تنظم “فيلم لاب-فلسطين” سلسلة من الأفلام القصيرة التي يخرجها صنّاع أفلام فلسطينيون في حجرهم المنزلي، وفي هذه الزاوية من المجلة، يشاركوننا حديثاً سريعاً عن فكرة الفيلم وصناعته، وعن يومية الحجر المنزلي لديهم.
فكرة الفيلم وصناعته
يتحدث الإسرائيليون عن ضم الأراضي الفلسطينية، وفي الوقت نفسه أتى مع فيروس كورونا، وكان الحديث كله في العالم يدور عن هذا الفيروس فقط. وكانت مسألة الاستيلاء على الأراضي (وهو ما حصل كذلك في عامي ١٩٤٨ و ١٩٦٧ لكن دون ميديا كما هي اليوم) فقلت يمكن لأحدنا أن يلفت النظر ولو قليلاً إلى هذه القضايا. والإسرائيليون أساساً يتقدمون في مشاريعهم دون أن نعيرها نحن أي اهتمام. فهذا العزل وهذه الجائحة جعلت أحدنا لا يفكر سوى بموضوع واحد، وكل القضايا الأخرى، كخطة الضم الإسرائيلي، لا تنال الانتباه الكافي.
أمر آخر جعلني أصنع هذا الفيلم هو رحيل الراقص أيمن صفية، فبعد ثلاث ساعات من غرقه قرر الإسرائيليون أنهم لن يواصلوا البحث عنه. لو أنه كان إسرائيلياً لجفّفوا البحر لإيجاده. وترافق ذلك مع تظاهرات “حياة السود مهمة” وهذه العنصرية كذلك موجودة ضد الفلسطينيين داخل دولة إسرائيل، كل هذه المسائل مرتبطة ببعضها، ولم تنل اهتماماً كافياً بسبب فيروس كورونا.
كنت أنهيت مؤخراً فيلماً جديداً هو “بين الجنة والأرض”، وعندي في الكمبيوتر العديد من المواد، منها ما صورته في فلسطين التاريخية، فقلت إنّي أستطيع استخدام بعضها في الفيلم، وهنالك خطابات لنتنياهو، وتصريحات الأمم المتحدة، فكل هذه الأحاديث موجودة، قلت إني أريد تركيبها مع بعضها لتكون رحلةً بين كل أجزاء فلسطين. كان مهماً لي أن أظهر كل فلسطين، هي قضايا لكل الفلسطينيين في البلد، وهنالك مواد استخدمتها من مواقع إلكترونية معينة، وكذلك صوت محمود درويش. لم أرد أن أصنع فيلماً عن شيء سياسي بحت، بل أن آخذ الشعور بالوحدة الذي رافق الفيروس، والمياه تجري تحت أرجلنا، ولذلك اخترت أغنية Fly me to the moon، فعلاً لأن الدنيا ماشية وكل شيء يمر تحت أبصارنا، إضافة إلى سؤال ما نستطيع فعله كفلسطينيين معزولين، قبل كورونا وبعده.
يوميّة الحجر المنزلي
مسألة أن يكون أحدنا لوحده أو معزولاً، هذه اعتدنا عليها في فلسطين. كان هنالك نظام في البيت، وقبله كنت مسافرة لتصوير “بين الجنة والأرض”، فكانت العودة بالتزامن مع الحجر الصحي، فكانت فرصة للبقاء مع العائلة نتحدث ونفكر في المسائل الهامة عائلياً. كانت فرصة أحتاجها، ما ضايقني هو الوحدة في العالم، والسياسة التي تمر. كنا متعودين نوعاً ما على هذه العزلة في فلسطين، كما أني كنت أحتاجها في هذه الفترة.