«ألكا»، هو اسم دار النشر الجديدة التي ترى النور هذه الأيام، أو تعاود رؤية النور بعد توقّف لأعوام طويلة، تعود بإدارة الروائي العراقي علي بدر، وهو صاحب تجارب سابقة في مجال النشر وصاحب روايات بارزة كـ «بابا سارتر» و«حارس التبغ» و«ملوك الرمال» وغيرها..
عن الدار أخبرنا بدر أنها كانت أساساً عبارة عن جماعة تروتسكية من الطلبة العرب اللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين والسوريين، ومعهم بعض البريطانيين والأرجنتينيين والبرازيليين والتشيليين. تأسست في العام ١٩٦٧ بعد هزيمة حزيران، ثم تحولت إلى دار نشر فرنسية في مارسيليا للنشر باللغة الفرنسية، برئاسة كرم غطاس، وهو تروتسكي لبناني، ثمّ أُغلقت الدار.
والآن يُعاد افتتاحها كدار نشر باللغة العربية، ماركسية، في أقصى اليسار، طليعيّة، ودار نشر شعبية تؤمّن الأدب العالمي بأسعار منخفضة، ما يميّزها عن دور النشر التجارية.
ويخبرنا بدر بأن الدار قائمة لخدمة القارئ العربي ولغاية تكوين جماعة قرائية عربية في مواجهة التطرف الديني والاستبداد السياسي والاجتماعي والطائفي والعشائري، وهي كذلك منفتحة على الجماعات النسوية والمثليّة والحركات الرفضيّة والأناركية وعلى الحريات الجنسية.
وبخصوص العناوين التي ستنشرها الدار قال بأنّه تم إنجاز دراسة شاملة على النقص الحاصل في الثقافة العربية تخص نصوصاً ذات بعد تنويري وتحرّري في الثقافة الغربية لم يسلط الضوء عليها. منها مثلاً رواية «أنطونيو الوسيم» لفيتاليانو برانكاتي، والتي تتحدث عن شخص يؤمن بالفاشية في مرحلة من مراحل عمره ثم يبدأ بالتخلي عنها، وهي مرحلة في إيطاليا شبيهة بالمرحلة التي نمر بها اليوم في العالم العربي. ومنها كذلك «ملك النساء» لأدولفو بيوي كاسيريس، وهي حكايات فنطازية عن القمع والظلم واللاعدالة في أميركا اللاتينية. ورواية جورج برنانوس «تحت شمس الشيطان» التي تتحدث عن فكرة الإثم الديني وصراع الرغبة والإيمان لفتاة شابة صغيرة بعمر السادسة عشرة تخوض مغامرات جنسية مبكرة ثم تقع في حب راهب يكبرها في السن. وغيرها من الأعمال الإنسانية الكبيرة التي ظلت مهملة من قبل دور النشر العربية لأسباب عديدة.
وعن تسلّمه إدارة الدار، وهو أساساً كاتب، يقول بدر بأن ما طوّر النشر في الغرب هو وجود كتّاب محررون في دور النشر، ألبرتو مورافيا كان محرراً في دار بومبياني، ألبير كامو كان محرراً في غاليمار، ألدوس هسكلي كان محرراً في بنغوين… وتجربة «ألكا» الجديدة في وجود كتّاب كمحررين في النشر العربي ستسهم طبيعياً في إعطاء دار النشر مدارك معينة وسياسة عملية وعلمية أيضاً.
وقد عمل بدر مسبقاً في عدة دور نشر عربية، لكن ما يميّز هذه المرة، يقول، هو تمتّعه بالحرية الكاملة لتقديم سياسات نشرية كما يعتقدها هو. فقد فوّضته دار النشر تفويضاً كاملًا باقتراح سياسة النشر، وقد أعدّ دراسة تتضمن إصدار عشرين عملًا في العام ٢٠١٧ بدءاً من شهر تموز، ستسهم في تقديم رؤية جديدة عن الأدب الطليعي والإنساني والمتميز. والدار في طور البحث في الأسلوب الفني الذي ستتبعه لأغلفتها. وهي كذلك ستشرك الجمهور في إقرار السياسات والمنشورات، وهذا يحدث، عربياً، للمرّة الأولى.
أما بخصوص التوزيع، يقول بدر بأن الدار اتفقت مع شركة توزيع في لبنان (وهناك ستكون الطباعة كذلك)، وهي شركة عريقة ولها فروع متعددة في العالم العربي، وللدار تغطية ممتازة الآن في العراق، وهي منطقة مهمة من الناحية القرائية، وكما سيتم إصدار طبعات خاصة بالعراق وسوريا ومصر. لكن ذلك لا ينحصر في كتب الدار، بل يمتد كذلك إلى المجلتين اللتين ستصدرهما: واحدة تصدر بالفرنسية وهي عبارة عن ترجمات للأدب العربي إلى الفرنسية، فصول من روايات وقصائد وتقديم كتب وأخبار ثقافية متنوعة. وواحدة بالعربية ستقدم عروضاً للكتب الصادرة في العالم، وكيفية شراء حقوقها والتعريف بكتابها.
وأخيراً، يقول بدر عن اللوغو بأنه اللوغو القديم للدار، هو لوغو «ألكا» الذي تبناه الشباب العربي التروتسكي في العام 1967 بعد النكسة، وهو ذاته الذي خطه تروتسكي قبل خروجه من موسكو إلى المنفى. وقد فضّل بدر إبقاء اللوغو كما هو لأنه نادر اليوم، وقديم ومعبر أيضاً. أمّا الاسم، «ألكا»، فهو اسم عشوائي مثل دادا الذي قامت عليه الدادائية، يقول، لكنه يتوافق مع اسم شاعر روسي قتله ستالين في الثلاثينيات، ويتوافق كذلك مع المختصر الفرنسي للجمعية الحرة من أجل الثقافة والفن التي أسسها مجموعة من الطلاب العرب في الستينات، وهو طبعاً استمرارية لـ «ألكا»، أول دار نشر للأدب العربي بالفرنسية في الثمانينات.