هو الفيلم الأول لمخرجته المعروفة كمغنّية وممثلة. هنا كانت تجربتها الأولى في الإخراج، مستوحاة من مجالها الموسيقي، مما تعرفه مسبقاً، ما يطرح أسئلة حول ما يمكن أن تصنعه مارغريتا فيكاريو من بعد فيلم أوّل استثمرت مجالها الأساسي تماماً فيه.
الفيلم موسيقي، ميوزيكال، بنسبة عالية منه. من أوّله حيث تتداخل الأصوات الإيقاعية للحياة اليومية لعاملات في الدّير، إلى المشاهد الأخيرة حيث الحفلة النهائية التي تم التحضير لها على طول الفيلم.
يحكي “مجد!” (!Gloria) المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، عن فتيات يتيمات في دير، منسيّات من أهاليهن أو متروكات أو لا أهل لهن، يتعلمن العزف على الآلات الموسيقية التقليدية. تصل رسالة في أن البابا سيأتي إلى هذه القرية المجانبة لفينيسيا، فيتحضّر الراهب الذي يقود البنات موسيقياً، لتأليف مقطوعة مناسبة، يفشل.
البطلة خرساء، تعمل خادمة، نعرف لاحقاً أن الراهب البشع والشرير اغتصبها وخطف ابنها وألزمها الصمت. تبدأ بالتكلم لاحقاً، تتساعد مع الفتيات في التمرد على الراهب وتأليف موسيقاهن الخاصة، الحيوية، الحديثة، الغريبة عن كل التقاليد المحافظة.
مشهد جميل في هذا التضاد، كان في عزف الفتاة على البيانو موسيقى غير مألوفة، هي الجاز كما نعرفها في عصرنا. في تمهيد لتحرر موسيقي واجتماعي سيصل ذروته في الحفلة الأخيرة التي حبست فيها الفتيات الراهب وتمردن حتى على البابا في الكنيسة، في غناء ورقص وعزف بفرح وحرية.
ليس الفيلم مبهراً لكنه عفوي، صادق، موسيقاه نقطته الأقوى، وقصته المأخوذة عن حالات حقيقية، مثيرة، إذ امتلأت الأديرة بفتيات عزفن وألفن الموسيقى وكانت كروحهن متعطشة للحرية، خروجاً من الدير وقوانينه، ومن القمع الديني والبطريركي، وكذلك من القوانين الموضوعة مسبقاً لما يجب أن تكون عليها الموسيقى.
بأسلوب خفيف وممتع نسبياً، ينقل الفيلم واحدة من القصص غير المنتهية لنساء قُمعن في تاريخ سيطر عليه رجال الدين، في كونهم نظاماً ذكورياً وكاثوليكياً فرض -حتى- نوع الموسيقى الممثّلة لسيادته، الممثّلة لظلام وانحطاط حالا تاريخياً دون “مجد” مستحَق لنساء، مؤلفات وعازفات.