صدر حديثاً في لندن، عن دار “عود الند” البريطانية، كتاب يوثق المجلات السياسية الفلسطينية التي صدرت في الولايات المتحدة في النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين (1980-1984). الكتاب الموسوم بـ«الحقيقة وأخواتها: المجلات السياسية الفلسطينية في الولايات المتحدة: (1980-1984)»، من تأليف الصحافي والكاتب الفلسطيني المقيم في لندن، الدكتور عدلي الهواري، رئيس تحرير مجلة «عود الند» الثقافية.
يسلط مضمون الكتاب الضوء على (34) عدداً من سبع مجلات فلسطينية: أربعة أعداد من «فلسطيننا»، وعدد واحد من «فلسطين»، وعدد واحد من «فلسطين الديمقراطية»، واثنا عشر عدداً من «الاتحاد»، وعددان من «صدى المعركة»، وعشرة أعداد من «الحقيقة» وأربعة أعداد من «فتح».
ووفقاً للمؤلف، فقد كان لهذه المجلات دور مهم في التواصل مع الجالية والطلبة الفلسطينيين في الولايات المتحدة، فتلك المرحلة لم تكن تعرف الإنترنت أو القنوات التلفزيونية الفضائية. وتكمن أهميتها في أنها لعبت دوراً سياسياً مناصراً للقضية الفلسطينية، فساعدت على التذكير بالانتماء الوطني وتعزيزه، ومتابعة شؤون الوطن وتطورات الأوضاع فيه والمتعلقة به. وكانت أيضاً وسيلة للبقاء على صلة مع اللغة العربية.
الناظر في الكتاب يجد أن المحتوى يشمل توثيق المجلات الرقم التسلسلي للأعداد، وتاريخ الصدور، وعدد الصفحات وحجمها، وقائمة بأهم الموضوعات التي نشرت في العدد، ثم نشر موضوع أو أكثر من كل عدد من بينها الافتتاحيات ومقالات تسلط الضوء على القضايا التي كانت محل نقاش في أوساط الجالية والطلبة الفلسطينيين في أمريكا.
ويشير د. عدلي الهواري في تعريفه بالكتاب أن فترة صدور المجلات السبع كانت قد شهدت رغم قصرها تمايزاً في المشهد السياسي الفلسطيني، بحيث يمكن اعتبارها مرحلتين: الأولى تشمل الأعوام (1980-1982)، وأهم أحداثها الاجتياح الصهيوني للبنان وحصار بيروت. والثانية تشمل الأعوام (1983-1984)، وأهم أحداثها الانشقاق الذي شهدته حركة فتح في العام 1983 وما تبعه من تطورات شملت الاقتتال الفتحاوي – الفتحاوي، وزيارة رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الراحل، ياسر عرفات، لمصر الخاضعة في ذلك الحين لمقاطعة عربية بسبب “اتفاقيات كامب ديفيد” المشؤومة.
كما يبين المؤلف بروز “سمات مختلفة في المجلات حسب مرحلة الصدور، إذ يلاحظ أن مجلتي «الحقيقة» و«فتح» لعبتا دوراً ناقداً لتوجه القيادة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت عام 1982 نحو الانخراط في مبادرات سلام قائمة على الحكم الذاتي للفلسطينيين، مناقضة بذلك ما انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة من أجل تحقيقه“.
يقول د. عدلي الهواري إن إصداره الكتاب، الذي جاء في 152 من القطع المتوسط، “نابع من إيمانه بأهمية التوثيق لحماية الذاكرة والمساهمة في حدوث تراكم معرفي، ومن أجل أن يكون هناك تعدد في الأصوات والروايات بشأن الأحداث الصغيرة والكبيرة في النضال الفلسطيني، ولكيلا تهيمن سردية واحدة رسمية تعظم شخصاً واحداً أو عدداً قليلاً من الأشخاص وتنسب لهم كل الإنجازات وتعفيهم من المسؤولية عن الأخطاء“.
ينضم الكتاب التوثيقي الجديد إلى آخرين مثله، الأول «اتحاد الطلبة المغدور” (2015)، وثق فيه المؤلف تجربة تأسيس وانهيار فرع الاتحاد العام لطلبة فلسطين في الولايات المتحدة؛ والثاني «بيروت 1982: اليوم ي» (2017)، وثق فيه الاتصالات الفلسطينية الأميركية أثناء فترة الحصار الإسرائيلي لبيروت.
وأشار المؤلف إلى أنه من الممكن الاطلاع على الأعداد الموثقة في الكتاب في أرشيفه الرقمي الذي يضم هذه المجلات وغيرها من وثائق كالبيانات والرسائل من المرحلة ذاتها. وعنوان موقع الأرشيف: adli.uk.
جدير بالذكر أن الباحث والكاتب الفلسطيني عدلي الهواري، حاصل على الدكتوراه في الدراسات السياسية والاجتماعية من جامعة وستمنستر، لندن (2012). وقبل ذلك، عمل معداً ومقدماً ومنتجاً للبرامج الإذاعية سنوات عديدة. وأسّس في العام 2006 مجلة «عود الند» الثقافية وهي دورية مصنفة من المكتبة البريطانية.