه الأيام.

الكاتب: سليم البيك

هوامش

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع