صدر الكتاب حديثاً عن “المؤسسة العربية للدراسات والنشر”، وننشر هنا الفصل الأول من الباب السادس فيه.
تصريح بلفور: وثيقة تأسيسية لاستعمار استيطاني في فلسطين
يرتبط مشروع إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين بنظرية أو فكرة “الاستعمار الاستيطاني”. إذ تنطبق عليه معظم مركبات ومكونات هذه النظرية التي طورها عدد من منظري ومفكري الغرب في تسعينيات القرن العشرين على وجه الخصوص. ولا يزال هذا المجال يشهد تطورا فكريا وتحليليا بالاستناد إلى علمي الاجتماع والانثروبولجيا، بالإضافة إلى ركائزه على التاريخ وعلم السياسة. وتزداد يوما بعد يوم الاجتهادات المتعلقة به من خلال مقالات ونشاطات ذات صلة.
سنحاول في هذا الفصل الربط بين تصريح بلفور كوثيقة سياسية وتاريخية ذات علاقة مباشرة بأسس احتلال فلسطين وتحويلها إلى وطن قومي لليهود، وبين الاستعمار الاستيطاني.
لكن أولاً نتجه نحو تعريف شامل لمفهوم “الاستعمار الاستيطاني”، وثانيًا إلى بعض النظريات والطروحات بشأنه. وثالثًا إلى علاقة كل هذا بتصريح بلفور.
فوفقًا لما اوردته الموسوعة الحرّة ” فإنّ الاستعمار الاستيطاني يستولي على الأرض من أهلها ثم لا يكتفي باستغلال السكان وإنما يقتلعهم من أرضهم وديارهم بالإبادة أو التهجير، فهو يُحوّل البلاد التي يستعمرها إلى “أرض بلا شعب” ليجعلها أرضًا خالصة له من دون أهلها!. فالاستيطان هو أن يقوم غرباء باستيطان أرض لا تخصّهم بتأييد من دول أوروبا الاستعمارية، فقد تمّ نقْلُ سكان من أوروبا إلى المناطق المكتشفة في العالم والخالية من الحضارة الأوروبية، كأميركا وأستراليا. وحصل المستوطنون على الأرض وأبادوا أو عزلوا سكانها الأصليين. وتنبثق الطبيعة العنصرية للاستعمار الاستيطاني من إيمان المستوطنين بتفوقهم الحضاري واحتقارهم للسكان الأصليين، وشعورهم بالتفوّق عليهم وتمدينهم بالقوّة.
ركّز المستوطنون على احتلال الأرض من السكان الأصليين واستعمارها وجعلها خالية منهم، وترحيل السكان الأصليين خارج الحدود إلى الدول المجاورة. فالمستوطنون غرباء جاؤوا من وراء البحار واستقرّوا في أراض ليست لهم وهدفهم زيادة الهجرة وزيادة الأراضي المغتصبة وكسر إرادة السكان الأصليين بالقوّة والإرهاب والإبادة والعنصرية. ويعمل الكيان الاستيطاني على تشجيع الهجرة، هجرة البيض، وازدواجية الجنسية. ويترافق تشجيع الهجرة مع عملية تهجير (ترحيل) السكان الأصليين وحصر ملكية الأرض بالأوروبيين، فملكية الأرض تنتقل من السكان الأصليين إلى المستوطنين.
وتدّعي النُظم الاستيطانية بأنها نُظم ديمقراطية، وهي في الحقيقة ديمقراطية للمستوطنين فقط ونُظم إرهابية وعنصرية تجاه السكان الأصليين. وتتجلّى عنصرية المستوطنين وإغراقهم في التمييز العنصري والإبادة باستخفافهم بحقوق وحياة وكرامة السكان الأصليين، فارتكاب المجازر حدث طبيعي في سلوكهم وممارساتهم، وثبُت بجلاء التحالف الاستراتيجي بين أنظمة الاستعمار الاستيطاني والدول الاستعمارية”..
ويتفق الباحثون في ميدان الاستعمار الاستيطاني على وجود ستة ركائز تميزه:
أولاً: علاقة الاستعمار الاستيطاني الاقصائية مع السكان الأصلانيين.
ثانيًا: علاقته المؤقتة مع المركز الإمبريالي.
ثالثًا: علاقته الدائمة مع الأرض المستعمرة.
رابعًا: كثافة الخطاب الايديولوجي والإقصائي الذي يوظفه.
خامسًا: بنائه لتشكيلة رأسمالية تابعة.
سادسًا: هندسته الاجتماعية الدقيقة.
وعلى أرض الواقع تنوّعت حالات تطبيق الاستعمار الاستيطاني ولم تبق محصورة في إطار أو ميدان واحد. فيمكن أن تكون إبادة جسدية كاملة أو جزئية، أو إبادة عن الأرض الأرض، أو العزل في معازل أو محميات، أو محو ثقافي من خلال عدم التعامل مع لغة الاصلانيين مثلاً وثقافتهم. ومن الممكن أن تكون من خلال فرض ثقافة المستعمر على السكان الاصلانيين.
أما الإبادة الثقافية فلا تنحصر فقط في إزالة تامة، بل من خلال عملية دمج السكان الاصلانيين بثقافة المستعمِر.
الاستعمار الاستيطاني لم يلجأ في حالات معينة إلى إزالة/ إبادة كاملة لحاجته إلى ايدي عاملة لتقوم بعمليات بناء مشروعه. وهذا ما حصل ولا يزال للمشروع الاستعماري الصهيوني في فلسطين منذ تأسيسه.
أمّا الركيزة الثانية فهي ان الدولة الاستعمارية تؤسس رأسمال أو تعمل على نقل رأسمال من دولتها إلى المستعمرة وتعزّزه. وهذا ما قامت به بريطانيا مع المشروع الصهيوني أولاً ثم الولايات المتحدة، إلى أن يتمكن الاستعمار الاستيطاني من الاعتماد على ذاته، ويبدأ بالتخلص رويدًا رويدًا من مؤسسه. بمعنى آخر يعمل الاستعمار الاستيطاني على بناء كيانه مستقلا عن الدولة الاستعمارية الأم، وهذا الحال ينطبق بالتمام على المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في فلسطين.
ويعمل الاستعمار الاستيطاني على إنتاج ثقافته مستقلة عن مصدر تأسيسه، بفعل إنتاج من جديد للمكان وكافة مركباته الاسمية والمضمونية والشكلية. وهذا في حد ذاته استعمار المكان من خلال استعمار زماني تاريخي بادعاء أن هذا المكان في زمن مضى كان ملكا للمستعمر الصهيوني، في حالة فلسطين مثلا.
ويستند الاستعمار الاستيطاني على خطاب إقصائي قوي جدًّا جعل ولا يزال الصراع في فلسطين مؤسّسًا على قاعدتين: دينية وقومية، أي صراع ديني قومي. يهودي – عربي. أمّا في إطار الصراع بين اليهودي الصهيوني الغربي – الاشكنازي واليهودي الشرقي السفارادي فتمّ استخدام خطاب استعلائي وليس اقصائيا بحكم كونهم يهودًا، لكن حضارتهم ليست حضارة البيض أسوة بالاشكناز .
وضمن إطار خطاب الاستعمار الاستيطاني فإنّه يميل إلى التعامل مع السكان الاصلانيين بكونهم “آخرين”، أو كونهم “ليسوا يهودا”(يمكن ملاحظة هذا بوضوح في عناوين لوائح احصائيات التي يصدرها المكتب المركزي للاحصاء في اسرائيل). بمعنى آخر أنها تتعامل معهم وتتعايش بشكل أو بآخر، لكنهم يبقون بتعريفاتها اللفظية والفعلية “آخرين”. (خصّصت وزارة التربية والتعليم في اسرائيل في حكومة نتنياهو الرابعة سنة كاملة تحت شعار “أنا هو الآخر”. وهذا الشعار هو في حدّ ذاته ينطبق على مفهوم التعامل الذي ذكرناه أعلاه).
وهذا يعني إعادة تشكيل من جديد لمفاهيم تغوص عميقًا في قاموس الخطاب اليومي والحياتي للمجتمع المستعمر، وفي حالات كثيرة يتبناها المجتمع الاصلاني بحكم أن يده ليست على زناد برامج ومناهج وكتب التدريس التي تترك أثرًا كبيرًا في هذا السياق، بفعل كونها ممنهجة ومبنية بدقّة متناهية على يد قيادات الاستعمار الاستيطاني. وهو – أي الاستعمار الاستيطاني – يرفض بشدّة اتاحة أي فرصة لأي طرف خارجه على صياغة مشروع تعليمي – تربوي مستقل خاص بالاصلانيين.
وبعد هذه المقدمة النظرية لمفهوم (وبعض تطبيقات) الاستعمار الاستيطاني، نتجه نحو التوسع في فهم العلاقة بين الاستعمار الاستيطاني والصهيونية وصولاً إلى تصريح بلفور الذي يُشكل محطة فارقة ومهمة في نقل الفكرة إلى الواقع من خلال تبنّي دولة استعمارية للمشروع الاستعماري الصهيوني.
ففي زمن تعزّزت فيه رياح الفكر القومي في نهايات القرن الـ 19 ومطلع الـ 20، تم إلباس أعداد كبيرة من اليهود الزي القومي. وهذا يعني اختراع قومية يهودية، عِلمًا أنّ اليهود ليسوا قومًا بل ديانة. وتوسعت التنظيرات الصهيونية لفكرة قومية اليهود لدرجة أنْ بلغت مستوى عنصري بارز بتمسكهم بمقولة او شعار “شعب الله المختار”. وهذا ليست فقط نظرة استعلائية إنّما فوقية، ميّزت العرقية التي انتشرت لظاها في اوروبا في الفترة الزمنية التي أشرنا إليها سالفًا.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الفكرة الصهيونية المؤدلجة بالقومية انطلقت من حضن الكولونيالية الاوروبية، أي من صميم حضارة الانسان الأبيض صاحب الرسالة. وانساق قياديو ومفكرو وآباء الصهيونية تحت لواء هذا الفكر الكولونيالي، وكان أبرزهم هرتسل ثم وايزمان وغيرهما كثير.
وصاغ هرتسل في كتابه “دولة اليهود” خطة صهيونية مؤسسة على ثلاثة أسس: استعمار فلسطين. خلق شعب يهودي. وإقامة حركة تقودهم إلى تحقيق الغاية المركزية وهي إقامة دولة.
وعملت الحركة الصهيونية على تنظيم عمليات تهجير لجماعات من اليهود الفقراء أو اليائسين أو المتعلمين العاطلين عن العمل ليصلوا إلى فلسطين، وهؤلاء كانوا وقودًا اوليًّا للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في فلسطين.
وجعل هرتسل قضية اليهود الشغل الشاغل لسياسيين كُثُر في عدد من الدول الاوروبية. وتابع مسيرته ولكن بزخم أكبر وايزمان، وهذا ما بيّناه في عدد كبير من فصول هذا الكتاب.
هذا الربط بين الامبريالية (الاستعمار الكولونيالي) والصهيونية ساهم في نمو المشروع الاستعماري الصهيوني الإحلالي. ونقصد بالمشروع الصهيوني حتمية قيامه باقتلاع شعب فلسطين وإحلال يهود أو جماعات متهودة اسميًّا.
وجدير ذكره هنا أنّه لم يكن هناك أي نص أو وثيقة واضحة لاعتراف حكومة اوروبية باليهود كشعب قبل تصريح بلفور. فإصدار هذا التصريح هو عمليًا اعتراف رسمي من قبل بريطانيا أكبر دولة استعمارية في العالم في ذلك الوقت، بالمشروع الصهيوني بتحويل فلسطين إلى وطن قومي للشعب اليهودي. ولننتبه إلى أنّ التصريح استخدم عبارة “الشعب اليهودي”.
ولتحقيق الهدف البريطاني المؤسّس على أهداف الصهيونية كان لزامًا على بريطانيا أن تقوم باحتلال فلسطين، تمهيدًا لإقامة الدولة اليهودية عليها، وفي الوقت ذاته تحقق بريطانيا عملية تمزيق وحدة العالم العربي، والحيلولة دون تحقيق العرب لحلمهم بالوحدة، إن كان هكذا حلم قد راود بعض قياداتهم في تلك الفترة. بالإضافة إلى صرف فرنسا عن مطالبها بفلسطين كجزء من أطماعها والتي تم التعبير عنها في 1916 في اتفاقية سايكس – بيكو.
نظرت بريطانيا من خلال التصريح إلى اليهود باعتبارهم شعب، وهذا يتسق مع فكرة أو قاعدة الرجل الأبيض. فالقصد هنا بيهود اوروبا وليس غيرهم، بالرغم من أنّ التصريح لم يُحدّد عَلنًا أي مجموعة يهودية. وبالتوازي مع اعتراف التصريح باليهود كشعب، تبنى التصريح عبارة استعلائية اقصائية في تعامله مع السكان الاصلانيين في فلسطين، فآعتبرهم سكان من الطوائف غير اليهودية. وهنا لا اعتراف بكونهم ينتمون إلى القومية العربية. وهذه النظرة غير محصورة في كونها استعلائية أو إقصائية إنّما تتسق تمامًا مع تفتيت السكان الاصلانيين إلى مجموعات دينية وطائفية، لتجعل لليهود فرصة الاستيلاء على الحيّز بكونهم شعب.
إذن، من الواضح أنّ التصريح يؤسس لهذه النظرة الفوقية والاستعلائية والحط من مكانة وقيمة السكان الاصلانيين، وهذا ايضًا يتماشى مع كون التصريح يبني لقاعدة استعمارية في فلسطين. وهذا بحدّ ذاته يُبيّن لنا استراتيجية التصريح المستقبلية وموقف الحكومة البريطانية راعية التصريح وراعية عمليات تطبيقه على أرض الواقع في فلسطين.
ومما لا شك فيه أنّ عبارة “إقامة وطن قومي” تشير إلى وجود مخطط استعماري بريطاني متوافق مع “الاماني الصهيونية” في تحقيق مشروع الدولة اليهودية في فلسطين. و”ستعمل كل ما في وسعها” وهذه ايضًا إشارة واضحة إلى تجنيد الأموال اللازمة لتحقيق المشروع، ومن سيقوم بتمويله هم اليهود الأثرياء المرتبطين بروابط قوية مع الاستعمار البريطاني، أمثال آل روتشيلد.
ولم يُشِر التصريح لا بالعلن ولا من خلف السطور والكلمات إلى كيفية تعاطي الاستعمار مع السكان الاصلانيين ماليًا… ما أشار إليه هو عدم المس بحقوقهم الدينية والمدنية… فأولاً لم يعترف بحقوقهم السياسية والقومية، وهذه اشرنا إليها. أمّا الدينية فهي محصورة بالطقوس والشعائر والأماكن المقدسة، والمدنية هي حقوق أساسية كالتعليم والطبابة وغيرها. إذن، تمّت عملية انتقاص الحقوق الكاملة للسكان الاصلانيين، وتحديد كيفية تعامل الدولة اليهودية حال إقامتها معهم. وهذا يعني عدم الاعتراف بالسكان الأصلانيين كسكان اصلانيين ومعاملتهم على قاعدة غير اليهود أي أقليات. وأنّ هذه الأقليات هي الأغلبية في وطنها تاريخيًا، وما حصل في 1948 كان اقتلاعها وترحيلها عن وطنها. من بقي منها تعاملت معه اسرائيل على قاعدة أقليات طوائف. وهذا ينسجم بالتّمام مع ما ورد في تصريح بلفور. وبالتالي ينسجم مع العلاقة بين الاستعمار الاستيطاني والمشروع الصهيوني الاقتلاعي والاحلالي.
في حين أنّ علاقة اليهودي غير الصهيوني تبقى مع دولته الأم من خلال الحفاظ على حقوقه السياسية. ونفهم من هنا أنّ اليهودي غير الصهيوني موافق على مشروع التصريح أي إقامة وطن قومي لليهود، لكن ألا يفقد حقوقه السياسية، أي حقوق المواطنة. معنى ذلك، توفر مكسبين لليهود. كسب الصهيونيون اعتراف بريطانيا بحقّهم في إقامة دولة لهم، وتحديدًا في فلسطين. وكسب اليهود غير الصهيونيين مسألة الحفاظ على علاقتهم مع وطنهم الأم، وبالتالي على حقوقهم وجنسيتهم. في حين أنّ الفلسطينيين لم يكسبوا شيئًا، إذ لم تعترف بهم بريطانيا كـ “شعب” و”فلسطيني” تحديدًا، وبالتالي انقصت عنهم هويتهم القومية.
التوافق هنا بين صيغة تصريح بلفور وصيغ الاستعمار وتعريفاته متماسكة فيما بينها بقوة وبشدّة. فما أصدره بلفور في تصريحه دون استشارة السكان الاصليين أو أخذ مصيرهم بعين الاعتبار هو ما يتفق مع العلاقة بالاستعمار الاستيطاني.ـ
ولا شك في أن بريطانيا احتاجت إلى ضخ قوى بشرية لتخدم مشروعها وبالتالي تقوم هذه القوى بتأدية مهامها وفقًا لأجندة ايديولوجية عقائدية من القطب الديني وحتى القطب القومي. هذه هي تيارات الصهيونية المتعددة والتي تصّب في نهاية المطاف في بحر واحد، وهو مشروع الدولة اليهودية. ولنذكر هنا ما صرّح به هربرت صموئيل حينما كان شريكًا في المفاوضات بين الطرف الصهيوني والحكومة البريطانية تمهيدًا لإصدار التصريح بأن بريطانيا ستجني الفوائد الاستراتيجية من تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين والاستقرار فيها حتى يصبحوا أغلبية سكانية ما يضمن بقاء بريطانيا فيها وفي المنطقة ضمن مشروع الهيمنة الذي كانت تقوده في المنطقة. وأيضًا حذر حاييم وايزمن (في رسالته لتشرتشل) القوى الاستعمارية من الاعتماد على الولاء العربي (عقب ثورة الشريف حسين ضد الدولة العثمانية) وبأنّ عليها الاعتماد على اليهود الموالين للغرب، أكدّ وايزمن على ذلك في رسالة لصديقه بقوله: “إذا دخلت فلسطين في نطاق النفوذ البريطاني، وإذا شجعت بريطانيا عملية استيطان اليهود هناك، وأصبحت دولة خاضعة لبريطانيا، فسيصبح هنالك (خلال عشرين إلى ثلاثين عاما) مليون يهودي سيقومون بتطوير البلد واعادتها للحضارة ويشكلون حماية فعالة لقناة السويس”.