ثلاجات وكافيار وشامبانيا وسجاد… دراسة شاملة قام بها المؤرخ آدم راز للكشف عن المستوى الذي وصلت إليه عمليات نهب اليهود لممتلكات العرب أثناء حرب «الاستقلال»، والسبب وراء تصريح بن غوريون بأن “أغلب اليهود لصوص”.
كتبها لجريدة هآرتس عوفر أديريت، وهذه ترجمتنا لها.
في الرابع والعشرين من يوليو/تموز من عام 1948، وبعد شهرين من قيام دولة إسرائيل، وجّه رئيس الحكومة المؤقتة ديفيد بن غوريون انتقادات لاذعة لشعب إسرائيل، قائلاً: “اتضح أن معظم اليهود لصوص… أقول هذا متعمداً وببساطة، لأنه للأسف صحيح”. تظهر تعليقات بن غوريون مطبوعة في محضر مخزن في أرشيف اجتماع اللجنة المركزية لحزب ماباي، الذي سُمّي لاحقاً باسم حزب العمل.
“لقد قام أبناء مرج يزرعئيل بالسرقة! الرّواد الأوائل، آباء وأمهات أبناء البالماخ (قوات مقاتلة قبل «الاستقلال»)! لقد شارك الجميع بهذه السرقة. فليبارككم الرب يا شعب موشاف نهلال. هذه ضربة للجميع. أنه لأمر مخزٍ يدلّ على خطأ بنيوي. السرقة والسطو… من أين أتينا بهذا؟ لماذا قام أبناء هذه الأرض من البُناة والمبدعين والرواد بأفعال كهذه؟ ما الذي حصل؟”
“حوّلنا خزانة من خشب الماهوجني لحظيرة دجاج، وكنسنا النفايات بصينية فضية. كانت الأواني الخزفية مرصّعة بالذهب، وكنا نضع ملاءة على الطاولة وفوقها الأواني الخزفية والذهبية. عند الانتهاء من الطعام، كان كل شيء يُجمع و يُؤخذ للقبو. في مكان آخر، وجدنا مخزناً فيه عشرة آلاف صندوق من الكافيار، هذا ما تمكنوا من إحصائه. بعد ذلك اليوم، لم يتمكن الشباب من لمس الكافيار مرة أخرى طوال حياتهم. من جهة، كان هناك شعور بالعار من هذا السلوك، وشعور بغياب القانون من جهة أخرى. أمضينا اثني عشر يوماً هناك، بينما كانت القدس تعاني من شحّ رهيب. كان وزننا يزداد، إذ قمنا بتناول الدجاج ومأكولات شهية لن تصدقها. في المقر الرئيسي في نوتردام، استخدم البعض الشمبانيا للحلاقة.”
دوف دورون، في شهادته عن عمليات النهب في القدس.
تم الكشف عن البروتوكول من قِبل المؤرخ آدم راز من خلال بحث قدمه في كتابه الجديد الذي ـ كما يوحي عنوانه- يتطرق لقضية حساسة ومشحونة: “نهب الممتلكات العربية خلال حرب «الاستقلال»” (دار كرمل للنشر، بالتعاون مع معهد عكيفوت لأبحاث الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني؛ باللغة العبرية). كانت المهمة التي قام بها عسيرة، إذ تمثلت بجمع كل المعلومات عن عمليات نهب اليهود للممتلكات العربية خلال حرب «الاستقلال» الإسرائيلية بين عامي 1947 – 1949 لأول مرة، والتي حدثت في مختلف المدن، من طبريا في الشمال لبئر السبع في الجنوب من يافا إلى القدس، مروراً بالقرى والمساجد والكنائس المنتشرة فيما بينها في مجلد واحد. قام راز بدراسة أكثر من ثلاثين وثيقة أرشيفية في مختلف أنحاء البلاد، مطلعاً على صحف تلك الفترة كما قرأ كل الأعمال السابقة التي تم نشرها حول الموضوع؛ كانت النتيجة محطّمة للآمال.
“الكثير من الإسرائيليين، مدنيين وجنود على حد سواء، كانوا قد تورطوا في نهب ممتلكات السكان العرب” يخبر رازهآرتز.
“انتشرت أعمال النهب كالنار في الهشيم بين الناس”. وأضاف أن الأمر اشتمل على محتويات عشرات الآلاف من المنازل والمحلات ومصانع المعدات الميكانيكية والمنتجات الزراعية، والمواشي، وغيرها. إضافة إلى آلات البيانو والكتب والملابس والمجوهرات والأثاث والأجهزة الكهربائية والمحركات والسيارات. ركز راز في بحثه على الأغراض التي يمكن حملها في أكياس أو تحميلها في المركبات، وترك التحقيق في مصير الأراضي والمباني التي هجرها أو طُرد منها 700 ألف عربي خلال الحرب.
لم يكن بن غوريون الشخص البارز الوحيد الذي اقتبسه راز. بل وقد تناول هذه الظاهرة أيضاً إسحاق بن تسفي، وهو زميل بن غوريون في كلية الحقوق والذي أصبح لاحقاً الرئيس الثاني لإسرائيل. فإن أولئك الذين شاركوا في أعمال النهب “كانوا يهوداً “محترمين” يعتبرون السرقة أمراً طبيعياً ومسموحاً به”. في رسالة اقتبسها راز موجهة لبن غوريون بتاريخ 2 يونيو/حزيران 1948، وصف بن تسفي الضرر الذي كان يلحق بشرف الشعب اليهودي والقوات المقاتلة بـ”الأمر المروّع”.
وكتب “لا يمكنني الاستمرار في الصمت حيال السرقات، سواء تلك التي تنظمها الجماعات المنظمة أو الأفراد”. “أصبحت السرقة ظاهرة عامة… سيتفق الجميع أن لصوصنا وقعوا على الأحياء المهجورة مثل الجراد على حقل أو بستان”.
احتوت أعمال راز الأرشيفية الشاملة اقتباسات لا حصر لها، مما يجعل قراءتها أمراً مؤلماً. صاغ هذه الاقتباسات كبار وصغار الشخصيات في المجتمع والمؤسسات الإسرائيلية، من أرفع القادة إلى أصغر الجنود.
في ملف أرشيفي خاص بالوصيّ على أملاك الغائبين (أي العقارات التي يملكها الفلسطينيون الذين تركوا منازلهم أو غادرواً الدولة بعد تمرير قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين ثاني 1947، والتي صادرتها الحكومة الإسرائيلية)، وجد راز تقريراً للوصي الرسمي دوف شافرير كتبه عام 1949 جاء فيه: “هرب السكان العرب ذُعراً تاركين وراءهم ممتلكات هائلة تقدّر بالمئات والآلاف من الشقق والمحلات والمخازن والورش، وقد تخلوا عن المحاصيل في الحقول والفاكهة في الحدائق والبساتين وكروم العنب، حدث كل ذلك وسط جلبة الحرب… لقد ورّطت كل تلك الإغراءات المادية الشديدة إضافة إلى عواطف الانتقام والتبريرات الأخلاقية الكثيرَ من أبناء المجتمع اليهودي المقاتل في فلسطين قبل قيام إسرائيل والذين يطلق عليهم اسم يشوڤ. تسارعت الأحداث وتضخمت الأحداث الميدانية دون رادع”.
في أرشيف ياد تبنكين في رمات جان، تم العثور على شهادة حاييم كريمر الذي خدم في لواء النقب في البالماخ وأُرسل إلى طبريا لمنع عمليات النهب، فيقول: “مثل الجراد، اقتحم سكان طبريا المنازل، ما اضطرنا إلى ضربهم واستخدام الهراوات لإجبارهم على ترك الأشياء على الأرض.”
يوسف نحماني هو أحد سكان طبريا ممن أسسوا منظمة هاشومير اليهودية المسلحة. في مذكراته التي عُثر عليها في أرشيف المنظمة، يمكن قراءة تفاصيل الأحداث في طبريا خلال عام 1948 إذ يقول: “اقتحم غوغاءٌ من اليهود المحلات التجارية وبدأوا بنهبها. كان هناك العشرات والعشرات منهم. استمرت مجموعات اليهود في سرقة منازل ومتاجر العرب”.
يقول ناحوم أف وهو قائد الهاغانا في الجزء القديم من مدينة طبريا في مذكراته: “لم يرتدع بعض الجنود كذلك، وشاركوا في ما كان يشبه المهرجان”. ويضيف: “تم نشر الجنود الذين انتهوا للتّو من قتال العرب على مدخل البلدة القديمة”، وذلك بهدف منع السكان اليهود من اقتحام منازل العرب. “كانوا مسلحين عند مواجهة اليهود الذين حاولوا دخول البلدة بالقوة بهدف السرقة والنهب”. على مدار اليوم “تجمّعت الحشود حول الحواجز وحاولت اقتحامها حتى اضطر الجنود لاستخدام القوة في مقاومتهم”.
في هذا الصدد، أشار كريمر إلى أنه “كانت هناك منافسة بين عدد من وحدات الهاغانا الذين وصلوا في عربات وقوارب وقاموا بتحميل مختلف أنواع الممتلكات؛ ثلاجات وأسرّة وما إلى ذلك.” يضيف: “بطبيعة الحال، اندفعت حشود اليهود المتواجدة في طبريا للقيام باقتحام مماثل”. ترك ذلك القبح انطباعاً قاسياً لديّ. فقد لوثّت هذه الأفعال رايتنا وألحقت الضرر بنضالنا ومستواه الأخلاقي. كان أمراً مشيناً! يا له من انحدار أخلاقي.”
كانت هذه الطريقة التي حدثت بها الفظائع لنا، في الهولوكوست وعلى مدار الحرب العالمية وغيرها من المذابح. هنا، كنا نرتكب هذه الأفعال بحق الآخرين.
ناتيفا بن يهودا
أضاف ناحوم أف في شهاداته: “شُوهد الناس وهم يتجولون بين المتاجر المنهوبة ويأخذون منها كل ما تبقى بعد السرقات المشينة. قمت بدوريات في الشوارع ورأيت مدينة لم تكن قبل وقت قصير مضى سوى مدينة طبيعية، لكنها أصبحت حينها مدينة أشباح منهوبة تعرضت متاجرها للتكسير وأخليت منازلها من سكانها. كانت صورة الناس وهم ينقبون في أكوام بقايا السرقات الكبرى واحدة من أكثر المشاهد المخزية. بوسعك أن ترى مشاهد كهذه في كل مكان. كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ كنت أفكر: ما كان ينبغي السماح لذلك بالحدوث أبداً”.
كانت ناتيفا بن يهودا وهي إحدى أبرز مقاتلات البالماخ اللواتي شاركن في معركة طبريا متشددة في وصفها للأحداث. فكتبت: “كانت هذه الصور مألوفة بالنسبة لنا. كانت هذه الطريقة التي حدثت بها الفظائع لنا، في الهولوكوست وعلى مدار الحرب العالمية وغيرها من المذابح. آه كم نعرف هذه المشاهد جيداً. وهنا، كنا نحن نرتكب هذه الأفعال بحق الآخرين. قمنا بتحميل كل شيء في الفان بأيدٍ مرتعشة على نحو رهيب. ولم يكن ذلك بسبب ثقل وزنها. حتى الآن، فإن يديّ ترتجفان جرّاء الكتابة عن تلك الأحداث”.
كانت طبريا التي وقعت في قبضة القوات اليهودية في أبريل/نيسان من عام 1948 أول مدينة مختلطة بين اليهود والعرب سقطت أثناء حرب «الاستقلال». يقول راز أن طبريا كانت نموذجاً مبدئياً مصغراً لكل ما سيحدث في الأشهر المقبلة في المدن العربية والأخرى المختلطة حول البلاد. في إطار بحثه: يقول إنه اكتشف انعدام أي بيانات رسمية عن أعمال النهب ونطاقيها المادي والمالي. لكن كان من الوضع أن مثل هذه الأعمال قد اُرتكبت على نطاق واسع في كل مدينة مشابهة.
بالفعل، وجد راز شهادات مماثلة لتلك الخاصة بطبريا في وثائق معركة حيفا التي حدثت بعد أيام قليلة، في الحادي عشر والثاني عشر من أبريل/نيسان. بحسب زئيف يتسحاقي الذي قاتل في حي حليسة في المدينة: “بينما كانوا يقاتلون ويبسطون سيطرتهم من جهة، وجد المقاتلون وقتاً لارتكاب أعمال النهب والسلب التي شملت ماكينات الخياطة وأجهزة التسجيل والملابس وغيرها”.
قام الناس بنهب كل ما تمكنوا من حمله. فتح أصحاب المبادرات المتاجر المهجورة وحملوا البضائع في كل مركبة متوفرة حتى عمّت الفوضى”، يقول صادوق إيشل من لواء كرملي: “إلى جانب الابتهاج بتحرير المدينة والارتياح بعد شهور من الحوادث الدامية، كان صادماً أن نرى تشوق المدنيين لانتهاز فرصة غياب القانون واقتحام منزل الأشخاص الذين حولهم مصيرهم الوحشي إلى لاجئين”.
كتب يوسف نحماني الذي زار حيفا بعد احتلال القوات اليهودية لها: “انشغل الجميع بأعمال النهب، المسنين والنساء بغض النظر عن العمر والمكانة الدينية، ولم يوقفهم أحد. غمرتني مشاعر الخزي والعار حتى أنني شعرت برغبة عارمة في البصق على المدينة ومغادرتها. سيظهر الانتقام منا في تعليم الشباب والأطفال. لقد فقد الناس كل معاني الخجل، إذ تقوض أفعال كهذه الأسس الأخلاقية للمجتمع”.
انتشرت أعمال النهب والسرقة على نطاق واسع ما اضطر المدعي العام موشيه بن بيرتس الذي رافق القوات المحاربة في حيفا على الإدلاء بتصريح في يونيو/حزيران 1948 قال فيه: “لم يبق شيء يُسلب من العرب. هذه مذبحة ببساطة. والقادة…؟ لدى كل منهم الأعذار فيقول أحدهم: لم يتبقَ لي سوى أسبوعين في الخدمة، ويقول آخر: ما من أحد نعتقله.
كانت هناك الكثير من المنازل المدمرة والأثاث المحطم وسط أكوام من الأنقاض. تم اقتحام أبواب المنازل على جانبي الشارع وتبعثرت القطع المنزلية على جوانب الطريق. على عتبة المنزل كان هناك مهد مائل على الرصيف إلى جانب دمية عارية تم تحطيمها بعض الشيء وقد رُميت على وجهها. أين الطفل؟ إلى أي منفى ذهب؟ أي منفى؟
موشيه كرمل، قائد لواء كرملي عن أعمال النهب في حيفا
كان أعضاء غرفة التجارة والصناعة في يشوف قد حذروا من احتمال اندلاع أعمال النهب. “في المستقبل، سنواجه التاريخ الذي سيتناول هذا الأمر”، هذا ما كتبوه في رسالة إلى جهاز القيادة ولجنة الطوارئ قبل قيام الدولة. في أحد المستندات بعنوان “وباء السرقة والنهب”، قال طاقم الخدمة القضائية في الجيش، وهو جزء من جهاز القضاء العسكري: “انتشر هذا البلاد في جميع الوحدات وبين جميع رتب الضباط. اتخذت أعمال السرقة والنهب أبعاداً مروعة فيما ينشغل جنودنا بهذه الأعمال لدرجة تعرضهم استعدادهم للمعارك وتفانيهم في عملهم للخطر”.
كذلك تحدث أعضاء الحزب الشيوعي عن هذا الموضوع، فأشار الحزب في مذكرة إلى الإدارة الشعبية (أعضاء الحكومة المؤقتة) ومقر الهاغانا إلى “حملة نهب وسرقة مخيفة الأبعاد تستهدف أملاك العرب. بالفعل “تم إفراغ غالبية منازل العرب من كل المقتنيات الثمينة، كما سُرقت البضائع من المحلات وأزيلت الآلات من الورش والمصانع”.
بعد احتلال حيفا، كتب بن غوريون في مذكراته عن “السرقة التامة والكاملة” في حيّ وادي النسناس والتي ارتُكبت على يد ميليشيات الإرغون التي سبق نشاطها تأسيس الدولة وقادها مناحيم بيغن وقوات هاغاناه: “في بعض الحالات، عُثر على أفراد من الهاغاناه بما في ذلك قادة عسكريين وهم يقومون بسرقة الممتلكات”. بعد أيام قليلة وفي اجتماع بين موظفي الوكالة اليهودية، أشارت غولدا مائير إلى أنه وفي “أول يوم أو اثنين بعد احتلال المدينة، كان الوضع في المنطقة التي تمت السيطرة عليها قاتماً. خصوصاً في المنطقة التي سيطرت عليها قوات الإرغون، لم يُترك أي خيط في أي منزل”.
على طول الطريق، لم يسلم منزل ولا متجر ولا ورشة من سرقة كل المحتويات، أغراض قيّمة وأخرى لا قيمة لها. استحوذوا على كل شيء حرفياً. لم يتركوا سوى انطباع صادم جراء صورة الخراب وأكوام الأنقاض التي يتجول بينها الرجال الذين ينبشون بين الخرق البالية بحثاً عن شيء لا حاجة لهم به. ولم لا؟ هل لدينا أي شفقة؟”
روث لوبيتز، شهادة عن النهب في يافا
كذلك ظهرت التقارير عن عمليات السرقة في الصحافة. في نهاية عام 1948، كتب أرييه نيشر وهو مراسل هآرتز في حيفا: “اتضح أن الشعب اليهودي تعلم مهنة السرقة أيضاً، وذلك بالاحتراف الذي تعود عليه الشعب اليهودي. امتدت حرفية العبرانيين إلى هذا المجال كذلك. فعلاً، لقد ضربت كارثة السرقة حيفا. لقد شاركت كل دوائر المجتمع اليهودي في هذا، بصرف النظر عن المجتمعات العرقية والبلاد التي ينحدرون منها. مهاجرون جدد ومساجين سابقون من سجن عكا ومقيمون قديمون من الشرق والغرب على حد سواء. فأين الشرطة؟” بعد جولة في القدس عام 1948، كتب مراسل لصحيفة معاريف قائلاً: “أحضروا القضاء ورجال الشرطة إلى القدس اليهودية، فلقد أصبحنا كبقية الشعوب.”
يعمل راز البالغ من العمر 37 عاماً ضمن فريق موظفي معهد عكيفوت (الذي يركز على قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بالصراع)، ويقوم بتحرير مجلة تيليم لصالح مؤسسة بيرل كاتزنيلسون. كذلك فهو يساهم باستمرار في كتابة مقالات تاريخية لصحيفة هآرتز. بالرغم من أنه لم يحصل على شهادة الدكتوراة، فإن سيرته الذاتية تضم عدداً من الدراسات التي ترقى أي منها لمستوى الدراسات البحثية التي يقدمها طلبة الدكتوراة، من ضمن ذلك دراسات تخص مجزرة كفر قاسم والمشروع النووي الإسرائيلي وثيودور هرتزل. لقد قام آخرون بكتابة دراسات سابقة عن نهب ممتلكات العرب من قِبل اليهود، لكن من الواضح أن راز هو أول من سخّر دراسة كاملة لهذا الموضوع.
“كان الرجال والنساء والأطفال يتدافعون في كل اتجاه كالفئران المخدرة. تشاجر الكثيرون فوق أكوام القطع للسيطرة على شيء أو أكثر، حتى وصل الأمر لحد إراقة الدماء”.
يائير غورين
يشير المؤرخ: “على عكس باحثين آخرين ممن كتبوا عن الحرب، فإنني أرى أن النهب كان حدثاً أكبر بكثير مما تم تصويره سابقاً. في الكتاب، أستعرض كمّ الانزعاج الذي شعر به معظم صنّاع القرار فيما يخص النهب والأخطار التي شكلها على المجتمع اليهودي، ودرجة الاختلاف في وجهات النظر بينهم فيما يتعلق بهذه القضية”.
كما يؤكد على وجود ما يسميه بالتآمر للصمت عن هذه الظاهرة. “في النتيجة، اليوم في عام 2020، تفاجأ الزملاء الذين قرأوا الكتاب قبل نشره بمستوى انتشار هذه الأعمال”، يقول راز.