نشرت للمرة الأولى في العام 1936 وصدرت في العام 2012 عن دار نشر سكريبنر. رسوم كيسي سورو.
قصَّة بديعة وصغيرة يكاد نصُّها القوي أن يكون فوضوياً، قصَّة قطط كوبنهاغن هي الأخت التوأم الأصغر قليلاً من قصَّة القط والشَّيطان، المثال الآخر الوحيد المعروف عن كتابة جيمس جويس لقصص للأطفال. بضعة أسابيع تفصل إحدى القصتين عن الأخرى وقد كتبتا في رسائل أرسلت إلى حفيده الوحيد ستيفن جيمس جويس. ومن الواضح أن القطط عملة مشتركة بينهما، القطط وحاجتها المشتركة إلى امتلاك شخص لمساعدتها في عبور الطريق.
عندما كتب إلى حفيده في العاشر من شهر آب العام 1936 مخبراً إياه عن قط وشيطان بوغنسي، Beaugency وهي بلدة في فرنسا (كان يكتب من فييه سير مير Villers-sur-Merفي الكالفادوس Calvados) يعلمه جويس بأنه أرسل له قبل بضعة أيام “قطَّة صغيرة محشوة بالحلوى”-قطة طروادة من نوع ما لتخدع الكبار. فكرة عظيمة مسروقة من هوميروس!
كره جيمس جويس الكلاب مثله في هذا مثل الكثير من العقلاء، بل حتى أنه اشمأز منهم، لكنه فكر بعالم القطط. في أول فصل من رواية يولسيس الذي يظهر فيه ليوبولد بلوم، المحادثة الأولى بين هر جائع وبلوم طيب القلب:
– مياو!
– أوه، ها أنت ذا، قال السّيد بلوم وهو يلتفت عن النَّار.
ماء القط مجيباً وجال ثانية بصلابة حول قدم الطاولة، يموء.
في شهر آذار من العام 2006 تبرع هانس أي. يانكه، Hans E.Jahnke بسخاء بمواد متنوعة لمؤسسة جيمس جويس في زيورخ التي يديرها فريتز سين، Fritz Senn. هانس هو ربيب ابن جيمس جويس جورج (جورجيو). ورث هذه الأوراق الهامة من والدته، آستا، زوجة جورجيو الثانية. بين أشياء كثيرة على قدر كبير من الأهمية، الرسائل المرسلة من جويس إلى هيلين فليشمان، زوجة جورجيو الأولى ووالدة ستيفن، من ضمنها واحدة صاغها بخاصة للصغير ستيفن وكان يبلغ من العمر أربع سنوات، يروي فيها قصة للأطفال قصيرة ومسلية: قطط كوبنهاغن.
تشكلت علاقة حميمة ومستمرة بين الجد والحفيد في مناسبة عيد ميلاده في 15 شباط 1932، (بعد فترة قصيرة من خسارة الكاتب لوالده)، ألَّف جيمس جويس ربما قصيدته الأرقّ التي تحمل عنوان Ecce Puer، هو ذا الصَّبي:
حياة غضَّة تنفَّست
على الزُّجاج،
العالم الذي لم يكن
يأتي ليمر.
(المقطع الثَّالث)
بما أن رسالة قطط كوبنهاغن (التي يفترض أنها وضعت في صندوق البريد الأحمر في كوبنهاغن) مؤرخة في الخامس من شهر أيلول العام 1936، يمكننا وضعها في سياق مع أسفاره وخططه في ذلك الحين.
كان ستيفن يقيم في فيلا دي روزيس، Villa des Roses في مينتون سان برنار، Menthon Saint Bernard وكان جويس في عطلة في الدنمارك. لم تكن الأوضاع المالية للكاتب مستقرة، كانت التزاماته معقَّدة ومقلقة وقد جذبته فكرة ترك باريس لزيارة أقارب له في كوبنهاغن. تحدث بلغة دنماركية مقبولة وأحبَّ قول ذلك، يشترك في هذا مع أشخاص آخرين من دبلن ممن لهم أسلاف من الفايكنغ، جرى دم دنماركي جيد في عروقه. شعر أن استراحة كوبنهاغن قد تمنحه الفرصة التي يحتاجها بشدة في أن يرتاح وهو يحتسي كأساً من النبيذ وأيضاً لينجز بعض الأعمال. بينما هو هناك في أرض هاملت يمكنه أن يحرك موضوع إصدار الترجمة الدنماركية لرواية يولسيس (التي لم تصدر أخيراً حتى العام 1949 بترجمة مورغنز بويسن). أخيراً أي وقت فراغ يمكن تكريسه لقراءة تجارب طباعية من نسخة بودلي هيد، Bodley Head التي طال انتظارها من يولسيس، الإصدار الإنكليزي الأول الذي يطبع في إنكلترا.
كما اتَّضح، حقَّقت إقامته في الدنمارك نجاحاً عظيماً. أحبَّ بشكل خاص صناديق البريد، وقد أوحى له سعاة البريد الذين يرتدون ستراً حمراء بشخصية شون، ساع بريد عنيد في يقظة فينغان. خطط للعودة إلى كوبنهاغن في الربيع القادم واستئجار شقة. أحبَّ الدنماركيين، “أمَّة بكائين” وعرق “رجال جامحين أصواتهم خفيضة”، على حد تعبيره، مثل الأيرلنديين تماماً. بالتأكيد أوجد الدنماركيون دبلن قبل ألف عام. وهو استعمل الكثير من الكلمات الدنماركية في مسودات عمله الذي كان يكتبه ذلك الحين، يقظة فينغان.
قطط كوبنهاغن
للأسف لا يمكنني أن أرسل لك قطة من كوبنهاغن
لأنه لا يوجد قطط في كوبنهاغن.
هناك الكثير الكثير من السَّمك
والدَّراجات الهوائية لكن
لا يوجد قطط.
أيضاً لا يوجد هناك رجال شرطة.
جميع رجال الشُّرطة الدنماركيين يمضون النهار في البيت في السَّرير.
يدخنون سيجاراً دنماركياً كبيراً ويشربون مخيض اللبن طوال اليوم.
يوجد الكثير الكثير من الفتية يرتدون الأحمر ويركبون دراجات هوائية
ويتجولون طوال اليوم حاملين البرقيات والرسائل والبطاقات البريدية.
هذه كلها مرسلة الى رجال الشَّرطة من قبل سيدات مسنات يرغبن بعبور الطريق
وفتيان يكتبون إلى أهلهم طالبين المزيد من الحلوى
وفتيات يرغبن بمعرفة شيء عن القمر.
يقرؤها رجال الشَّرطة جميعها في السَّرير.
يدخنون طوال الوقت ويشربون مخيض اللبن.
من ثم يصدرون أوامرهم ويعود الفتية الحمر ليخبروا الجميع بما عليهم فعله بالضبط.
عندما آتي إلى كوبنهاغن ثانية سوف أجلب قطة وأري الدنماركيين كيف يمكنها عبور الطريق بمفردها دون أية تعليمات من رجال الشُّرطة
وسوف يكون أقل تكلفة بكثير
(فكِّر في ذلك!)
أن تريهم قطة ما عليهم فعله.
تخيَّل فقط قطة جالسة في سرير طوال اليوم تدخن السِّيجار!
أما بالنسبة لمخيض اللبن!
ما من قطة ستشربه على الإطلاق.
وعندئذ هنالك من أجلها ذلك القدر الكبير من السَّمك.
ما رأيك بهذا؟