محور الاهتمام الرئيسي لهذه الدراسة هو البحث في عمليتي التغير والتحول اللتين شهدهما الخطاب الوطني الفلسطيني منذ سنة 1948 حتى السنوات الأخيرة (الإطار الزمني لهذه الدراسة هو 1948-2010) كما تجلتا في الأعمال الأدبية، ولا سيما في الروايات، وذلك في محاولة لفهمهما. بعبارة أُخرى: إن هذا الكتاب محاولة لفهم القوى الأساسية التي طورت خطاب الفلسطينيين، من خطاب تحرري استقلالي إلى خطاب مدني في سياق المواطنة الإسرائيلية. ولا يوفر علم الاجتماع المتعلق بالفلسطينيين المواطنين في إسرائيل فهماً كافياً فيما يتعلق بالتحولات الداخلية للمجتمع الفلسطيني، لأنه يركز في مجمله (في العقود الأخيرة تحديداً) على بنيوية العلاقة بين إسرائيل والمواطنين الفلسطينيين. فدراسة بنية هذه العلاقة تطلعنا على طبيعة إسرائيل أكثر مما تطلعنا على الهوية الفلسطينية والتحولات التي طرأت عليها. لذا نحن بحاجة إلى مؤشر داخلي، أو إلى نظرة من الداخل، فيما خص دراسة المجتمع الفلسطيني.
تأتي هذه الدراسة لتشكل خطوة في اتجاه ملء هذا الفراغ، ذلك بأنها ستتعامل مع الهوية الفلسطينية من وجهة نظر فلسطينية. ويشكل التحليل الأدبي وسيلة ناجعة لتحقيق هذا الهدف، لأنه يمكننا من الكشف عن جوانب في الهوية الوطنية والتطلعات التي يصعب الوصول إليها من خلال أساليب أو مناهج بحثية أُخرى. وبكلمات أُخرى: تأخذ هذه الدراسة بعين الاعتبار العلاقات المعقدة والترابط بين مجمل التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية في السلوك البشري، وبالتالي في تشكيل الهوية.