في هذا الحوار الذي أُجري في سبتمر 2018، تأملت المخرجة في تحفّظها وجرأتها وكيف توّد أن يتم تذكرها

مقابلة أنييس فاردا الأخيرة: “حاربت لأجل السينما الراديكالية طيلة حياتي”

Agnes Varda. Photograph: Sarah Lee/The Guardian

مريم عرابي

مترجمة من مصر

أحب أن يتم تذكري كمخرجةٍ استمتعت بالحياة بآلامها. هذا عالم مُريع، لكنّي أحتفظ بفكرة أن على كل يوم أن يكون مشوقًا. ما يحدث في أيامي، من عملٍ ومقابلة أشخاص واستماع، يقنعني بأن الأمر يستحق أن نكون على قيد الحياة.

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

08/04/2019

تصوير: اسماء الغول

مريم عرابي

مترجمة من مصر

مريم عرابي

نُشرت في الغارديان بتاريخ 29/3/2019

 

ما هي أقوى ذكريات طفولتك؟

سمّاني والداي أرليت، وغيّرته إلى أنييس حين كنت صغيرة. لم أحبّه لأنّي لا أحب الأسماء ذات المقطع “ette”… إذ يبدو كاسم فتاةٍ صغيرة تقفز وتفتن وتقفز. لم أشعر أنّي هكذا. لذا اخترت أنييس.

لقد عشتِ في نفس المنزل منذ الخمسينيات. كيف تغيّر؟

حين انتقلت إلى هذا المنزل كان مثيرًا للاشمئزاز. لم يكن أي شيء نظيفًا؛ لم يكن هناك دُشًا حتى. وشيئًا فشيئًا جعلته أفضل، وحين أتى جاك (جاك ديمي زوج فاردا الأخير) للعيش معي جعلناه أفضل كذلك. الآن به حديقة صغيرة، ولديّ ثلاث قطط. إنه كالقصر.

ما مصدر الإلهام لأعمالك؟

تلهمني الواقعية عادةً. صنعت أفلامًا كثيرة مع أناسٍ بسطاء. كان فيلمي الأول، المسمى “ La Pointe Courte”، مع الصيادين وحين صنعت “The Gleaners and I” كان من المهم أن أستكشف المخلّفات الهائلة لمجتمعنا. مخلّفات مدهشة.

كان “The Gleanera and I” سابقًا لزمانه في وعيه البيئي.

أحاول أن ألتقط ما يطلق عليه في الفرنسية “روح العصر- l’air du temps”. كفنانةٍ تشكيلية أقوم بالكثير من إعادة التدوير. لا أعلم إن كنت سمعت بهذا، لكنّي أنشأت أكواخًا كبيرة من المطبوعات الموجبة الحقيقية لأفلامي. كان آخرها عام 2018 عن فيلم ” Le Bonheur”.

كيف تشعرين حيال تلقيبك برائدة موجةٍ جديدة؟

“جدّة الموجة الجديدة!” أجد الأمر مضحكًا، لأنّي كنت في الثلاثين من عمري! صنع تروفو ” The 400 Blows” وصنع غودار “Breathless”، لكنّي فعلت هذا قبلها بخمس سنوات عام 1955 بفيلمي الأول ” La Pointe Courte”. حين كنت أصغر سنًا كان الناس يبتكرون طريقة جديدة للكتابة… جيمس جويس، وهيمنغواي، وفوكنر. واعتقدت أن علينا أن نجد بُنيةً للسينما. حاربت لأجل سينما راديكالية، وتابعت هذا طيلة حياتي.
 

Cleo from 5-7

هل من المهم لكِ أن تروي قصصًا عن النساء؟

حسنًا، كليو امرأة. لكنّي قد حاربت مع الكثير من النساء لأجل حقوق المرأة. صنعت فيلمًا عن حقوق المرأة “One Sings, the Other Doesn’t”، 1976.. لكن لا يمكننا أن نقول: “لقد ربحنا، انتهى الأمر”، لأن النضال من أجل حقوق المرأة لا زال جاريًا. الآن يقولون للمهرجانات “عليكم أن تجعلوا نصف لجنة الاختيار رجالًا ونصفها نساءً”. لمَ يجب أن يختار الرجال فقط؟

سمعت أن مادونا كانت مهتمة بإعادة إنتاج “Cléo from 5 to 7”.

تأثرت مادونا بقصة كليو [قصة امرأة تنتظر تشخيصًا بالسرطان]، وطلبت من امرأة أن تغيّر السيناريو لها. لم يكن لدي مشكلة مع هذا. لكن أصيبت والدتها بالسرطان وماتت، وتركت المشروع. إن كنت قد أعدت إنتاجه في الولايات المتحدة وقتها، أعتقد أنه كان ينبغي أن يكون عن امرأة سوداء خائفة من الإيدز… كان الإيدز بمثابة تهديد خطير في تلك الأعوام. كنت لأحب إنتاجه مع ويتني هيوستن.

سمعت أنكِ كنتِ قريبة من جيم موريسون.

أُعجبت به كثيرًا. قابلته أنا وجاك في لوس أنجلوس في الستينيات، ورأيناه وهو يصبح نجمًا. كان يدرس السينما، وعرف جميع أفلامنا. كنّا أربعة أشخاص في جنازته في مقبرة بير لاشيز بباريس. حين يموت الفنانون في وقت مبكر، يصبحون معشوقين من الجماهير أكثر.

كيف أثرت التكنولوجيا على صناعتك للأفلام؟

في عام 2000 كان القرن يتغير، وغيرت حياتي بطريقةٍ ما. اكتشفت الكاميرات الصغيرة المحمولة يدويًا، وبدأت أفهم أنني أستطيع التصوير بمفردي. وهكذا صنعت “The Gleaners and I”. حين تتناول موضوع الأشخاص الذين يأكلون ما يجدونه على الأرض، لا يمكنك أن تكون بصحبة طاقم كبير. لم أرد إخافتهم.

أنا شخص متحفظ، لكن يمكنني أن أقوم بأشياء مجنونة. قدّمت في بينالي البندقية عام 2003 عملًا فنّيًا ثلاثي الأجزاء اسمه “Patatutopia”… أصبحت أخصائية للبطاطا ذات الشكل القلبي. ارتديت للافتتاح زيًا تنكريًا، مصنوع من الراتنج، على هيئة بطاطا. أردت أن أكون ملحوظة. الآن أنا ملحوظة بسبب شعري. يجب أن يكون أبيضًا، لكنّي جعلته جامحًا بعض الشيء بإعطائه لون آخر. هكذا قد دُعيت بالمشاغبة. سمّاني أحفادي “ماميتا المشاغبة” حين كانوا صغارًا. أحيانًا أفعل أشياء بطريقةٍ ليست صائبة تمامًا، لأنني جريئة بشكلٍ ما.

“Vagabond” هو فيلم ثقافة مضادة وشغب.

كلّا، لم يكن شغبًا، بل كان عن الأشخاص في الشارع. لم تكن الممثلة الرئيسية ساندرين بونير قد بلغت الـ 18 حتى… إنها موهوبة للغاية ومتمردة بطبيعتها. أنا سعيدة لأن هذا الفيلم واقعي جدًا عن: “كيف تتصرف حين لا يكون لديك أي شيء؟ إلى أين تذهب؟ ماذا تفعل بغضبك؟” جنى “Vagabond” أموالًا، لكن لم يجنِ أي من أفلامي الأخرى أموالًا أبدًا.

كيف تشعرين حيال هذا؟

آسفة؛ عليّ أن أصنع أفلامًا بالطريقة التي أشعر بها. لم أقتبس من رواية مشهورة قط، ونادرًا ما أعمل مع ممثلين مشهورين. عملت ذات مرة مع كاترين دينوف في فيلم اسمه ” Les Créatures”. كانت تلك هي إخفاقتي الأكبر! لا أنتمي إلى النجاح. أنتمي إلى صناعة الأفلام. تلقيت جائزة الأوسكار الشرفية في 2017 بفرحٍ وتواضع. كان من المثير أن أعرف أن لي وجود كمخرجة في هوليود، رغم أنني لم أصنع قط بلوك باستر (فيلم هوليودي ذو ميزانية باهظة).

ما هي أفضل نصيحة تلقيتيها؟

أذكر مقابلة المصور “براساي- Brassaï”. كنتُ مصورة شابّة. قال: “خذي وقتك، تأملي الأشياء، تأمليها بتمعّن.” أحببت فكرة أن الأمر لا يتعلق بالفعل، بل بما تفكر فيه قبل التقاط الصورة.

كيف تُحبين أن يتم تذكرك؟

أحب أن يتم تذكري كمخرجةٍ استمتعت بالحياة بآلامها. هذا عالم مُريع، لكنّي أحتفظ بفكرة أن على كل يوم أن يكون مشوقًا. ما يحدث في أيامي، من عملٍ ومقابلة أشخاص واستماع، يقنعني بأن الأمر يستحق أن نكون على قيد الحياة.
 

الكاتب: مريم عرابي

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع