“هذا النص كتبه كمال بلاطة بعنوان “الفن” (Art)، في “موسوعة الفلسطينيين” (Encyclopedia of the Palestinians) التي حررها فيليب مطر (بالانكليزية)، والصادرة في نيويورك، عن دار “Facts On File, Inc.”، طبعة 2000- 2005، ص 81– 91.”
الفنانون الأوائل (1795– 1955)
ينحدر الفنانون الفلسطينيون من أصول مسيحية ومسلمة ودرزية، وحصل بعضهم على تعليم أكاديمي والبعض الآخر علّم نفسه بنفسه. وساهم الفنانون في كلتا الحالتين في تأسيس فن وطني، وغالباً ما أدى قرب أو بعد كل فنان عن المواجهة السياسية إلى تحديد طبيعة مساهمته الفنية ونوعيتها.
عانت الابتكارات الريادية في الفن الفلسطيني، التي شكلها رجال ونساء في أصقاع مختلفة من الكرة الأرضية، من التفكك والانقطاع. وبسبب بعدهم عن بعضهم البعض، كان الفنانون في الفترات المبكرة غير مطّلعين في أغلب الأحيان على الفن الذي ينتجه الفنانون المعاصرون لهم. مع ذلك سعى كل فنان بطريقته الخاصة إلى التعبير عن تجربة المكان، والهوية، والثقافة.
يمكن تقسيم تاريخ الفن الفلسطيني إلى أربع مراحل:
- المرحلة الأولى: الأوائل (1795– 1955). نما فيها رسم الايقونات كأحد أقدم التقاليد في صناعة الصورة. وفي مرحلة متأخرة، تعمُّق أساطين هذا الفن في التقنيات الفنية الغربية، إلاّ أن اقتلاع المجتمع الفلسطيني من جذوره أجهض التطوير الطبيعي لفن محلي أصيل.
- المرحلة الثانية: الروّاد (1955– 1965). قام روّاد ترعرعوا ما بين اللاجئين بتشكيل فن فلسطيني جديد.
- المرحلة الثالثة: المنقبّون (1965– 1995). تشمل الفن الذي أُنتج في المنفى وعلى التراب الوطني. استخدم الفنانون الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتّلين سنة 1967 إنتاجهم الفني للتعبير عن الهوية الجمعية– وغالباً ما تعرضوا إلى القمع والتقييد.
- المرحلة الرابعة: الزمن الراهن، اتجاهات جديدة (1995– 2016). توسعت الفنون البصرية الفلسطينية المعاصرة إن لعدد الفنانين أو الابتكار والانتشار، بالإضافة إلى تحقيق نقلة نحو استخدام الفن المفاهيمي متعدد الوسائط.
مثّل رسم الأيقونات، الذي يعود إلى التراث البيزنطي، الشكل الرئيسي لفن الرسم لدى الفلسطينيين منذ القرن الثامن عشر. ومن المرجح أن أوائل الفنانين المعروفين بانتمائهم إلى “مدرسة القدس” كانوا ممن تتلمذوا على أيدي الرهبان اليونانيين الذي خدموا في الأراضي المقدسة. استمر هذا التراث على أيدي الأتباع الفلسطينيين للكنسية الأرثوذكسية الذين نمت موهبتهم جرّاء تعرضهم لأعمال رسّامي الأيقونات الروسيين الذين استقروا في البلاد.
وجدت الأيقونات التي رسمها رسامو مدرسة القدس رواجاً كبيراً، وسعى الحُجّاج لاقتناء الأيقونات الصغيرة كتذكار يحملونه معهم إلى بلدانهم البعيدة. أمّا الأيقونات الأكبر حجماً فغالباً ما كانت تُطلب خصيصاً لتخليد أحد المواقع المقدسة الكثيرة في هذا البلد. انتشرت سمعة رسامي مدرسة القدس في كافة أرجاء لبنان وسورية في القرن التاسع عشر حيث ما زالت أيقوناتهم تزين أديرة نائية في هذين البلدين.
وعلى الرغم من أن هذه الأيقونات تتبع التراث البيزنطي، إلاّ أن التفاصيل التي طورتها مدرسة القدس وطّنت هذا النوع من الفن: فالعيون اللوزية الشكل والوجوه المدوّرة لأحد القديسين تحيل إلى ملامح البطل الشعبي العربي في المنمنمات الإسلامية والفنّية الدارجة التي ازدهرت في التراث البصري العربي. فتحول سرج حصان مار جرجس (الخضر) على أيدي رسام مقدسي إلى لون قرمزي مُذهّب بنجوم تناسب عمامة سلطان عثماني، بدلاً من أن يكون كما جرت العادة باللون الأحمر. وفي بعض الأحيان كانت تُستخدم الأبجدية اليونانية كعنوان للأيقونة، إلاّ أن كافة الكلمات الأخرى كانت غالباً بالعربية.
ويبدو أن تقليد ربط اسم الرسام بمدينة القدس قد تأسس على أيدي شخص اسمه حنا القدسي الذي كان يوقّع على لوحاته على النحو التالي: أولاً اسمه – حنا، يتبعه كنية “القدسي”، بمعنى أنه من القدس. وسار الرسامون اللاحقون على خطاه في القرن التاسع عشر فأضافوا كنية “القدسي” لاسمهم بمن فيهم: ميخائيل مهنا القدسي، يوحنا صليبا القدسي، نقولا ثيودوروس القدسي، إسحق نقولا الأورشليمي. وفي بداية القرن العشرين، كان المقدسيان نقولا الصايغ (1863- 1942) وخليل الحلبي (1889– 1964) الرائدين الرئيسيين اللذين، ومن خلال محاكاة معلميهم الروسيين، تمكنا من الانتقال من الرسومات الدينية إلى الرسومات العلمانية. وكان لتأثيرهما الطاغي أثر حاسم في تطور الفن الفلسطيني.
مع خروج فلسطين من تحت السيطرة العثمانية في العقود الأولى من القرن العشرين، بدأت الحياة الثقافية تقع شيئاً فشيئاً تحت تأثير الهيمنة الغربية. وبنوع خاص، تمَّ اعتماد طريقة الرسم على حوامل اللوحات (وهي ممارسة عمرها قرون في أوروبا) نقلاً عن الرحالة الغربيين الذين كانوا يتدفقون باستمرار على فلسطين. وبالإضافة إلى التحولات التي أضفاها الانتداب البريطاني، بدأ عدد متزايد من الغربيين المرتبطين بالبعثات التبشيرية المسيحية أو بالمستعمرات اليهودية بالسعي للإقامة الدائمة في فلسطين، مستفيدين من التسهيلات التي كان الانتداب يقدمها. واستضاف الكثير من هذه التجمعات رسامين كان من الشائع رؤيتهم وهم يحملون عدتهم المتنقلة ويرسمون في الهواء الطلق.
في الوقت ذاته، قام عدد من الفلسطينيين الذين تعرفوا على الأسلوب الجديد في الرسم بتجريب استخدام الوسائط المستوردة. وبعكس نظرائهم في الدول العربية المجاورة الذين كانوا على صلة بأكاديمية الفنون الجميلة المرموقة في القاهرة منذ سنة 1908 أو في بيروت منذ سنة 1937، فإن القلّة من الفلسطينيين الذين حاولوا الرسم كانوا قد علّموا أنفسهم بأنفسهم. وطور فنانان موهوبان أسلوبيهما الخاصًين باستخدام الأدوات الجديدة لتنفيذ رسوماتهما المعهودة وهما رسام الأيقونات خليل حلبي (1889– 1964) والحرفي التُراثي في الفن الإسلامي جمال بدران من حيفا (1909- 1999). وباستخدام الصور الفوتوغرافية كنماذج قام حلبي وبدران برسم مشاهد طبيعية لمدينتيهما الأصليتين.
وبما أن الدخول إلى المعهد الفني المحلي الأول في القدس، معهد بتسلئيل، الذي أسسه مستوطنون يهود سنة 1906 كان محظوراً على غير اليهود، فإن أغلب الجيل الأصغر من الطلاب الفلسطينيين غير المدربين تعلموا من خلال الملاحظة والتجربة القاسية. من بين هؤلاء الفنانين جمال بيّاري وخليل بدوية وفيصل الطاهر من يافا، ومبارك سعد (1880 -1964) وداود زلاطيمو (1906- 2001) من القدس.
وتمكنت ثلاث نساء من هذا الجيل من الحصول على تدريب فني محدود وهن: زلفة السعدي (1905 – 1988)، نهيل بشارة (1919 – 1997)، صوفي حلبي (1906 – 1998). تعلمت السعدي على أيدي نقولا الصايغ، أما بشارة فدرست الفن في إيطاليا وحلبي في فرنسا. وعلى خطى معلمها قامت السعدي برسم ايقونات لشخصيات وطنية، أما رسومات بشارة فكانت لمشاهد من شوارع القدس ولأشكال نمطية ترتدي ثياباً تقليدية. وبالمقارنة، قامت حلبي برسم مشاهد طبيعية لسماء عاصفة وبساتين شجر الزيتون التي تزين ريف القدس.
ومع النمو الجنيني للفن الفلسطيني في المراكز الحضرية،كان العنف يتصاعد ما بين القوات اليهودية والعربية حتى وصل إلى حرب عام 1948 التي بترت البلاد. وفجأة انقطعت أواصر العلاقات ما بين الفنانين المحليين القلائل. ومع تأسيس دولة اسرائيل وجد الفنانون الفلسطينيون أنفسهم يواجهون نفس الاشكاليات التي واجهت شعبهم: إما أصبحوا أقلية في موطنهم الأصلي أو تم اقتيادهم إلى مخيمات للاجئين في البلدان المجاورة. وقد أحبطت هذه الظروف محاولة المواهب الفنية الواعدة الاستمرار في امتهان الفن.
فعلى سبيل المثال قُتل الفنانان بدوية وطاهر في معركة يافا. وبحلول نهاية 1950 توفي البياري في بيته وهو الذي رسم رسومات لا تنسى لأحياء يافا بعد الهجرة وكان فقيراً معدماً. وترك عدد من الفنانين مهنتهم، فالفنان جبرا ابراهيم جبرا من بيت لحم الذي علم نفسه بنفسه (1920 – 1994) ، وغسان كنفاني من عكا (1936-1973) استمرا في الرسم حتى بعد أن استقر جبرا في العراق وكنفاني في لبنان. إلا أن كليهما اعتبرا الكتابة مهنتهما الأساسية.
الفنون البصرية الفلسطينية (II)
الرواد (1955– 1965)
مر عقد كامل على سقوط فلسطين قبل أن تظهر الإشارات الأولى لعودة الفلسطينيين للرسم. ومثّل الرسامون القلائل الذي وجدوا أنفسهم لاجئين في بلدان عربية مجاورة التوجهات الرئيسية للفن الفلسطيني آنذاك. وبعكس أسلافهم، نجح أغلبهم في متابعة الدراسة أو التدريب الفني، وتمكنوا من تطوير أسلوبهم الشخصي. وسعى عدد من الفنانين، متأثرين بقساوة تجربة المنفى، إلى استعادة ذكرى المكان، بينما حاول آخرون أن يعالجوا التراث البصري للثقافة الفلسطينية. وقد حظي عدد منهم بالتقدير باعتبارهم مساهمين رئيسيين في حركة الفن العربي المعاصر الأوسع، حتى أن عدداً من المتاحف في المنطقة والعالم سعى إلى الحصول على أعمالهم.
تميز العقدان الأولان بعد سقوط فلسطين بتغيرات سياسية وثقافية جذرية في العالم العربي، وتمتعت الفنون البصرية بحضور غير مسبوق على الساحة الثقافية التي سيطرت عليها تقليدياً الفنون الشفاهية. وشهدت مدينتنا بغداد والقاهرة طفرة وانتعاشاً في رعاية الدولة للفنانين، إلاّ أن بيروت هي التي أصبحت مركز المنطقة الفني، المتنوع في عالميته، ومن هناك انطلق أهم الفنانين الفلسطينيين اللاجئين.
كان بول غيراغوسيان (1926- 1993) أول الفنانين الذين لفتوا انتباه النقّاد في بيروت. ولد غيراغوسيان في القدس لعازف كمان أرمني كفيف، ولدى بلوغه ثلاث سنوات من العمر تولّت رعايته المؤسسات التبشيرية الكاثوليكية. وقد أثّرت تجربة الانعزال التي عاشها، كونه تربّى على يد الرهبان وخدم كمتدرب لدى رسامي الايقونات الإيطاليين، تأثيراً كبيراً في فن غيراغوسيان. بعد سقوط فلسطين استقر في بيروت حيث ذاع صيته.
عكست أعمال غيراغوسيان صراعاً لا يلين من أجل استحضار مشاهد من سنواته الأولى في القدس. فمن رسوماته الأولى التي صورت العلاقات البشرية الحميمة إلى رسوماته التجريدية الأخيرة التي اختصرت تفاصيل الجسد في ضربات حادة بطلاء كثيف، تنبثق أشكال غيراغوسيان من مخزون فن الأيقونات المسيحية. وتذكرنا سلسلة رسوماته التي تصور أشكالا واقفة بالأيقونات التي تمجد رسل المسيح. وتعبر شخصيات غيراغوسيان المتكوِّمة إلى بعضها البعض عن محاولة الفنان الدمج ما بين هويته الأرمنية وتجربته الفلسطينية. وقد استعار موضوعات الهجرة والشتات المتكررة في أعماله من مصادر في الكتاب المقدس، وذلك لكي يعبّر عن عالمه الشخصي، عالم يلتقي فيه الحرمان الفلسطيني بالبؤس الأرمني.
قام فنانان فلسطينيان آخران عاشا في بيروت أيضاً بالغوص في ذكرياتهما الشخصية من أجل إعادة بناء العالم الذي فقداه وهما: جوليانا سيرافيم (1934– 2005) وإبراهيم غنّام (1931– 1984). ولدت سيرافيم في يافا وكانت تبلغ أربعة عشر عاماً من العمر حين هربت على متن قارب مع عائلتها إلى صيدا، ومن ثم استقرت في بيروت حيث عملت في غوث اللاجئين وتابعت مساقات فنية مع الرسام اللبناني جان خليفة. بعد سنوات عدّة حصلت سيرافيم على منح للدراسة في مدريد، وفلورنسا، وباريس.
تمتلئ لوحات سيرافيم بعناصر موحية من الخيال، وتضج بحدائق متخيّلة تتمايل فيها البراعم المنحوتة والبتلات البرية إلى جانب أصداف البحر وكيانات مجنّحة. تكشف شفافية مشاهدها الطبيعية الأسطورية أشكالاً حسّية تنم عن جنّة شخصية. تستحضر سيرافيم في لوحاتها طفولة مفقودة استمتعت فيها بالحياة ما بين الشاطئ وبساتين البرتقال، فنرى أحياناً أجزاء من الطبيعة تلمع على الشاطئ ومن زاوية أخرى تبدو وكأنها ملامح جسد امرأة. درجت العادة على تسمية يافا بـ “عروس البحر”، وفي لوحات سيرافيم تسيطر ملامح العروس الحالمة على المشهد الطبيعي في تلميح جريء إلى وجه الفنانة.
وبعكس غيراغوسيان وسيرافيم، وكلاهما لاجئان من مراكز حضرية، ولد إبراهيم غنّام ونشأ في قرية ساحلية اسمها ياجور. بعد أن وصل إلى بيروت ومخيم تل الزعتر وأصبح مقعداً جراء إصابته بشلل الأطفال، تابع غنّام هواية الطفولة. وبفضل ممرضة في وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) وفرت له مستلزمات الرسم، تمكن غنّام من تصوير مشاهد متوقّدة للطبيعة الريفية التي لمستها قدماه الحافيتان في زمن ما.
رسم غنّام سرداً رائعاً للحياة في ياجور. معتمداً على إعاشة مقننة، ومأكولات معلبة في غرفة صغيرة تطل على المجاري المفتوحة. ورسم غنّام حقولاً ذهبية جاهزة للحصاد، وبساتين عامرة بالبرتقال، وفلاحين جذلين يفلحون الأرض. وحرص على الرسم بنفس الدقة المستخدمة في المنمنمات الإسلامية، بحيث تسترعي كافة التفاصيل الاهتمام بالدرجة ذاتها. وبذل غنّام، من خلال رؤيته البسيطة، جهداً جبّاراً للحفاظ على حكايات إحدى القرى التي دُمّرت ما بعد الهجرة الفلسطينية لكي تتعرف عليها الأجيال التي ستولد في المخيم.
ثمّة فنانان من جيل غنّام كانا غريبين عن الثقافة السائدة في بيئتهما المباشرة، هما عبدالله القرا (1939- ) وإبراهيم هزيمة (1933- ). وبينما تطورت أعمال القرا في وطنه، تشكلت أعمال هزيمة في المنفى.
ولد القرا في دالية الكرمل، وتعرف إلى فن الرسم حين كان يعمل بستانياً في تجمع للفنانين الإسرائيليين في قرية عين حوض التي تم تحويلها إلى قرية للفنانين بعد طرد القرويين الفلسطينيين منها. وتحت رعاية فنانين إسرائيليين كبار حصل القرا على منح لدراسة الفن في باريس ونيويورك.
يعبّر فن القرا، الذي عاش على الحدود مع دوائر الفن اليهودية، عن صراعه من أجل هويته الدرزية. كانت أعماله الأولى عبارة عن رسومات ارتجالية بالحبر تذكرنا فيها الطيور الرقيقة والأنماط المنمنمة بالأشكال الزخرفية التي تزين الألبسة الفلسطينية الدرزية. وبعد سنوات، صورت لوحاته الكبيرة التي شكّلها بضربات غليظة ومتشابكة بفرشاة الرسم، جوارح تلتهم فريسة ملطخة بالدماء ورجل متخفٍ تحت قناع.
وفي عالم لا يقل غربة، رسم إبراهيم هزيمة، وهو من مواليد عكا، صوراً تُمجّد جذوره الثقافية. كان هزيمة يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً حين اضطر للهروب بالقارب إلى اللاذقية، وعمل لسنوات كعامل رصيف في مرفأ تلك المدينة الساحلية السورية لإعالة عائلته اللاجئة. وبفضل موهبته في الرسم، حصل على منحة للدراسة في لايبزيغ حيث قرر أن يبقى ويعمل على صقل فنه قبل أن يستقر في نهاية المطاف في برلين.
تجاهل هزيمة الفن الواقعي الألماني الذي كان يحظى بالإعجاب في لايبزيغ، إنما استخدم صوراً مشعة تعج بالمجازات الشعرية والإشارات الرعوية. كررت أعماله التي استخدم فيها ألوان الخريف ببساطة طفولية تصوير أشكال منتصبة لنساء ريفيات ممشوقات القوام تحملن سلالاً دائرية على رؤوسهن، تعكس أجسادهن المتوحدة أشجار الصنوبر المظللة وأشجار الزيتون القريبة المتناثرة ما بين البيوت القروية الرقيقة. وهناك ما يبدو وكأنه تبادلية بصرية في رموز هزيمة ما بين التفاصيل العمودية الملتوية التي تمثّل الجسد والحجر، في إحالة على ما يبدو إلى الشعر الفولكلوري الفلسطيني، حيث الشجرة إنسان والوطن هو الزوجة الموعودة.
وبينما تذكِّر تشبيهات هزيمة البصرية بصور شعرية، تولّى فنانون فلسطينيون آخرون الدور التقليدي للشاعر السياسي فاستخدموا تعابير بصرية لإعادة صياغة الخطاب السياسي، من بينهم: إسماعيل شمّوط (1930 – 2006)، ومصطفى الحلاّج (1938– 2002)، وناجي العلي (1937– 1987). كبر ثلاثتهم في مخيمات للاجئين، فاستقر شمّوط في مخيم للاجئين في غزة بعد أن ارتحل مشياً على الأقدام من بيته في مدينة اللد، وانتهى المطاف بالحلاّج والعلي في مخيمات للاجئين في دمشق وصيدا بعد أن تم تدمير قريتيهما سلمى والشجرة على التوالي. حصل شمّوط والحلاج على منح دراسية في مصر، أمّا العلي، فقام بتعليم نفسه بنفسه.
من بين الثلاثة حصل شمّوط على أعلى تقدير رسمي لاستيعابه المجازات اللغوية التقليدية وقيامه بنقلها إلى صور بصرية، وأصبحت النسخ الملونة لرسوماته الوطنية المباشرة بمثابة أيقونات معلقة في أغلب البيوت والمؤسسات الفلسطينية في المخيمات وسواها. أما الطباعة الحجرية الخاصة بالحلاّج فكانت ذات سمة شخصية أكثر: أشكال سوريالية لرجال ونساء وبهائم تحكي بشكل خيالي سرديات مواربة. أما ناجي العلي فاستخدم الفن الساخر من خلال أسلوب الكاريكاتير السياسي الذي يزاوج بين الرسم والكلمات من أجل الوصول إلى الناس في كل العالم العربي. وانتهت سيرته المهنية الاستثنائية التي امتدت عبر خمس وعشرين عاماً فجأة حين تم اغتياله في شارع في مدينة لندن.
المنقِّبون (1965- 1995)
نزح عدد كبير من الفلسطينيين إبان حرب سنة 1967 ورزحت مجتمعات كاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي. وعلى مدار العقود الثلاثة التي تلت الحرب، وعلى الرغم من النضال المتواصل من أجل تقرير المصير، لم تتحقق الطموحات الوطنية الفلسطينية. أما الفنانون الفلسطينيون، فقد سعوا، أينما عاشوا، إلى ربط معاناتهم الشخصية بالحلم الجماعي لاستعادة الوطن.
غالباً، بقي الفنانون الفلسطينيون الذين نشأوا في البلدان العربية على هامش الثقافة المحلية. إلا أنه وبعد تأسيس الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين سنة 1969، انتقلت معارض جماعية لفنانين فلسطينيين عبر العالم، فشاهد الجمهور العربي والأجنبي الصور المطبوعة بأسلوب الطباعة الحريرية (silkscreen) للفنانة ليلى الشوا (1940- )، والنقوش المزخرفة لعبد الرحمن المزيّن (1943- )، واللوحات التجريبية لعماد عبد الوهاب (1950- ) التي مثّلت كلها التوجهات المبتكرة الريادية في هذا المجال.
كانت الأردن ملاذاً لعدة موجات متعاقبة من اللاجئين الفلسطينيين واستقر فيها عدد من الفنانين الفلسطينيين الذين ساهمت أعمالهم في رسم ملامح الفن الأردني مثل: فاطمة المحبّ (1931- )، وأحمد نعواش (1934- )، وعفاف عرفات (1938- )، وسامية الزرو (1940- )، ومحمود طه (1942- )، وسهى شومان (1944- )، وعزيز عمورة (1945- )، وفؤاد ميمي (1949- ).
أمّا في الضفة الغربية وقطاع غزة اللتين وقعتا تحت الحكم العسكري، فقد وجد الفلسطينيون أنفسهم منعزلين في غيتو ثقافي. وعلى الرغم من انقطاعهم عن العالم العربي، فقد برز جيل جديد من الفنانين ممن تلقوا أو لم يتلقوا تعليمهم في مجال الفنون: كريم دبّاح (1937–2021)، وتيسير شرف (1937- 2001)، ونبيل عناني (1943- )، وكامل المغنّي (1944- )، وفيرا تماري (1945- )، وفتحي غبن (1947- )، وعصام بدر (1948 – 2003)، وسليمان منصور (1948- )، وتيسير بركات (1959- )، وفاتن طوباسي (1959- )، وسميرة بدران (1959- )، ويوسف دويك (1963- ). وفي سنة 1973 أسست هذه المجموعة من الفنانين رابطة الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، وكانت المعارض التي نظمتها أول تجليات الفن الفلسطيني على التراب الوطني.
مثّلت هذه المعارض شكلاً جديداً من المقاومة السياسية الفلسطينية تحت الاحتلال. بفضل تنظيمها في مدارس ومباني بلدية ومكتبات عامة، وكان لهذه المعارض أثر تحويلي إذ أصبحت بمثابة فعاليات مجتمعية تجذب أعداداً متزايدة من الزوار من كل قطاعات المجتمع. ولأن الفن الفلسطيني كان تعبيراً عن الهوية الجماعية، بدأت السلطات الإسرائيلية بفرض الرقابة العسكرية على كل المعارض وحظرت استخدام الألوان الأربعة للعلم الفلسطيني مع بعضها البعض، وتم إجهاض محاولة تأسيس غاليري محلي. وكانت المعارض غير المرخصة تتعرض لاقتحام قوات الجيش التي كانت تأمر الجمهور بمغادرة المكان وتصادر اللوحات. وفي كثير من الأحيان، كان الفنانون الفلسطينيون يتعرضون للاستجواب والاعتقال. غير أنه، مع كل ازدياد في شراسة الإجراءات العسكرية، كان يقوى رصيد الفنانين السياسي. ومع الوقت أثارت محنتهم مشاعر الاهتمام والاحتجاج لدى بعض الإسرائيليين وعدد كبير من المجموعات الدولية غير الحكومية.
كان فتحي غبن، الذي لم يتلق أي تدريب فني، نجماً سياسياً في محيطه بفضل رسوماته. ولد غبن في غزة، وبدأ بالرسم كتعبير عفوي مرافق لمشاركته اليومية في الأنشطة المجتمعية الاحتجاجية على حالة الحصار. تسبب فنه السردي المليء بالرموز الثقافية الشعبية باعتقاله المتكرر، وأدت لوحته التي جسدت ابن أخيه ذا السبعة أعوام بعد استشهاده بالرصاص خلال تظاهرة، إلى اعتقال غبن لمدة ستة أشهر لأنه رسم الطفل وهو يرتدي ألوان العلم الفلسطيني المحظورة. ولدى إطلاق سراحه قام غبن برسم تظاهرة شعبية تعتليها سماء مؤطرة بيدين مرفوعتين تتدلى منها أغلال مكسورة، وما بين اليدين المرفوعتين يركض حصان أبيض ملفوف بالعلم في السماء. ومن بين وجوه المتظاهرين المصغرة نجد وجه غبن نفسه.
وبينما يمكن اعتبار أعمال غبن فناً شعبياً، فإن أعمال تيسير بركات- وهو أيضاً من غزة- تعبّر عن سردية شخصية. ولد بركات وترعرع في مخيم للاجئين وتابع دراسته في الاسكندرية. يرسم بركات اشكالاً ضبابية بظلال ألوان الباستل تستحضر شبكة من التداعيات المجازية: ديك يعلن طلوع الصباح لسماء بنفسجية؛ شمس تتحول إلى كرة ذهبية يلعب بها رفاق المخيم؛ حمامات صغيرة تنام في عشها؛ طفل حافي القدمين يطير في الغسق فوق أرض المخيم الجرداء.
لعبت الآثار المدمرة للاحتلال الإسرائيلي وسياسات القمع المنهجية دوراً مركزياً في أعمال امرأة فلسطينية تلقت تعليمها الفني في الاسكندرية وفلورنسا قبل أن تستقر في برشلونة. ولدت سميرة بدران في طرابلس (شمال لبنان) حيث توجه والدها، الحرفي الفنان جمال بدران، ليعلم الحرف الاسلامية. بعد سنتين من عودة العائلة إلى الضفة الغربية اجتاحت اسرائيل المنطقة. تستوحي بدران رسوماتها من رؤى مشؤومة، تنتشر فيها ألسن اللهب الملتفة بألوان وارفة. وتمتلئ لوحات بدران بقطع آلات غريبة، وتروس فولاذية ملتوية، ومسامير، وبراميل، ودواليب مقيّدة. ويتناثر الحطام المتشظي وآثار الدمار ما بين الأطراف البشرية المقطوعة. أما الأحياء الوحيدون في هذه اللوحات فهم إمّا مكممي الأفواه أو مقيدين أو مسجونين في قفص.
ولد سليمان منصور في بيرزيت، وكان الفنان الفلسطيني الوحيد المعروف الذي درس في معهد بتسلئيل. تتأرجح أعمال منصور ما بين الواقعية التصويرية والأسلوب شبه التجريدي، وفي كلا الحالتين فإن أعماله مليئة بالصور المجازية. على سبيل المثال، في أحد أعماله الرمزية، يتدفق قوس قزح من خلال قضبان نافذة السجن، وحين يصل إلى داخل الزنزانة يتحول إلى ألوان العلم الفلسطيني. تستكشف الأعمال التجريدية لسليمان منصور قوام اللون وملمس الأرض. ويتضح من عناوين لوحاته أنها تمثل آثار قرى الأجداد التي تم تدميرها والتي مُحيت أسماؤها من الخرائط الاسرائيلية.
برز أيضا جيل جديد من الفنانين من بين المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل: عبد عابدي (1942- )؛ وليد أبو شقرة (1946- )؛ خليل ريان (1946- )؛ أسد عزي (1954- )؛ داود الحايك (1955- )؛ كميل ضو (1956- )؛ عاصم أبو شقرة (1961– 1990)؛ بشير مخول (1963- )؛ إبراهيم نوباني (1964- ).
ولد عبد عابدي في حيفا حيث عمل حداداً ورساماً لرسومات تزيينية لمنشورات عربية في إسرائيل. بعد إنهائه الدراسة في دريسدن، أصبح عابدي أول فلسطيني يقوم ببناء مجسمات فنية على ترابه الوطني. تمجد مجسماته الرمزية في الجليل صمود ومقاومة الإنسان ومن بينها جدارية سردية تصور صمود وتصدي النبي إيليا، ونصب برونزي يخلد ذكرى ستة فلسطينيين استشهدوا بالرصاص في يوم الأرض.
بالمقارنة مع ابن المدينة عابدي، فإن وليد أبو شقرة– المولود في أم الفحم وخريج فنون من لندن– كان مهووساً بإرثه الريفي. تصور نقوشه مشاهد طبيعية مسكونة بغياب البح شر ونزوح أهلها الأصليين: شجرة زيتون مقتلعة قابعة تحت الشمس؛ حقل محروث تحت ضوء القمر؛ شجيرات؛ أشواك، وأزهار برية تنمو من شقوق ما تبقى من البيوت المهجورة؛ شجر صبار كان في وقت مضى يحدد حدود القرى، باق حتى بعد أن تم محو تلك القرى عن الوجود.
وفي حين كان أبو شقرة يعبر عن علاقته الوثيقة بالأرض، دأب فنانون تشكيليون فلسطينيون في المنفى على تكوين فن تجريدي يمثل بعدهم عنها. من بين هؤلاء الفنانين: جمانة الحسيني (1932- )؛ سامية حلبي (1936- )؛ سري خوري (1941– 1998)؛ فلاديمير تماري (1942– 2017)؛ كمال بلاطة (1942-2019 )؛ منيرة نسيبة (1942- )؛ سمير سلامة (1944- )؛ ناصر السومي (1948- )؛ نبيل شحادة (1951- ).
على الرغم من ندرة الاتصال بين حلبي، وخوري، وتماري وبلاطة، إلاّ أنهم يتقاسمون شواغل بصرية تذكّر بتجربة المنفى التي يتشاركون فيها. أربعتهم ولدوا في القدس. بعد سقوط فلسطين، هاجر خوري وحلبي إلى الولايات المتحدة الأميركية مع عائلاتهما، واستقرت حلبي في نيويورك بينما استقر خوري في ميتشيغان. بعد ضم القدس استقر تماري في طوكيو وعاش بلاطة متنقلاً ما بين الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا.
استكشفت أعمال حلبي التجريدية الأولى التأثير البصري المتبادل ما بين التوريات المكانية. قد تتكون لوحاتها من دوائر حلزونية أو حزم من الخطوط القُطرية المستقيمة. تُستخدَم الألوان على شكل سطور خطيّة أحادية اللون بتداخل تدريجي انتقالي دقيق، وتُنسَج مناطق التباين بين الألوان الفاتحة والغامقة بإسهاب، وتلتقي التموجات من كل طرف قصي وتتلاشى تدريجياُ داخل بعضها البعض. تتحدى أعمالها مفهوم النسق والاستمرارية.
في المقابل، تستكشف أعمال سري خوري الانقطاع، وتوحي بحركة معرقلَة داخل فراغ أثيري حيث تنفصل أشكال هندسية بشكل فجائي أو تطفو بعيداً خارج حافّة الصورة. تشير هذه الأشكال غالباً إلى أجزاء مبعثرة من اشكال مألوفة: لمحة من سماء؛ نافذة؛ طائر يطير؛ طريق سريع أملس؛ زاوية غامضة. أحياناً ما يطرح دمج خوري للأشكال المجرّدة وتلك المألوفة المتشظّية حالة من الحيوية المعلّقة، غالباً ما تحيلنا إلى ممر ما بين المساحة الداخلية والخارجية، ما بين حدود الأسر والانعتاق.
أما ألوان الباستل المائية التي يستخدمها تماري، فتعرض مستويات لزجة من الشفافيات البرّاقة. وتذكرنا الأشكال غير المتبلورة، التي تتلاشى في خلفية غالباً ما تتكون من ألوان مبعثرة بشكل ارتجالي، بالأنماط الاعتباطية للجدران القديمة. ترشح ألوان تماري الموشورية من خلال أشكال ذات زوايا وتتقد بتباينات صارخة وكأننا في مكان مقدّس ننظر إلى العالم الخارجي من خلال الزجاج الملون. يتم تشكيل مساحات محبوكة من خلال ضربات قصيرة ورقيقة بفرشاة الألوان تشبه الأسلوب المقولب والمتكلف لرسامي الأيقونات البيزنطيين. إن أعمال تماري التجريدية تحيلنا إلى المشهد الطبيعي الذي غالبا ما يتم تمثيله على شكل صليب مما يحيلنا في الوقت نفسه إلى فكرة الجلجلة وبيته الشخصي الأصلي.
تتلمذ بلاطة في وقت مبكر على أيدي رسام الايقونات المقدسي خليل حلبي الذي كان له أثر كبير في تطوره الشخصي. وبقي لسنوات منبهراً بالأشكال الهندسية المربعة للخط العربي. قام بكتابة أجزاء نصيّة من مصادر مسيحية وإسلامية بألوان شفّافة وبأشكال ذات زوايا، وتصاميم دائرية هندسية في داخلها أنماط متكررة لكلمات عربية بحيث تستبدل القراءة بالرؤية والرؤية بالقراءة. إلاّ أن هذه الحروفية اختفت من لوحاته الإكريليكية في مرحلة لاحقة. أما أشكاله الهندسية التي ما زالت مبنية على المربعات، فإنها تتولّد من خلال مضاعفة الأشكال ذات الأضلاع الأربعة وتجزئتها، في حين يتخطى الاجتياز البصري للحدود بين ما هو داخل وما هو خارج التبادلية البسيطة. وبفضل الهندسة– التي يعني أصلها اليوناني “قياس الأرض”– يختط الفنان دون هوادة، من منفاه الذي يبعد مسافة تبلغ نصف العالم عن القدس، درب الانتقال من الذاكرة إلى الخيال.
من مدرسة القدس لرسامي الايقونات إلى الرسامين المقدسيين في المنفى، هناك جسور تربط بين الأعمال الفنية الفلسطينية وتتخطى المسافات التي تفصل ما بين الفنانين. وعلى الرغم من الانقطاعات، استمر الفن الفلسطيني في أماكن عدّة في نسج خيوط ذاكرة الفنان للمكان مع الصور الملهمة المستقاة من الثقافة المجتمعية.
قراءات مختارة:
مدرسة القدس لرسامي الأيقونات
Agemian, Sylvia. “Les Icônes Melkites.” In Virgil Candea, ed. Icônes: Grecques, Melkites, Russes (Collection Abou Adal). Geneva: Editions Skira, 1993.
Candea, Virgil, et al. Icônes Melkites. Beirut: Nicolas Sursock Museum, 1969.
عام
بُلاّطة، كمال. “استحضار المكان– دراسة في الفن التشكيلي الفلسطيني المعاصر”. تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2000.
بُلاّطة، كمال. “الفن التشكيلي الفلسطيني خلال نصف قرن، 1935– 1985”. في: “الموسوعة الفلسطينية”. القسم الثاني ـ الدراسات الخاصة. المجلد الرابع. دراسات الحضارة. بيروت: 1990.
بُلاّطة، كمال. “الفن في زمن الثورة الفلسطينية”. “مواقف”. العدد 13- 14 (1 كانون الثاني/ يناير 1971).
Boullata, Kamal. Palestinian Art: From 1850 to the Present. London: Saqi Books, 2009.
Boullata, Kamal. ‘Innovation in Palestinian Art.’ In Beral Madra and Ayse Orhun Gultekin, eds. Neighbours in Dialogue. Istanbul: Norgunk Yayincilik Publishers, 2005, pp. 11–20.
Boullata, Kamal. “Artists Re-Member Palestine in Beirut.” Journal of Palestine Studies 32, no. 4 (Summer 2003), pp. 22–38.
Boullata, Kamal. “The World, the Self and the Body: Pioneering Women in Palestinian Art.” In Yael Lerer and Tal Ben Zvi, eds. Self Portrait: Palestinian Women’s Art. Tel Aviv: Andalus Publishing, 2001.
Boullata, Kamal. “Recouvrer la distance. Une étude sur l’art palestinien: 1847-1997.” In Artistes palestiniens contemporains. Exhibition catalogue. Paris: Institut du Monde Arabe, 1997, pp. 11-41.
Boullata, Kamal. Faithful Witnesses: Palestinian Children Recreate Their World. Preface by John Berger. New York: Olive Branch Press, 1990.
Shilo-Cohen, Nurit. Bezalel 1906–1929. Jerusalem: Israel Museum, 1983.
الفن الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وإسرائيل
Boullata, Kamal. Between Exits: Paintings by Hani Zurob. Preface by Jean Fisher. London: Blackdog Publishing, 2012.
Boullata, Kamal. “Border Crossing and the Makings of Palestinian Art.” In Gordon Hon, ed. What Remains to Be Seen. London: Multi-Exposure Publications, 2004.
Boullata, Kamal. “Cassandra and the Photography of the Invisible.” In Jonathan Watkins, ed. Ahlam Shibli: Lost Time. Birmingham: Ikon Gallery, 2003.
Boullata, Kamal. Hope and the Aesthetic Moment. Ramallah: Qattan Foundation, 2003.
Boullata, Kamal. “‘Asim Abu Shaqra: The Artist’s Eye and the Cactus Tree.” Journal of Palestine Studies 30, no. 4 (Summer 2001), pp. 401–414.
Boullata, Kamal. “Facing the Forest: Israeli and Palestinian Artists.” Third Text 7 (Summer 1989), pp. 77–95.
Boullata, Kamal. “Palestinian Expression Inside a Cultural Ghetto.” Middle East Report 159 (July–August 1989), pp. 24–28.
Johnson, Penny and Vera Tamari. “Loss and Vision: Representations of Women in Palestinian Art Under Occupation.” In Annelies Moors, Toine van Teeffelen, et al, eds. Discourse and Palestine: Power, Text, and Context. Amsterdam: Het Spinhuis, 1995.
Johnson, Penny. “The Eloquence of Objects: The Hundred Martyrs Exhibit.” Jerusalem Quarterly File, nos. 11–12 (2001), pp. 90–92.
Johnson, Penny. “Ramallah Dada: The Reality of the Absurd.” Jerusalem Quarterly File, no. 16 (2002), pp. 52–56.
Murphy, Jay. “The Intifadah and the Work of Palestinian Artists.” Third Text 11 (Summer 1990), pp. 122–130.
Sherwell, Tina. “Terrains of Identity.” In Khalil Rabah, edited by Jack Persekian. Jerusalem: Gallery Anadiel, 1998.
Sillem, Maurits. “Opening and Closure: Gallery 79 and the Occupied Territories of the West Bank and Gaza Strip.” In Tales of the Unexpected. London: Royal College of Art.
الفن الفلسطيني في المنفى
Boullata, Kamal. ‘Foreword’ in Hubertus von Amelunxen. Steve Sabella. Photography 1997-2014. Ostfildern: Hatje Cantz Verlag, 2014, pp. 6–8.
Boullata, Kamal. “To Measure Jerusalem: Explorations of the Square.” Journal of Palestine Studies 28, no. 3 (1999), pp. 83–91.
Boullata, Kamal. “The View from No-Man’s Land.” Michigan Quarterly Review (Fall 1992), pp. 578–590.
Burnham, M. Anne. “Three from Jerusalem.” Aramco World (July–August 1990), pp. 15–21.
Halaby, Samia A. “Reflecting Reality in Abstract Picturing.” Leonardo 20, no. 3 (1987), pp. 241–246.
Wagstaff, Sheena, and Edward Said. Mona Hatoum: The Entire World as a Foreign Land. London: Tate Publishing, 2000.
جميع اللوحات المرفقة بالملف من مجموعة “سُرّة الأرض” (١٩٩٨، دارة الفنون) وهي متوالية أعمال مؤلفة من اثنتي عشرة لوحة، تم إنتاجها باهتمام من الفنانة سهى شومان وزوجها الراحل خالد شومان. قدّمت لنا الصور “دارة الفنون” مساهمةً منها في الملف.