يتخذ «مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أوّل فيلم»، الذي تنطلق فعاليات دورته الثانية في الثالث والعشرين من شهر أب/أغسطس الحالي، من السوسنة السوداء (الزهرة الوطنية الأردنية) شعاراً له، ليكون “السوسنةُ السوداء” اسمَ الجائزة التي يمنحها المهرجان عن مسابقاته الأربع الرئيسية التي تتنافس فيها الأفلام المشاركة على الجائزة (صمّمها الفنان الأردني الراحل مهنّا الدرّة)، أما المسابقات فهي: أفضل فيلم روائي عربي طويل وأفضل فيلم وثائقي عربي طويل وأفضل فيلم عربي قصير وأفضل فيلم دولي.
تدير المهرجان ندى دوماني في حين تتولى عريب زعيتر برمجة الأفلام، وتترأس مجلس إدارة المهرجان الأميرة ريم علي، وبعضوية رجا غرغور، عمر المصري، كنان جرادات وناديا سختيان. وهو أول مهرجان سينمائي دولي في الأردن يسلط الضوء على الأعمال الأولى على الصعيدين الإقليمي والدولي. بالتزامن مع أيام المهرجان سيجري إطلاق سوق أفلام المهرجان تحت مسمى «أيّام عمّان لصُنّاع الأفلام»، والتي يرأسها بسام الأسعد. في هذه المقابلة تتحدث مدير «مهرجان عمّان السينمائي الدولي»، ندى دوماني “لرّمان” عن الدورة الثانية للمهرجان، وعن أبرز فعالياته.
تقول دوماني إن هذه الدورة من المهرجان هي فعلياً الدورة الأولى بمفهوم العروض السينمائية، حيث حدّت ظروف جائحة كورونا العام الماضي من عقد دورة متكاملة العروض، والتي عقدت ما بين ٢٣-٣١ أب/أغسطس ٢٠٢٠، حيث كانت دورة استثنائية في وقت الجائحة، وسط حظر التجول الليلي وإغلاق للمطارات، وكان انجازاً مقارنة بالوقت الذي عقدت فيه.
“هذا العام حافظنا على ذات البرنامج”، تقول دوماني، مضيفة: حافظنا كذلك على ذات برنامج ووقت انعقاد «أيام عمّان لصناع الأفلام»، حيث ينقسم البرنامج هذا العام كما كان العام الماضي إلى أربعة أقسام، أفلام عربية روائية طويلة، أفلام عربية وثائقية طويلة، أفلام عربية قصيرة، وقسم الأفلام الدولية.
لماذا أول فيلم…
تقول دوماني: “أطلقنا عليه مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم، إشارة إلى أنه يستقبل ويعرض الأفلام التي تكون الفيلم الأول للمخرج، باستثناء مسابقة الفيلم الروائي العربي الطويل التي لا يشترط فيها أن يكون العمل الأول للمخرج لكن أن يحتوي الفيلم على ما يقدمه أحد العاملين فيه لأول مرّة، كأن يكون الدور الأول للممثل أو الممثلة، أو أن يكون أول تجربة روائية للمونتير، أو أول تجربة روائية طويلة لمدير التصوير، لكن الجائزة في النهاية تذهب لأفضل فيلم.
أما مسابقة الفيلم الوثائقي العربي الطويل فيجب أن يكون أول فيلم وثائقي طويل للمخرج أو المخرجة، وذات الشيء بالنسبة للفيلم العربي القصير، وأيضاً لمسابقة الفيلم الدولي الذي يشترط لتأهل الفيلم للمسابقة أن يكون أول عمل للمخرج سواء كان روائياً أو وثائقياً.”
تضيف دوماني: “أردنا للمهرجان أن يحمل هوية وخصوصية، ومن هنا جاءت فكرة أن يستقبل المهرجان الأعمال الأولى لصناع الأفلام، وهي ثيمة سيستمر عليها المهرجان لتكون هويته الدائمة، ولا تقتصر على دوراته الأولى، ليكون للمهرجان خصوصية وسط المهرجانات العربية والدولية، وليكون منصة داعمة لصناع الأفلام في تجاربهم الأولى. وهي ثيمة نعتقد أنها تتماشى مع السينما الأردنية التي هي سينما حديثة مقارنة بالسينما المصرية أو المغربية على سبيل المثال، وبدأت تنشط بقوة في السنوات الأخيرة وتخرّج صناع أفلام يقدمون أفلاماً بجودة عالية تلقى احتفالاً في المهرجانات الدولية، وهنالك دوماً وجوه جديدة فيها سواء مخرجين أو ممثلين وغيرهم من صناع الأفلام، يقدمون أفلامه الأولى سواء قصيرة أو طويلة، فأردنا أن يكون هذا المهرجان منصة انطلاقهم للعالم.
أماكن العروض
تشير ندى دوماني إلى أن الدورة الحالية من المهرجان ستقدم عروض أفلامها في ٣ أماكن في العاصمة الأردنية عمّان، موزعة على سينما السيارات في العبدلي، المسرح الخارجي في الهيئة الملكية للأفلام، وسينما تاج (تاج مول) بالإضافة إلى عروض في ٣ محافظات أردنية هي: اربد، في جامعة اليرموك. السلط، في ساحة العين. وادي رم، في ساحة خارجية في الهواء الطلق. كما ستعرض بعض الأفلام أونلاين على منصة “استكانة”.
سينما السيارات
في العام الماضي، ونتيجة للشروط الصحية التي فرضتها السلطات الصحية نتيجة الجائحة من تباعد اجتماعي وغيره من وسائل الوقاية، استحدث المهرجان كما تقول دوماني: “فكرة سينما السيارات، Drive-in سينما، في موقف سيارات مجمع العبدلي الجديد، قسمناها إلى ثلاث ساحات رئيسية وزوّدناها بتقنيات عالية جداً، شاشات سينمائية متطورة والصوت يسمع بجودة عالية عبر إحدى موجات الراديو أف أم، ويسمح بتواجد شخصين إلى ثلاثة كحد أقصى في كل سيارة. وفي هذا العام سنكرر التجربة التي كانت مميزة العام الماضي ولاقت استحساناً كبيراً، وخلقت لسكان عمان متنفساً لرؤية أفلام سينمائية جديدة وسط الإغلاقات والحظر وإغلاق صالات السينما. رغم أن الأفلام التي كانت تُعرض هي أفلام غير تجارية أو ما تسمى بأفلام المهرجانات، بعكس ما يعرض عادةً في سينمات مواقف السيارات حول العالم من أفلام تجارية كأفلام هوليود وغيرها، إلا أن الإقبال عليها كان كبيراً.
بالإضافة لسينما السيارات، سيكون هنالك أيضاً صالات سينما عادية بسعة ٥٠٪ فقط، بالإضافة لعروض أفلام في الهواء الطلق في المسرح الخارجي للهيئة الملكية للأفلام، أيضاً بسعة ٥٠٪ من سعته، مراعاة للتباعد الاجتماعي. كما سيكون هنالك نقاش بعد كل فيلم في صالات السينما وفي عروض الهواء الطلق.
السينما الفرنسية في ضيافة المهرجان
تشير ندى إلى أنه “من الأمور الجديدة التي سيتضمنها برنامج الدورة الثانية للمهرجان لهذا العام هو أن ضيف المهرجان لهذا العام سيكون مهرجان الفيلم الفرنسي العربي، وهو مهرجان أفلام عريق يعقد في الأردن منذ ٢٥ عاماً، والعام الماضي لم ينعقد بسبب الجائحة، وهذا العام ستكون أفلامهم بضيافة جمهورنا الذي سيشاهدها خلال أيام المهرجان، من خلال قسم خاص أسميناه «موعد مع السينما الفرنسية العربية»، وهذه الأفلام لن تكون مشاركة في المسابقات الرسمية للمهرجان، وهي من إنتاج فرنسي عربي.”
سينما صديقة للبيئة
تضيف دوماني: “من الأمور الجديدة لهذه الدورة هو اعتماد المهرجان شعار «سينما صديقة للبيئة» من خلال اتخاذه مجموعة من الإجراءات العملية التي بإمكانها الحد من انبعاثات الكربون الذي يعتبر مسبباً رئيسياً للاحتباس الحراري في العالم، حيث يتخذ المهرجان هذا العام خطوات صغيرة ولكنها جادة نحو مهرجان مستدام وصديق للبيئة ويعزز هذه الممارسات، حيث نعتقد أن صناعة السينما هي منصة قوية يمكن أن تؤدي إلى تغيير إيجابي، ومن الخطوات التي نعمل عليها:
– تقليل بصمتنا الكربونية من خلال إعادة ترتيب بعض مواد العلامة التجارية للعام الماضي وإزالة مولدات الديزل كمصدر رئيسي للكهرباء في سينما Drive-in وتحفيز المركبات الكهربائية.
– إدارة النفايات: تقليل نفاياتنا ثم إعادة تدويرها.
– تعويض البصمة الكربونية عن الإجراءات الضرورية مثل السفر والسينما عن طريق التبرع للمنظمات البيئية المحلية.
باختصار هذه السنة يتحول المهرجان إلى مهرجان صديق للبيئة من خلال تقليل الاستخدام وإعادة استخدام وإعادة التدوير والتعويض عن بصمتنا الكربونية من خلال زراعة أكثر من ٦٠٠ شجرة في الأردن، من خلال التبرع بثمنها لمؤسسة غير حكومية تعمل على زراعة الأشجار في الأردن، وذلك تعويضاً عن حجم انبعاثات الكربون التي ستتسبب بها فعاليات المهرجان وضيوفه.
جوائز مسابقات المهرجان
تقول دوماني: “ستتنافس الأفلام التي جرى اختيارها لتكون ضمن المسابقات هذا العام على ثلاث جوائز بالإضافة لجائزة الجمهور التي ستقدَّم لأفضل فيلم دولي، حيث سيتم الإعلان عن الفائزين في كل فئة في حفل ختام «مهرجان عمّان السينمائي» بتاريخ ٣١ آب ٢٠٢١. وسيحصل الفائزون على جوائز نقدية قيمتها ٢٠ ألف دولار لأفضل فيلم روائي طويل؛ ١٥ ألف دولار لأفضل فيلم وثائقي طويل؛ ٥ آلاف دولار أميركي لأفضل فيلم روائي قصير – بالإضافة الى منحوتة السوسنة السوداء المصنوعة من البرونز من تصميم الفنان الأردني الراحل، مهنّا الدرّة، أحد روّاد الحركة الفنية التشكيلية في الأردن. علاوة على ذلك، يصوّت جمهور المهرجان لاختيار الفيلم الفائز في قسم الأفلام الدولية والذي سيحصل على مبلغ ٥ آلاف دولار أميركي.”
وقد أعلن المهرجان مؤخراً أن أعضاء لجنة التحكيم الذين سيختارون الفائزين بجائزة السوسنة السوداء في الفئات التنافسية. لجنة تحكيم الأفلام الروائية العربية الطويلة تتألف من من المخرج والمنتج وكاتب السيناريو المخضرم سمير والذي تشمل قائمة أعماله “أنسى بغداد: اليهود والعرب – الصلة العراقية” (٢٠٠٢) و”الأوديسة العراقية” (٢٠١٥) الذي تم اختياره رسمياً لتمثيل سويسرا في حفل توزيع جوائز الأوسكار الثامن والثمانين وآخر أفلامه “بغداد في خيالي” (٢٠١٩) الحائز على عدة جوائز. ينضم إلى سمير الكاتب والمخرج تشابا بولوك والذي اشتهر بفيلمه “رحلة إيسكا” (٢٠٠٧) والذي رشحته هنغاريا لجوائز الأوسكار الحادي والثمانين. ويشارك في لجنة التحكيم هذه خالد حداد الذي أنتج العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية ولديه أكثر من ٣٠ عاماً من الخبرة في المجال.
كما تضم لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية العربية الطويلة المخرجة مي مصري المعروفة بأفلامها الوثائقية والتي كان فيلمها الروائي الأول “٣٠٠٠ ليلة” (٢٠١٥) التقديم الرسمي للأردن لجوائز الأوسكار عام ٢٠١٧. ينضم إليها كل من الروائية وصانعة الأفلام الوثائقية كارولين بوشون وإلياس شاهين، مونتير حاصل على جوائز خاصة بالمونتاج النهائي ويتمتع بخبرة عملية تزيد عن عقدين على أكثر من ٦٥ فيلماً.
أما لجنة تحكيم الأفلام العربية القصيرة فتضم جيروم بيلارد، المدير التنفيذي لـ “سوق الأفلام” الخاص بمهرجان كان السينمائي الدولي. تنضم إليه أناهيد فياض، ممثلة محترفة ومدربة و خبيرة أداء اشتهرت بالمسلسل التلفزيوني السوري “باب الحارة” (٢٠٠٦-٢٠١٧) وفادي حداد، أستاذ جامعي مختص بصناعة السينما ومخرج عرف بفيلمه الأردني الأول “لما ضحكت موناليزا” (٢٠١٢) والذي جال في العديد من المهرجانات السينمائية حول العالم.
«أيام عمّان لصنّاع الأفلام»
بالتزامن مع فعاليات المهرجان، ستنطلق أيضاً فعاليات «أيام عمّان لصنّاع الأفلام»، وتشير ندى دوماني إلى أن الفعاليات “تستضيف هذا العام ندوات وورش عمل ومحادثات مع مختصين سينمائيين، وتتناول مجالات يواجه فيها اليوم المخرجون الأردنيون والعرب تحديات عِدّة، بالإضافة إلى مشاركة التجارب والمسيرات المهنية من قبل خبراء في هذا المجال. كما ستقدم أصواتاً سينمائية صاعدة من الأردن والعالم العربي من خلال منصتي تسويق مشاريع الأفلام الطويلة؛ الأولى المُخصصة للمشاريع قيد التطوير من قبل صُنّاع الأفلام الأردنيين والعرب المقيمين في الأردن؛ والأخرى لمشاريع الأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج من قبل صُنّاع الأفلام العرب. تقوم الفرق المختارة بمشاركة قصصها وبعرض مشاريعها السينمائية على لجنة تحكيم مستقلة وعلى محترفي صناعة الأفلام، حيث يتم منح الدعم لأفضل المشاريع للمساهمة في استكمال أفلامهم. في العام الماضي شارك في منصتي تسويق «أيام عمّان لصُنّاع الأفلام» مجموعة مميزة شملت ١٤ مشروعًا سينمائياً في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج من الأردن والعالم العربي.
لـ «أيام عمّان لصُنّاع الأفلام» لجنة تحكيم خاصة بها لمنح جوائز نقدية وعينية لمشاريع الأفلام المختارة للمشاريع في فئتي قيد التطوير ومرحلة ما بعد الإنتاج. تتكون لجنة التحكيم من الخبيرة السينمائية ليالي بدر والمنتج كيڤان مشايخ والمخرجة مريم شاهين والمخرج أمين نايفة والخبير السينمائي عبد الله شامي. وسيتم الإعلان عن جوائز «أيام عمّان لصنّاع الأفلام» بتاريخ ٣٠ آب ٢٠٢١.