كان من المفترض تنظيم مهرجان رام الله للرقص المعاصر 2021 خلال الفترة الواقعة ما بين 3 – 11 حزيران إلا أن عملية التهجير القسري لأهالي مدينة القدس عاصمة فلسطين، وكان من أبرزها محاولات الاحتلال الإسرائيلي لطرد 28 عائلة فلسطينية من بيوتهم في الشيخ جرّاح، وجرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وأدت إلى استشهاد المئات من أبناء شعبنا علاوة على ما خلفته من دمار مادي ومعنوي، دفعت باتجاه تأجيل المهرجان الذي تنظمه سرية رام الله الأولى.
وفي ذات الإطار، عملت إدارة المهرجان، خلال العدوان الإسرائيلي، على تنظيم حملة تضامن عالمية، بادر عبرها 80 من فناني وفنانات العالم إلى التضامن مع أبناء شعبنا، عبر رسائل مصورة عممت على مواقع التواصل الإجتماعي.
إن تضامن شعوب العالم مع قضيتنا العادلة شكّل ضغطاً كبيراً على دولة الاحتلال، ولذا نرى ضرورة تواصل هذا الضغط لجهة مناصرة قضية شعبنا الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، فمهرجان رام الله للرقص المعاصر، وعلى مدار 15 عاماً، كان ولا يزال مساهماً فاعلاً في زيادة الوعي العالمي حول قضيتنا الوطنية، فالفنانين والفنانات الذين أرسلوا “فيديوهات” التضامن كان قد شارك بعضهم في المهرجان سابقاً، بحيث تعرفوا خلال زياراتهم إلى فلسطين، وعن قرب، على واقع حياة ومعاناة الشعب الفلسطيني، وعلى ممارسات الاحتلال ضده.
نتوجه بالشكر والتقدير لكل المتضامنين والمتضامنات مع شعبنا الفلسطيني الذين رفعوا شعار “الحرية لفلسطين”.
وتنظم “السرية” المهرجان في نسخته الخامسة عشرة، خلال الفترة الواقعة ما بين 8 – 16 تموز (يوليو) 2021 تحت شعار “البِعِيدْ عَنَّك قَرِيبْ”، بعد أن أبعدنا وباء “كورونا”، ولا يزال، عن بعضنا البعض جسدياً، مع أنه قرّبنا إنسانياً، بحيث خلقنا وسائل بديلة للتواصل، إثر اكتشافنا بأن علاقتنا كبشر لا يمكن الاستغناء عنها، وأنّ أحداً على المستوى الفردي والجماعي كشعب لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخر، بحيث ارتدينا زيّاً واحداً على وجوهنا ولم نكترث للتميز بآخر صرعات الموضة، فالكمامة وحدت وجوهنا وأخفت الكثير من التمييز والتعبيرات العنصرية بين البشر.
“البِعِيدْ عَنَّك قَرِيبْ”… قريب بتواصله معك، وقريب بمشاعره تُجاهك، وقريب باحتفاله بك، وقريب بحزنه عليك.
يأتي تنظيم المهرجان في هذا العام في ظل استمرار جائحة “كورونا” (كوفيد 19)، فبعد أن تم إلغاء المهرجان في العام 2020 عند بدء انتشار الوباء عالمياً في مطلع العام نفسه، قررت إدارة المهرجان، تنظميه، هذا العام، عبر تقديم منح لفرق وراقصين فلسطينيين لجهة إنتاج أعمالٍ وتطوير عروضٍ سيتم تقديمها على خشبة المسرح، وإنتاج عروض أخرى مصوّرة قصيرة لراقصين فلسطينيين مقيمين في الخارج، بحيث يتم تقديم العروض الفلسطينية على خشبة المسرح مع مراعاة الإجراءات الصحية المتبعة، فيما يستضيف المهرجان عروضاً أجنبية يتم عرضها للجمهور الفلسطيني عن بعد، Online.
وتنتظم عبر المهرجان العديد من ورشات العمل في الرقص بشكل وجاهي وعن بعد، بالإضافة إلى تنظيم مؤتمر الرقص والمجتمع الذي سيناقش موضوعي علاقة الفنان والمتلقي في ظل “كورونا”، والتمكين الاقتصادي للمؤسسات والفنانين المستقلين تحت وطأة الجائحة أيضاً.
ولأول مرة ينظم المهرجان ملتقى الرقص العربي للشباب، عبر منصة حوار مفتوحة عن بعد، تقربهم من بعضهم البعض، بحيث يدور حوار حول التحديات التي يواجهونها، ويعمدون إلى البحث عن آليات للتواصل والعمل المشترك فيما بينهم، لاحقاً.
قررت إدارة المهرجان دعم الفرق والراقصين الفلسطينيين كمساهمة من سرية رام الله الأولى في تمكينهم اقتصادياً وإعادة مهرجانهم ومساحتهم لهم، وذلك للتعبير عن أفكارهم، وللتواصل مع زميلاتهم وزملائهم الفنانين والفنانات.
وبالرغم من الظروف الصعبة، يأتي تنظيم المهرجان، مع إدراكنا التام بصعوبة الواقع، وحرصنا الكبير على صحة جمهورنا وفرقنا وفنانينا، عبر الالتزام بالإجراءات الصحية والوقائية المتبعة.
ينظم المهرجان هذا العام كجزءٍ من احتفالات فلسطين بمدينة بيت لحم عاصمة الثقافة العربية 2021.
في العام 2020 رحل عنا فنانين كان لهم أثر كبير في عالم الرقص، تعلمنا واستفدنا من تجاربهم. رحل عنا الأستاذ صليبا طوطح أحد مؤسسي فرقة السرية للرقص الشعبي، وأيمن صفية الراقص والمعلم ومصمم الرقص الذي كان جزءاً من المهرجان، ومحمود رضا مؤسسة فرقة رضا للرقص في مصر، ومصمم الرقص التونسي نجيب خلف الله، وديف تول الراقص البريطاني الذي كان لنا الشرف باستضافته في المهرجان مع فرقة ستوب جاب.
رحلوا عنا لكنّ اعمالهم وتجاربهم ستبقى خالدة.
وفي هذا العام اعتقل الاحتلال الاسرائيلي الراقص ومصمم الرقص عطا خطاب من فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، وباسم الفرق والراقصين والراقصات الفلسطينيين نرسل تحياتنا للزميل عطا، ونقول له أنت دائماً ترقص للحريّة.
الحرية للزميل عطا ولأسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
يقام المهرجان هذا العام ضمن شبكة مساحات للرقص المعاصر، وبدعم من وزارة الثقافة الفلسطينية/الصندوق الثقافي الفلسطيني، وبالشراكة مع بلدية رام الله، وبدعم رئيسي من مؤسسة عبد الحميد شومان/ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، وبمساهمة من مؤسسة عبد المحسن القطان، وممثلية النرويج في فلسطين، والمؤسسة الثقافية السويسرية/بروهلفتسيا، وبالتعاون مع معهد غوته/رام الله، ومشروع More Than This، وسيتيرن بيروت، ومهرجان شباك: نافذة على الثقافة العربية المعاصرة في بريطانيا، وبشراكة إعلامية مع تلفزيون فلسطين، وقناة الغد، ومنصة الإستقلال الثقافية، وراديو 24 أف أم، وشبكة راية الإعلامية، وشركة انترتك، ومجلة رمان الثقافية.
سرية رام الله الأولى