انطلقت فعاليات برنامج «استكشاف القدس ٢: العودة» بدورته الثانية في السادس من أكتوبر كجزء من فعاليات قلنديا الدولي. البرنامج عبارة عن نُزهة فنية في القدس لمدة ساعتين يخوض فيها المشاركون تجارب فنية مختلفة مقسمة على ست محطات فنية أنشأت خصيصاً في شوارع مدينة القدس وفي فناء بعض المؤسسات الثقافية فيها. تقوم كل محطة على فكرة فنية واحدة وتهدف لتفعيل الأماكن العامة من خلال نشاطات فنية مختلفة وروايات قصص وعرض موسيقي.
يُدير النشاط «حوش الفن الفلسطيني» الكائن في شارع الزهراء بالتعاون مع مجموعة من المؤسسات الثقافية والمحال التجارية التي استقبلت بعض التداخلات الفنية مثل جمعية «برج القلق»، وجمعية «أبناء القدس»، و«مول الدار»، و«الزاوية الهندية» في البلدة القديمة.
رحلة بسطة فنية بحثًا عن فناء فارغ من الخوف والسياسة في القدس
في مراحل التخطيط لفعاليات فنية في شوارع القدس تهجّرت محطة هيلين خضر وديبرا جونز أكثر من مرة خلال ثلاثة شهور حتى قرر طاقم «حوش الفن الفلسطيني» في اللحظة الأخيرة أن يضعوا المحطة على عجلات.
هيلين من القدس وديبرا من ويلز اجتمعتا في حوش الفن لترتيب إحدى محطات برنامج «استكشاف القدس»، تقوم فكرة هيلين وديبُرا على تفعيل المساحات العامة الخضراء في المدينة. تقول هيلين: “قُمنا نهايةً بتأسيس مُتنزه مُصغّر في الشارع ندعو مختلف الناس للارتياح فيه وتبادل الأحاديث وتكوين الذكريات.”
قبل أن يستقر المتنزه المُصغّر هذا، في مكان موقف سيارة في شارع الزهراء، كانت الخطة أن يقوم النشاط في حديقة كرم الخليلي، أكبر حديقة عامة خضراء للفلسطينيين في قلب شرق القدس المُحتلة، لكن بعد كل التحضيرات التي أدارها حوش الفن لإقامة الفعالية في كرم الخليلي وقبل أيام من انطلاق قلنديا الدولي تفاجئ طاقم الحوش بإغلاق البلدية الإسرائيلية لمدخل الحديقة العامة بحجة الترميم.
حاتم طحان من طاقم الحوش قال: “لم يتلقَ أحد أي إعلان قبل الإغلاق، كان الأمر مُفاجئا.”
كان على الطاقم أن يجد بسرعة مكاناً بديلًا للحديقة. فكانت الفكرة باستئجار موقف سيارة وتحويله لمساحة خضراء صغيرة وهي فكرة انتشرت في العديد من دول العالم. يقول طحان: “لقد استعملنا نفس الفكرة لأنها تتلاءم مع المعطيات لدينا فقد قررنا أن نجعل “البسطة” الخضراء على عجلات وبذلك نضمن أنها لن تُصادر من بلدية الاحتلال، لقد دفعنا أجرة الموقف وركنّا البسطة الخضراء فيه.”
أما علياء ريان، مديرة الحوش فقالت: “إن كل من يحاول ترتيب أي نشاط في الأماكن العامة في القدس سيصطدم بمعوّقات الخوف والسياسة”. وتحدثت عن محاولات أخرى حاول الحوش من خلالها تفعيل مساحات خضراء عامة صغيرة تملكها جهات فلسطينية خاصة، إلا أن أغلب المُلّاك رفضوا التعاون خوفاً من أن تلفت النشاطات الجماهيرية في المكان أنظار البلدية الإسرائيلية.
الخوف
يظهر ضجيج التوتر السياسي في القدس بين فترة وأخرى في أحداث الإغلاقات والاعتقالات والاقتحامات المباشرة التي تتناولها وسائل الإعلام. لكن التوتر موجود بشكل يومي في تفاصيل الحياة البسيطة. إهمال القدس وانعزالها الثقافي والجغرافي عن هويتها العربية وسياسات الضغط المستمرة وخيبات الأمل المتكررة راكمت الخوف وارتياب الناس من كل ما هو غريب عنهم.