ما هو تأثير “صفقة القرن” على مستقبل القضية الفلسطينية؟ وكيف ينظر المثقف الفلسطيني إلى محاولات الإدارة الأمريكية لتمرير هذه الصفقة بالتعاون مع جهات عربيّة وبهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال عقد «ورشة البحرين» الاقتصادية في المنامة يومي 25 و26 حزيران/ يونيو الجاري؟ وما هو دور المثقف الفلسطيني في مواجهة صفقة الأوهام والعار وسبل التصدي لها؟ أسئلة وجهتها “رمان” لعدد من المثقفين الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه، وهذه إجابات عنها.
أعدّ الملف: أوس يعقوب.
بإيجاز شديد أقول إنّ «صفقة القرن» تحتاج إلى أطراف للموافقة عليها والأطراف المقترحة هنا لا تشمل الشعب الفلسطيني، الذي تستمر محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتوازي مع العدو الصهيوني على إنكار وجوده.
الأطراف المقترحة في «صفقة القرن» هي أطراف عربية تقوم بتطبيع علاقتها مع العدو والدخول معه في تحالف إقليمي ينهي القضية الفلسطينية كتناقض رئيس للأمة العربية ويستبدل هذا التناقض بأعداء آخرين متخيلين مثل الإرهاب أو إيران أو الحركات الإسلامية، ويعيد تكريس “إسرائيل” كشرطي للمنطقة مكلف بمهام الأمن الداخلي لهذه الأنظمة. وهذا هو الجديد الوحيد فيها.
أما ما يقال عن حل اقتصادي وإنهاء وكالة (الأونروا) وتوطين اللاجئين في البلدان المضيفة فهو أمر معاد ومكرر، ومنذ نكبة العام 1948 ومثل هذه المشاريع تطرح باستمرار منذ أن تم حرف “لجنة التوفيق” عن هدفها مرورًا بمشروع جونسون وغيرها. وهي مشاريع رفضها الشعب الفلسطيني على الدوام.
إذن الجديد هو تمرير هذا الحل بغية محاولة تصفية القضية الفلسطينية بمعزل عن الشعب الفلسطيني من خلال تأسيس تحالف إقليمي جديد يكون بعض العرب و”إسرائيل” والولايات المتحدة أطرافه الرئيسة، وتدفع هذه الأنظمة من موارد شعوبها ثمن بقائها للعدو الصهيوني.
لكني أعتقد أنّ هذه الصفقة قد لفظت أنفاسها منذ اللحظة التي أطلقت فيها لأنها ليست أكثر من محاولة فرض أمر وقائع على الأرض لا يمكن لها أن تستقر طالما بقي الشعب الفلسطيني وبقيت مقاومته لها، وهي المقاومة التي نتوقع لها أن تتصاعد مع تحول الكيان الصهيوني تماماً باتجاه نظام الأبارتايد والتمييز العنصري، وهو ما سيعزز من تصاعد المقاومة وعزلة الكيان الصهيوني من قبل فئات أوسع في العالم كله.
من ناحية أخرى، فإنّ إعادة الانتخابات الإسرائيلية سينهي تماماً أيّ محاولة للإعلان عن هذا المشروع، وعندما تنتهي ستكون إدارة ترامب مشغولة بالانتخابات الأمريكية. من هنا فإنّ «ورشة البحرين» قد انتهت قبل أن تبدأ. إلّا أنّ هذا لا يعني أنّ محاولات فرض الوقائع على الأرض ستتوقف فهي عملية مستمرة منذ خلق الكيان الصهيوني وزرع في بلادنا كما هي مقاومته مستمرة حتى تفكيك هذا الكيان، وهنا يأتي دور المثقفين إلى جانب كل فئات شعبنا العربي في رفض التطبيع واستمرار المقاومة ورفض حرف البوصلة واتجاهها عن فلسطين أو إلهاء شعوبنا بمعارك وهمية مفتعلة أخرى.