«ورثة محمد»: بحث في جذر الخلاف السني الشيعي

Market in Jaffa

رمان

No designation provided

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

27/09/2016

تصوير: اسماء الغول

رمان

No designation provided

رمان

لم يعد يخفى على أحد أن لهذا الصراع القائم في المنطقة العربية اليوم جذور إثنية، وتدفعه مطامع طائفية لا تختلف بطبيعتها عن الأهداف الاستعمارية للدول الكبرى التي تحرك الصراع. ولعل لهذا الصراع الطائفي القائم اليوم جذور في التاريخ الإسلامي، بدأت بواكيرها في القرن السابع ميلادي. في جذر الخلاف هذا، يبحث كتاب «ورثة محمد.. جذور الخلاف السني الشيعي” الصادر حديثاً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. تأليف برنابي روجرسون، وترجمة عبد الرحمن عبد الله الشيخ، وتعليق عبد المعطي محمد بيومي.

“لقد كنت أقول إنه لا بد أن أعيش سبع حيوات أقضيها في الدراسة قبل أن أحاول كتابة فصل واحد عن التاريخ الإسلامي” كذلك يستهل المؤرخ الأنثربولوجي الانكليزي برنابي روجرسون كتابه «ورثة محمد» بتوطئة يؤكد فيها حذره في هذا البحث في التاريخ الإسلامي، ويشير إلى أن أي أخطاء في المعلومات الواردة في الكتاب هي من مسؤوليته وحده لعدم قدرته على الاطلاع على النصوص الأصلية المكتوبة بالعربية. يخيف التمهيد السالف الذي أورده روجرسون قارئ الكتاب، لكن سرعان ما يتبدد هذا الخوف في متن الكتاب، إذ يظهر جلياً عمله الدؤوب في توثيق الحوادث التي يدرجها، يضاف إليها موضوعيته في التعاطي مع الخلاف السني الشيعي.

يقسم روجرسون كتابه إلى جزأين، الأول يبحث فيه في أربعة فصول في حياة النبي محمد، إذ يدرس في الفصل الأول المعنون «المدينة» هجرة النبي إلى المدينة، باحثاً في التطورات التي طرأت على هذه الواحة مع قدوم الإسلام إليها، والتغيرات الجذرية في مجتمع المدينة بعد الهجرة، ودور (الأنصار) في دعم الدعوة الإسلامية في بداياتها، معتمداً في ذلك بشكل رئيسي على السيرة النبوية لابن اسحاق. ينتقل الكاتب في الفصل الثاني «علي الصحابي الأول للنبي» إلى شخص “علي بن أبي طالب” وموقعه داخل التاريخ الإسلامي، باحثاً في نشأته وعلاقته الوطيدة مع ابن عمه محمد. لا يستمد روجرسون مصادره في هذا الفصل من طرف واحد، بل يقف عند كل الأحداث التاريخية في حياة علي المختلف عليها، مورداً الرواية السنية والشيعة بموضوعية. لا يقحم نفسه في تفضيل رواية عن أخرى. يقف على الحياد ويترك مهمة التفضيل للقارئ.

«الجنود العرب في القرن السابع»، كذلك يعنون روجرسون الفصل الثالث، دارساً بنية الجيوش العربية بتحليل علمي نقي من الشوائب الاستشراقية، فـ “من المؤكد أن الفتوح العربية لم تكن أبداً نتائج سابقة. لقد كانت أموراً موزونة بدقة”. يتناول روجرسون هذه “الأمور” في هذا الفصل بإسهاب، محللاً عناصر القوة في جيوش الفتح الإسلامي، ابتداء بكيفية تكوين هذه الجيوش من أبناء القبائل العربية، وانتهاءً بدراسة التكتيك الذي استخدمه القادة العرب في هذه المرحلة المبكرة من الإسلام.

“لقد أثبت عثمان أنه كان صادقا مع نفسه ومع فكرته عن الإسلام. فرغم المعارضة التي أثارها فقد تذكر الناس في وقت لاحق أنه لم يأمر بقتل أي مسلم خلال فترة حكمه الطويلة”، بهذه الكلمات ينهي الكاتب الفصل الثامن الذي تناول فيه فترة حكم الخليفة الراشدي الثالث

في الفصل الأخير من الجزء الأول يبحث المؤرخ في الوضع الذي احتلته “عائشة وأمهات المؤمنين الأخريات” في المجتمع الإسلامي الجديد. وبالرغم من أن هذا الفصل يعاني من نقص يسير، بيد أن روجرسون ــ الذي أشار إلى هذا النقص في البداية ــ حافظ على اللغة العلمية المستخدمة في تشريح المجتمع الإسلامي الجديد والوضع الجديد للمرأة في شبه الجزيرة العربية عموماً.

ينتقل روجرسون في الجزء الثاني إلى دراسة مرحلة الخلافة الراشدية من خلال ستة فصول أصغر حجماً من سابقاتها في الجزء الأول، يتناول فيها الكتاب الخلفاء الراشدين الأربعة، شارحاً دور الخليفة الأول “أبي بكر” في حروب الردة عبر وصف دقيق وموثق لهذه الحروب ودورها في مسيرة الفتح الإسلامي و”اشتداد عود الدولة الإسلامية الوليدة حديثاً آنذاك”. يشيد الكاتب في الفصل التالي الذي خصصه للخليفة الثاني “عمر والانتصارات العظيمة” بشخصية عمر بن الخطاب السياسية، وقدرته على توسيع الفتح الإسلامي وفتح الأراضي المقدسة.

“لقد أثبت عثمان أنه كان صادقا مع نفسه ومع فكرته عن الإسلام. فرغم المعارضة التي أثارها فقد تذكر الناس في وقت لاحق أنه لم يأمر بقتل أي مسلم خلال فترة حكمه الطويلة”، بهذه الكلمات ينهي الكاتب الفصل الثامن الذي تناول فيه فترة حكم الخليفة الراشدي الثالث، مسهباً في الحديث عن هذه المرحلة من التاريخ الإسلامي، مشيراً إلى بداية اشتعال النزاع السياسي على السلطة الإسلامية. هذا النزاع الذي سيشتعل على أشده مع تسلم علي بن أبي طالب للخلافة، وهو موضوع الفصل التاسع، الذي يتعرض فيه الكاتب إلى النزاعات الإسلامية، واصفاً بدقة علمية المعارك الإسلامية الإسلامية (موقعة الجمل، صفين، التحكيم)، وباحثاً في ذلك عن أسباب هذا الخلاف، بأدوات نقدية بعيدة كل البعد عن الانحياز الطائفي. وعلى النهج ذاته سيكمل في الفصل الأخير من الكتاب “معاوية الأموي والإمام الحسن والإمام الحسين”، وهو الفصل الأكثر دموية في الصراع الإسلامي. والذي يتجلى فيه جذر الخلاف السني الشيعي الممتد إلى يومنا هذا.

يلحق روجرسون مُلحقين في آخر الكتاب، يحدد في الأول “ورثة النبي السياسيون بعد موت الحسين”، ماراً بسرعة على أطوار الدولة الإسلامية حتى نهاية عصر المماليك، وفي الملحق الثاني يتساءل “كيف يمكننا أن نعرف تراث عائشة (رضي الله عنها) بين رواة المدينة؟”، حيث يشير في هذا الفصل إلى أهم الرواة الثقاة في المدينة ودورهم في حفظ التراث الشفوي للإسلام.

يؤخذ على كتاب “ورثة محمد” إيجازه في بعض المواقع، وعدم توثيقه في أخرى، لكن يغلب عليه رؤية نقدية تستند إلى أدوات علمية في تشريح “جذور الخلاف السني الشيعي”، بموضوعية وحيادية غابت عن العديد من الدراسات والبحوث التي تناولت هذه المرحلة الحرجة من التاريخ الإسلامي.

الكاتب: رمان

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع