“سلسلة حسن الرماح” .. فصل من رواية «عصافير داروين» لتيسير خلف

رمان الثقافية

مجلة ثقافية فلسطينية

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

27/04/2018

تصوير: اسماء الغول

رمان الثقافية

مجلة ثقافية فلسطينية

رمان الثقافية

صرف راجي شهر كانون الأول 1892 وهو يتنقل بين مزارع الخيول، من مرج ابن عامر إلى الناصرة إلى طبريا إلى حوران، وفي كل مرة كانت تواجهه المشكلة نفسها؛ اضطراب في سلسلة نسب المعروض للبيع أوانقطاعها، فاتخذ هذه المنقصة حجة قوية عند المساومة على الأثمان!

ولكنه يحتاج إلى عدد من الخيول الأصيلة مع مشجرات أنسابها الممهورة بأختام أهل الخبرة، وهذه الخيول للأسف الشديد، غير معروضة للبيع!

أمضى الليلة الأولى من زيارته إلى سنجق حوران في بيت خوري قرية خسفين، على ضفة وادي الرقّاد الغربية.. لم ينم أكثر من ساعتين، ربما لتغيُّر فراشه، أو بسبب الرياح العاتية التي تهب في الخارج وتسبب ضجيجاً مقلقاً.

عند بزوغ الشمس حضر دليل من القرية لكي يوصله إلى مزرعة الشيخ ابن سُمَير، على الضفة المقابلة من الوادي.. ابن سُمَير هذا صاحب إحدى سلالات الخيول الأصيلة التي تسمى بـ”السُمرية”.

كان الجو صاحياً على غير المعتاد، ومدى الرؤية يصل إلى ما بعد جبل الشيخ شمالاً، وجبال الجليل غرباُ، وجبال عجلون جنوباً.. رياح الليلة الماضية جلت السماء من الغيوم، ولكن لسعات البرد قارسة، وقطعان البقر الجولاني الأحمر تمضي بخفة إلى مراعيها في وهاد الأودية، وفي البعيد أسراب الأغنام المتجهة إلى الغدران، وفي الأفق أحراج السنديان والبلوط والزعرور التي تكلل خطاً متصلاً من التلال المتجهة جنوباً.

منذ زمن بعيد لم يستيقظ بمثل هذا النشاط، وكأنه شرب ترياقاً أعاد له خفة الشباب.. لم يحدث أن رأى هذا المنظر المبهج البديع من هذه الزاوية.. كثيراً ما رآه من الناصرة حين كان يقضي بعض أيام الصيف في بيوت أخواله.

مضى به الدليل من طريق وعرة زلقة؛ كادت أن تطيح به وبالجواد في أحد الشقوق البازلتية.. بعد أن استعاد توازنه رمق الدليل متسائلاً، فأشار إلى البعيد، حيث تلتمع ظهور حيوانات بنية تحت أشعة الشمس المائلة.. لم يستطع أن يميزها جيداً، فقال الدليل:

– هي خنازير برية في طريق عودتها إلى جحورها الصخرية، اخترت هذا الطريق لكي لا تفاجئنا بأنيابها.

اجتازا جسراً مقنطراً خارج أراضي خسفين عند فم الوادي السحيق، قادهما إلى أرض موحلة صعبة العبور، ثم إلى صبَّة بازلتية مستوية كأن يد حجار سوَّتها، وما هي إلاَّ ساعة واحدة حتى كانا في مزرعة ابن سُمير.

رحب به الشيخ ترحيباً حاراً حين سمع اسم والده، وتأسف كثيراً على موته المفاجئ، وعندما عرف غرضه اصطحبه إلى الإصطبل وحدثه بإسهاب عن سلالة الحمداني السمري المتصلة بكحيلة العجوز عن طريق الأم.

لم يتجرأ على سؤال الشيخ عن البيع والشراء، فقد كان يتحدث عن الجياد والأفراس والأمهار كما يتحدث المرء عن أشقائه وأبنائه.

على مائدة الغداء الدسم أخبره الحاضرون، بعد أن عرفوا قصته، عن حسن الرماح، أحد مجانين الخيل في البلاد.. كان المتحدثون يضحكون بقهقهات عالية وهم يتفكَّهون بنوادره الكثيرة، وإحداها أنه يطعم خيوله شعيراً محمصاً بسمن عربي؛ وهو لا يكاد يجد ما يقيم أوده، وأن عروسه فرت من بيته بعد أسبوع واحد من زواجهما؛ حين بحثت عنه ذات يوم ووجدته يكلِّم فرسه!

حين هدأت عاصفة الضحك قال أحد الجالسين:

– إنصافاً للرجل، هو واحد من قلة قليلة لاتزال تحفظ أنساب الخيول الأصيلة.

وأردف آخر:

– هو صاحب القول الفصل إذا اختلف المتخاصمون على نسب حصان أو فرس في عموم الولاية.

سأل عن بيته فقالوا:

– في نهاية الدغل المنحدر إلى الوادي.

امتطى راجي جواده ومضى نحو الدغل البعيد يتبعه الدليل.. كانت الشمس تميل نحو الغروب ولسعات البرد بدأت تقرصه، رأى من بعيد رجلاً يداعب مهرة صغيرة، فمضى نحوه، وحين اقترب منه، وجده أربعينياً، نحيفاً، بعينين قلقتين، وشارب أسود بش في وجهه، فبادره من فوق ظهر الجواد:

– كيف حالك يا حسن؟

رد حسن الرماح وهو يواصل مداعبة المهر:

– نحمد الله.

نزل عن الجواد، فهرع الدليل وقبض على اللجام واقتاده بعيداً.

نبهت حركة الدليل حسن إلى أن الرجل مهم، فترك مداعبة المهر ووقف مرتبكاً لا يدري ما يفعل.

قال راجي:

– أخبروني أن لديك فرساً تريد بيعها.

نظر حسن إلى الرجل باشّاً:

– لم نتعرف على حضرتك؟

قال راجي:

– أنا ابن أبي شبلي النصراوي.

وما إن سمع الاسم حتى رفع يديه إلى الأعلى وهو يقول بحماس:

– يا هلا بالبك ابن البك، أبوك صاحب فضل على هذه الرقبة.. أهلا وسهلاً. لنمض إلى الغرفة.

في طريقهم قال لراجي:

لازلت أذكر ذلك اليوم الذي استقبلنا فيه والدك نحن وخيولنا لثلاثة أيام في عرس شقيقك الأكبر، لقد احتاج إلى خمسة من عمال الفعالة في نهاية العرس؛ كي يزيلوا طبقات اللبن والسمن والبرغل المتراكمة في أرض المضافة!

قال راجي ساخراً:

– إنه عامل واحد جعله الناس خمسة!

– ولكنه عرس لم تشهده البلاد من قبل.. رأيت الناس يحضرون إلى بيتكم، ويخرجون بصحون اللحم والأرز والبرغل، والسمن العربي يسيل من أكواعهم.

سأله راجي وهو يهم بالجلوس على فراش وثير، محاولاً تغيير الحديث عن السمن العربي، والبرغل، واللحم المطبوخ باللبن؛ المثير لغثيانه بعد وليمة ابن سُمير الدسمة:

– أخبرني يا حسن عن الكحائل الخمس.

قال حسن بعد أن سكب فنجان القهوة المرَّة وقدمه لضيفه وهو يبتسم:

– هي الأفراس الخمس ذات العيون الكُحل التي اصطفاها الملك النعمان من بين خيول العرب، ومنها ولدت جميع السلالات التي نعرفها اليوم: البيض، والمعنقات، والدعج، والسعد، والبتر، والجرز، والتياس، والجلف، والمخلديات، والنوفليات، والسمحات، والجلفات، والفريجات، والبعيرات، والجعيثينيات، والكبيشات، والخلاويات، والبطايات، والودنات، والمريعيات.

كان حسن يعود للحديث عن كُحيلة العجوز في كل مرة يأتي فيها على ذكر صفة من صفات السلالات التي عددها، وكان راجي يزداد ضيقاً من كثرة الأسماء والتفاصيل، فنهض وخرج من الغرفة يتبعه حسن..

وقف راجي أمام المهرة الصغيرة الدهماء وتأملها باهتمام كبير.. لم يتمالك نفسه وهو يرى عينيها الجميلتين، فجثا على ركبتيه وعانقها وصار يداعب خصلات الشعر المنسدلة على ناصيتها.. لم تذكِّره إلا بابنته الصغيرة، فضمها بقوة وقد طفرت من عينه دمعة اشتياق.

قال حسن، متابعاً حديثه السابق:

– من نسل الكحائل الخمس، ولدت مهرة في عجيج معركة بين قبيلتين من قبائل العرب، ولحقت بأمها التي فر صاحبها من عمق الجزيرة إلى ضفة الفرات، وهي ابنة ساعة واحدة!

وحين وصلوا إلى المضارب اقتربت لتلتقط ضرع أمها، فانصدعت قوائمها وسقطت بلا حراك، وظنها الفارس ميتة فألقى بها بعيداً.. وفي الليل، سمعت عجوز القبيلة كلبها ينبح على بنات آوى، فخرجت بعصاها، وإذا به يجر بأسنانه مهرة صغيرة تلتمع عيونها بالدموع، فضربت الضواري العاويات، وأرضعتها من ثدي شاتها حتى غدت قادرة على قضم العشب، وفي الثالثة من عمرها اشتهر أمرها وظهر وبهر، فسعى شيوخ القبائل لاقتناء أمهارها، ودعيت منذ ذلك الوقت باسم “كحيلة العجوز”، ومن لا ينتسب لهذه الفرس لا يعول عليه!

ساد الصمت بعد أن أنهى حسن القصة.. كان راجي يحاول بصعوبة بالغة أن يربط بين الأسماء والأحداث التي سمعها، فأردف حسن وقد علت وجهه ابتسامة غامضة:

– والآن؛ سأبوح لك بسر! من بين الخيول التي رأيتها جميعاً لن تجد أصفى نسباً من هذه المهرة، وأمها نجمة، ووالدها الدبران.

وفي موجة من الحماس هرع حسن إلى صندوق خشبي في زاوية الغرفة وأخرج لفافتين صفراوين، وقال لراجي وهو يريه الأسماء والأختام:

– هذه سلسلة نسب نجمة، وهذه سلسلة نسب الدبران، لقد بحثت في جميع مضارب العرب عن فحل لفرسي الكُحيلة الدعجاء ينتمي إلى سلالة الصقلاوي نجيم الصبح، فوجدته بعد عناء وبحث طويلين عند الشيخ راشد المعجل في وادي السرحان، حين كان عائداً من حمص إلى نجد، فولدت نجمة من هذا الزواج المبارك، أما الدبران فقد أخذته من أمه، عبية لبدة، مهراً لا يتجاوز الأسبوعين، واستبدلته بفرسي الكحيلة الدعجاء، ولست بنادم.

لم يفهم راجي شيئاً من سلسلة النسب التي ذكرها حسن لهذه المهرة الصغيرة، ولكنه أدرك أن الأمر اقتضى منه جهداً ليس باليسير، فأن يضحي بفرس أصيلة من سلالة الكحائل الخمس مقابل مهر صغير، فهذا يعني أن المهر يستحق هذا العناء.

هبط حسن وراجي طريقاً وعرة، وانحدرا في واد صغير تتكاثف فيه أشجار البلوط والزعرور، قبل أن يصلا إلى بيت قديم  شاسع مسور بحجارة البازلت، وسط حرج من السنديان المعمِّر.

على أسكفة الباب البازلتي كان ثمة صليب بيزنطي كبير منحوت، وتحته كتابة يونانية قرأ منها (CΕΡΓΙΟΜΕΓΕΘΟΥ)، “سيرجيوس المعظَّم”، ثم فهم عبارة أخرى من الكتابة “في أيام البطريق الأمجد”.

أدرك راجي أن المبنى دير قديم مهجور على اسم القديس الجندي سيرجيوس، من أيام أحد ملوك الغساسنة، فصلَّب قبل أن يلج البوابة المعقودة، وفي الداخل كانت النباتات البرية تغطي فسحة الدير، وثمة أعمدة محطمة تتناثر قرب قاعدة تمثال بازلتي عليها صورة أربعة جياد تجر عربة يركبها رجل تحيط برأسه هالة من أشعة الشمس، كان رسم الجياد لافتاً في دقته، وخصوصاً رؤوسها المشرئبة.. في زاوية قصية من الجدار الخارجي لإحدى الغرف؛ رأى كتابة مطموسة، حاول قراءة حروفها فلم يستطع.. كان قد نسي الكثير من المفردات اليونانية التي تعلمها في مدرسة دير الروم الأرثوذوكس الابتدائية، قبل أن ينتقل إلى مدارس بيروت وجبل لبنان حيث تعلم الإنكليزية والفرنسية إلى جانب العربية.

على جدار صومعة الراهب في الجهة المقابلة للتمثال، لفت نظره درج صاعد إلى الأعلى تنبثق درجاته من الجدار من دون دعامات ظاهرة.. هندسة الدرج الغريبة أنسته الخيول ومعرض شيكاغو، صعد الدرجة الأولى بحذر شديد، كانت متينة وثابته بشكل لافت، ثم صعد الثانية فالثالثة… إلى أن وصل إلى السقف.. كان المنظر من الأعلى ساحراً بجماله، فقد أعطته الشمس المائلة تدرجاً في الألوان يشبه لوحات الفنانين الإيطاليين، في الخلف غابة سنديان تغطي منحدر الوادي، وأمامه انبسط سهل صغير ينتهي بمنحدر سحيق، وفي الأفق تدرجات رمادية وزرقاء لجبال بعيدة.

نظر من فوق إلى فسحة الدير فوجد حسناً باسماً وهو يقبض على رسنين لجواد أدهم وفرس شهباء أخذا لبه من النظرة الأولى.

في مرجة عشب غير بعيدة عن الدير امتطى هو الدبران، وامتطى حسن نجمة، دارا حول بعضهما البعض، وتسابقا قليلاً، ووصلا إلى غدير ماء تتجمع مياهه من شلال شحيح ينبع من بين صخور البازلت.

لم يعرف راجي كيف مضى الوقت، ولا متى هبط الليل، ولكنه تنبه فجأة إلى لسعات البرد القارس، وإلى حسن وهو يقول له مشيراً إلى قبة السماء المشتعلة بالنجوم:

– ذاك هو نجم الدبران، هل ترى ذلك النجم الأحمر المشع.

بحث راجي قليلاً في برج الثور فرآه.

قال حسن:

– كانت نجمة الثريا فتاة جميلة وشابة، هل تراها؟ إنها ذلك العنقود الأبيض المشع هناك أمام الدبران.

بحث راجي فوجدها.

أردف حسن:

– أبهرت النجمة الدبران منذ أن وقعت عينه عليها وهو يرعى أغنامه، فعزم على خطبتها.. كان يريد أحداً ما لكي يرافقه ويخطبها له، فلم يجد إلاّ القمر.. طلب من القمر أن يفعل ما في وسعه لتحقيق مراده، ولكنها رفضت وقالت: ما أصنع بهذا الفقير المعدم؟ فرجع القمر وأخبر الدبران بما حدث، لكن الدبران أصرّ على الزواج بها، ولم يكن يملك إلاّ غنماً، فأخذه كله إلى الثريا لكي تقبل به!

وأشار حسن إلى عنقود نجمي يظهر قريباً من الدبران وقال:

– تلك هي الأغنام! هل تراها؟

قال راجي وهو يحدق في السماء:

– نعم.

قال حسن وهو يشير بيده في الاتجاه نفسه:

– النجمان القريبان من الدبران هما كلباه اللذان اصطحبهما معه حين قاد الأغنام إليها.. وهكذا صار الدبران يتبع النجمة في السماء إلى الأبد ومعه قطيع أغنامه.. يتبعها أينما حلت، وحيثما ذهبت، فأصبح رمزاً للوفاء، وغدت هي رمزاً للغدر.

قال راجي محاولاً وضع حد لهذا الحديث الطويل المتشعب؛ وقد بدا وكأنه حديث بلا نهاية ولا ضفاف:

– كم تريد ثمناً لهما؟

حدق حسن في وجه راجي محاولاً التحقق من ملامحه في ضوء القمر، ثم قال بنبرة حاسمة:

– من قال لك إنني أريد بيعهما؟

شعر راجي بالارتباك.. ظن أن هذا العرض المطول منذ الظهيرة وسيلة للتسويق والتشويق ورفع الثمن:

– لم يقل لي أحد، ولكنني أبحث عن خيول للشراء.

قال حسن:

– ليسا للبيع.. ولولا معزَّة والدك ما سمحت لك برؤيتهما.

كاد راجي أن ينفجر غضباً، وتمنى للحظة أن يهوي بقبضته على وجه حسن، غير أنه تمالك نفسه وقال بإصرار:

– أريدهما! واطلب ما تشاء، وإن لم تشأ البيع أجرنيهما لمدة عام، ولك مئتي ليرة ذهبية.

استغرب حسن الطلب:

– أؤجرك إياهما! وهل تظن أنني أستطيع أن أفارقهما لحظة.. روحي معلقة بهما.

قال راجي بحماس بعد أن كسب جولة في التفاوض:

– ولن تغادرهما لحظة، ستبقى معهما أينما ذهبا، وستسافر معهما إلى أميركا.

قال حسن بذهول:

– كيف؟

ردَّ راجي:

– لا عليك ستكون الأمور على مايرام، ولكن أريد منك أن تنتقي لي عشرة أفراس وجياد أصيلة معها سلاسل أنسابها المصدقة.

قال حسن:

– وإذا لم نعثر على بائعين نكتفي بالإيجار؟

نظر راجي إلى حسن بإعجاب وقد انتبه إلى فكرة كانت غائبة عنه:

– نعم نكتفي، وصاحب الجواد يستطيع أن يسافر معنا.

مقابلة أجريناها مع الكاتب… هنا.

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع