وأشارت الجمعية إلى أن هذه الندوة جاءت انطلاقاً من أنه غالباً ما يحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة باستذكار ما حصل عام 1948 من تطهير عرقي قامت به الحركة الصهيونيّة بحق الشعب الفلسطيني واستذكار المأساة واللجوء. في المقابل؛ قلّما جرى تناول المستقبل والتفكير في ما بعد النكبة، ولعل ذلك يعود إلى كون النكبة مستمرة ولم تنتهِ. وأضافت أنه في الذكرى الحادية والسبعين للنكبة ارتأينا أن تكون ندوة “حديث الأربعاء” عن أسئلة المستقبل ومخيال الحريّة والتفكير في ما بعد النكبة.
طرحت الندوة أسئلة في محاور عدّة، منها: كيف يمكن تخيّل فلسطين مستقبلاً؟ ما هي الإمكانيّات لنشوء واقع عادل في فلسطين يشمل مثلاً إحقاق حقوق المهجّرين، سيما بعد تغيّرات حصلت على الأرض؟ ما هو شكل النظام الذي نطمح إليه؟ أين الحلول السياسية المطروحة في جدول الأعمال من كل هذا؟ وما دور الثقافة والأعمال الفنيّة في ذلك؟
تحدث الفنان عبد عابدي عن تجربته الذاتية في اللجوء والعودة إلى فلسطين، وكيف كان لحدث النكبة أثر في رسوماته؛ إذ استعرض مجموعة رسومات أمام الجمهور المتعلقة بالنكبة، وشرح تفاصيلها وخصائصها الفنية. كما تطرق في مداخلته التي كانت بعنوان “العودة: مراجعة شفويّة وبصريّة” إلى أهمية الصورة البصريّة في الفن التشكيلي في الحفاظ على الذاكرة والمخيال.
ثم تحدثت الناشطة رشا صلاح عبر السكايب من بيروت، عن هواجس العودة ومقاومة النسيان في اللجوء، في مداخلة حملت عنوان “تخيّلات وتحدّيات: العودة من وجهة نظر الشّتات الفلسطيني”. واستعرضت صلاح الصعوبات الحياتية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان خصوصاً الجيلين الثالث والرابع بعد النكبة في ظل غياب مشروع وطني فلسطيني يتحدث بإسم اللاجئين. وطرحت أسئلة متعلقة بكيفية التحضر لعودة محتملة في ظل النضال من أجل عيش محترم في الشتات؛ وما هي الأولويات؛ وكيف يجب التعامل مع وقائع مختلفة لشعب انقسم بين لاجئ ومحتل. واستعرضت في الختام بعض المبادرات في تخيل العودة التي كانت جزءاً منها.
في المداخلة الثالثة التي كانت بعنوان “من هويّة لاجئ إلى هوية عائد”، تحدث الناشط عمر الغباري عن ثقافة العودة كضرورة بدل ثقافة النكبة في حال كانت العودة الفعلية هدفنا. وقال إنه عندما نرى الحيّز بصفته “قرى مهجّرة” وأرضاً مسلوبة فقط، فمن الأرجح أن نقف على أطلاله رثاءً وحسرة. لكن عندما نراه مساحة للعودة فمن الأرجح أن يستنهض ذلك أفكاراً وبرامج ومخططات، فكريّة وسياسيّة وعمليّة، من أجل تطبيق العودة. وهكذا يمكن نقل العودة من الحق إلى الحقيقة ومن الرومانسيّة إلى العملانيّة ومن الحلم إلى المشروع السياسي. واستعرض الغباري نماذج من مشاريع نُظّمت في السنوات الأخيرة ترتكز على ثقافة العودة وإمكانيّات تطبيقها، كما عرض فيلماً قصيراً وقرأ قسماً من نص أدبي تدور أحداثه بعد زوال الاستعمار في فلسطين.